اللجنة الاعلامية للحزب الشيوعي الاردني
الحوار المتمدن-العدد: 4020 - 2013 / 3 / 3 - 11:08
المحور:
اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
الجزء الثاني و الاخير حول التقدم الاجتماعي:
تناقضات التقدم الاجتماعي في ظل النظام الرأسمالي:
كانت الرأسمالية خطوة إلى الأمام في تاريخ البشرية, ففيها تطورت القوى المنتجة بشكل هائل لا يمكن تصوره, و تطور الصراع الطبقي, و لكن النجاحات التي حققها النظام الرأسمالي كلفت ثمن باهظ للغاية.
ولادة المجتمع الرأسمالي بالذات, رافقه مصائب وويلات كبيرة قاستها الجماهير الواسعة, و ظهور الإنتاج الرأسمالي لم يكن ممكن دون جيش من العمال محرومين من وسائل الإنتاج, و حسب تعبير كارل ماركس, فان أعمال تلك الحقبة مسطرة في سجلات الإنسانية بلغة السيف و النار.
بعد انتصار العلاقات الرأسمالية على العلاقات الإقطاعية أخذت خطوات التقدم تكون نسبية بشكل واضح, فكانت هذه الخطوات جيدة لبعضهم و سيئة لبعضهم الآخر.
إن ما يميز النظام الرأسمالي هو إن تطور بعض الدول و تقدمها يجري على حساب كوارث شعوب بلدان أخرى, أي أن التطور الكبير الذي شهدته الدول الرأسمالية المتطورة كلف ثمنا مرعبا لأكثرية سكان الأرض, حيث حمل للشعوب المضطهدة الخراب و البؤس و الاضطهاد المخيف.
و يحمل التقدم الاجتماعي بين طيات النظام الرأسمالي في البلد الواحد تناقضات أيضا, أي انه لا يقتصر على التناقض الخارجي و حسب, فتطور المدن و المراكز الصناعية يجري بوتائر أسرع نسبيا, بينما تنهار المناطق الزراعية.
في مطلع القرن العشرين, عندما دخلت الرأسمالية مرحلة الامبريالية تحولت علاقات الإنتاج فيها إلى عائق في طريق تطور المجتمع و أصبحت سيطرة الاحتكارات مصدر للانحطاط و التراجع.
مع مرور الوقت أكثر فأكثر و تفاقم تناقضات النظام الرأسمالي, تزداد سطوة نتائج الأزمات العامة للنظام الرأسمالي سوءا, فيتم إتقان التكنيك في شروط انخفاض الوتائر العامة لتطور الإنتاج و يتم دفع جماهير العمال و الناس اجمعهم إلى بطالة دائمة, كما تصبح الحروب أكثر دمارا و ذكاء, و تستخدم المنجزات العلمية التكنيكية لصنع وسائل الإبادة البشرية بالجملة.
التقدم الاجتماعي في ظل الاشتراكية:
إن التناقضات المصاحبة للتقدم الاجتماعي ليست صفات خالدة مصاحبة لها إلى الأبد, فقد نشأت في ظروف المجتمع الطبقي ألتناحري القائم على الاستغلال, و ستزول هذه التناقضات بزوال الاستغلال نفسه.
إن الخلاص من هذه التناقضات يكمن في طريق النضال للتقدم نحو الاشتراكية.
لا يستفيد من التقدم الاجتماعي في ظل الاشتراكية حفنة من النخبة و المنتفعين, بل جميع العمال و كل الناس الذين كانوا مضطهدين بالأمس, فتكوين جميع التشكيلات الاجتماعية الاقتصادية (ما عدا المشاعية البدائية) كان مرتبط باستعباد جميع فئات الناس و الذين كانوا يشكلون الأغلبية, أما في ظل الاشتراكية فلا توجد طبقات ذات امتيازات, و قانون التطور الاشتراكي هو النمو المستمر في مستوى حياة الجماهير الكادحة المادي و الروحي, و ديمقراطية العمال.
إن السمة المميزة للتقدم الاجتماعي في ظل الاشتراكية هي أن التطور ليس وحيد الجانب, ليس في ناحية واحدة فقط, و لا ينحصر هنا وهناك, بل يشمل جميع النواحي.
و خلافا للنظام الرأسمالي, لا يجري التقدم الاجتماعي و نمو وتائر التطور الاقتصادي على حساب الشعوب الأخرى بل تجري على أساس اتحاد أممي رفاقي مع جميع الشعوب, و كذلك مع جميع سكان كل بلد محيط, و في البلدان ذات الاقتصاد المتأخر و التي تتوجه توجها اقتصاديا, يجري التقدم الاجتماعي بوتائر سريعة (يصاحب ذلك الكثير من الصعوبات), و يكمن في التخلص من التبعية و الاستعمار و الاستقلال بالقرارات السياسية, الخ... (فنزويلا) مثلا.
إن التقدم الاجتماعي في ظل الاشتراكية يصبح نتيجة وعي الناس و نشاطهم المبرمج أيضا, و أن ميزة الاقتصاد الاشتراكي المخطط يؤدي إلى تسريع كبير في نمو وتائر القوى المنتجة.
و يكمن أعظم عامل للتقدم الاجتماعي في شروط الاشتراكية في مساهمة أكثر جماهير الناس اتساعا في بناء المجتمع الجديد.
الماركسية اللينينية و التقدم الاجتماعي:
إن خدم و كهنة البرجوازية يحاولون إضعاف قوة و جاذبية الماركسية اللينينية, و كثيرا ما عملوا و حاولوا تشويه الأفكار الماركسية بصدد التقدم الاجتماعي.
في أيامنا هذه يروج كهنة الحلف الطبقي الحاكم و منظريه, و المنظرين البرجوازيين في جميع إنحاء العالم بأن الماركسية اللينينية لا تتعاطى مع القضايا الإنسانية , فهم يؤكدون بطريقة او بأخرى بأن الماركسية اللينينية لا تهتم بشيء غير حاجات الناس (المادية الحقيرة)
إن مثل هذه التأكيدات هي محاولة خبيثة و سامة , و رسم لتصور البرجوازية الصغيرة عن الموضوع, حيث كتب انجلز يقول أن المبتذلين, و ضيقي الأفق يفهمون من (المادية) الشراهة و اللذائذ الجسدية و الجشع, باختصار كل القذارات التي تمارسها البرجوازية نفسها.
إن المادية الماركسية اللينينية لا تشمل على أي شيء شبيه بهذا, و يبرهن عليه بأن الشيوعيين قد جعلوا من أنفسهم المناضلين الأكثر تفانيا في سبيل المثل الاجتماعية العليا, في سبيل النضال من اجل الشعب, و لم يوجد مثلهم احد في التاريخ.
و الحق يقال, أن الشيوعيين, خلافا لنظريي الطبقة (المترفة) الذين لم يعرفوا ما هي الفاقه, يعتبرون بأنه لن يوجد سعادة ما دامت الجماهير تعيش في بؤس و فقر, و لكن هذا لا يعني إن الشيوعيين يرون الهدف الوحيد للتقدم الاجتماعي في تأمين الغذاء و الملبس لجميع الناس و إنقاذهم من الفقر, و لكن التقدم الاجتماعي أغنى من ذلك و اعقد بكثير فهي تشمل جميع مناحي الحياة الاجتماعية و الثقافية و الأخلاقية أيضا.
لا يمكن لأي فئة اجتماعية أن تضع نصب أعينها المجتمع الاشتراكي غير الطبقية العاملة, و لكن أيضا نعني هنا جميع فئات الناس الكادحين و المعنيين في التغيير و التقدم, و يسعى الشيوعيين للتساوي القومي, و الرفاه الاجتماعي, و السلام بين الشعوب, و حل القضية الفلسطينية حلا شاملا وعادلا و طرد الصهاينة, و الحرية السياسية و الديمقراطية الشعبية و ازدهار الثقافة و العلم, و مساواة المرأة و تطور شخصية الفرد من جميع النواحي, يشارك هذه الأمثلة جميع الشيوعيين و الأغلبية الساحقة من البشرية.
إن المثل العليا للتقدم الاجتماعي في النظرية الماركسية اللينينية لا تتضمن جميع المثل العليا (على الإطلاق), حيث توجد الكثير من التصورات البالية عن البناء الاجتماعي المثالي الكامل في كثير من المؤلفات الطوباوية التي لا يمكن للطبقة العاملة و جماهير الناس أن تقبلها, فقط ما أعيد صياغته علميا و ما ينظر إليه نظرة انتقاديه هو ما يصح الحديث عنه هنا.
لا يستند الحديث عن التقدم الاجتماعي في الماركسية اللينينية إلى الرغبات الخيرة و (المبتسمة) الشائعة في أيامنا هذه, بل تستند إلى التحليل العلمي الشامل و الأبحاث المعرفية.
لا يوجد لدى البرجوازية الرجعية العالمية, و من يدعون أنفسهم بممثلي (الأحزاب الوطنية) اليمينية هنا, و لا يمكن أن يوجد لديهم أفكار و مثل عليا قادرة على اجتذاب جماهير الناس إلى جانبها, و لذلك فهي تلجأ إلى الخداع و الرشوة, و استعمال المال السياسي, و المتاجرة بمشاعر الناس (الوطنية), و هذه أشبه بمحاولات البرجوازية التي تحاول أن تعود إلى شبابها الثوري, و هذا أمر مستحيل على الإطلاق.
فالديمقراطية و الإنسانية و الحرية و المدنية لا تفارق ألسنتهم الكاذبة, و هم بالعكس, هم ألد أعداء للمساواة بين الناس, حيث يفرقون بينهم على أسس إقليمية و دينية و طائفية, و هم نفسهم أعداء الديمقراطية و الروح الإنسانية.
تناضل الأحزاب الشيوعية ضد هذه المحاولات لخداع الناس , و يحاول أعداء الشيوعية و الحاقدين عليها من أبناء جلدة (اليساريين) ان يصوروا هذا كهجوم على المبادئ العليا التي تتبناها أكثر البشرية.
ان الحزب الشيوعي الأردني, و الأحزاب الشيوعية العالمية بفضحها الدعاية الرجعية التي تحاول تزيين جنازير الاضطهاد الرأسمالي, تسهم إسهاما عظيما في النضال من اجل مثل التقدم الاجتماعي.
#اللجنة_الاعلامية_للحزب_الشيوعي_الاردني (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟