- تخبّط الإئتلاف بين التكيّف السياسي ، والتكتيك السياسي - 

محمود جديد

الحوار المتمدن-العدد: 4014 - 2013 / 2 / 25 - 15:27
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    

                          " تخبّط الإئتلاف بين التكيّف السياسي ، والتكتيك السياسي " 
                                            - ملاحظات واستنتاجات -
 
    - اجتمعت الهيئة العامّة للإئتلاف في القاهرة بتاريخ 22 / 4 / 2013 ، وأصدرت بياناً سياسيّاً حدّدت فيه موقفها السياسي من تطوّرات الأوضاع في سوريّة .. وفيما يلي أهمّ ملاحظاتنا واستنتاجاتنا حوله :
1 - التراجع عن شعار إسقاط النظام ، والاكتفاء بالمطالبة بتنحية رأس النظام مع الدائرة القريبة منه والمسؤولة معه عن اتخاذ القرارت الأمنية - العسكرية ...وهذا الشرط يتناقض مع الدعوة لحلّ سياسي لأن بشّار الأسد لم يصل إلى درجة الاستسلام بعد ، ولا يزال يمتلك القدرات التي تمكّنه للبقاء فترة غير قصيرة .. 
2 - القبول بدور روسيا في الحلّ ، والتراجع عن الشروط السابقة التي كانت تطلبها من الحكومة الروسية ، وخاصة حول إيقاف دعم النظام السوري بالسلاح .. واكتفى البيان بفقرة عامّة ب"تحميل مسؤولية سياسيّة وأخلاقيّة للدول التي تزوّد النظام بالسلاح "، ودون تحديد أسماء تلك الدول .   
3 - نصّت النقطة الثامنة من البيان على أنّ  "الهيئة العامّة للإئتلاف هي الجهة الوحيدة المخوّلة بطرح أيّة مبادرة سياسيّة باسم الإئتلاف "  كما أنّ  هذه الهيئة  تجاهلت الإشارة إلى البيان الذي أصدرته الهيئة السياسيّة المؤقّتة قبل اسبوع (الهيئة التي شكٰلها معاذ الخطيب  خارج إطار اللّائحة الداخلية للإئتلاف )       وهذا رفض ضمني لمبادرة معاذ الخطيب من خلال عدم الإشارة إليها ، ونقد غير صريح له لانفراده بالإعلان
عنها ...
4 - قررت " الهيئة العامة للائتلاف تشكيل حكومة سورية مؤقتة تمارس أعمالها ضمن الأراضي السورية ، وحددت الثاني من آذار - مارس القادم موعداً لاختيار رئيس الحكومة من بين مرشحين سيتم تسميتهم من قبل الهيئة العامة للائتلاف وفق محددات النظام الأساسي وبعد التشاور مع قوى المعارضة السورية والحراك الثوري .."
ليس واضحاً ماهي المعارضة السورية المقصودة بالتشاور ، كما لم يلحظ أيّة إشارة إلى دور / الجيش الحر / 
 أو المجلس العسكري ... والجديد الواضح في هذا القرار أنّ ممارسة أعمال الحكومة سيكون ضمن الأراضي السورية ، وقد يقلّل هذا الاختيار من لهفة وتعطّش الكثيرين من أعضاء الإئتلاف والمجلس الوطني للسلطة ، نظراً لمخاطره الأمنية ، وخاصة بعد أن اعتاد البعض على الإقامة في الفنادق الفخمة ..ولكنّ السؤال الذي يطرح نفسه هنا : هل هذه الحكومة المؤقتة ستكون لها سلطة على المناطق التي تمارس صلاحياتها فيها ، وكيف ستتم حماية تنقّل أفرادها أو أدوات تنفيذ قراراتها  ، وهل المجموعات المسلّحة ستأتمر بأمرها ؟ أم ستكون بحماية جنود الحلفاء الأتراك ، أو شركات أمنية مدفوعة الأجر من قطر ؟ أسئلة كثيرة بحاجة إلى إجابة من قيادة الإئتلاف ...
وعلى كلّ حال ، فإنّ الإشارة إلى عملية التشاور مع الداخل ( معارضة وحراك ثوري )ستكون مشجباً لتبرير التأخير عن موعد تشكيل الحكومة إذا حصل ، لأنّ مَنْ عجز عن تشكيل مكتب تنفيذي منتخب للإئتلاف لن يكون سهلاً عليه تأليف حكومة مؤقّتة ..
    وعلى الرغم من هذا الإعلان ، فإنّنا نستنتج أنّ الهيئة العامّة قد فشلت حتى الآن في تسمية رئيس الحكومة المؤقّتة ، أو الاتفاق على تسمية أعضائها  ..وهذا يعني أنّ الإقامة ستطول في القاهرة ، لأنّ الموعد القريب يتطلّب من أعضاء الهيئة عدم المغادرة حتى إنجاز تسمية رئيس الحكومة ، ولكن رئيس الإئتلاف ذكر على صفحته الفيسبوكية بأنّ الإعلان سيتمّ من استانبول .. ومن الممكن أن يتم السفر إلى هناك بعد استكمال التشكيل في القاهرة ، لأنّ تركيّا تُعتبَرالمكان المناسب للاستعراض السياسي - الإعلامي قبل دخول الحكومة المؤقّتة إلى الداخل السوري في حال نجاح تشكيلها ....وفي الوقت نفسه ، فإنّ إنجاز مثل هذه الحكومة يُعتبر مسعىً جادّاً للاستئثار بالتمثيل في أيّة مفاوضات مقبلة محتملة. .. 
وأخيراً ، على الرغم من بعض النبرات العالية التي تضمّنها البيان ، فإنّه يُعتبَر خطوة على طريق الاقتراب من الموقف السياسي لهيئة التنسيق ، من جهة ، والتكيّف مع متطلّبات ومؤشّرات التفاهم الأمريكي - الروسي من جهة ثانية ، وقد نلحظ خطوات أخرى تالية في المستقبل إذا خرج هذا التفاهم من ضبابيّته بعد لقاء أوباما - بوتين في منتصف آذار / مارس القادم ، وأصبح اتفاقاً سياسيّاً مترجماً بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي والذي لن يتمّ قريباً- حسب تقديرنا - لإعطاء وقت إضافيّ لمزيد من الانتحار الذاتي والخراب والدمار ، والسعي لاستكمال السيطرة على مدينة حلب وريفها ، ومطارها ، لتشكّل بنغازي سورية ، وبعد ذلك لكل جديد حديث ..
- ولكنّ تطوّراً جديداً غطّى على مضمون هذا البيان ، وهو أنّ الإئتلاف وبعد 24 ساعة فقط اتّخذ قراراً يعلّق فيه ذهابه إلى روما للمشاركة في لقاء دول ( أصدقاء سورية ) ، وزيارتي موسكو وواشنطن محاولاً من خلال صرخته المفاجئة هذه  تحقيق الأهداف المحتملة التالية : 
- إيصال رسالة احتجاج  إلى أصدقائه لتقاعسهم عن تنفيذ زيادة الدعم المادّي والتسليحي بهدف تعديل موازين القوى على الأرض ، لأنّ أبصاره مشدودة دائماً باتجاه الحسم العسكري ..
- إضفاء نوع من الاستقلالية على قراره السياسي ، ونفي تهمة التبعية للأطراف الداعمة له ، أو التي أنشأته .
- تقديم جائزة ترضية للمجموعات المسلّحة بكافة تسمياتها ، والتي ترفض أيّ حلّ سياسيّ ، وخاصّة أنّ الحكومة المؤقّتة ستمارس صلاحياتها وتجري تنقّلاتها ضمن المناطق التي تهيمن عليها تلك المجموعات .... 
ومّما زاد في إرباك الإئتلاف فشل التوجّه السياسي الذي سار عليه وسلفه ، وظهور مؤشّرا ت جدّية على احتمال تفاهم أمريكي روسي اقترب من محطته الأخيرة ...  وخيبات أمله في تكرار السيناريو الليبي ، وفرض الحظر الجوي .. ولذلك كلّه ، لجأ إلى التكتيك السياسي مع الأصدقاء في الخارج والحلفاء في الداخل ومغازلة  مشاعر المجموعات المتطرّفة من جهة ، والاستجابة للتوجيهات الأمريكية من جهة ثانية .. ومحاولة ربح الوقت حتي يمرّ لقاء القمّة الروسية - الأمريكية ومعرفة نتائجها ، والنجاح في تشكيل حكومة مؤقّتة ، وهذا كلّه ، سيفسح المجال أمام الإئتلاف  لبلورة رؤية سياسيّة قابلة للتقديم والتسويق والاهتمام ... 
  وهكذا ، فإنّ هذه المستجدّات والأجواء .. والانعكاسات الناجمة عن ظروف ولادة الإئتلاف وتركيبته ، والمهمات الكبيرة التي يتنطّح لها ، وحاجته الماسّة للتآلف والإئتلاف مع الذات ، جعلته يتخبّط في مسيرته السياسيّة ، وسيزيد تخبّطه هذا عند الإعلان قريباً عن إنهاء تعليقه وحرده والاستجابة لمطالب مرجعياته وحلفائه ...  
 في : 25 / 2 / 2013 
 

#محمود_جديد (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات