|
قاتلوا جنود الله
ميشيل نجيب
كاتب نقدى
(Michael Nagib)
الحوار المتمدن-العدد: 4019 - 2013 / 3 / 2 - 17:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
رغم ما يعيشه المجتمع المصرى وسائر المجتمعات عربية الثقافة من تراجع متطرد عن ثقافة العصر، فإن الكوارث التى يعيشها الفرد على أرض مصر إلى جانب سياسات ودكتاتوريات التعتيم عليها، خلق قبول المواطنين السريع لكل ما تقدمه لهم الأبواق الإعلامية الرسمية وقيادات الحكومة المصرية وكأن لسان حالهم يقول: " ما باليد حيلة"، فالمواطن يردد ذلك المثل عندما يعجز عن قيامه بفعل أى شئ أمام عجرفة وتكبر مسؤلى الحكومة والرئاسة معاً ونظرتهم الدونية للشعب بإعتباره متخلفاً سيصدق أى شئ يقوله لهم نظام الرئاسة الإسلامى، وهذا أخطر ما يصيب مجتمعاً إنسانياً حيث إنتهازية الحكام وإذعان وإرغام المحكومين على التصديق. أقول هذا بعد قرائتى تصريحات صحفية عن الجراد الذى يهاجم الأراضى المصرية، حيث نقلت لنا الأخبار على لسان المهندس صلاح معوض رئيس قطاع الخدمات الزراعية التابع لوزارة الزراعة، قوله " الجراد جند من جنود الله ... ويتم مكافحة ما يقرب من أربعة ملايين جرادة يومياً للسيطرة عليه حتى لا يهدد الأنتاج الزراعى المصرى".، وكما قلت أن تلك التصريحات جاءت على لسان مهندس وليس على لسان داعية أو خطيب إسلامى، وهنا الخطر الكارثى الذى يصيب يومياً عقول الملايين من أبناء مصر على أيدى من يتولون مواقع السلطة، وهذا نذير بواقع ومستقبل يتم فيه تخريب وتلويث العقول من أجل المشروع الإسلامى الذى يعتبر أحد أعضائه بأن حشرات الجراد هى جند من جنود الله!!!
إن النزول بعقول البشر إلى هذا المستوى من التجهيل والسخرية والتلاعب بالعلوم والأشياء المنطقية إلى ذلك الحد، يعنى أن الأنحدار الأخلاقى الذى يجب أن يتحكم فى سلوكيات وثقافات المسئولين فى معالجة مشاكل الوطن والمواطن قد وصل إلى قاع من الظلامية والجفاف والإستهتار وعدم إحترام الشعب، لأن تصريح مهندس فى قطاع الزراعة مؤكداً على أن الجراد هم جند من جنود الله ثم يطلب مساعدة الجيش فى مكافحتهم وإبدادتهم حتى لا يهددوا الأراضى الزراعية، فنحن أمام تناقض يبعث على الضحك ويدل على سخافة ما يصدر عن مسئولين فى حكومة هشام قنديل الإسلامية التى لا يوجد لديها من تفسيرات وحلول للعمل الجاد إلا الكلام الغيبى الذى لا مكان له فى مجتمعنا الحاضر. إذا كان هذا المهندس الزراعى يؤمن بالله ويعتبر حشرات الجراد جنود الله أى أن الله هذا قد بعثها على أراضينا وأراضى الغير، فكيف يقف فى وجه إرادة ومشيئة الإله الذى يؤمن به وبأعماله؟ جوهر المشكلة التى يعانى منها ذلك المهندس تكمن فى أنه يؤمن بأعتقاد يخصه شخصياً ولا جدال فيه لأن حرية الإعتقاد متاحة للجميع، لكنه بحكم موقع المسئولية الذى يشغله لا يجب أن يطلق كلاماً على عواهنه، دون تفكير وروية ودون إحترام لمركزه الوظيفى وما سيعتقده المواطن من تفاهة تفكير المسئولين وكيف وصل بهم الهزل إلى أعتبار الجراد جند من جنود الله يقوم بإهلاكها حتى لا تحقق إرادة الذى أرسلها، حسب أعتقاد الكثير من الشيوخ مثله المؤمنين بذلك الكلام الخارج عن الواقع والمنطق حيث يعتقدون بأن إلههم أرسلها لعقاب الشعب الغير مؤمن الكافر بوصاياه والذى ترك طريقه، إن كلام المهندس المؤمن الذى يقاتل جند الله ويقف فى طريق تحقيق إرادة إلهه ما هو إلا دليل على ثقافة التخلف الآتية من ثقافة التراث الغابر والذى يريدون إعادته إلى مجتمعنا المعاصر.
إنها مأساة بحجم مصر وبحجم أكثر من تسعين مليون مواطن مصرى أن لا يخجل مسئول من الحكومة الإسلامية ويقول قولته التى أخذها من أساطير الأقدمين ولا علاقة لها بواقع البشر اليوم، إنه زمن يتجرأ فيه وزير التعليم الإخوانى ويلغى مادة الموسيقى لأنها تدعو للفجور، وما دام المجتمع صمت ولم يثور على هذه الظلامية التعليمية، فإنه يستحق أن يأتى حقيقة مسئول آخر أكثر جرأة من المهندس صلاح معوض ويقول للمجتمع المصرى المريض بأن: " الجراد جند من جنود الله يسلطه ويسخرها على من يشاء عقاباً لهم، ومحاربته وقتاله هو كفر بالله ويرتكب فاعله معصية الله وآخرته فى جهنم وبئس المصير!! إن عدم الثورة فى وجه الظلم والإرهاب والتعذيب وما يرتكب من جرائم فى حق كل مصرى، ييستحق كل فاشية ودكتاتورية وكل جنود الله ليموتوا من الجوع، وكل القنابل المسلة للدموع التى أشترتها نقداً حكومة الإخوان والبنادق الخرطوشية لقتال شعبها بالعملة الصعبة من أمريكا وإيطاليا بدلاً من شراء غذاء المواطنين الفقراء، إنه شعب يستحق الدستور الباطل وتزوير الأنتخابات ونظام صدقوا شعاراته الإسلامية.
ولا يبقى لنا إلا قول المثل : أصحاب العقول فى راحة!!!!
#ميشيل_نجيب (هاشتاغ)
Michael_Nagib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بشائر وبركات مرسى
-
الإنسان هو الحل
-
ثورة العصيان المدنى
-
تصفية نشطاء الثورة
-
الشعب يريد إسقاط النظام
-
سقوط مرسى أمام الثوار
-
صمت الأغلبية
-
الإعجاز الإخوانى
-
قناصة بلطجية مجهولون
-
بركان الغضب وحالة الطوارئ
-
هل للثورة ذكرى؟
-
التزوير المقدس
-
المدينة الفاضلة والأديان السماوية
-
لا للدستور التكفيرى
-
مأساوية أنتحار النظام
-
تأسيسية دستور الكوارث
-
مغامرات سياسية دكتاتورية
-
متى تسقط دكتاتورية الطظ المرسية؟
-
الحاكم بأمر الإخوان
-
التحرش الجنسى والنرجسية العربية
المزيد.....
-
-جزيرة إنستغرام-.. أكثر من 200 زلزال يضرب سانتوريني في اليون
...
-
-لم أتوقف عن البكاء-.. رصاصة تخترق جدار منزل وتصيب طفلًا نائ
...
-
تشييع جثمان حسن نصرالله وهاشم صفي الدين في 23 فبراير.. وهذا
...
-
-9 آلاف مجزرة وأكثر من 60 ألف قتيل- في غزة.. أرقام مرعبة يكش
...
-
الرئيس الكولومبي يصعّد انتقاداته لسياسات الهجرة الأمريكية وي
...
-
الجيش الإسرائيلي يفجر 23 مبنى سكنيا في مخيم جنين
-
كيف نطق الإنسان؟ أهم الفرضيات حول أصل لغة البشر
-
ملك الأردن يلتقي ترامب بواشنطن في 11 فبراير
-
نائبة أيرلندية: إسرائيل دولة فصل عنصري والعالم بدأ يدرك ذلك
...
-
دفعة ثانية من الجرحى والمرضى تغادر قطاع غزة عبر معبر رفح
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|