وليد يوسف عطو
الحوار المتمدن-العدد: 4021 - 2013 / 3 / 4 - 13:31
المحور:
حملات سياسية , حملات للدفاع عن حقوق الانسان والحرية لمعتقلي الرأي والضمير
رسالة حب وشكر وتقدير
اتوجه للذوات الكريمات والاكارم في
1 –الهيئة المشرفة على موقع الحوار المتمدن ممثلة بالاستاذ والرفيق رزكار عقراوي المشرف والمنسق العام للموقع لاهتمامهم وسؤالهم عن صحتي .
2- الزميلات والزملاء والرفيقات والرفاق والصديقات والاصدقاء في موقع ( الحوار المتمدن )وفي صفحات الفيس بوك .
3 – اهلي واقاربي واصدقاء الطفولة .
لكل هؤلاء اتقدم بالشكر والعرفان لسؤالهم عن صحتي متمنيا لهم دوام الصحة والتفوق والابداع في اعمالهم ومنجزاتهم .
مسيحيو العراق محنة الحاضر وقلق المستقبل
ان استقرار المسيحيين في العراق تاريخيا واندماجهم بمشروع الدولة العراقية الحديثة قد شكل ابرز دعائم وحدة العراق الوطنية . ومن المؤكد ان اسهام المسيحيين في الواقع السياسي والاجتماعي العراقي لم يكن نابعا من رغبة مسيحية في اثبات الذات . كما لم يكن نابعا من سلوك مندفع تنتهجه الاقليات الصغيرة المهمشة التي تحاول اثبات وجودها , وانما كان نابعا من رغبة في العمل الدؤوب لخدمة العراق .هذا ما اكده الكاتب والباحث دحام محمد العزاوي في كتابه ( مسيحيو العراق محنة الحاضر وقلق المستقبل ) – ط1 – 2012 م – الدار العربية للعلوم ناشرون – بيروت – لبنان .
المسيحيون هم ابناء العراق الاصلاء الذين عاشوا فيه تاريخيا , ومن المؤسف ان يتعرض المسيحيون في العراق في ظل الاحتلال الامريكي للعراق في 3003 م لعملية تصفية واقتلاع من ارضهم واماكن عيشهم بعد ان طالتهم يد القتل والتهجير القسري على يد جماعات تكفيرية ارهابية .
لقد كان واضحا ان الولايات المتحدة التي جاءت باستراتيجية التفكيك الاثني والتقسيم الطائفي , لم تكن حريصة على وحدة العراق وشعبه .
لقد تم حرق مئات المحال التجارية , وهدمت عشرات الكنائس واجبرت عشرات المسيحيات على ارتداء الحجاب , واغتصبت عشرات البيوت التي يملكها مسيحيون في بغداد والبصرة . يمكن تعداد اهم الاسباب وراء استهداف المسيحيين الى :
1 – حالة الفوضى والتدمير التي اجتاحت العراق بعد الاحتلال في 2003 ومارافقها من انتشار مظاهر التسلح والميليشيات الطائفية والاثنية , ونهب ممتلكات الدولة .
2 – غياب المساءلة والتحقيقات النزيهة .
3 – نمو ثقافة الكراهية والتطرف حيال الاخر المختلف .
4 – في ظل الصراع حول الاستئثار بالمال والثروات والسلطة ,اجبر المسيحيون على ان يكونوا طرفا في الصراع .
يرى البعض ان الصراع بين الاحزاب العربية – الكردية في بعض المناطق المختلف حول عائديتها مثل كركوك وديالى ومناطق سهل نينوى يعبر عن حقيقة سعي المتصارعين الى استقطاب المسيحيين الى جانبهم في لعبة الاستحواذ .
يلخص ميناس اليوسفي , رئيس الحزب الديمقراطي المسيحي الموقف المسيحي من الصراع العربي – الكردي في الموصل بان المسيحيين اصبحوا وقودا للخلافات العربية الكردية . ويؤيد وليم وردة الناشط المسيحي في مجال حقوق الانسان في بغداد فكرة ان العنف الموجه ضد المسيحيين انما هو جزء من خطة كردية لضمان هروب المسيحيين الى الجانب الكردي عند خطوط التماس التي تفصل العرب عن الاكراد . ويضيف وردة انه (بكل دورات القتل والتخويف هذه خسرنا الاف المسيحيين الذين ذهبوا الى الاردن وسورية واوربا وامريكا . ونحن الان محاصرون في معركة بين الاكراد والعرب حول الموصل .
ابعاد حملات التهجير ضد المسيحيين
تراوحت ابعاد الحملات الارهابية لتهجير المسيحيين بين اسباب ودوافع متعددة , فمنها ماهو ذو طابع تعصبي يتعلق برؤيا بعض الجماعات الاسلامية حيال الاخر المختلف دينيا ,والسعي لاجباره على اعتناق الاسلام او ترك الدولة ( الاسلامية ) بدفعه للهجرة او التعرض له بالقتل , ويمكن ان يعزى قتل رجال الدين المسيحيين وتفجير الكنائس وحرقها الى هذه الرؤية الظلامية .
وهناك اسباب اقتصادية تتعلق بتوجهات اصحاب الجريمة المنظمة وارباب السرقة الذين يعمدون الى قتل او خطف اصحاب المحلات التجارية والعقارات والصاغة , واصحاب مكاتب الصيرفة من المسيحيين بهدف ابتزازهم او ابتزاز عوائلهم للحصول على الاموال . قسم من هذه العصابات هي من بقايا الاجهزة الامنية للنظام الصدامي , وقدمارسوا التعذيب مع المختطفين وفق نفس اساليب الاجهزة الامنية الصدامية البعثية بتعليق المختطفين بكلاب على السقف وضربهم بالكيبلات .
رغم ان هذه الدوافع تحصل في كل يوم لعشرات العراقيين وبغض النظر عن هوياتهم , الا ان للمسيحيين كما يبدو خصوصية في ذلك , كونهم مسيحيين مخالفين اولا .ولان الكثيرين منهم يمتهن مهنا ذات مردود مالي مرتفع . في ظل هذا التصور تم استهداف مئات من رجال الدين وعلماء واساتذة وتجار ومواطنين عاديين مسيحيين , تعرضوا منذ 2003 لابشع صور القتل والتهجير والخطف والابتزاز على يد عصابات متطرفة دينيا , وعصابات اخرى امتهنت الاجرام سبيلا للحصول على المال , وعصابات مدفوعة باجندات خارجية غايتها تفكيك النسيج الاجتماعي والوحدة الوطنية بين العراقيين .
ان ماحصل للمسيحيين في العراق هي جرائم حرب منظمة , على حد وصف امنيستي انترناشونال , وجرائم ابادة ضد الانسانية وفقا للقانون الدولي . لقد تعرض المسيحيون منذ 2003 الى اكثر من 200 تفجير لمحلات تجارية ودور سكن وسيارات مفخخة , حيث قتل اكثر من الف مواطن مسيحي , منهم 13 كاهنا واسقفا وفي مقدمتهم اسقف الكلدان على الموصل المطران بولس فرج رحو الذي اختطف وقتل في اذار – مارس 2008م . وتم تفجير اكثر من 53 كنيسة .واجبرت جماعات مسلحة المسيحيات في البصرة وبعض مناطق بغداد على ارتداء الحجاب الاسلامي , وبدؤوا بحملة لغلق محلات بيع الخمور ( الكحول ) وبيوت التجميل وصالونات الحلاقة في البصرة . ونتج عن ذلك تناقص اعدادالمسيحيين في البصرة من 2000 عائلة الى اقل من 40 عائلة وفي بغداد تعرضت في اب 2004م خمس كنائس للتفجير , منها كنيسة سيدة النجاة , ونتج عنها خسائر جسيمة في الارواح والاصابات والممتلكات , وتهجير اكثر من 40 الف مسيحي خارج العراق . اما مدينة الموصل فقد شهدت مايشبه حملة تطهير عرقي . ففي بداية اكتوبر 2008 ظهرت موجة عنف تسببت في هرب اكثر من 6000 مسيحي ,تاركين منازلهم التي فجرت واحرقت الكثير منها حيث لجؤوا الى القرى المسيحية المجاورة . وهدد انصار القاعدة الكثير من العائلات المسيحية بوضع منشورات على بيوتها تخيرهم بين التحول الى الاسلام , ومغادرة الموصل .
وفي شباط –فبراير 2010 م قتل 12 مسيحيا في الموصل , حيث نزحت على اثر الحادث اكثر من 1700 عائلة الى اقليم كردستان .
حدث هذا الاستهداف المسيحي وسط صمت حكومي , وشلل كبير في قدرة الاجهزة الامنية عن متابعة او ملاحقة من يقف وراء هذه الجرائم .
وقد طالب نائب البطريرك الكلداني في العراق شليمون وردوني الحكومة العراقية باتخاذ كل الاجراءات الامنية والعسكرية لحماية المسيحيين . كما ظهرت الكثير من التصريحات للقوة السياسية الاساسية الماسكة للسلطة في العراق تصف المسيحيين في العراق ب (الجالية العراقية ) , وكانهم اناس غرباء جاؤوا للزيارة فقط ,او وصفهم ب (الطائفة المسيحية ) .
لقد لمس مؤلف وباحث الكتاب في حوارات مع بعض المسيحيين ان المناطق الشيعية هي اكثر امانا وانهم يشعرون بالاستقرار فيها اكثر من المناطق السنية التي تنشط فيها القوى الارهابية مثل تنظيمات القاعدة .
لقد اختلفت القوى المسيحية العراقية في النظرة الى مستقبل الوجود المسيحي في العراق .لقد بينت شخصيات حزبية ودينية مسيحية ان مستقبل الوجود المسيحي في العراق بات في خطر . وان على المسيحيين مغادرة العراق للبحث عن ملاذات امنة . ففي لندن دعا المطران اثناسيوس داود مسيحيي العراق لمغادرة بلادهم .حيث صرح لقناة (بي بي سي )بعد ترؤسه قداسا للمسيحيين الارثوذكس العراقيين في العاصمةالبريطانية في ت2( نوفمبر ) 2012 م:
( اذا بقينا سيقتلنوننا ,عندما اقول لرعيتي اخرجوا فاني اقولها بقلب مجروح ) .وبالمقابل يرى كثيرون من الزعماء الدينيين والسياسيين المسيحيين ضرورة البقاء في العراق . فقد صرح اسقف بغداد للسريان الكاثوليك اغناطيوس متي متوك , الذي فقد نصف ابرشيته في حادثة كنيسة سيدة النجاة ت2 نوفمبر 2010 (الكنيسة تعارض الهجرة , فعلينا المكوث هنا مهما غلت التضحيات لنكون شهودا لديننا ) .
وردا على الدعوة لمغادرة المسيحيين الىخارج العراق قال النائب يونادم كنا ان هذه الدعوات موازية لما تفعله القاعدة بالمسيحيين (فالقاعدة تدفعنا للخروج فيما يقوم الغربيون بسحبنا , وكلاهما ضد شعبي , وضد بلدي وضد مصالحي ) .
اما مواقف القوى السياسية فكانت منقسمة وضعيفة , ولم تخرج عن اطار التصريحات الاعلامية والسياسية البعيدة عن اي تحرك حقيقي يعالج ازمة المسيحيين .ولعل اقل مايوصف به موقف القوى السياسية المحلية حيال ازمة المسيحيين انه موقف غير مكترث ومبالي , واحيانا انتهازي ومتشف .وربما افضل مايوصف به موقف تلك القوى هو الوصف الذي اطلقه الكاتب العراقي المسيحي د . فائز عزيز اسعد واستنبطه من قول الشاعر الكبير الفرزدق حين ساله الامام الحسين ( ع ) وهو عائد من العراق : كيف وجدت اهل العراق ؟ فاجاب الفرزدق :قلوبهم معك وسيوفهم بيد يزيد .ان هذا المثل ينطبق كما يقول د. اسعد على مواقف القوى السياسية داخل العراق , فالكثير منها متعاطف مع المسيحيين , ولكن تلك القوى لاتحرك ساكنا على ارض الواقع . كما انها حينما تصبح على المحك , تبدا بالحديث عن حقوقها القومية والمذهبية والعشائرية بدلا من مصالح وحقوق العراقيين جميعا .
هذه القوى لاتعلم انها بفعلها هذا انما تقتل العراق واهله كما تقتل مستقبلها السياسي .
على المودة نلتقيكم ...
#وليد_يوسف_عطو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟