صالح عبدو الركافايي
الحوار المتمدن-العدد: 4009 - 2013 / 2 / 20 - 18:48
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
بوادر تقسيم العراق
عندما قررت ان اكتب هذا الراي اقول للحقيقة وللتاريخ بان ما اريد اثارته الان للرائ العام العراقي قد ملئت قلبي حزنا ومرارة , لان حبنا كان صادقا لوطننا العزيز العراق وحرصنا على ارضه ووحدته جعلنا ننظر الى الاحداث والتطورات التي تجري في العراق بقلق وترقب شديدين لان الحكومة الحالية التي تحكم بغداد اصلا هشة وهي تقود بلد ممزق ستؤدية بلا شك الى فوضى عارمة ستعزز مكانة الارهاب واعداء العراق , البلد الذي اصبح قضية تقسيمه نتيجة حتمية , حسب تحليلي المتواضع ارى مسالة تقسيم العراق لا تتعارض مع مصالح الشعوب العراقية بل تتوافق مع قدرنا وواقعنا الذي يقترب من حرب اهلية التي لاحت بوادرها بالمظاهرات والاعتصامات التي تتواصل في المحافظات ذات الاغلبية السنية , الرمادي , الموصل , وتكريت , تلك المظاهرات كانت في بداياتها اي اساسها طائفية عروبية وممولة من الخارج وغاياتها فرض اجندات خارجية تلغي الدستور والقانون العراقي , هذه هي مطاليب الزحف نحو العاصمة ,وبالمقابل ازدادت توتر العلاقات والشقاق بين ابناء الوطن عندما امر او شجع حكومة بغداد ابناء المحافظات الجنوبية وبغداد القيام بمظاهرات فئوية شيعية خالصة اي غير وطنية بل مظاهرات انتقامية من المحور السني وفي نفس الوقت مؤيدة لسياسة نوري المالكي رئيس الوزراء العراقي الذي يشعر بان العراق سوف يدخل حرب قومية بين العرب والكورد , هذا الاعتراف الواضح والصريح من راس الحكومة العراقية يقودنا الى نتجية حتمية وهي انهيار البلد امر لا مفر منه خاصة بعد تشكيل قوات ما تسمى ب دجلة, هذه القوات تذكرنا نحن الكورد بضربة حلبجة وعمليات الانفال السيئة الصيت ,ثم إطلاق النار على المتظاهرين في قضاء الفلوجة من قبل الجيش العراقي باوامر من القائد العام للقوات المسلحة الذي يؤمن بان استخدام الجيش في حل جميع القضايا الوطنية هو الحل الانسب , لذا ارى علينا نحن العراقيين ان ندرس وبجدية وبعمق طبيعة هذه المرحلة الانتقالية وضروراتها الملحة ثم نقرر ما المطلوب منا ان نعمله ,هل بامكاننا العيش في ظل هذا الكيان المتشتت , ثم هل من مصلحتنا ان نحافظ على وحدة العراق وامنه القومي باعتباره الهاجس الرئيسي للشعب العراقي الذي يحاصره دول جوار عنصرية لا يقبلون الاستقرار له بسبب إمتلاكه في رقعته الجغرافية ثروات طبيعية ضخمة جدا وفي مقدمتها النفط والغاز والمعادن الطبيعية الاخرى وكذلك إمتلاكه اراضي زراعية فسيحة التي ادت الى تفاقم الازمات , بالاضافة الى ذلك ثمة عوامل داخلية عديدة التي تساهم في عملية تقسيم العراق ومن اهمها
اولا: الخلفية التاريخية لتاسيس الدولة العراقية , تم دمج ثلاث ولايات عثمانية مع بعضها بدون حضور المكون الكوردي الذي الحق قسرا
بهذه الدولة و رغم ارادته , وهذا العامل يعتبر السبب الرئيسي لدخول العراق في حروب خارجية واخرى داخلية منذ ولادة هذه الدولة تخرج من ازمة او حرب ليدخل في الاسوء منها عبر تاريخه ,واتسعت الفجوة بعد سقوط نظام صدام المقبور , وبدخول القوات الامريكية اثبت فشل وحدة العراق من الجديد بل تفاقمت الازمات وازدادت التوتر بين مكونات الشعب العراقي بعد تاسيس المجلس الحكم الانتقالي عام 2003 الذي بنى على اسس واعتبارات طائفية وعرقية التي كرست تقسيم البلد وعززت ثقافة الطائفية والفئوية في نفوس العراقيين
ثانيا :العراق لن ينعم بالاستقرار ولا يمكن ترسيخ العدالة فيه طالما يحكمه احزاب ذات ايديلوجيات متناقضة الافكار مع بعضها البعض هذا من جهة , من جهة اخرى هناك احزاب شوفينية لا تؤمن اطلاقا بوجود قوميات غير العربية في العراق ,بالاضافة الى ذلك ثمة احزاب كوردية قومية تناضل و تؤمن بحق تقرير مصير الشعب الكوردي هذا ما يؤكده منهاج جميع الاحزاب الكوردية وهو حق مشروع حسب كل المواثيق الدولية وحقوق الانسان
ثالثا : رؤوساء الكتل وكبار السياسيين يستخدمون كل انواع الشعارات والخطابات العنصرية بما فيها التحريض الطائفي والعرقي لتحقيق اهداف فئوية او حزبية او شخصية هذا التصرف انعكس سلبا على المجتمع العراقي وبالتالي اصبح جزءا من شخصية المواطن العراقي الذي لا يؤمن بالمواطنة الا نادرا بل بالعقيدة والدين و القومية العوامل الرئيسية التي ادت الى عدم امكان المواطن العراقي التعايش مع ابن بلده ضاربا قيم الوطنية عرض الحائط , فواثق البطاط وحارس الضاري هما مثالان حيان على ما ذكرته
رابعا: لا يمكن تحقيق التوازن في المؤسسات الدولة العليا بسبب سوء توزيع المناصب حسب المحاصصة الحزبية والمنسوبية , وهذا العامل يعتبر السبب الرئيسي الذي جعل العراق مسرحا لعمليات تصفية الحسابات بين الهلال الشيعي بقيادة ايران والمحور السني الذي سوف لن يسكت وهو يرى دور ايران الخبيث والعلني في ادراة شؤون العراق وفرض نظام الفقية في هذا البلد المتعدد الاقوام والاديان والمذاهب
خامسا : عدم ايفاء المالكي بالتعهدات والتزامات التي قطعها على نفسه , وتراجعه بعد ابرام الاتفاقات بين الكتل الرئيسية ثم وقوفه ضد رغبات الشعب العراقي التي هي تنفيذ بنود الدستور العراقي وخاصة تنفيذ المادة 140 منه
تاسيسا على ما ذكرناه اعلاه هنا سؤال الكبير يطرح نفسه
لماذا لا يوجد لدينا شجاعة كافية ونعترف بالواقع العراقي ونعلن التقسيم المبطن بين مكونات الثلاثة من الشعب العراقي
يقول الشاعر والاديب الفرسي فيكتور هيجو , ليس هناك جيش اقوى من فكرة حان وقتها , لذا اقول من خلال متابعتي لمواقع الفايسبوك للتواصل الاجتماعي وقرائتي لصفحات الصحافة الكوردية باللغتين العربية والكوردية ومشاركتي في المجالس الشعبية الكوردية , يطالب اكثرية الساحقة من ابناء شعبنا الكوردي من المثقفين والكتاب وغيرهم باطلاق تغريدات وطرح فكرة اعلان الدولة الكوردية في العراق , هذه الدعوات تذكرنا باحداث عام 1989 حين قامت ثورة شعبية عارمة في رومانيا ايدها الجيش فور اندلاعها انتهت باعدام الدكتاتور شاسيسكو واسقاط النظام الشيوعي في هذا البلد الذي اصبح درسا لكل الانظمة الشيوعية في اوربا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق مع كل احترامي وتقديري للحزب الشيوعي واهدافه التي تخدم الانسانية , حينئذ ادرك شعوب وحكومات تلك الدول ان الوقت قد حان لتغير جميع الانظمة الاشتراكية في تلك الدول , وفعلا بعد قيام مظاهرات شعبية سلمية حاشدة وبدون اراقة دماء او اعتقالات تذكر , سقط جدار برلين معه جميع الانظمة الشيوعية في دول اوربا الشرقية واحدة تلوة الاخرى لتنتهي تلك المظاهرات وا لاعتصامات بتفكيك دول الاتحاد السوفيتي السابق , وعليه نقول حان الاوان لتقسيم العراق , لان الاضرار الناتجة عن استمرار وحدة العراق على شكلها الحالي ستزداد يوما بعد يوم بعد دخوله الى نفق مظلم لا يمكن الخروج منه سالما الا بعد تجزئة البلد الى ثلاث دول طبيعية قبل توحيدهم بدون ارادتهم عام 1921 , بهذه الخطوة الجبارة سوف تحل السلام والمحبة بين الشعوب الجارة بدلا من عيشها في ظل فوبيا التقسيم
صالح عبدو الركافايي
شباط 2013 المانيا
#صالح_عبدو_الركافايي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟