ماجد الحيدر
شاعر وقاص ومترجم
(Majid Alhydar)
الحوار المتمدن-العدد: 4008 - 2013 / 2 / 19 - 01:10
المحور:
الادب والفن
هكذا أراده الله
شعر: مؤيد طيب
ترجمة: ماجد الحيدر
الى جلال ئاميدي.. الصديق الذي لا أنساه!
هكذا أرادَهُ الله:
أن يقولَ للكذبةِ
كذبةٌ أنتِ
وللكاذبِ.. كاذبٌ أنت!
وأن ينحني
خاشعاً.. أمامَ الحقيقة!
...
هكذا أراده الله:
حيثما أبصرَ شوكةً
مدَّ يدَهُ، لينزعَها..
ويغرسَ في مكانها.. وردةً
...
هكذا أراده الله:
ما من عاشقٍ مثلهُ.. للنساءِ
ما من رجلٍ مثله.. عذَّبَتْهُ النساءُ!
...
هكذا أراده الله:
لسانهُ نصلُ خنجرٍ
أو.. خيطُ حرير
يدهُ.. سهلٌ فسيحٌ
وجيبهُ.. قشٌّ هشيم!
...
لم يَعِفْ مهنةً لم يمتهنها:
من غسلِ الصحونِ
حتى قيادةِ القطارات
وجزِّ عشبِ المقابر!
لم يترك علماً لم يدرسه:
من فصولِ البيئةِ.. المسرحِ..
التاريخِ..
حتى.. طبِ الأسنان!
لكنه لم يُتِمَّ واحداً
ولا بلغَ مرةً.. الى بابه!
...
هكذا أرادَهُ الله:
كان يعشقُ ماركسَ
وينحني للينين
لكن أحداً.. لم يتربعْ في فؤاده
مثل ذاك الشيخ الذي..
اسمه "البرزاني"!
...
حلمُهُ الكبيرُ,
أن يرى كوردستانه
خضراءَ.. كغاباتِ السويد
لا حزن يصبغ سماءها
ولا دم.. على التراب!
...
لكنه.. يوم عادت الخضرةُ
أطبق الداءُ على ظهرهِ
مثل رحىً تطحن العظام
وتفري اللحم.
...
لم يُصدّقه الأطباءُ..
آلامُ ظهرٍ كهذه
أرسلتْ قبله الكثيرين
من "ذوي الرؤوس السود"
الى تقاعدٍ مريح!
وحين تيقنوا منها
كان الوقت قد تأخر
ومات.. ماتَ بعد شهر..
نعم.. ثانيةً ظفر الكذبُ
بصيدهِ الثمين
وثانيةً..
ماتت الحقيقة!
...
آهٍ جلال..
آهٍ يا رفيق..
عبيدٌ نحن.. بلا حول
فماذا نحن صانعون؟
هكذا أرادك الله..
وهكذا.. شاءت الأقدار!
...
عشرون عاماً مضت
لكن صورته
أمامي.. كأنها الساعةَ:
وردةٌ ظمأى.. في راحتَيْ ظهيرةٍ
وكثيبُ ثلجٍٍ.. في حضن الشمس.
"إرفع رأسك يا جلال"
قلت له
"ليسَ من طبعكَ التسليمُ"
لكنه، بصوتٍ راجفٍ
ما غادَرَتْهُ الكبرياءُ
كصوت "البرزاني" على فراشِ الموت
أجابني
"آهٍ يا رفيقُ
ليس هذا
خنجرَ غدرٍ
يطعن ظهري
لأستدير اليه..
ليس هذا
كذبةً تمرُّ أمامي
فأنظر اليها شزرا
وأقطعُ عليها الطريقَ..
إنه السرطانُ يا صاحبي..
قد هدَّ ظهري
ولا .. لا أستطيعُ له قتالاً!
أيامي معدودات يا صاحبي
ولم يبقَ للموت.. غير القليل!"
...
آهٍ جلال..
آهٍ يا رفيق..
عبيدٌ نحن.. بلا حول
فماذا نحن صانعون؟
هكذا أرادك الله..
وهكذا.. شاءت الأقدار!
دهوك 2011
#ماجد_الحيدر (هاشتاغ)
Majid_Alhydar#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟