رنا جعفر ياسين
الحوار المتمدن-العدد: 1159 - 2005 / 4 / 6 - 13:06
المحور:
الادب والفن
ذات مساء حلمتُ ببغداد و كان الظلام يتساقطُ عليها كتلاً ممزقةً
و الضباب يهطلُ كالمطر
و صوتُ عويلِ يمزقُ الأرصفة
في شوارع ٍ خاوية تهضمُ الموت, تركضُ الأرواح المستهلكة و هي تلبسُ أجسادها , تبحث ُعن شيءٍ تقتاتُ به.
و بأقنعة ٍ من شمع ٍ وحديد صدىء تخفي وجوهها
تحمل ُ في جيوبها المثقوبة الأسلحة الثقيلة والثقيلة جداً.
فكرتُ وأنا أتنزهُ على الغيوم ... هل لي أن أحلمَ بيوم ٍ لا أسمعُ فيه صوت الرصاص و المدافع و دوي سيارات تغصُ بالمتفجرات؟
أم أحلمُ بعراق ٍ كانت هويته ُ في الماضي حضارةً و مجداً و رمزهُ شموخٌ واباءٌ , حوله العابثون اليوم الى سوقٍ لبيع الخضراوات والفواكه ؟؟
و كنت كلما خطوتُ خطوةً الى الأمام .. رجعتُ بضعاً الى الخلف لأضيف الى أحلامي المؤجلة حلماً اخر, عادةً ما يصيرُ تحقيقه ضرباً من ضروب الخيال.
و قبل ان أكمل نزهتي , تعثرت قدماي , فهويت عن غيمتي .. عائدة ً الى مدينتي الحبيبة بغداد , فسقطتُ في زقاق خلتُ اني أعرفه أو ربما رأيته يوماً في الحلم .. لكنه بدا مهجوراً.
و جدتُ أمامي صبياً يكتبُ على جدار مدرسة قديمة زجاجها مهشم : بقبضة من حديد ساخن يسرقُ منا لابسو الأجساد أحلامنا الصغيرة ويبيعونها, ليغدقوا علينا جراحاً كثيراً وموتاً وفيراً.
فتسمرتُ في مكاني و شممتُ رائحة البارود
رأيتُ حول المدرسة.. شظايا
و دميةً صغيرة ملطخة بالدماء
و بقايا وريقة محروقة كتب عليها بخطٍ مرتجفٍ : الهامش .. مرتعُ من يفقدون أحباءهم .
عرفتُ عندها أن ما رأيته في ذلك المساء التشريني لم يكن حلماً , بل كان هاجساً خفياً يحاولً أن يدق في اسماعنا ... كناقوس خطر.
فتساءلتُ بألم :هل ستتحولُ بغداد الى مدينة تنعقُ فيها الغربان ؟!
#رنا_جعفر_ياسين (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟