حسين علوان حسين
أديب و أستاذ جامعي
(Hussain Alwan Hussain)
الحوار المتمدن-العدد: 4025 - 2013 / 3 / 8 - 13:03
المحور:
الادب والفن
كان يا ما كان في قديم الزمان ، "قًمَرٌ" عَشِقَ "إلهة البحار" ، التي ما لبثت و أن أعجبت به أولاُ ؛ ثم تحوَّل الإعجاب إلى حب ، و الحب إلى عشق عميد . و لكن ما كان بمقدور الحبيبين الإنتشاء بمتعة اللقاء ، و بوح لواعج الغرام و الهيام ، لأن "القمر" كان شديد الخشية من غضب زوجته "الشمس" ، ذات الألسنة السائطة التي لا ترحم . مع ذلك ، فقد دأب "القمر" على الدوران حول حبيبته كل يوم ، بلا أدنى كلل و لا ملل ، و إنْ على مسافة أميال بعيدة . و كلما نامت زوجته ليلاً ، كان يبعث بأشعته المتألقة لحبيبته ، ساحراً إيّاها بنوره الدُرِّي . و في كل ليلة ، كانت "إلهة البحار" تتحرق شوقاً للقاء حبيبها الوسيم الشامخ ، فتمدد أجنحتها حالمة بالطيران إليه ، و تلمس غُرَّة رأسه الذهبي الجميل ، و التدفئ بنوره . و لكن القدر رسم لهما حدوداً صارمة ما كان بمقدورهما تخطِّيها ، فبقي الحبيبان محرومين من اللقاء . و كلما إشتدت تباريح العشق و الحرمان بـ "إلهة البحار" ليلاً ، كلما إزداد شغفها بـ "القمر" ، و ثارت ثائرتها في عواصف هائجة مائجة ؛ تضرب الأرض بقديمها ، فتتفجر البراكين و الزلازل ، و تتدفق الموجات العالية و الكاسحة من التسونامي . و عند الصباح ، تهدأ ثورتها ، فتسحب أجنحتها الممتدة ، و تبدأ بالنحيب على حبيبها ؛ فتتحول دموعها إلى لآليء من مختلف الأحجام و الألوان .
و أخيراً ، شاهدت "السماء" من عليائها محنة فراق الحبيبين العميدين ؛ فرقَّ قلبها لهما ، و قرّرت مد يد العون إليهما ، لأنَّ المعجزات تليق بالمحبِّين . فأهدت "القمر" هدية فريدة : في عمق الليل ، و فيما العالم كله يغط في النوم ، يحصل "القمر" على أجنحة من البرق الرعدي ، فيسافر من عليائه للقاء حبيبه لثوان قليلة ساحرة ، ثم ينسحب إلى منزله بسرعة الضوء . أما عندما تشرق "الشمس" ، و يأتي الصباح ، فأن العاشق المدنَّف ينزوي غائباً عن الأنظار .
و تمضي القرون تلو القرون ، و "القمر" و "إلهة البحر" ما زالا مسحورين ببعضهما في حب سرمدي دوّار ؛ يلتقيان سراً كل ليلة في أماكن مختلفة ؛ و تتواصل مع لقيا الحبيبين دورة هيجان العواطف ، مدّاً و عَصْفاً و بَرْقاً ، بثبات أخّاذٍ عجيب ؛ و الزوجة تغط في النوم العميق !
8 آذار ، 2013
#حسين_علوان_حسين (هاشتاغ)
Hussain_Alwan_Hussain#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟