|
هوغو تشافيز:ظهور الشعبوية الوطنية في أميركا اللاتينية
محمد سيد رصاص
الحوار المتمدن-العدد: 4028 - 2013 / 3 / 11 - 08:03
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
في عام1998،مع انتخاب العسكري السابق هوغو تشافيز رئيساً لجمهورية فنزويلا،حصل تدشين في القسم اللاتيني من العالم الجديد لنزعة جديدة، رأيناها لاحقاً توصل أشخاص آخرين للسلطة عبر الانتخابات في البرازيل مع لولادي سيلفا عام2003وفي بوليفيا مع ايفو موراليس في 2006، يمكن تسميتها ب( النزعة الشعبوية الوطنية)حيث ترتكز على مطالب شعبية عند فئات أوطبقات اجتماعية يتبناها شخص أوتكتل سياسي من دون أيديولوجية واضحة المعالم أومتسقة وتوجه ضد فئات وطبقات محلية غنية وثرية وأيضاً ضد طرف خارجي هو الولايات المتحدة الأميركية يراه أصحاب تلك النزعة بوصفه مهيمناً على مقدرات بلدهم الاقتصادية وواضعاً لها في إطار التبعية السياسية،وليقود امتزاج هذه وتلك إلى اتجاه امتزجت فيه وطنية جديدة في تلك البلدان عند أصحاب تلك النزعة السياسية الجديدة ضد (اليانكي الشمالي)بالترافق مع تلك المطالب الشعبية التي غالباً مااستندت إلى فقراء ومهمشين هم من الملونين في تلك البلدان الثلاثة ضد بيض (ينحدرون من عائلات أوروبية) هم ،منذ استقلالها في القرن التاسع عشر عن الاسبان والبرتغاليين بالنسبة للبرازيل ،الذين يهيمنون على المقدرات الاقتصادية والسياسية في تلك البلدان. في فنزويلا،كانت التقسيمات الاقتصادية – الاجتماعية بالتوازي تقريباً مع الأصول السلالية:البيض غالباً من الأثرياء والفئات الوسطى،أما الملونون الناتجون عن امتزاج الأعراق الثلاث(البيض والسود والهنود الحمر)فهم غالباً من الفقراء والمهمشين،وهذه وضعية كانت منذ استقلال البلاد في عام1821عن الاسبان ثم الانفصال عن الاتحاد مع كولومبيا في 1830.في البرازيل حيث البيض54%وحيث خلاسيي البيض والسود39%كان الوضع كذلك،وهو أشد منهما في بوليفيا حيث البيض مهيمنون وهم لايتجاوزون15%،وكان موراليس أول خلاسي يصل للسلطة البوليفية في لاباز منذ الاستقلال في عام1825.لاتوجد هذه المشكلة في الأروغواي وتشيلي والأرجنتين حيث البيض هم غالبية 88%في الأولى و97%في الثالثة فيماهم مع الخلاسيين ،الناتجون عن امتزاج البيض والهنود الحمر،يشكلون95%من السكان في تشيلي، عندما نرى في هذه البلدان الثلاث ،وبخلاف الحالات الفنزويلية والبرازيلية والبوليفية،كيف لاتتداخل المشكلات الاقتصادية – الاجتماعية،وبالتالي السياسية وإلى حد ما الثقافية،وتتخطط وتتوازى مع الخريطة الإثنية(السلالية). أتى تشافيز على هذه الخلفية المعقدة والمركبة، وكذلك لولا دي سيلفا وموراليس: فشل اليسار ،بشقيه السوفياتي والجديد(المتأثر بغيفارا)،في الستينيات في البرازيل وبوليفيا،ثم الدخول منذ الثمانينات مع انتهاء ظاهرات الحكم العسكري في تجارب ليبرالية أفقرت الفقراء أكثر ومن ثم الكثير من أفراد الفئات الوسطى،فيماكان هذا واضحاً أكثر في فنزويلا، التي كان بها انتهاء مبكر للحكم العسكري عام1959 ،مع حزب شيوعي قوي ،انقسم بين موسكو وهافانا بأواسط الستينيات،قبل أن تنوء كاراكاس تحت تجارب ليبرالية وفقاً لوصفات صندوق النقد الدولي قادت إلى اضطرابات اجتماعية كبرى كان أحد مظاهرها الاحتجاجية محاولة الانقلاب العسكرية الفاشلة التي قام بها هوغو تشافيز في 1992وهو ماأدى إلى سجنه وتحوله بعد الخروج من السجن لشخص مدني وصل للسلطة عبر صندوق الاقتراع في 6ديسمبر1998. لم يكن في التجربة التشافيزية مارأيناه في تجارب أخرى من وصول إلى ديكتاتورية ألغت الديمقراطية ،وإن ظهرت هناك نزعات عند الرئيس الفنزويلي عندما جاهد لتعديلات دستورية تسمح له بفترات رئاسية غير محددة باثنتين ثم انتزع من البرلمان صلاحيات للحكم عبر مراسيم،ولكن من دون أن يستطيع أوحتى أن يرغب في الغاء المؤسسات الديمقراطية الدستورية أوأن يلغي الحريات أوأن يضطهد المعارضين.على كل حال،ظهرت شعبيته القوية،في بلد به تقاليد ديمقراطية وأمام معارضة قوية راسخة،لمافاز بغالبية63%في انتخابات3ديسمبر 2006. أتى هذا من انتعاش اقتصادي ومن مكاسب اجتماعية حصل عليها فقراء ومهمشون خلال ثمانية سنوات من حكمه،إضافة لمشاركة سياسية في صناعة القرار عبر من ظهر كممثل لهم في القصر الرئاسي بكراكاس لأول مرة خلال قرنين من الاستقلال . ربما كانت تسلطيته تظهر أحياناً من خلال نزعات لاتوجد في البلدان الغربية الراسخة الديمقراطية لهندسة بنية القوات المسلحة،ابعاداً وتقريباً للضباط، وفقاً للميول السياسية عند الرئيس ،الذي قام بمحاولة انقلاب فاشلة في1992ثم واجهته كرئيس في نيسان2002محاولة انقلاب أفشلها بعد عدة أيام من بدئها،ولكن من دون القدرة على أن تتخطى هذه التسلطية وتصل للحدود التي رأيناها في تجارب أخرى ألغى فيها رئيس منتخب المؤسسات الدستورية ليحكم منفرداً،كمافي الفيليبين بعهد فرديناند ماركوس(1965-1986)،أوخوان بيرون في الأرجنتين(1946-1955)لماقمع حرية التعبير واضطهد معارضيه . ربما،كان هناك لمحة أخيرة من التسلطية ظهرت عند تشافيز عندما ترك البلد معلقاً من دون رئيس لما لم يسمح له مرضه بأداء القسم الرئاسي ،وقبل هذا لماترشح للرئاسة من جديد وهو تحت سيف مرض سرطاني معروفة نهايته الحتمية:لم يكن هنا مثل نظيره البرازيلي الذي كان أكثر ديمقراطية من حيث احترامه للمؤسسات،ولم يسعى لتجاوز التقاليد الرئاسية بفترتين فقط،وأصعد البرازيل إلى المرتبة التاسعة اقتصادياً بالترتيب العالمي،وهو رغم اتجاهه لتأسيس (مجموعة دول البريكس)في عام2009،بالتشارك مع روسيا والصين والهند للوصول إلى"عالم متعدد القطب"بعيداً عن أحادية القطب الواحد للعالم عند واشنطن،إلاأنه لم يجد نفسه في الحدود الانسجامية مع ظاهرات غير ديمقراطية مثل القذافي وأحمدي نجاد أوالزعيم الكوري الشمالي،مثل تلك الحدود التي وصل إليها هوغو تشافيز معهم ،انطلاقاً من نزعة الرئيس الفنزويلي في "مقارعة الهيمنة الأميركية على العالم". هناك ظاهرة جديرة بالدراسة:لماذا ظهرت هذه "النزعة الشعبوية الوطنية"في أميركا اللاتينية متأخرة بعقود عن حالات مماثلة سبقتها في قارات أخرى مثل آسيا(محمد مصدق في ايران1951-1953)و افريقيا(عبد الناصر- بن بيلا- كوامي نكروما)؟.....
#محمد_سيد_رصاص (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مؤشرات على اضطراب التحالف الأميركي- الإخواني
-
تضعضع القطب الواحد للعالم
-
فراغات القوة العربية وصعود الجوار الاقليمي
-
ستة أشهر من حكم الاخوان المسلمين في مصر
-
مرحلة انتقال مابعد الثورة
-
استنتاجات غزاوية
-
عن أرجحية تكسر موجة المد الاسلامي في دمشق؟..
-
المعارضة السورية والوطنية
-
أوباما ومنطقة الشرق الأوسط
-
الاسلاميون خلفاء القوميين
-
عام على مجلس اسطنبول
-
الأنظمة والاصلاح
-
تغييرات جغرا- سياسية بفعل -الربيع العربي-
-
أداء المعارضة السورية في الأزمة
-
المعارضة السورية أمام تدويل الأزمة
-
السوريون في الأزمة
-
الأزمة السورية كتظهير للوضع الدولي
-
الاخوان المسلمون وايران الخميني – الخامنئي
-
القاهرة:تكرار اصطدام قطاري العسكر والاخوان
-
الاستيقاظ الروسي:عامل ذاتي أم بسبب الضعف الأميركي؟..
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند
/ زهير الخويلدي
-
مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م
...
/ دلير زنكنة
-
عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب
...
/ اسحق قومي
-
الديمقراطية الغربية من الداخل
/ دلير زنكنة
-
يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال
...
/ رشيد غويلب
-
من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت
...
/ دلير زنكنة
-
عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها
...
/ الحزب الشيوعي اليوناني
-
الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار *
/ رشيد غويلب
المزيد.....
|