|
العلماء يؤخذ عنهم ويرد عليهم
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 4027 - 2013 / 3 / 10 - 23:33
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
العلماء يؤخذ عنهم ويرد عليهم كتب مروان صباح / أن نقبل بالصيغة الديمقراطية كمجتمع ومكونات مُؤطرة على اختلاف أبعادها الإيديولوجية ونخوض بأعلى دراجات الشفافية انتخابات نزيهة يقبل بها الخاسر نتائجها على مضض ، ويستقبلها الفائز بكل ترحاب وارتياح ضمن عملية انتقالية سلسة ، على الرغم من بعض المنغصات التى لا بد منها كي يشعر من حمل على كاهله المسؤولية والتى تنوء سلسلة من الجبال حملها ، بأنه دون الاستشعار بالألم بعد كل استيقاظ لا يستطيع تذّكر الأوجاع وما اكثرها ، قد لا يضاهي شيء أخر مثل التعلم من اخطاء الماضي فهو جميل يحصن متبعيه الوقوع مرة أخر في ذات الإخفاقات والفخاخ بينما الاعتراف بالخطأ فضيلة وخير الخطاءين التوابون لكنها مشروطة بالرجوع عن ممارسة تلك الانماط السابقة والتوبة عنها ، لقد حملت البلدان العربية التى ازاحت عن صدرها عبء الطغيان في طياتها الكثير من التفاؤل للقادم ، وزُرع مرة أخرى الأمل في ارواح الناس التى وصلت بفضل ما انتجته الصراعات على الكعكة لدرجة الانهاك ، وأدى التنازع إلى تقسيمها بين الفئات المتحكمة التى بدورها ساهمت في انتشار المكبوتات وباتت تمشي بصمت بين المجتمعات وأحدثت جروح تعمقت بمرور الأيام لتتحول إلى تشوهات منفلتة تبحث عن سليم كي تورطه في مربعها اليأس ، مع علمهم المسبق بأن قطع المسافة ليس بالهين كي يترجموا ما تحقق من وضع القاطرة الأولى على سكة الحديد حيث يتّبعها اخواتها من المقطورات التى يعكس حاضراً بات مطلوباً لتحقيق المستقبل الواعد ، رغم التشخيص النابع من الوعي الشعبي للمسائل برمتها إلا أن المزاج الذي أصاب الجميع جعلهم أن يتعلموا التصبر إذ كان الصبر مفقود . خاضت كافة التيارات الانتخابات في تونس وكانت الرؤية الأمثل التى ارتأت بأن لا بد من عملية تأسيسية كي لا يتورط المجتمع بالكتل أو الأشخاص المستقلين لمدة أربع سنوات أي بمعنى فترة كاملة وجاءت محددة بمدى مقتصرة لعام كي تتمكن العامة أي الجماهير معرفة من يمكن لها أن تنتخب لاحقاً دون أن تضغط على النواجذ ندماً ، لهذا كان التوافق بين الفرقاء تحت قبة البرلمان عنوانه ، تقاسم الرئاسات الثالثة بهدف إدارة البلاد إلى بر الأمان ، مع اندهاش الأغلبية في الوطن العربي وعلى وجه الخصوص فئة الليبراليين الذين لم يستوعبوا ما نتجا عن صناديق الانتخابات بفوز التيار الإسلامي كونهم متجذرون منذ لحظة ولادة الدولة بعد الاستعمار ، بنمطية العلمانية التى اشير لها بالمتطرفة بعض الشيء ، مما انعكس ذلك على مجمل المجالات ومنها تنامي الجانب الثقافي الذي لاقى مساحة محترمة لدى الشعب وتفاعله المبني على التقدير ، ناهيك عن التعليم النخبوي المجاني ، المفقود لدى الكثير من الدول العربية حيث تبلور كل ذلك في مخرجات أدت إلى قاعدة ارتكازية ولدّت العديد من العناصر التى شكلت لاحقا البنية التحتية للاقتصاد الوطني وفي مقدمتها السياحة الأجنبية التى وفرت منذ البداية المناخ والرعاية المناسبين من الخدمات والقوانين التى تريح الزائر بالدخول والخروج بالإضافة للغات المتأصلة لدى المواطن التونسي التى سهلة عملية التجاوب مع السائح والتعايش السريع ، هذا التنوع الواسع إن كان من الناحية الشكل أو المضمون ارتأى رغم تواضع الملتزمين بالملابس الإسلامية وغيرها من تفاصيل آخرى ، أن يلملم أعضاءه المتكسرة على عصى المستبد الهارب ، ويذهب بكل فخر إلى صناديق الاقتراع كي يساهم في وضع اللبنة الأولى للديمقراطية الحقيقية بعد ما اتاح بعوعزيزي لذلك ، وقد صوتت الأغلبية من التونسيين والتونسيات لصالح لتيار الإسلامي حزب النهضة الذي يُعتبر وسطي ضمن المفاهيم المروجة ولم يكن هذا التدافع نحو الحزب ، قادم من فراغ سياسي للساحة بل لأن هناك صراع قد ضار على مدار السنوات الفائتة بين الحكومات والنهضة بالإضافة للخطاب المتأني والموزون كون امكانيات رجاله الفلسفية والفقهية وإيمانهم بالتحضر والتقارب من الحضارات الآخرى بالإضافة كونهم لجأ معظم كوادرهم إلى أوروبا الغربية جعلهم أكثر حضوراً بين الجماهير الخارجه من تحت الركام . لكن سرعان ما تبددت المفاهيم وتنامى الشعور بأن امكانية تحويل الأمل إلى واقع من خلال تفرد النهضة ليس مستحيلاً بل صعباً ، وبدأ يظهر على سطح المشهد الدولة فئات ترفضها الطبيعة حيث تسارعت عندها ايقاع الحياة كأن هناك فرصة أخيرة لا بد من اغتنامها حتى النخاع والانقضاض على كل مظاهر الحياة المدنية حيث تفرغت كلياً بشكل خاص للفنون وأشكاله وتنوعاته وباتت مصدر قلق يصل إلى درجة الرعب لدى المواطن على حاضره وغده ، وتقض مضاجعه بالكوابيس المتوالية دون انقطاع وتهدد أمنه الشخصي والعام ، كما أن الأغلبية بات ينتابها شعور الغضب والحزن لما آلت إليه الأمور من هرولة باردة مقابل إنزلاقات ساخنة تحتاج إلى معالجتها فوراً ومن جذورها العميقة دون التخلي أو أدارة الظهر كي لا تُترك معلقة حتى يعتقد مفتعلها صاحب الحق في أخذ القانون بيده لمجرد أطلق لحيته مقابل فئة تعودت أن تمارس أعملها ضمن مساحة تتسم بالحرية الشكلية النقيضة ، المغلفة بقيود نظام بن علي وإرهابه الناعم الذي تمرس على أساليب الحذف كأنه بات مقص يتجول في ثنايا الثقافة ، فيتخلص ممن لا يأتي على مقاس كفه المثقوب وعينه العوراء بهدف اتاحت المجال للقليل المتبقية السقوط لتعيد انتاج ذاتها بعيدةً عن أذن وعين عسس النظام . ليس معقول ولا مقبول لعلماء الأمة أن ينشئوا أجيال كاملة من التلاميذ المقلدين ثم يتعاموا عما يجري كأن الأمر لا يعنيهم أو غير مسؤوليين عن حقبة تأسيسية مهمة أدت إلى تغيير قاعدة الشباب من حيث الفكر والسلوك ، إلا ان الجماعات الإسلامية تتعامل مع ذات المتجمع بعقلية الرفض المطلق للأخر ، حتى لو كان أقرب المقربين من الأسرة الواحدة ولم تنطوي تلك الاختلافات وتقتصر على إبداء الرأي وفتح حوارات جادة تنويرية من أجل تبيان الحقائق وكشف عن ما رآكم الغبار فوقها بل في أغلب الأحيان تُعالج الأفكار المتباينة بطريقة استفزازية أشبه بالتصارع الغير محمود لحد تمزيق تركيبة النسيج الاجتماعي ، فلكل دولة مجتمعها وخصوصيته فليس من الحنكة أن نجعل من المملكة السعودية قياس وحيد أوحد التى تستضيف وترعى المواقع المقدسة الحرمين الشريفين بذات القدر لتونس ، بينما المغرب العربي بصفة خاصة تعرض إلى احتلال فرنسي طويل وقاسي ، حاولوا من خلال المثولوجيا المشبعة بين سطور الكتب المختزنة بمكاتب الغرب حول الشرق ، بأنه جاهز دائماً لإعادة التشكيل وسهولة اقتلاعه وانخراطه بمن يحكمه ويدير شؤونه ، لهذا حملت المجتمعات من الأنماط وباتت في الحقيقة سائدة وتجري كمجر الماء وليس من الحكمة معالجتها عن طريق الترهيب والتعامل معها كأنها نكرة وغريبة عن المجتمع لمجرد أنها تعبر عن ذاتها كامتداد طبيعي لحقبة مليئة بالطباع الغربي ، بيد أن ومن دون مواربة علق منها الكثير بحيث المسألة تريد أيدي مهرة تُشخص الصالح من الطارح وتصنع حفريات دقيقة وبخفة بعيداً عن عدسات الاعلام وتتناول الإشكاليات بشكل عقلاني كي تستطيع إزالة الترسبات تدريجياً والفصل بين ما يتفق عليماً حول حذفه دون المساس بمصالح الناس ومشاعرهم أو تجاهل لِما سعوا طيلة الوقت لكي ينجز . ما من مفر إلا لتحكيم العقل فالمسلمون عبر التاريخ الممتلئ بالتناقضات والمتشعبات كان هناك علماء يؤخذ عنهم ويرد عليهم دون أن يشعروا بالنقصان أو العيب بل من الواجب مراجعة وتحكيم كل ما يُنتج عنهم كي لا ينقطع الإبداع ، وقد ضربة الخلدونية منذ زمن بعيد نهجاً غير قابل التبني للمعلومة دون الرجوع وإخضاعها للتحقق والبحث والمعرفة ضمن سياسة التنقيب عن الأجدر بالاعتماد ، فحياة المرء أشبه بالمسودة ففي كل قفزه يتضح أنه بحاجة إلى إعادة تصحيح ما قام به من خطوات . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
متى بالإمكان الخروج من عنق الزجاجة
-
مهنة المعارضة
-
مهنة المعارضة
-
الكنفدرالية بعد الدولة
-
ألقاب أشبه بالقبعات
-
كابوس حرمهم الابتسامة
-
أحبب هوناً وأبغض هوناً
-
واقع ناقص لا بد من استكماله
-
زلازل فكرية
-
صمود يؤسس لاحقاً إلى انتصار
-
استمراء ناعم
-
الردح المتبادل
-
ارتخاء سيؤدي إلى إهتراء
-
ملفات تراكمت عليها الغبار
-
اخراج الجميع منتصر ومهزوم
-
نعظم العقول لا القبور
-
أمَّة اقرأ لا تقرأ
-
مسرحية شهودها عميان
-
تونس وهي
-
فياض ... لا بد من نقلة أخرى نوعية
المزيد.....
-
-حماس- تصدر بيانا بشأن فلسطينيين تتوقع الإفراج عنهم مقابل 3
...
-
عمدة مدينة اسطنبول أمام القضاء وسط هتافات المؤيدين ودعوات لا
...
-
أكبر تجمع للمسلمين بعد الحج .. مهرجان ديني على ضفاف نهر تور
...
-
مشغلو المسيرات الروس ينقذون جنديا روسيا معتقدين أنه أوكراني
...
-
لماذا يخشى ترمب تخلي -بريكس- عن الدولار؟
-
ترامب: سأفرض رسوما جمركية على السلع الأوروبية لأن بروكسل تعا
...
-
إسقاط 7 مسيرات أوكرانية فوق مقاطعة بريانسك الروسية
-
فرق الطوارئ الأمريكية تنتشل جثث 41 ضحية في حادث تصادم الطائر
...
-
زاخاروفا: روسيا قدمت بديلا للكتل السياسية العدوانية على السا
...
-
المغرب واليمن.. توقيع 7 اتفاقيات لتعزيز التعاون
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|