جهاد علاونه
الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 19:52
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
كل المخلوقات تحافظ على نوعها من خلال قوتها الطبيعية وتأقلمها مع نظامها البيئي إلا الإنسان يحافظ على نوعه من خلال ما يملكه من شر فكلما كان شريرا أكثر كلما كان حجم بقائه أكثر..منذ البداية قتل(قابيل)الرجل ُالشرير أخيه(هابيل) الرجلَ الطيب,ومن هذه الفكرة تشعبت عدة أفكار من أهمها انتصار الظلام على النور والليل على النهار والشر على الطيبة,ومنذ البداية يكون معنى الكلام أن الناس الطيبين من أمثالكم ماتوا وذهبوا مع الريح ولم يكتب لهم الله بأن يتناسلوا وينشروا سلالاتهم الطيبة على وجه الكرة الأرضية,وهذه الفائدة لم يجنها أحدٌ إلا الأشرار,فمنذ البداية قتلَ الرجل الشرير أخيه الرجلَ الطيب ولم تسمح الأقدار بأن يعيش الرجل الطيب بل سمحت للرجل الشرير بأن يعيش أكثر وينشر سلالته أكثر من أي وقتٍ مضى وحتى اليوم ما زالت المعركة مستمرة وما زال الشرير يقتل الطيبين,وهذا معناه شيءٌ واحدٍ وهو أننا جميعا بما فينا من نساءٍ ورجالٍ وأطفالٍ وشيوخ ما نحن إلا سلالة الرجل الشرير الذي ملء الأرض بشره وحقده.
وهذه الملاحظة نشاهدها يوميا فدائما الطيبون ليس لهم أي حظ أو أي بخت سعيد بل على العكس كلما ظهر على وجه الكرة الأرضية إنسانٌ طيبٌ فورا نجد الأشرار يلتفون حوله ويخنقونه ويحدون من نشاطه لذلك كل النشطاء على وجه الأرض ما هم إلا أتباع الشرير والطيبون من أمثالي وأمثالكم مصيرهم إلى الزوال الحتمي ومن غير المسموح لهم بالتكاثر أبدا.
والإنسان المرهف الحس والوجدان لا يعيش كثيرا ذلك أنه إنسانٌ طيب ونقي,هكذا تشير معظم الدلائل والبراهين,فأصحاب القلوب الكبيرة يموتون بأتفه الأسباب بسبب حساسيتهم القوية فيتأثرون بالحياة بشكل أوسع ويموتون قهرا وهم يتألمون قبل أن تسمح لهم الحياة بالتقدم وبالازدهار وبالسماح لسلالتهم الطيبة بالانتشار,الإنسان الشرير قليل الحساسية ولا يشعر بآلام الآخرين والقتل عليه هينٌ جدا فيذبح أخيه أو أخته أو جاره بطريقة وحشية ويكون ذنب المقتول أنه رجلٌ أو إنسان طيب القلب,وأمثالنا من الناس البسطاء تمتد لهم يد الغدر والخيانة بل أنه من المؤسف جدا أن الأشرار يشوهون صورة الناس الطيبين ويحاولون إقناع الناس بأن هؤلاء الطيبين ما هم إلا الأشرار أنفسهم وللأسف مرة أخرى تنطلي الحيلة على الناس ولا يثقون بالطيبين على الإطلاق ويستمر الأشرار بالقتل وبالذبح وبالتدمير لكل ما هو إنساني وجميل,ويموت الإنسان الطيب بسرعة ومن الملاحظ جيدا على كل المستويات أن أصحاب القلوب الطيبة يندثرون بسرعة سواء أكانوا يعملون بالتجارة أو بالصناعة أو بالثقافة أو بالسياسة تاركين هذا المجال للأشرار ومن ثم بعد نهاية سهرة ممتعة من القتل والذبح ينقلب الأشرار على بعضهم البعض ويبدءون بقتل بعضهم وهكذا ما زالت المعركة مستمرة,فهم الذين ينتشرون بسرعة ويعيشون أكثر,فكلما أحسسنا من حولنا أن هنالك إنسان طيب القلب نسأل عنه بعد فترة وجيزة فنسمع عنه أخبارا مزعجة جدا وأيضا كلما ظهر أناس طيبون يعملون في كلٍ على حسب تخصصه فإما أن نجدهم قد ماتوا بسكتة قلبية أو تم عن طريق أحد الأشرار توريطهم وإدخالهم إما إلى السجن وإما إلى المصحات العقلية, لذلك كل من حولنا من بشر ما هم إلا الأشرار الذين يسيطرون على كل مدخلات المدينة أو الدولة,الإنسان الطيب لا يعيش كثيرا لأنه يتأثر بما يجري حوله من أحداث ويصاب بالأمراض القاتلة من شدة القهر فيغزوه مرض السكري والضغط والجلطات الدماغية والقلبية ويبدأ بالانحسار تدريجيا ومن ثم ينقرض كما انقرضت الديناصورات ويبقى الأشرار وحدهم في الملعب.
وكلما تعرفتم على إنسان محترم بعد فترة وجيزة من الزمن تجدونه قد مات وتقولون بطريقة عفوية: (والله ما بروح من هالدنيا إلا الإنسان الطيب),نعم هذا صحيح 100%,وإذا جاءكم مدير شركة طيب بعد فترة وجيزة من الزمن تجدونه قد غادر منصبه وكلما جاءكم رئيس شركة أو وزير أو مدير شعبة أو دائرة تجدونه بعد فترة قصيرة جدا قد غادر وظيفته وحل مكانه إنسانٌ شرير جدا.. الطيبون يندثرون ولذلك نحن في الأصل أبناء الشر وليس أبناء الخطيئة وجدنا الأول(هابيل) لم يُسمح له بتأشيرة دخول إلى حياتنا العامة أو إلى هذه الدنيا لذلك كل من على الأرض أناسٌ من سلالة الأشرار الذين تنافسوا مع الطيبين وقتلوهم وخدعوهم وألقوا بهم في غياهب السجون,الطيبون من أمثالكم يا أصدقائي ماتوا من زماااااااان ولم يعد لهم وجود على المطلق,والذين أقاموا المباني وشيدوا الأعظم سُرقت منهم كل منجزاتهم ونسبها الأشرار لأنفسهم, أين هم الناس الطيبون؟إنهم قلة جدا ومكبلون بالسلالسل وبالقيود وبالعقود وبالشروط التي تحد من نشاطهم ويجبرون على السكوت ولا يسمح لهم بأن يقفوا في النور بل يتحتم عليهم أن يبقوا في الظلام الدامس مدى العمر.. نحن أجدادنا الأوائل عبارة عن لصوص وقطاع طرق وجزارين و(ملاعين حرسي) وقتلة وأشرار وحاسدون وحاقدون ومدبرو مكائد للطيبين ولو كانوا طيبين لهذا الحد لَما سمحت لهم طيبة قلبهم بأن يتكاثروا..وإن البقاء في هذه الدنيا للأشرار فقط لا غير, لأن الطيبين ماتوا قهرا وظلما ولم يُسمح لهم بالبقاء والذين من حولنا ما هم إلا الأشرار وكذلك كان نفس الشيء في الماضي ونحن سلالة هؤلاء الأشرار, من المؤسف جدا يا أصدقائي أن أقول لكم بأن أصولنا جميعنا تعود إلى الأشرار, الأشرار هم آباؤنا وأمهاتنا...وكل من على هذه الأرض لا ينكر بأن جده الأول لم يكتب له أن يعيش ولذلك هذه السلالة التي نحن منها ما هي بالأصل إلا امتدادا كريها لأجدادنا الأشرار,وبإمكانكم أن تسألوا جدودكم عن الناس الطيبين الذين عاصروهم وسيقولون لكم:الله ما بوخذ إلا الإنسان الطيب,وهذا معناه أن الطيبين ماتوا ولم يبقى منهم إلا الأشرار الذين هم أجدادنا,ولكن بين كل فترة وفترة يولد أناسٌ مثلكم ومثلي طيبون فتتكرر المأساة ُ من جديد فنموت نحن قبلهم ظلما وتعسفا...إلخ.
وعملية الانتخاب الطبيعي في هذا الكون لا تسمح للطيبين بأن يحافظوا على سلالاتهم ولا تسمح لهم بأن يكونوا حُكاما وملوكا ورؤساء جمهوريات ورؤساء حكومات ورؤساء وزعماء أحزاب سياسية فكل هذه المهن يطردهم منها الأشرار فيحتل الأشرار مواقع ليست لهم ويتحول أمين عام الحزب إلى زعيم عصابات بلطجية ,ويموت الأمل منذ لحظة ولادته,فكم مات من الطيبين وكم عاش من الأشرار؟ الطيبون في هذه الأيام من المستحيل أن نجدهم رؤساء للتجار أو للدول أو للأحزاب السياسية فكل هذه المناصب لا تصلح لهم ولأن الطيبين لا يحسدون ولا يغدرون فإنهم على هذا الأساس ينتهون من الوجود الكلي لذلك ليس من المستغرب أن يحكمنا الأشرار وأن يتزعم علينا الأشرار وبأن يدير أمورنا الإدارية الأشرار, الأشرار في كل مكان في الريف وفي البادية وفي وسط المدينة وفي العاصمة,والطيبون في السجون والمعتقلات والطيبون تحت الأرض أو في المصحات العقلية...ولو سمحتم لي أن أقول عن نفسي شيئا لقلتُ لكم بأنني إنسانٌ طيب ومصيري في النهاية إلى الزوال.
#جهاد_علاونه (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟