جمشيد ابراهيم
الحوار المتمدن-العدد: 4025 - 2013 / 3 / 8 - 12:23
المحور:
الادب والفن
الحصو و النعال
نعم تعلمته منه لا ادري كيف اعبر عن العلاقة العائلية فكان هو في الحقيقة ابن خال ابي شابا لا يكبرنا الا بعشر سنوات او اكثر بقليل بيضاء البشرة و اشقر الشعر و عيون زرقاء و كانما هو ملك من الملائكة. دعني اسميه اسماعيل لان الاسماء من هذا النوع كنت تجده تقريبا في كل بيت. كان اسماعيل يملأ جيوبه بالحصو الناعم الصغير قبل الذهاب الي المدينة و كنت اتوسل به ان يأخذني معه. اخيرا وافق مرة بشرط ان لا اضحك و ادير وجهي الى الوراء عندما يحين الوقت.
كان اسماعيل انسانا لا يلفت الانظار يختفي و كانما هو غير موجود و لكن ماهرا و محترفا بصوب الاهداف صعب تقليده. كان يدخل الاماكن المزدحمة او يصعد الباصات و في جيبه العتاد من الحصو لا ادري من اين كان يحصل عليه. صعدت الباص معه و بدأ حالا باختيار رجل من الرجال (لانه كان يرفض اختيار امرأة) ليوجه حصوة اليه دون ان يلاحظه احد و يبقى وجهه على جديته. طبعا صاح المسكين الضحية باعلى صوته و بدأ يشتم من هذا ابن.. المـ... و لكن اسماعيل بقى على براءته الطفولية و انتظر الهدوء ليعيد عملته مع نفس الشخص. ادى هذا التصرف الى توقف الباص و طلب السائق من المذنب طبعا دون ان يعرفه ان يكف عن هذه الاعمال المخزية.
احيانا اشعر بميل قوي لتقليده و لكن تنقصني مهارته التي لم اراها في شخص آخر و انا اتذكر والده (دعني اسميه الخال) الذي كان يملك (چايخانه) لان الناس كانت تفضل الشاي على القهوة. كان الخال يجلس طول اليوم في الچايخانه و كلما دخل ضيف كان يصيح على العامل باعلى صوته: جيب شاي يا ولد بسرعة للضيف و شاي لي. لا ادري كم استكان شاي كان يشرب باليوم الواحد لان الضيوف كانت تأتي بكثرة لدرجة ان العامل كان يسبقه و يقول باستهزاء عندما يدخل ضيف جديد: يا اسطة شاي الك ايضا؟
احيانا كان يرجع لبيته القريب من الچايخانه لتناول طعام الغداء عند احدى الزوجات الاربعة و فجأة و بدون سبب يذكر يرفع النعال و يضرب زوجته. في الحقيقة كانت ام اسماعيل شخصية قوية و لكنها كانت تخاف من مزاجه لذا كانت ترد بهدوء: لماذا تضربني؟ فكان الخال يجيب بكل عفوية و براءة: هكذا – يعجني!
www.jamshid-ibrahim.net
#جمشيد_ابراهيم (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟