نصيف الناصري
الحوار المتمدن-العدد: 4028 - 2013 / 3 / 11 - 10:56
المحور:
الادب والفن
الأفنان المهجورة لليوم ..
نتوّجسُ من العلامات الفانية التي يتركها المغامر في بحثه
عن العشبة المرتجفة لمستقبله . يقرن جنسنا البشري فزعه
من ما يهدّم نفسه بنفسه ، بالحجارة الهشَّة والمتنسّمة في
المرعى ، وكلّ انسان ينام مثل العسلوج في ارجوحة أفوله .
عظام متشهّية اضمحلالها ، تشاركنا الأجمة التي نرغب في
دفن أجسادنا فيها ، والعالم ينهكنا في هاويته الأسمى من
أحلامنا البشرية . كلّ ساعة تتصدّع على الأفنان المهجورة
لليوم ، نصل يقوّض الغيمة الجوفاء التي تتدثر فيها الفريسة .
إرادة معطّلة في النيران التي نشعلها بين الأطلال الممزوجة
بسأمنا ، وانفجارات قريبة من ما نحاول عدم تدنيسه في معانقتنا
للغصون المتعرّجة للديمومة ، نصمّم فيها على المرض ، وننوح
طويلاً في تخلّينا عن الفعل . تعهداتنا التي ألزمنا أنفسنا بها في
العبور الآمن الى ما وراء الوجود ، شرارة ترتعش في العفونة
المُنقاة لمصائرنا المتجاوبة مع الرماد ، والطبيعة لا تفتح لنا
المطر الطفولي للبئر . سموم تشحب في أنفاسنا المعراة للمحو
، نثرثر في اعصارها ونكتظ أمامها أسرى رغباتنا المدخنة .
هل يلزمنا التحرّي عن صفائح نشور ، نضخّمها وتنفجر في
عودتنا من الحصاد ؟
عقاقير العرس ..
يُجوّفون صنوجاً كثيرة في حيواتهم ، ويشربون الأنخاب في المراكب
التي يعصف عليها الصيف في الخميلة . في أبنيتهم التي يغمرها نوم
الذين تفحّموا ، عصافير كثيرة تتبع البذار المحترق للهاوية ، وما يفتلونه
في الليل ، نشيج يرفع الوحشة عنهم ويقرّبهم من العبير العطن للقبر .
كلّ يوم من أيّام انقباضهم تحت الشمس السوداء ، يتقرّح في سحنته
وينفصل عن أرومته . في تطويقهم لشباك الصيد في الظهيرة التي تعانق
الحريق ، تفلت منهم طرائد محبوبة ، ويبعدهم الزمن عن دراهمه الفضّية .
مفارقة المنزل ، لحظة مضطرمة لا يلامسها شعورنا في الغياب ، والذين
وصلوا الى فراغ أنفاسهم في أرض السنوات ، لا يتوّهمون الشراب من
البئر التي نسعى دائماً الى إدامة مرآتها الحادّة . ترصّدهم في المفازات
للقادم من بهاء الأبدية ، يمنحهم القدرة على تجرّع عقاقير العرس . حياة
فاجرة في المطامير ، لا أحد ينجو فيها من اطلاقه الزفرات . ولا يتغيّر
فيها النسيم المرمّد للفزع . هل للمرء أن يترك وديعته الشاحبة ، ولا يشعر
بالحسرة في صعوده المنحدرات التائهة لخسارته حياته ؟
#نصيف_الناصري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟