|
ملاحظات حول الدستور العراقي ( 2 7 )
ماجد جمال الدين
الحوار المتمدن-العدد: 4019 - 2013 / 3 / 2 - 17:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
4. من ثوابت أحكام الإسلام ليس فقط التفرقة في الحريات العامة وخصوصاً حرية التعبير بين المسلمين والكفار أو غير المسلمين فألآخرون غير مسموح لهم وفق أحكام الشريعة الإسلامية ألمجاهرةَ ونشر او التبشير العلني بآراءهم المخالفة والمناقضة كلياً والمتصارعة فكرياً مع مبادى الدين الحنيف وتضعهم تحت طائلة العقاب الصارم ولا تعترف بإمكانية تقبُّل ومناقشة أخلاقياتهم و لا حتى أحياناً بإنسانيتهم (على أنهم شياطين متلبسة ، كما قيل قبل دهور عن الآيزيديين والكورد ) . ألأدهى من ذلك هو أن الدين الإسلامي كدين شمولي وبثوابت أحكام الشريعة يحلل دم من إرتأى لنفسه تغيير عقيدته ألإسلامية أي إرتـد عن دينه فأشرك أو ألحَدَ أو رجع إلى ألمسيحية وقبلها أو إرتضى لنفسه ديناً جديداً كل الجدة . فهل أرتضي أنا ألعراقي من أبوين وأجدادا عراقيين لمئات ألسنين لنفسي أن أكون مواطناً و أوقع على دستور دولة توافق على هدر دم مواطنيها لانهم يعتبرون دين أبويهم ديناً باطلاً بالتقادم كما يقول القانونيون ؟ ألملايين من أبناء شعبنا هجروا وهاجروا رعباً من أجهزة صدام حسين القمعية وعملاءها المتخفين فهل أهاجر ألآن خوفاً من كل إسلامي أصولي شيعة وسنة ممن يرى من حقه وواجبه تنفيذ ألشريعة وربما يكون هذا أخي الصغير الشقيق ؟ قوانين الدولة لا يمكنها أن تحميني ولا حتى أن تقاضي الجاني لإن سن مثل هذه ألقوانين يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام .
لبست ثوب العيش لم أسـتـشر وحـرت فيه بين شـتى الفِكَـــــر وسوف أنضو الثوب عني ولم أدرك لماذا جئت وأين أين المفر
حرية الفكر والرأي والتعبير والعقيدة لا يمكنها أن تكون مجزءة أو ناقصة محصورة بفئة من المواطنين فهي إما أن تكون كما هو وارد في مواد أخرى من مسودة الدستور أو تعتبر ملغاة نظريأ وربما أيضا فعلياً على أرض الواقع يحكم ألفقره أ مادة 2 . وبالحقيقة لا أفهم لماذا يتخوف ألإسلاميون كما ورد صراحة على لسان أحدهم من لجنة كتابة الدستور من التبشير المسيحي مثلاً والمناقشات الموضوعية العلنية معه اومع غيره أو من دعوات وافكار الإلحاديين والعلمانيين أمثالي ولا يجادلونهم بألتي هي أحسن ماداموا يعتقدون دينهم الإسلامي هو الحق الصحيح الأصلح ، وخصوصا إن صراخ مآذن ألجوامع والحسينيات وفي ألشوارع يصم الآذان بنبرته ألمتعالية بما يناجي العواطف والأحاسيس الغريزية فقط وأحياناً كثيرة بتجهيل وتشويه النفوس و بما لا يتقبله أي عقل ومنطق إنساني وبشكل يثير الأعصاب لكل مواطن يحب الهدوء.
5. حول الحريات العامة والنهي عن المعروف والأمر بالمنكر قَيـل ويقال الكثير على شاشات التلفزيون ولكن أحدهم لم يذكر أنه من الناحية اللغوية المعروف هو ما تعارف عليه الناس ويعتبرونه طبيعيا إعتيادياً والمنكر هو ما يستنكره ألناس ويستهجنونه لغرابته عنهم وعن تقاليدهم وفكرهم ، وكل هذا لغوياً على ألأقل لا علاقة له بمفاهيم الجيد والأصلح لمفيد أو الرديء السييء ألضار ،وليس عندي مجال هنا لأعطي أمثلة ، ألعباءة في أفغانستان زرقاء فهم يستنكرون العباءة ألعراقية السوداء وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم . ألمسألة هنا أكثر من قضية ممارسات خاطئة لأفراد أو جماعات قاصرة في ظل غياب أجهزة الدولة القانونية كما يحب البعض أن يتستر بهذا ، ومع وجود ألفقرة آ مادة 2 تصبح ألقضية مسألة قانونية عويصة. على سبيل ألمثال البسيط لماذا لا يحق لي أنا المواطن الملحد أو المسيحي أو المسلم ألعاصي وفق القانون والتعليمات البلدية المرعية أن آكل في ألشارع أو أبيع واشتري المشروبات الروحية وقت رمضان والشارع ملك للجميع ، بينما عملي سيعتبر على ألأقل مخالفا للآداب ألعامة أي جنحة؟ .. في بداية حكم ألبعث الثاني كما أذكر في سنة 1969 وضعوا قانونا وألفوا جهاز شرطة مختصة بمكافحة الآداب والآخلاق العامة ، فهل ستعاد مثل هذه ألآجهزة سيئة ألصيت تحت غطاء إسلامي ؟.. ومن ثم ما الفائدة وألأجر عند ألله من هكذا صيام المسلم الذي يخاف أن يغويه شخص يأكل في الطريق ؟ رحم ألله توفيق ألحكيم في قصته عن "الفردوس" .
6. ألقانون الجنائي الإسلامي بما فيه من قطع لليد والرجم بالحجارة والجلد هو من ثوابت أحكام ألإسلام ولإن كانت أغلب الأحزاب الإسلامية ألمتنفذة أليوم تتبرأ بشكل أو آخر من إمكانية تطبيقه فإن جهات إسلامية أصولية تعد وتتوعد بإرجاعه . ألمهم أن الروحية ألمتعصبة المنافية للفكر ألحضاري ألإنساني تتغلغل وتسمم نفوس ألملايين من جماهير شعبنا بالتخلف ألإجتماعي ألثقافي والروحي ومظاهرالحقد ألإنتقامي ألآعمى ، هذا منذ الحملة الإيمانية ألتي أطلقها ألنظام ألمقبور والتي كان هدفها ألأساس تدجين ألإنسان ألعراقي بمظاهر وشعارات دينية براقة تعمي البصر والبصائر بينما الفئات الإسلاموية الحاكمة تستفيد من هذه الحالة ألمزرية لتعزيز نفوذها السياسي بين ألأوساط الشعبية البسيطة عوضاً عن تربية هذه الجماهير وتثقيفها بما أبدعته القوانين الجنائية الحديثة في العالم المتحضر . في قانون العقوبات البغدادي ألمستمد من الواقع الأجتماعي في ثلاثينات ألقرن ألماضي وأيضا أحكام الإسلام هنالك مادة كما أذكر لا تبيح للقاضي ألحكم بأكثر من ثلاث سنوات حبس لقاتل زوجته في حال إشتباهه بالخيانة ألزوجية ـ ثلاث سنوات عن جريمة القتل ألعمد وألبراءة ألتامة في حال قتلها متلبسة " بألجرم ألمشهود " بألزنا . ..آلاف الفتيات وألنساء ألذين أغتصبن أو أغوين أو خرجن عن طاعة ولي أمرهن فيما يتعلق بحياتهن ألخاصة يتعرضن سنويا للقتل ( بما يسمى غسلاً للعار وما هو إلا عارمثلث ألجبن والنذالة وظلم ألضعيف ألمقهور ) و لا يتعرض القاتل في مجتمعنا بأي عقاب و لا حتى تتم ملاحقة والقصاص من المغتصب والغاوي. هذا هو حال مجتمعنا فلماذا نستقي ونتمسك فقط بقوانين الشريعة ألتي جائتنا من شبه ألجزيرة قبل 1400 عام ولا نتقبل القوانين ألمعاصرة ألمتعارضة معها ، ألأميريكية مثلا والتي تعطي الحرية التامة للفرد البالغ في علاقاته الجنسية بينا تعاقب بالحبس والأعمال ألتأديبية على الإغواء والتحرش الجنسي و بألسجن الشديد وحتى الإعدام على جرائم ألإغتصاب وإغتصاب ألقاصرين وتوفر لهؤلاء الحماية والرعاية النفسية والطبية في مؤسسات الدولة حتى تتم إعادة تاهيلهم بدفع آثار ما تعرضوا له من أذى . ألقوانين الجنائية والجزاء ألمدني بكافة نواحيه له أعظم ألأهمية ليس فقط بردع ألجريمة وتنظيم ألمجتمع بإحقاق الحقوق بل بالتربية الفكرية والروحية وبناء ألإنسان ألعراقي في ظل قيم حقوقية وأخلاقية جديدة تتشابك مع المنظور الإنساني المعاصر ، وإذا ما حصرنا أنفسنا هنا فقط بما لا يتعارض مع ثوابت أحكام ألإسلام ولم نستلهم أيضا من تجارب ألشعوب وما جاءت به مثلاً ألحضارة البوذية والهندوسية ألوثنيتان فلن نحكم على شعبنا ووطننا إلا بألتخلف والتقوقع لسنين طويلة في ظل مسودة الدستور لا أدامه الله مع ألفقرة آ مادة 2 .
7. عندما يتحدثون عن ثوابت أحكام ألإسلام وكونه دين الدولة الرسمي والمصدر ألأساس للتشريع غالباً ما يبدا الحديث عن قانون ألأحوال ألشخصية وتنظيم ألأسرة وألإرث وقضايا حقوق ألمرأة في ألعائلة وألمجتمع ، لذا وضعت هذه الزوايا في نهاية مطافي. قضايا ألإرث لها أسباب وآثار تتعلق ليس بألمفاهيم الأخلاقية فحسب بل بالتركيبة الإقتصادية للمجتمع فمن تجارب بعض الشعوب ينحصر حق ألإرث فقط في الإبن ألأصغر أو ألأكبر أو بين النساء أو البنات غير ألمتزوجات ألخ.. ولكل من هذه تعليلاته الخاصة . قوانين ألإرث في الشريعة الإسلامية مستوحاة بأغلبها من القوانين البابلية القديمة ( كما في الواقع أهم قوانين الشرع الإسلامي كالجنائي وما يخص التجارة تبدو وكأنها مقتبسة مباشرة من مسلة حمورابي ) ، وفيها قضيتان مهمتان تثيران الخلاف والجدل ألآن . ألأولى هي قضية للذكر مثل حق ألأنثيين فهذا يتعارض بصورة صريحة مع المواد ألآخرى في مسودة ألدستور عن أن كل ألأفراد المواطنين متساوون في الحقوق بغض ألنظر عن ألجنس . وكذا يتعارض مع الواقع الإقتصادي ألإجتماعي وألثقافي حين آن للمرأة أن لا نكون تابعة لأخيها ألرجل. القضية الثانية ألأقل أهمية هي أن أغلب ألمذاهب ألإسلامية تمنع أوتحد من إمكانية ألمورث في حق ألتصرف بأمواله بعد وفاته بإرادته ألأخيرة ، ألوصية ألمكتوبة أو المشهود عليها . ألوصية لها عوامل وآثار تربوية كما لها أسباب إنسانية بحتة كأن يكون ألمورث أراد حفظ بعض أسراره في حياته ـ ربما له إبن وزوجة في إندونيسيا أو الهند ولم يفصح عن هذا قبلاً ـ فوفق أي مذهب لأي ورثة سيقسم ألإرث وإبنه ربما أصبح من ألبراهما الهندوس ؟ ألشريعة الإسلامية هنا لا تكفي ونحتاج إلى ألقوانين ألدولية ألمعارضة لها . ألزواج وتكوين ألإسرة بألمفاهيم المدنية اونلعلمانية هو عقد للحياة ألمشتركة بين إنسانين متساويين في ألحقوق ومتكافئين ، في ألشريعة ألإسلامية كما في ألديانة ألمسيحية ألأصولية مبدأ ألتكافؤ وألمساواة ملغي أساسأ فألمرأة وإن بلغت سن الرشد القانوني لها ولي أمر ( وفي بعض المذاهب ولو تخطت ألأربعين و حتى ألعجوز ) ، وإن تزوجت فتنتقل ألوصاية إلى ولي أمرها ألجديد ـ زوجها . وهذا بالطبع يناقض مع ما جاء في مواد ألمسودة عن المساوة بين ألجنسين . فألقيم الأخلاقية للأسرة تتمثل في حالة الخضوع والطاعة من قبل الزوجة للرجل زوجها وحتى للإبن أما ألبنات فيكون حظهن الدائم شعورهن بالقصور وعقدة النقص مما يضاعف سلبيتهن ألإجتماعية . وألأفضح من هذا أن يأتي ألرجل لزوجته ألتي عاشت معه ربما ربع قرن وربت أطفاله أطفالها فيقول لها لقد جمعت حفنة من الدنانير وسأتخذ زوجة أخرى فهذا حقي الشرعي سواء رضيتِ أم لا فأنتِ لست أكثر من شيء أملكه عندي ولا تستطيع الدولة أن تحميكِ بقوانين تعارض ألفقرة أ مادة 2 ، وحتى بدون أن يقول لها مسبقا اي شيء على ألإطلاق بل يفاجئها : هذه لكِ ضرة فقد تزوجت منها قبل شهر ويُفني بذلك كل معاني الإنسانية في حياتها فهي مجرد ماكنة مملوكة لإنجاب ألاطفال ويلغي كل مشاعرها وأحاسيسها ألروحية وآمالها ألمتعلقة بألزواج وشراكة ألحياة فكما يظهر ألزواج هنا ليس إلا تدبير لإرضاء ألحاجة ألجنسية ألبهيمية وليس للتجاوب ألروحي والإرتقاء ألإنساني . أما ما يشكله هذا من صدمة تربوية ونفسية للبنات وألأبناء حين يعوا أن أمهم الحنون ألتي ربتهم ويحبونها ويحترمونها ويقدسونها هي مجرد شيء وجارية مملوكة لأبيهم ألشرير ألذي له جواري وحريم أُخَر ، فيكفي القول أنه حتى إبن ألطاغية صدام حسين رفض زواج أبيه . . هذا هو واقع مجتمعنا بعلاقاته المتخلفة وبدون تزويق . ألأسرة والنظام العائلي هي لبنة المجتمع ألأولى وأساس أخلاقي للنظام ألإجتماعي فبأي من ألأحكام نهتدي لبناء ألأسرة في لأجيالنا ألقادمة في ألعراق ألجديد ـ أسرة التكافؤ والمحبة الحقة والتفاهم أم أسرة الحريم وتعدد الزوجات ؟ .. وكيف ستكون نظرة ألعالم ألمتحضر إلينا حين أجلب زوجاتي ألأربع مع إبني وزوجاته ألثلاث إلى باريس ونيويورك لِتَبضُّع ألعطور ومساحيق ألوجه كما يفعل ألسعوديون . في بلادنا ألعريقة بيت ألنهرين وادي ألسلام ومبعث الحضارة موطن ألأنبياء مارست ألمرأة الحكم والملوكية وملكت ألأرض وزرعتها ومارست شتى الأعمال ألإدارية والتجارية والقضاء والعلوم والآداب والفنون بحقوقٍ إن قلّت أزماناً عن حقوق الرجل فلم تقل إلا طفيفاً حتى في ألتنظيم ألأسري وهذا قبل مجيء ألإسلام بكثير ، ( راجعوا كتاب د. ثلما عقراوي ـ ألمرأة دورها ومكانتها في حضارة وادي ألرافدين ) . في شتى الديار الإسلامية من مشارق ألأرض لمغاربها و ل1400 عام لم تمارس ألمرأة حتى أقل ألدرجات في الحكم أو القضاء أو الإدارة ولا يذكر لها دور في العلوم الطبيعية ولا حتى الفقهية والفلسفية أما أدوارها في التجارة وألأداب أو ألفنون فهي قليلة ألشأن لدرجة يصعب عنها البحث . ألإسلام خلق مجتمعاً ذكوريأً ولم يعط للنساء إلا أقل حقوق التبعية ـ فليس لها حق فيما يدعى الولاية العامة كالحكم والقضاء، وحتى شهادتها أمام القاضي وحتى إن عظم شأنها ألإجتماعي لا تعادل إلا بنصف شهادة ألرجل وإن قل شأنه وحرمها حتى من حقها على أطفالها الذين ولدتهم كما في تربيتهم كما تشاء كذا في حال طلاقها فـالاطفال وفق أحكام الشرع يأخذون منها بعد تجاوز سن ألرضاعة . أما عن حقوق المرأة في الأسرة فكما أسلفنا .. ، أما حقوقها وحرية تصرفها بعقلها هي في الشارع والأماكن العامة والخاصة حيث ألف والف رقيب ومُهذِّب ، فقد حددت شرعاً كما لم تحدد للرجال من طريقة اللبس إلى طريقة السير والحديث . فما عليهم أن يتحدثوا إلا بتواضع ومن وراء ألستار . قال الشاعر قديما : أنا لم اقل دعوا ألنساء سوافرا بين الرجال يجلن في ألأسواقِ ـ وألمسألة أبعد من هذا بكثير ، بقرن من الزمان ، ألآن في مجتمعنا في عراقنا ألذي غالبية مواطنية من النساء والنساء يمثلن نسبة كبيرة من سوق العمل وضمن أجهزة ألدولة وكذا يمثل ألشباب ذكورا وإناث ألنسبة الفئوية الكبرى من أبناء شعبنا يتجلى أمام أي من يتحمل مسؤولية كتابة الدستور خطرين واضحي ألمعالم : خطر بناء دولة ثيوقراطية ومجتمع مغلق على غرار السعودية لاتستطيع ألمرأة فيه أن تقود ألسيارة الخاصة ألتي تملكها وهذا في مجتمعنا لا يمكن أن يكون بمجرد كتابة قوانين " تتوافق مع ثوابت أحكام ألإسلام " بل بإيجاد قوة إكراه وقمع تفوق ماكان عند نظام صدام ألمقبور وحكم ألطالبان معاً . وللأسف ألحالة المأساوية ألتي يعيشها شعبنا لا تطمئن ألمخاوف من مثل هذا الإنحدار الجديد . ألخطر الثاني ألمعاكس والذي قد يبدو بعيدا بعض الشيء أنه خلال فترة قصيرة من الإستقرار السياسي والإقتصادي ستنشأ عوامل إجتماعية تهدد بإنهيار توازن القيم الأخلاقية وتحلل العلاقات الإجتماعية بشكل فوضوي على شكل ما سمي بألثورة ألجنسية في أوربا في ستينات ألقرن ألماضي . وهذا ليس مما لا يمكن تصوره في مجتمعنا بل بألعكس عمق التناقضات المكبوتة قد تولد إنفجارا لن تقف أمامه ألقوانين والأحكام ألتي بلت بثبوتها وتحجرها . فألمطلوب إذا دراسة صحيحة للواقع الإقتصادى الإجتماعي وسن مبادىْ حقوقية وقوانين تتناسب مع هذا الواقع وأفاقه والتأثيرات الخارجية عليه ولا تعتمد فقط على أحكام ثابته مسبقة . قبل حوالي عامين قرر ألشعب التركي عبر ممثليه في لبرلمان عدم تجريم ألزنا قانوناً ، أي أعتبار تصرفات ألفرد ألزاني أو ألزانية جزءا من ألحريات ألخاصة بألمواطن ألتي لا يمكن للدولة ألتحكم بها لإنها مسائل شخصية أخلاقية وروحية بحته ، وهنا بدأ ألنباح المسعور في كل الدول الإسلامية ألتي تشيع فيها الدعارة وأنواع الرذيلة والشذوذ الجنسي في حملة لتكفير الشعب ألتركي المسلم وبرلمانه وحكومته العميلة التي إستجابت لمطالب الصهاينة وكل أعداء الإسلام لتحصل لنفسها وشعبها على مكاسب وقتية زائلة ونست أحكام ألله وإرادته العليا وتناست عذابات الجحيم ألتي ستأخذهم لا محالة . أي بشكل أشد حقدا من نباح عمرو موسى وأمثاله أليوم على ألعراقيين . فما معنى كلمة الخير إن لم يكن خير الناس لإنفسهم وهل أن تحقيق إرادة ألشعب التي يقررها ويقرها عبر ممثليه ألذين إصطفاهم في الجمعية ألوطنية هي ألأحق أم الحق في أحكامٍ عفا عليها ألزمن .
مأساة ألدين ألإسلامي ليس في أن ألناس لا يتبعونه بل في أنه لا يتبع ألناس وتطور ألبشرية . ألفكرالمعاصر وألحضارة والثقافة ألأنسانية ساهم فيها ألبوذيون والهندوس والبراهما والسيخ والزرادشتيون واليهود والمسيحيون و المسلمون والصابئة وألآيزيديون وغيرهم ألكثير جداً من ألأديان والملحدون أيضاً . بينما نحن وفي ألدول ألتي تعتبر نفسها إسلامية لا نعترف بحقوق ألإنسان وغيرها من ألشرائع التي صاغتها وكانت نتاج كل ألبشرية وتجاربها ونعتبرثوابت "عتيقة ما" ألدين ألإسلامي أساسا وحيداً للتشريع وكل ما عداها ويخالفها فهو باطل . رحم ألله محمد عبده حين قال ولست أبالي أن يقال محمداً أبَــلَّ أم إكتظت عليـه ألمـآتم ولكن ديناً قد أردتً صلاحه مخافة أن تقضي عليه ألعمائم )))
أليوم وبعد سبع سنوات من إقرار الدستور نستطيع أن ننظر إلى الخلف ونرى ما صنعته هذه المادة من مشاكل ومآسي . في تلك الفترة وبعدها نشأت حمى موجة الفتاوى الدينية ، كل من لبس عمامة يفتي على هواه ، وبعض الفتاوى مثير للسخرية ولمجرد لفت الآنظار أو لإثارة الفوضى وتجهيل أكثر للغوغاء ، والبعض الآخر تحريضي طائفي ساهم بشكل مباشر في التهيئة للفتنة والإقتتال الطائفي اللاحق . ألمادة الثانية أضحت أيضا مبررا لكل المتطرفين المتعصبين دينيا شيعة وسنة من داخل العراق وخارجه لأقامة حملات تطهير عرقي وديني ضد المسيحيين والصابئة والآيزيدين وتهجيرهم من وطنهم ، وكلهم من القوميات الأصيلة في أرض الرافدين . وأيضا كرّست تدخل رجال الدين في السياسة بشكل مباشر وغير مباشر ، بل وزادت سطوتهم في التأثير على القرارات السياسية العليا ، بكل ما يحملونه من ضيق أفق وعدم معرفة بقضايا بناء الدولة وكل المفاهيم السياسية العامة ، فأضحوا من أمام الكواليس أو من خلف الكواليس يحكمون المجتمع العراقي .. فأصبحت الخطب في الجوامع والحسينيات تقوم مقام العمل السياسي الحزبي الذي يستطيع تقديم مخططات برامج عملية إقتصادية ـ إجتماعية لتطوير العراق والتنميه البشرية فيه ، ناهيك أنها شكلت العامل الرئيس لإشاعة الفكر الطائفي ألذي كما نرى حاليا تحول إلى خطر حقيقي يهدد بتقسيم العراق .
إلغاء المادة الثانية من الدستور هو ركن أساس من أي تعديل دستوري ولا يمكن أبدا أن ننقل مضمونها الفكري في أي دستور جديد .. يتبع
#ماجد_جمال_الدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ملاحظات حول الدستور العراقي ( 17 )
-
حول القضية الكوردية ، حوار جدي ! (3)
-
حول القضية الكوردية ، حوار جدي ! (2 )
-
حول القضية الكوردية حوار جدي ! ( 1 )
-
هل العراق في خطر؟
-
ألا يكفي هذا سببا مبررا لحرق كل نسخ قرآن محمد القرشي أنى وجد
...
-
ما معنى كلمة اليسار ؟ وما هي الهوية اليسارية ؟؟؟
-
بعض مواقف المجلس الوطني والمعارضة السورية هل هي من الجهل ام
...
-
تباً للألف حرف .. ردا على تعليق ألأخ مثنى حميد !
-
أزمات النظام ألإشتراكي ! رد على مقال ألسيد أنور نجم الدين حو
...
-
تخرب من الضحك ، .. وتموت باكيا (1) : مسلسل :
-
نقطة حوار ... ألفرس المجوس وألفرس ألشيعة .. أيهما أفضل أو أس
...
-
حول شرعية النظام الرأسمالي !
-
هل أنا ماركسي ؟
-
دعوة للحوار .. مع ألنمري ومؤيديه.. ما معنى ألإقتصاد الوهمي (
...
-
ألساينسقراطيا .. رؤية مستقبلية !
-
رد على تعليق ألأخ جمشيد إبراهيم
-
ألرياضيات وألفلسفة 6
-
ألرياضيات وألفلسفة 5
-
ألرياضيات وألفلسفة 4
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|