أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقبولة نصار - الأرزق البرتقالي...















المزيد.....



الأرزق البرتقالي...


مقبولة نصار

الحوار المتمدن-العدد: 281 - 2002 / 10 / 19 - 02:19
المحور: الادب والفن
    


هذه  القطعة كتبت قبل إعادة الاجتياح الأول للمدن الفلسطينية , عبثية الوضع  الحالي تجعل من هذه الصور الموصوفة في هذه القطعة أحلاماً سعيدة مقارنةً لما يحدث ألان .

 

الأرزق البرتقالي...

 

اعددنا العدة, كل ما استطعنا وما سمحت به جيوبنا , من  مكسرات ومياه  معدنية والقليل من الشيكولاته , فمن المؤكد أن  وقفتنا على الحاجز بين رام الله  والقدس ستطول ......

 

-         " ذنبك على جنبك"  .. همست صديقتي , " أخبرتك أن  لا داعي للدخول بالسيارة إلى رام  الله ".

 

لكن المقود العنيد قادني  ولم  أقده ولا  اخفي  أني اشتقت  لهذا  العبور السلس منذ شهور , فاغتنمت  هذه  الفرصة الغريبة باجتياز أمتار الحاجز القليلة كأني  أنزلق من  قمة إلى واد عميق .. وها نحن عند العودة والليل قد دق أوتاده .. ودخول الحمام  ليس كالخروج منه  ..

 

صبي يبيع الترمس  يعبر بدراجته  السيارات المتوقفة ... يصر أن  يبيعنا ..

 

-         بحياة الله تنفعيني ... خليني اخلص وأروح على بيتنا ..

 

الخدعة قديمة يا صغيري , فكل مرة أشتري كل ما  في دلوك وأراك تحضر آخرَ وتبدأ النوتة من جديد مع زبائن آخرين ..

 

-         طيب قولي أنك ما  بدك تشتري ... الله  يسامحك  عطلتيني ...

ما اسمك  ؟

-         عبدو ...

من  أين أنت  قلي ؟ ... المرة السابقة أخبرتني أنك  من البيرة لكنك اليوم  تلبس بلوزة نادي شباب الأمعري .....

انزوى إلى الخلف ..... " أنها لابن عمي ..... ومالهم الأمعري " ,  أنفجر قائلاَ   ...

ضحكت  " اجدع  ناس " مع  أني لا اعرف أحداَ من  هناك  سوى محمود المقيم ألان في كندا ... !

-         لكزتني  صديقتي.." ألا ترين أنك أحرجته "

لكن لماذا يخفي الصبي أنه من الأمعري ...؟

- " بالطبع  ظن أنك ممن يترفعون على أبناء المخيمات " ...

ماذا ...!!!!!

 

 

 

-         " أنت تسكنين في الشمال لكن هنا يوجد أبناء المخيمات وأبناء العائدون وأبناء الباقون  وأبناء الحجارة وأبناء السلطة وأبناء الكــ... وكأن الاحتلال لا يكفينا ...."

-          

في زياراتي العديدة إلى رام الله وفي كل مرة  كنت أرى طفلاَ يبيع علب المناديل الورقية أو ضمادات الجروح كنت أفكر أن  اشتري كل ما معه ليعود إلى  بيته ككل الأطفال ... وفلسفتي الحقوقية أحياناَ تدفعني إلى حشرهم في الزاوية.- لماذا لا تذهب إلى المدرسة ؟... يا لسذاجتي...!!  أي مدرسة والعائلة يعيلها طفل ببضعة شواقل يومية ... بالطبع هكذا فكرت ملكة السويد أو ربما ملكة فرنسا ... ومن  ليس لديه الخبز فليأكل البسكويت ....

مؤكد أن عبدو لو كأن شهدها لقال لها ... "إنظبي أيتها  ألقحبة  وانتظري مقصلتك ".

 

إلى هنا وعبدو ينتظرنا ..." طيب اعطني كيس واحد والله  ييسرلك "... لا بأس سندرس حقوق الطفل في الأمم المتحدة لاحقاَ ....

يزحف رهط السيارات المتراصفة بضعة أمتار ... وإن لم نتقدم سيسبقنا سائق آخر ويأخذ مكاننا .. أليس غريباَ أن  نفكر بأشياء أخرى ونحن نتقدم  أمتار معدودة كل بضعة دقائق... أدرك أني لو كنت اعبر هذا الحاجز كل يوم لما اكترثت لطفل أو حتى لكتيبة أطفال إلى جانبي ..

في الشارع الذي يتسع لسيارة واحدة اندحرت خمس سيارات تبعد صفراَ عن بعضها .. أصحاب السيارات الأخرى أخذوا يتبادلون  السباب عبر شبابيكهم ...

-         لست وحدك مستعجل ... كلنا  لدينا أشغال ...

-         كيف  تدخل قبلي ؟...  يا  ابن  الـ...

احتدم العراك الصوتي والتصعيد مستمر ... استلت الهراوات  من أماكنها ... تزحف  السيارات فجأة أمتار أخرى ... فينسى كل عراكه  ويتهافت على مقوده ليتقدم بسيارته ... وأنا لم  أتعلم بعد آداب الحاجز .. انشغلت بمشاهدة الاشتباكات الضارية حتى تقدم عني  كل من  كان  يوازيني .. أدركت أن على هذا الحال لن  نصل القدس إلا بعد غد .. هذا إذا لم يخطر على بال الجنود الاسرائليين  فكرة إغلاق الحاجز أصلاََ ... حسب مزاجهم هذا اليوم ....

ها أنا أتعلم الطريقة بسرعة ..  التصق بالمركبة التي  أمامي ولا اترك مجالاَ لأحد للدخول قرب مقدمة سيارتي من الأطراف ,,, ضوء ساطع  يشع  في عيني تعكسه المرآة . خلفنا سيارة شحن  تشبه المجنزرة ... يطل سائقها بذراعه كاملةَ من الشباك , ينفث دخان سيجارته باسترخاء كأنه في شرفة منزله في الطابق الثاني ... أشرت إليه بضع مرات أن  الضوء ساطع .. فلم يكترث ...

-         " ماذا  به هذا المجنون ...  لقد أعمانا " .. استشاط غضب صديقتي وفتحت الباب ولكمته بضع كلمات لاعنةَ سلسبيل أهله .... لكن السائق ابتسم فقط وغمزها ... فما  كان  منها إلا أن دخلت ثانية .... " هذا بالذات لن يمر  قبلنا "....

 

الناس هنا اصبحوا يعيشون على الحواجز اكثر من بيوتهم وهذا السائق يبحث عن تسلية حتى يحين وقت عبوره ... وها نحن نلاغي طفلاَ في لقمة عيشه لأن  لدينا كل الوقت لنفعل ذلك .. أنه وقت الحاجز وزمن الحاجز زمن أصبحت للأرجل قيمه ولبقعة الشارع المليء بالحفر قيمة .. زمن تتساوى به المرسيدس والسوزوكي وناقلات النفط حتى ...

 إلى أن  تتراص المركبات حينما يبدأ المسار المؤدي إلى نقطة الجنود والذي بني  بفواصل حديدية ليتسع لسيارة واحدة فقط ... أنه زمن الحشر والسباب واللعنات ... وكل يلوح من شباكه .. حتى تدخل كل  سيارة منفردة ليتفحصها الجنود على اقل من مهلهم ... مستمتعين بالمشاهد الخلفية على فوهة الزجاجة التي يمسكون عنقها , فما  أن  نصل إلى دورنا في التفتيش نكون  قد أفرغنا هم  يومنا على بعضنا ... نلتزم الصمت لنستر حالنا ... متمنين  أن ينسى ذلك الجندي لعبة خلع الملابس أو غيرها  اليوم ..

 

-                بطاقتك ؟

أناوله  البطاقة الزرقاء التي احملها .. يلاحظ أني  أتكلم العبرية جيداَ ...

 

-                أين  وجهتك ؟

ضاحية البريد ....

 

الغلاف الأزرق ينقذني من استجواب آخر.. يدفع ألي البطاقة ثانية ..." قودي بسلام " ...

قودي  ب س ل ا م ..  ها ... ؟؟؟!!! .......إنها  شخوزفيرنيا واقع الأزرق والبرتقالي وواقع الأزرق البرتقالي...  واقع عنق الزجاجة  !!!.....

 

 

 

 

مقبولة نصار

    فلسطين

25/2/2002

_______________________________________

البرتقالي هو لون  بطاقة الفلسطينيين  في الضفة والقطاع

الأزرق هو لون  البطاقة في إسرائيل ومن  ضمنها فلسطينيي ال 48

 

 



#مقبولة_نصار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناسخ .....


المزيد.....




- صحفي إيرلندي: الصواريخ تحدثت بالفعل ولكن باللغة الروسية
- إرجاء محاكمة ترامب في تهم صمت الممثلة الإباحية إلى أجل غير م ...
- مصر.. حبس فنانة سابقة شهرين وتغريمها ألف جنيه
- خريطة التمثيل السياسي تترقب نتائج التعداد السكاني.. هل ترتفع ...
- كيف ثارت مصر على الإستعمار في فيلم وائل شوقي؟
- Rotana cinema بجودة عالية وبدون تشويش نزل الآن التحديث الأخي ...
- واتساب تضيف ميزة تحويل الصوت إلى نص واللغة العربية مدعومة با ...
- “بجودة hd” استقبل حالا تردد قناة ميكي كيدز الجديد 2024 على ا ...
- المعايدات تنهال على -جارة القمر- في عيدها الـ90
- رشيد مشهراوي: السينما وطن لا يستطيع أحد احتلاله بالنسبة للفل ...


المزيد.....

- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب
- السيد حافظ أيقونة دراما الطفل / د. أحمد محمود أحمد سعيد
- اللغة الشعرية فى مسرح الطفل عند السيد حافظ / صبرينة نصري نجود نصري
- ببليوغرافيا الكاتب السيد الحافظ وأهم أعماله في المسرح والرو ... / السيد حافظ


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الادب والفن - مقبولة نصار - الأرزق البرتقالي...