|
المناضلات، أو الأمل بتغيير جذري
جوزف ضاهر
الحوار المتمدن-العدد: 4026 - 2013 / 3 / 9 - 08:11
المحور:
حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات
غالبا ما وضع جانبا نضال النساء من أجل تغيير جذري خلال السيرورة الثورية التي تعم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وحتى جرى تجاهله تماما.
فوسائل الإعلام الغربية الرئيسية أصبحت تتحدث اليوم عن "الشتاء العربي" لوصف "المخاطر" التي تتعرض لها المرأة، في نفس الوقت تعزز الحكومات الغربية من تقاربها مع الحكومات التي تسيطر عليها حركة الإخوان المسلمين حول العديد من القضايا السياسية والاقتصادية، كل هذا يحصل على الرغم من الرؤية الرجعية التي تعكسها حركة الإخوان بما يتعلق بدور المرأة في المجتمع. وتواصل الأجهزة الإعلامية تقديم الأنظمة المتهاوية باعتبارها أهون الشرين، مقارنة بالحكومات الحالية، بما خص المسائل التي تتعلق بالمرأة وحقوقها، وتتناسى أنها اعتمدت، تلك الحكومات السابقة، سياسات تحقيرية بحق المرأة.
كما من الضروري التشكيك بمصداقية وسائل الإعلام والحكومات الغربية التي تبرر الحروب باسم حماية حقوق المرأة- اليوم في مالي، وفي الماضي القريب في أفغانستان- من خلال اتباع سياسات، التي غالبا، لا تفضي إلى مساواة حقيقية بين الرجل والمرأة (المساواة في الأجور...) أو عندما تتعاون مع دول (السعودية) أو مع حركات لا تعطي أي اعتبار لمسألة حقوق المرأة. فهيلاري كلينتون ومارغريت تاتشر وأنجيلا ميركل لسْنَ نسويات، لكنهن يحورن هذه المسألة خدمة لأهداف إمبريالية ورجعية التي من شأنها ان تؤدي تقليص حقوق المرأة، سواء في بلدانهن أو في الخارج. وقد أظهرت العديد من الدراسات أن السياسات النيوليبرالية والمعادية للحقوق الاجتماعية تصيب بالدرجة الأولى النساء، وتدفعهن إلى العيش في ظروف غير مستقرة. لا يكفي الادعاء بالانتماء إلى النسوية، فيتحسن بذلك وضع المرأة، ولكن الأمر يتطلب مواجهة الظروف المادية التي تقصي المرأة وذلك للتوصل إلى تحقيق مساواة حقيقية غير شكلية.
ولنأخذ على سبيل المثال وضع النساء في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حيث يتم اعتبارهنّ ضحايا وغير فاعلات. من دون شك ان وضع حقوق المرأة في هذه المنطقة هو أدنى من وضع المرأة في الغرب، على الرغم من إعادة النظر، مرة بعد مرة، ببعض الحقوق المكتسبة، أو تلك التي تعتبر كذلك. ومع ذلك، فإنه من غير الدقيق اختزالهنّ إلى ضحايا مضطهدات أو غير فاعلات. كما من غير الصحيح- ولأسباب تتعلق برهاب الإسلام- اعتبار أن هذا الوضع ناجم عن الدين الإسلامي، في حين أنها ناجمة عن أسباب اقتصادية، وسياسية اجتماعية في هذه الدول.
تشارك النساء بفعالية في السيرورة الثورية الجارية في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا حيث نشهد على رسوخ مشاركتهن. في تونس، الحركة النسوية والتقدمية للجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات تستمر في لعب دور في متابعة الثورة، من خلال النضال من أجل ضمان وتعزيز حقوق المرأة، هذه الجمعية كانت على رأس المجموعات التي ساهمت في إسقاط نظام بن علي.
تركُّز الاعتداءات على المناضلات شكل وسيلة اعتمدتها الأنظمة التي سقطت لضرب الحركات الشعبية. ففي مصر، على سبيل المثال، لم يتردد المجلس الأعلى للقوات المسلحة في شن هجمات ضد النساء خلال التظاهرات التي نظمت عام 2011 ضد الدكيتاتور حسني مبارك. عبر توقيفهن وإخضاعهن لفحوصات "كشف العذرية" كشكل من أشكال الترهيب. خلال التظاهرات المناهضة لمشروع الدستور، في كانون الأول 2012، لم تتردد حركة الإخوان المسلمين على استعمال ميليشيات بهدف قمع المحتجات على وجه الخصوص.
اليوم، النساء المصريات، والتونسيات والأخريات، حاضرات على كافة مستويات النضال: النقابي، والنسوي، والحقوقي... في مصر، أطلقت حملة ضد التحرش الجنسي في أماكن التجمعات من قبل مجموعة من الناشطات بهدف وضع حد لهذه الممارسات. في سوريا، اللجنتان التنسيقيتان الأكثر شعبية ترأسهما رزان زيتونة وسهير الأتاسي. دون الحديث عن دور النساء في المقاومة الشعبية- وحتى المسلحة منها- في مختلف أنواعها ضد نظام الأسد.
وإذا كانت النساء هن في طليعة الحركة الثورية في الشرق الأوسط وشمالي أفريقيا، فلأنهنّ يعرفن أنه دون إسقاط كل دعائم هذه الأنظمة، فإنهنّ لن يتمكنّ من تحقيق تغيير جذري الذي يطمحن إليه. إرادة متابعة الثورة أصبحت واضحة بالنسبة للجميع. المناضلات الشجاعات لسن ضحايا، إنما هن في الصفوف الأمامية للحركة الجذرية، وكما كتب الثائر الروسي ليون تروتسكي في الماضي، يجب أن نفهم "أنه لتغيير ظروف الحياة، يجب أن نتعلم على رؤيتها من خلال عيون النساء".
جوزف ضاهر
تعريب: وليد ضو
#جوزف_ضاهر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
جريمة تزويج القاصرات.. هل ترعاها الدولة المصرية؟
-
رابط التسجيل في منحة المرأة الماكثة في المنزل 2024 الجزائر …
...
-
دارين الأحمر قصة العنف الأبوي الذي يطارد النازحات في لبنان
-
السيد الصدر: أمريكا أثبتت مدى تعطشها لدماء الاطفال والنساء و
...
-
دراسة: الضغط النفسي للأم أثناء الحمل يزيد احتمالية إصابة أطف
...
-
كــم مبلغ منحة المرأة الماكثة في البيت 2024.. الوكالة الوطني
...
-
قناة الأسرة العربية.. تردد قناة ناشيونال جيوغرافيك أبو ظبي ش
...
-
تتصرف ازاي لو مارست ج-نس غير محمي؟
-
-مخدر الاغتصاب- في مصر.. معلومات مبسطة ونصيحة
-
اعترف باغتصاب زوجته.. المرافعات متواصلة في قضية جيزيل بيليكو
...
المزيد.....
-
الحركة النسوية الإسلامية: المناهج والتحديات
/ ريتا فرج
-
واقع المرأة في إفريقيا جنوب الصحراء
/ ابراهيم محمد جبريل
-
الساحرات، القابلات والممرضات: تاريخ المعالِجات
/ بربارة أيرينريش
-
المرأة الإفريقية والآسيوية وتحديات العصر الرقمي
/ ابراهيم محمد جبريل
-
بعد عقدين من التغيير.. المرأة أسيرة السلطة ألذكورية
/ حنان سالم
-
قرنٌ على ميلاد النسوية في العراق: وكأننا في أول الطريق
/ بلسم مصطفى
-
مشاركة النساء والفتيات في الشأن العام دراسة إستطلاعية
/ رابطة المرأة العراقية
-
اضطهاد النساء مقاربة نقدية
/ رضا الظاهر
-
تأثير جائحة كورونا في الواقع الاقتصادي والاجتماعي والنفسي لل
...
/ رابطة المرأة العراقية
-
وضع النساء في منطقتنا وآفاق التحرر، المنظور الماركسي ضد المن
...
/ أنس رحيمي
المزيد.....
|