|
دور المثقفين المصريين في الدفاع عن حرية الفكر والإبداع 2/2
فتحي سيد فرج
الحوار المتمدن-العدد: 4024 - 2013 / 3 / 7 - 10:06
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
خلال الندوة عرض المحاضر أشهر 10 كتب مُنعت في مصر: أسباب سياسية هي دائمة كلمة السر وراء مصادرة الكتب في مصر منذ نهاية القرن التاسع عشر، بدعوى "الحفاظ على التقاليد" و"الدفاع عن الإسلام".. نستعرض مجموعة من اشهر الكتب التي تم مصادرتها لاسباب عدة ومع ذلك ظلت على ارفف المكتبات وارصفة الشوارع متحدية مانعيها. 1. تحرير المرأة لقاسم أمين : في بداية عام 1889، أثار هذا الكتاب حالة من الجدل في المجتمع المصري وطالب البعض بقتل مؤلفه، وشنت الصحف وعلى رأسها جريدة المؤيد لصاحبها الشيخ علي يوسف، حملة واسعة لدرجة وصفه بأنه "طابور خامس" ومتآمر مع اللورد كرومر المندوب السامي البريطاني على أخلاق المجتمع وآدابه، وصدر حوالي أربعين كتابا للرد عليه، وتعامل الجميع معه - بما فيهم اصدقائه - على انه منبوذ مجتمعيا . 2. الأسلام وأصول الحكم للشيخ علي عبد الرازق : حين أراد الملك فؤاد أن يأخذ مصر إلى مغامرة بالدعوة إلى إحياء الخلافة الأسلامية، وتشكلت لجنة للعمل فى هذا الاتجاه، وتأييدا لذلك عقد شيخ الأزهر مؤتمرا في مارس 1924، في المقابل اصدر ازهري وهو الشيخ علي عبد الرازق كتابه "الأسلام وأصول الحكم" بدد فيه كل دعاوى أصحاب دعوة الخلافة بقوله:"الحكم والحكومة والقضاء والإدارة ومراكز الدولة هى جميعاً خطط دنيوية صرفة لا شأن للدين بها، فهو لم يعرفها ولم ينكرها، ولا أمر بها ولا نهى عنها وإنما تركها لنا لنرجع فيها إلى أحكام العقل وتجارب الأمم وقواعد السياسة". وبعد منع ومصادرة الكتاب أتى دور هيئة كبار العلماء بالأزهر التى استدعت المؤلف وحاكمته وقررت "نزع شهادة العالمية منه ومحو اسمه من سجلات الأزهر وطرده ، لعدم أهليته للقيام بأى وظيفة دينية أو غير دينية"! . 3. في الشعر الجاهلي لدكتور طه حسين : في يوم 30 مايو 1926 تقدم الشيخ حسنين الطالب بالقسم العلمي بالازهر لسعادة النائب العمومي يتهم فيه الدكتور طه حسين بأنه ألف كتابا اسماه في الشعر الجاهلي ونشره على الجمهور، وفي هذا الكتاب طعن صريح في القرآن، وتواترت بعدها البلاغات واغلبها من شخصيات لها مكانة اجتماعية، فكان على النيابة ان تتحرك! فتم مصادرة الكتاب واستدعاء طه حسين على اثر البلاغات المقدمة ضده الى مكتب محمد نور رئيس نيابة مصر، وبعد تحقيقات طويلة ومستفيضة ناقش فيها رئيس النيابة الدكتور طه حسين خُلص: "اتضح ان غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدي على الدين بل ان العبارات الماسة بالدين التي اوردها في بعض المواضع من كتابه انما قد اوردها في سبيل البحث العلمي مع اعتقاده ان بحثه يقتضيها.. وحيث أنه من ذلك يكون القصد الجنائي غير متوفر فلذلك تحفظ الاوراق أدارياً". 4. رواية أولا حارتنا لنجيب محفوظ : عقب ثورة يوليو 1952 توقف محفوظ عن الكتابة خمس سنوات، وكانت هذه الرواية أول عمل له، وأثناء نشرها بجريدة الأهرام كانت أول أزمة بعد ان نشرت الصفحة الأدبية لجريدة الجمهورية خبرا ان الرواية فيها ما يمس الدين، وبعدها بدأ البعض ومن بينهم أدباء للأسف في ارسال عرائض وشكاوى الى النيابة العامة ومشيخة الأزهر، يطالبون فيها بوقف نشر الرواية، وقد تم حل هذه الأزمة بتدخل عبد الناصر الذي أرسل حسن صبري الخولي الممثل الشخصي له وقال لمحفوظ "انه لا يستطيع ان ينشر الرواية في مصر ككتاب لانها في حال صدورها سوف تُحدث مشكلة كبيرة مع الازهر، ولكن من الممكن نشرها خارج مصر، وكانت الأزمة الثانية بتعرض محفوظ لمحاولة اغتيال على يد شاب "متطرف" اسمه "محمد ناجي" عام 1994.. 5. الله والأنسان لدكتور مصطفى محمود : قبل سنوات من الجدل الذي دار حول كتاب "حوار مع صديقي الملحد" ثار جدلا آخر حول كتاب "الله والأنسان" الذي ناقش فيه محمود كما يقول : "مشاكلنا كلها من جديد، واطرح التركة الفكرية التي ورثناها عن الجدود، ليسقط منها الفاسد ويبقى الصالح" لم يُقدم الكاتب الى المحاكمة كما قيل، ولكن الذي حدث ان جمال عبد الناصر أمر بمصادرة الكتاب، ولم يستجب لرغبة عدد من علماء الأزهر في تحويل مصطفى محمود الى المحاكمة بتهمة الكفر والالحاد. وقد أوصي الرئيس أنور السادات فيما بعد بطباعة الكتاب طبعة ثانية . 6. نقد الخطاب الديني لدكتور نصر حامد أبو زيد : بدأت أزمة هذا الكتاب داخل جامعة القاهرة عام 1993 عندما رفضت الجامعة ترقية د. نصر حامد أبوزيد الأستاذ المساعد بكلية الأداب الى درجة الأستاذ بعد اتهامه بإهانة العقيدة، وكان قد تقدم فى العام السابق لتلك الواقعة للترقية إلى درجة استاذ بإنتاج علمى منه كتابى "الإمام الشافعى وتأسيس الأيديولويجية الوسطية" وكتاب "نقد الخطاب الدينى" إلا أن الكتاب الأخير أثار أزمة كبرى بعدما اتهمه د. عبد الصبور شاهين فى تقريره عن الكتاب "بالكذب والجهل والإفتراء" على الإسلام. فكانت النتيجة أن ُرفضت الترقية! وأثار رفض الجامعة ترقية د.نصر اعتراض عدد كبير من المثقفين منهم د. غالي شكري والشاعر أحمد عبد المعطي حجازي، واكثر من خمسين استاذا في كلية الآداب جامعة القاهرة رفعوا مذكرة الى د. حسين كامل بهاء الدين وزير التعليم-وقتها- بصفته رئيسا للمجلس الأعلى للجامعات رفضوا فيه اسلوب اللجنة العلمية فى تقريرها بشأن ترقية د. نصر كما رفع الاساتذة مذكرة أخرى لرئيس الجامعة لإعادة النظر فى هذا الموضوع. ولم تتوقف القضية عند هذا الحدث فقد رفع المستشار محمد حميدة دعوة "حسبة" على د. نصر ابو زيد يطالب فيها بإعلان ردته والتفريق بينه وبين زوجته د. ابتهال يونس "دفاعا"عن حق من حقوق الله. وعلى الرغم من موافقة جامعة القاهرة على ترقية د. نصر حامد أبو زيد إلى درجة استاذ، الا ان محكمة استئناف القاهرة دائرة الأحوال الشخصية قضت بالتفريق بينه وبين زوجته وإلغاء حكم محكمة أول درجة فى هذه القضية لإصدراه كتاب وأبحاث رأت المحكمة أنها تسئ للإسلام وتثبت إرتداده عنه، ليصبح هذا هو أول حكم حسبه يصدر من القضاء المصرى-حسب جريدة الأهالي في عددها الصادرفي 17 نوفمبر 1993. 7. أبي آدم للدكتورعبد الصبور شاهين : في سبتمبر 2010، طرح شاهين وجهة نظر جديدة في قصة خلق الإنسان، ناقضا ما كان راسخا في الفكر الإسلامي، داعما كتاباته بأدلة من القرآن والسنة. فرفض شاهين في كتابه القصة التقليدية التي ترجع خلق آدم إلى الطين بشكل مباشر قائلا:"وجدنا أكثر المفسرين للقرآن يرددون ما ذكرته الإسرائيليات ترديدا حرفيا، دون أدنى محاولة تعرض مضمونها على العقل وتغربل ما حفلت به من خرافات وأساطير". ويحتوى الكتاب على تفسيرات لما حدث اثناء قصة الخلق فيؤكد ان قصة سجود الملائكة لآدم ورفض إبليس السجود. لم تحدث كما نعتقد فى جلسة علنية حضرها الله، ولكنها جاءت عن حضور غير مجسم عن طريق الوحى بالأمر الإلهى للملائكة وإن الهدف منها كان إثبات خدمة الملائكة للبشر لا الطاعة، فكانت النتيجة ان اتهم شاهين من قبل عدد من "السلفيين" ومنهم الشيخ يوسف البدري بأن منهجه يتسم بالشذوذ والانحراف بتأويل الآيات عن معانيها الحقيقية ومقاصدها، ولم يكتف البدرى بالنقد بل سجل رأيه فى دعوى قضائية "حسبة" ونظرت محكمة الأمور المستعجلة بالقاهرة عام 1999 دعوى قضائية اخرى رفعها المستشار جبر ابراهيم جبر، وطالب فيها بمنع تداول الكتاب، وطالب بمقاضاة المؤلف على نشره الكتاب دون عرضة على مجمع البحوث الإسلامية لفحصه وإبداء الرى ولم يلتزم آداب الحديث عن "الله". دعوى الحسبة من الشيح يوسف البدري رفضتها المحكمة.. لكن اثناء محاكمة الكتاب قرر مجمع البحوث الإسلامية إعداد تقرير عنه واصدر قرارا بمنع تداوله حتى تنتهى المحكمة من النظر فى الدعوى، ورد د. عبد الصبور شاهين على موقف المجمع بأنه سيطبع الكتاب فى بيروت!! 8. وليمة لأعشاب البحر لحيدر حيدر : للكاتب السوري حيدر حيدر، تدور أحداثها حول مثقفين عراقيين يساريين غادرا بلادهما هربا من بطش الرئيس العراقي صدام حسين أواخر السبعينيات، ويحمّل هذان المثقفان الأنظمة الديكتاتورية والحركات المحافظة مسؤولية القهر السياسي الذي يعاني منه العالم العربي. وفي مايو 2009 تظاهر طلاب جامعة الأزهر ضد نشرها من قبل وزارة الثقافة، حيث رأوا فيها مسا بالأسلام. قبل المظاهرات كان قد بيع من الرواية "ألف نسخة" وبعده اضطرت الوزارة الى سحب بقية النسخ الى المخازن مرة أخرى، لكن شيئا آخر قد حدث فقد ارتفع سعر النسخة الواحدة من 7 جنيهات إلى 100 جنيه مصري. كما نظمت صحيفة الشعب ذات التوجه الإسلامي حملة على الوزير فاروق حسني، ووصفت الكتاب بأنه إهانة أسوأ من هزيمة العرب على يد إسرائيل عام 1967، أما وزير الثقافة -فدافع عن الرواية وقال إن الحملة شكل من أشكال الاستفزاز والإرهاب الفكري! 9. رواية الزعيم يحلق شعره لأدريس علي : قامت الأجهزة الأمنية في 2 فبراير 2010 باقتحام دار وعد للنشر ومصادرة نسخ رواية "الزعيم يحلق شعره"، للمؤلف النوبي إدريس علي وإلقت القبض علي الناشر جميلي أحمد شحاته، حيث وعرضه على النيابة التي قررت إخلاء سبيله، وعلى الرغم من ان هذه الرواية لم تنتقد الواقع المصري بل انتقدت الرئيس الليبي معمر القذافي الا ان السلطات المصرية صادرت نسخ الرواية من معرض الكتاب، على غير توقعات الكاتب الذي توقع ان يأتيه الهجوم من الجانب الليبي . 10. رواية مترو لمجدي الشافعي : هي أول رواية مصرية مصورة تدور أحداثها حول شاب متخصص في برمجيات الحاسب الآلي، يتعرض للإفلاس بسبب فساد وتسلط بعض رجال الأعمال والحكومة، فيقرر هو وصديق له سرقة أحد البنوك، فيكتشف أن القائمين على البنك فاسدون أيضاً. وتسلط الرواية الضوء على الكثير من مناحي الحياة في مصر، إضافة إلى مواقف ساخرة من الأوضاع السائدة في فترة حكم الرئيس السابق مبارك، وكيفية تعامل الشرطة مع الاحتجاجات السلمية. وربما هذا السبب الاخير الذي دفع السلطات في مصر الى "حظر" الرواية ومصادرة جميع النسخ بل وتقديمها للمحاكمة بدعوى "خدش الحياء العام" ليصدر بحقهما حكم بتغريم الكاتب والناشر مبلغ قدره خمسة آلاف جنيهاً ومصادرة النسخ المضبوطة من الرواية، بدعوى "احتوائها على ألفاظ خارجة". المثير في الأمر ان الرواية التي انتقدت رموز النظام السابق فتم مصادرتها، عندما حاول مؤلفها اعادة طبعها من جديد بعد ثورة 25 يناير رُفض طلبه من وزير الثقافة وقتها، بدعوى إن الرواية تم وقفها بواسطة السلطات القضائية، ولابد من العودة إلى المحكمة للسماح بإصدارها من جديد. هناك قوائم كثيرة لكتب ممنوعة آخري مثل ( مقدمة في فقه اللغة / لويس عوض، الفن القصصي في القرآن الكريم/ د . محمد أحمد خلف الله، زواج المتعة / فرج فودة، كارت أحمر / عبد الحليم قنديل، آيات شيطانية / سلمان رشدي ... وغيرها الكثير)
كما عرض المحاضر ما قام به الشيخ ياسر برهامى نائب رئيس الدعوة السلفية عن «صفقات وكواليس» ممثلى الدعوة السلفية داخل الجمعية التأسيسية لوضع الدستور ونشراته الصحف يوم الإثنين 24 ديسمبر 2012 : حين كشف برهامي سر تمرير عدد من المواد التى ترضى السلفيين، خاصة المادة المفسرة للمادة الثانية، التى قال إن «النصارى والعلمانيين مكانوش فاهمين»، المادة، مشيرا إلى أن «الكنيسة» لم تتمكن من الحصول على «مرادها» من الدستور، وأنه يسعى إلى فرض «رقابة شرعية» على الصحف، وتمرير قانون «الحسبة» فى البرلمان ليحصل السلفيون على ما يريدون، على حد تعبيره. وقال برهامى، الذى ظهر فى فيديو انتشر على اليوتيوب أثناء حضوره ملتقى العلماء والدعاة لمناقشة مسودة الدستور المصرى، إن الدستور الجديد به قيود كاملة لم توجد فى أى دستور مصرى من قبل. وحول المادة الثانية الخاصة بالشريعة والمادة رقم 219 المفسرة لها، قال برهامى إن هيئة علماء المسلمين فسرت المادة بأنها مبادئ الشريعة الإسلامية التى تشتمل على قواعدها الأصولية، فطالب بوضع عبارة «فى مصادرها»، لكن مشايخ الأزهر قالوا له إن كلمة «أدلتها» تكفى، ورد أن «أدلتها» تعنى مصادرها، لذا احذفوا كلمة «الكلية». وأضاف برهامى «لأنى أعلم تماما قصدهم بكلمة (الكلية)، قلت لهم لا يوجد حل آخر، لابد من وضع كلمة (مصادرها)، ثم عُرض الأمر على هيئة العلماء وأصبح نص المادة (مصادرها المعتبرة على أهل السنة والجماعة)، وهذا يحدث بلا شك لأول مرة فى دستور مصر، ووافق الجميع عليها». وأضاف أنه تم التوافق على صيغة المادة، ووقع عليها 36 من الليبراليين والأزهر والأقباط، مشيرا إلى أنه كانت هناك مادة فى باب الأزهر تنص على قابلية شيخ الأزهر للعزل، وهو ما دفع شيخ الأزهر للتمسك بموقفه الرافض للمادة المفسرة، موضحا أنه بعد إلغاء مادة عزل شيخ الأزهر تم تمرير المادة 219 المفسرة، لافتا إلى أن «النصارى والعلمانيين مكانوش فاهمين». وتابع برهامى: «ممثلو الأزهر فى الجمعية التأسيسية كانوا أكثر من دافع عن مبادئ الشريعة وقضايا الأقباط، لذا حين طالبنا بالمادة التى تتيح عزل الشيخ الأزهر أثار ذلك غضبا شديدا، لأن الأزهر له علاقة وطيدة بالشارع العادى، والشارع بطبعه متخوف من الإسلاميين»، مشيرا إلى أن «معركتهم لاتزال قائمة فى مجلس الشعب المقبل من خلال إصدار قانون يحدد سن المعاش لشيخ الأزهر بدلا من عدم عزله المنصوص عليها فى الدستور». وحول مواد الحريات قال برهامى، أثناء اللقاء الذى كان يجمعه بالمشايخ والدعاة السلفيين، «احنا مش عايزين الإعلام ياخد باله من بعض المواد.. هناك مادة حرية الفكر والرأى والإبداع تلتزم الدولة بحماية القيم، والبرلمان لو أصدر قانون الحسبة يبقى وصلنا لما نريد». وأوضح برهامى أنه «لن تتم الرقابة على الصحف قبل النشر لكن سيتم وضع جرائم للنشر تعاقب بالحبس، وهذه معركة من ضمن المعارك والموضوع سيستمر 10 أو 15 عاما عشان العالم ما يهيجش علينا لما نعمل جرائم النشر»، مشيرا إلى «أنهم كانوا يريدون أن تكون هناك رقابة شرعية قبل إصدار الصحف». وحول الكنيسة والمادة الثالثة، التى اعترض عليها بعض الدعاة التى تنص على أن لأصحاب الديانات السماوية الاحتكام لشرائعهم، قال «هل انسحاب الكنيسة جعلها تأخذ ما تريد؟»، ورد: «بالعكس، إلى الآن الكنيسة لم تأخذ ما تريد». ودعا برهامى رجال الدعوة إلى الخروج للفضائيات ومهاجمة بابا الكنيسة تحت دعوى أنه يرفض الشريعة. وأكد أن هناك مادة حاكمة للحقوق والحريات، «هى أن يتم ممارستها بما لا يخالف المقومات الأساسية للمجتمع»، موضحا أن هذه المقومات تشمل الشريعة الإسلامية والقرآن والسنة». وأن «المادة مرت رغم اعتراض النصارى، وأنه بمقتضى الدستور سيتم منع المرتدين والبهائيين». وهاجم برهامى المحكمة الدستورية قائلا «المحكمة الدستورية لازم تتظبط بأى طريقة».وتطرق برهامى إلى مادة فى باب الحقوق والحريات كانت تنص على أنه لا جريمة ولا عقوبة إلا بقانون، لكن «نجحنا بفضل الدكتور محمد سليم العوا فى أن نحولها إلى (إلا بنص)»، مشيرا إلى أن كلمة «بنص» تشمل الدستور إضافة للقانون. وأشار إلى أن أخطر ما تعرضت له مصر هو تغيير النشيد الوطني حيث أن المهندس عدلي القزاز مستشار وزير التربية والتعليم لتطوير التعليم، ذكرأن مديرية التربية والتعليم بالقاهرة بدأت التحقيق بشأن ما تردد عن استبدال النشيد الوطني بأغانٍ جهادية في مدرسة "جنى دان الدولية" المملوكة لخيرت الشاطر ونجلته خديجة، مشيرا إلى أن المدارس الإسلامية تعلم طلابها أناشيد دينية، فهذه المدرسة التي تقع بالمعادي شهدت تغيير النشيد الوطني المصري، الذي يردده طلاب مراحل التعليم المختلفة في مدارس الجمهورية "بلادي بلادي بلادي، لكِ حبي وفؤادي"، واستبدلته بنشيد جهادي، يقول "بلادي بلادي اسلمي وانعمي.. سأرويكِ حين الظمأ بالدم.. ورب العقيدة لن تهزمي.. ومن أكمل الدين للمسلمين. ستحمي الجبال وتلك التلال ويحيا الجهاد.. به يُكتب النصر للمسلمين".
• في نهاية الندوة تلا المحاضر فقرات من حيثيات حكم محكمة امن الدولة العليا في قضية إنتفاضة يناير 1977 المشكلة برئاسة المستشار حكيم منير صليب رئيس المحكمة ضد كلا من (171متهم) والذي يعتبر من أبرز الأحكام التي سجلها التاريخ للدفاع عن حريةالرأي، حيث قام بقراءة الفقرات التالية : - ومن حيث إن المحكمة وقبل مناقشتها لأدلة الثبوت لابد لها إن تعرض بالبحث والدراسة لإحداث يومى 18و19 يناير تلك الأحداث التى أورد قرار الاتهام إن المتهمين المنتمين إلى حزب العمال الشيوعي قد حرضوا عليها وشاركوا فيها سواء بالتجمهر أو قيادة المظاهرات وما صاحب ذلك من تحريض وتخريب وإتلاف وجرائم أخرى عديدة . ولكن المحكمة وهى تتصدى لتلك الأحداث بالبحث والاستقصاء لعلها إن تستكشف عللها وحقيقة أمرها لابد إن تذكر ابتداء إن هناك معاناة اقتصادية كانت تأخذ بخناق الأمة المصرية، وكانت هذه المعاناة تمتد لتشمل مجمل نواحي الحياة والضروريات الأساسية للإنسان المصري، فقد كان المصريون يلاقون العنت وهم يحاولون الحصول على طعامهم وشرابهم، ويجابهون الصعاب وهم يواجهون صعودا مستمرا في الأسعار مع ثبات مقدار الدخول، ثم إن المعاناة كانت تختلط بحياتهم اليومية وتمتزج بها امتزاجا فهم مرهقون مكددون في تنقلهم من مكان إلى أخر بسبب أزمة وسائل النقل، وهم يقاسون كل يوم وكل ساعة وكل لحظة من نقص في الخدمات وتعثر فيها، وفوق ذلك كان إن استحكمت أزمة الإسكان وتطرق اليأس إلى قلوب الناس والشباب منهم خاصة من الحصول على مسكن، وهو مطلب اساسى تقوم عليه حياتهم وتنعقد أمالهم في بناء أسرة ومستقبل، وسط هذه المعاناة كان يطرق أسماع المصريين أقوال المسئولين والسياسيين من رجال الحكومة، تبشرهم بإقبال الرخاء وتعرض عليهم الحلول الجذرية التى سوف تهىء أزماتهم وتزين لهم الحياة الرغدة الميسرة المقبلة عليهم . وبينما أولاد هذا الشعب غارقون في بحار الأمل التى تبثها فيهم أجهزة الإعلام صباح مساء إذ بهم وعلى حين غرة يفاجئون بقرارات تصدرها الحكومة ترفع بها أسعار عديد من السلع الأساسية التى تمس حياتهم واقواتهم اليومية، فأى انفعال زلزل قلوب هؤلاء واى تناقص رهيب بين الآمال وفد بثت في قلوبهم قبل تلك القرارات وبين الإحباط الذي أصابهم به صدورهم، ومن أين لجل هذا الشعب ومعظمهم محدود الدخل إن يوائموا بين دخول ثابتة وبين أسعار أصيبت بالجنون، وإذ بفجوة هائلة تمزق قلوب المصريين ونفوسهم بين الآمال المنهارة والواقع المرير، وكان لهذا الانفعال وذلك التمزق إن يجدا لهما متنفسا . وإذ بالإعداد الهائلة من هذا الشعب تخرج مندفعة إلى الطرقات والميادين وكان هذا الخروج توافقيا وتلقائيا، وإذ بهذه الجموع تتلاحم هادرة زاحفة معلنة سخطها وغضبها على تلك القرارات إلى وأدت الرجاء وحطمت الآمال، وحاولت جهات الأمن إن تكبح الجماح وتسيطر على النظام ولكن أنى لها هذا والغضب متأجج واللآلآم مهتاجة، ووسط هذا البحر الهادر وجد المخربين والصبية سبيلا إلى إرضاء شهواتهم الشريرة فإذا بهم ينطلقون محرقين ومخربين ومتلفين وناهبين للأموال وهم في مأمن ومنجاة، وقد التهبت انفعالات هاته الجموع وتأجج حماسهم عندما تعرض لهم رجال الأمن المركزي بعصيهم ولدروعهم وقنابلهم المسيلة للدموع فكان إن اشتعلت الأحداث وسادت الفوضى ولم يكن من سبيل لكبح الجماح وإعادة الأمن والنظام إلا فرض حظر التجول ونزول رجال القوات المسلحة إلى الميدان . وتؤمن المحكمة ويطمئن ضميرها ووجدانها إن تلك الأحداث الجسام التى وقعت يومى 18 و 19 يناير 1977 كان سببها المباشر والوحيد هو إصدار قرارات الاقتصادية برفع الأسعار، وفؤجىء بها الناس جميعا بما فيهم رجال الأمن فكيف يمكن في حكم العقل إن يستطيع احد إن يتنبأ بها ثم يضع خطة لاستغلالها ثم ينزل إلى الشارع للناس محرضا ومهيجا، إن هذا الفرض غير مقبول ولا معقول ذلك أنه لم يقع اى فاصل زمني بين إعلان القرارات وخروج الناس فما كادوا يقرؤون ويسمعون حتى خرجوا مندفعين من تلقاء أنفسهم لم يحرضهم احد ولم يدفعهم فرد أو تنظيم ليعلنوا سخطهم وغضبهم، وهذا التلاحم الزمني بين إعلان القرارات واندفاع الجماهير ينفى تماما احتمالات التحريض والإثارة أو استغلال الموقف أو ركوب الموجه لأن فردا مهما بلغت قوة ودراية وتنظيما ومهما كانت سرعته ودقة تخطيطه لايستطيع إن يحرك هذه الجموع الحاشدة في لحظات ولا يسيطر على مشاعرها ليوجهها إلى تحقيق أغراضه ثم هو لا يستطيع إن يدفعها لتقوم بأعمال حرق والتخريب والنهب والإتلاف ذلك إن مثل هذه الإعمال الشريرة لابد إن تصاحب بطريق اللزوم العقلي والتلقائية المحضة، مثل هذه الاضطرابات، وإذن أذا قالت سلطة الاتهام إن هناك من المتهمين من حرضوا على تلك الأحداث مما أدى إلى اشتعالها ووقع ما صاحبها من جرائم وإنهم كانوا يريدون إشعال الثورة الشعبية فإن قولها هذا لا يساير مقتضيات المنطق، كما إن مجريات الأحداث في هذين اليومين لا تتفق مع هذه القالة بل تناقضها تماما من ناحية أسبابها وما وقع فيها من أفعال . صدر هذا الحكم وتلي علنا بجلسة يوم السبت الموافق 19 من ابريل 1980 م أمين السر رئيس المحكمة ان حيثيات هذا الحكم تدل بوضوح على عظمة غالبية القضاة المصريين وأنهم جزء لا يتجزأ من طلائع المثقفين المدافعين عن العدل وحماة لحرية الرأي والتعبير
#فتحي_سيد_فرج (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دور المثقفين المصريين في الدفاع عن حرية الفكر والإبداع 1/2
-
ملاحظات نقدية على النمط المصري للإنتاج 3 من 3
-
النمط المصري للإنتاج 2 من 3
-
النمط المصري للإنتاج 1من 3
-
رؤوى مستقبلية لبناء الدولة الديمقراطية الحديثة
-
مسار الخريطة الانتخابية - ثالثا: الانتخابات الرئاسية 3/1
-
مسار الخريطة الانتخابية بعد ثورة 25 يناير 3/2
-
مسار الخريطة الانتخابية بعد ثورة 25 يناير 3/1
-
مسار الخريطة الانتخابية بعد ثورة 25 يناير
-
قراءة في تاريخ الأحزاب المصرية
-
حقوق المرأة في معركة صياغة الدستور
-
الربيع العربي دعوة لنموذج جديد للتنمية
-
ذكري إنتفاضة 18/19 يناير 77
-
كيفية اكتشاف ورعاية المبدعين؟
-
استطلاع الرأي الثالث
-
تقييم انتخابات حزب الجبهة الديمقراطية
-
استطلاع الرأي الثاني
-
مواطنون لا رعايا
-
استطلاع رأي
-
الدولة المدنية
المزيد.....
-
السودان يكشف عن شرطين أساسيين لبدء عملية التصالح مع الإمارات
...
-
علماء: الكوكب TRAPPIST-1b يشبه تيتان أكثر من عطارد
-
ماذا سيحصل للأرض إذا تغير شكل نواتها؟
-
مصادر مثالية للبروتين النباتي
-
هل تحميك مهنتك من ألزهايمر؟.. دراسة تفند دور بعض المهن في ذل
...
-
الولايات المتحدة لا تفهم كيف سرقت كييف صواريخ جافلين
-
سوريا وغاز قطر
-
الولايات المتحدة.. المجمع الانتخابي يمنح ترامب 312 صوتا والع
...
-
مسؤول أمريكي: مئات القتلى والجرحى من الجنود الكوريين شمال رو
...
-
مجلس الأمن يصدر بيانا بالإجماع بشأن سوريا
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|