|
مع الأخرس في مﮕاريده
احمد ياسين البو عيون
الحوار المتمدن-العدد: 4012 - 2013 / 2 / 23 - 03:33
المحور:
الادب والفن
مع الأخرس في مـﮕاريده
كنتُ قد قررتُ أعادة قراءة كتاب (خريف المثقف في العراق) للكاتب (محمد غازي الأخرس) لأدون ملاحظاتي عليه حسب ما لاحظت عند قراءتي الأولى للكتاب ، لكن سرعان ما اُستعير الكتاب مني من صديق عزيز علي ،وحينها صدر كتاب (المـﮕاريد) حتى سارعت لشرائه وقراءته في ثلاثة أيام مما اضطرني لتأجيل الكلام عن (الخريف) والكلام عن (المـﮕاريد) لان أحداث وطبيعة (المـﮕاريد) تفرض نفسها بقوة على القارئ ومن ناحيتين اثنتين :
أولهما : طبيعة الطبقة او الفئة المستهدفة من الكاتب وما يتميزون به من (مـﮕرودية) متكررة ومتراكمة كطبقة مغيبة وغائبة في فترات زمنية متعددة كان الكاتب يعيش لحظاتها ويسمعها عن قرب ويلمسها بشعور فطري سليم ناصع لا تكلف فيه ولا تجميل بل يصل به الأمر أن يكون مادتها وموضوعها وهول أحداثها الجسام واقعاً عليه بكل ثقله وآلامه راسماً في ذاكرته كل تفاصيل تلك الأحداث وما مرت به تلك الطبقة .
ثانيهما : طريقة الكاتب في سرد الأحداث والوقائع التي مر بها وشاهدها وعاشها الكاتب والتي نشعر بها كنص أدبي جاء جملة واحدة بعبارات تنبع من ينبوع لغوي طبيعي لشخص يملك آلية حديثة في اختيار المواضيع وكلماتها ومفرداتها بين العربية الفصحى الأصيلة التي تُمتِع القارئ والباحث الأكاديمي ويُشعر بان الكلام موجهه له ويخاطبه ويجد فيه ما يقارب ذوقه ومستواه اللغوي، وكذلك بين المفردة العامية العراقية الجنوبية وخاصة بيئة الريف وأهل الاهوار والتي تُشعر القارئ أيضاً بقربها منه وخاصة لمن عاش وعرف وسمع تلك البيئة وأحداثها ومفرداتها اللغوية .
ورغم إن الكاتب يتكلم بعفوية كبيرة دون تكلف ولا ينتظر الكثير من القارئ المجهول من مدح وثناء ونقد وتجريح في بعض الأحيان الا انه قد احدث شيئاً وحرك ماءاً راكداً في بركة كبيرة ممكن أن ترسم وجهاً ثقافياً (إن لم قد تكن رسمت) وجهاً لعراق ما بعد 2003 فيما أنتجته أثناء فترة (المـﮕرودية) فيما سبق وما ستنتجه في فترة قادمة .
أقول رغم ذلك إلا أن صور (المـﮕاريد) التي ترجمها (الأخرس) مليئة بالمشاعر والعاطفية والحنين للماضي والحقيقة للحدث والمصداقية في نقل الحدث والتوثيق الامين والتذكير اللطيف لأحداث مرت بنا رغم بعدها عنا عشرات السنين ، أعاد أنتاجها الأخرس في ((مـﮕاريده) بأسلوب وصور فريدة في العبارة والموضوع حتى أشعرك وأنت تقرءا أن تكون أي (مـﮕرود) منهم ، هل ذاك (المـﮕرود) الذي أضاع طرف عباءة أمه في الزيارة الدينية المزدحمة للمرقد وهو ينادي( يمه يمه يمه) (كما حصل معي في عمر الخامسة عندما تهت من أمي في مدينة الألعاب) او ذاك (المـﮕرود) الذي نزف دمه حتى الموت في جبال كردستان او ذاك (المـﮕرود) الذي سيق في شبابه إلى معسكرات التدريب رغماً عنه كما سيق (أيان موريتز) في رواية الساعة الخامسة والعشرون لمعسكرات الاعتقال في معركة خاسرة .
إن كتاب (المـﮕاريد) وما دوّنه (الأخرس) يمثل وثيقة تاريخية أدبية وبلاغية نادرة لطبقة اجتماعية انقرض منها الكثير في زخم العولمة والحداثة والمدنية الالكترونية ، حيث نحتاج في هذه الفترة أن نعيد او نكتب تاريخنا بأيدنا ومن أصحاب وشواهد الحدث لا عن طريق كتاب الحديث والرواية والواضعون الذين يزخر بهم كل زمان ومكان ولا عن طريق دراما صفراء وفضائيات نفطية تساوي في أفضل حالاتها بين الضحية والجلاد بين الآكل والمأكول بين الأصيل والمقطوع بين من بُني الوطن على أكتافه وبين من باع الوطن بثمن بخس دراهم معدودة .
وإذ أنهيتُ الكتاب بسرعة أتمنى أن يكون هناك جزء ثاني لقراءته لمعرفة أخبار (المـﮕاريد) .
احمد ياسين البوعيون [email protected]
#احمد_ياسين_البو_عيون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
-
بإشارة قوية الأفلام الأجنبية والهندية الآن على تردد قناة برو
...
-
سوريا.. فنانون ومنتجون يدعون إلى وقف العمل بقوانين نقابة الف
...
المزيد.....
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
المزيد.....
|