طفل روزماري 1968 (رومان بولونسكي):تسلسل منطقي فانتازي خارج نطاق العقل والفن يفرض نفسه

بلال سمير الصدّر

الحوار المتمدن-العدد: 4004 - 2013 / 2 / 15 - 10:25
المحور: الادب والفن
    

طفل روزماري 1968 (رومان بولونسكي):تسلسل منطقي فانتازي خارج نطاق العقل والفن يفرض نفسه
هناك ثمة اسنفتاءات كثيرة عن هذا الفيام قالت بأن هذا الفيلم من أكثر عشرة أفلام اثارة للرعب في تاريخ الفن السابع،كما أن البعض قال ان هذا الفيلم تفوق على شخص يدعى بهيتشكوك...أو بالاحرى أسلوب هيتشكوك
فالأولى وإن ناقشناها وتحدثنا عنها ضمن اعتبارات تاريخية، فالفيلم انتج عام 1968 وكان سببا في اطلاق رومان بولونسكي هذا المخرج المثير للجدل المتفاوت في المستوى.
وإذا نظرنا نظرة سطحية إلى عالم السينما ومنذ ذلك التاريخ وحتى الآن،ربما سيعتبر جيل المراهقين الموجه إليهم هذا النوع من السينما بالذات،سيعتبر أن الفيلم مثير للضحك والجملة الأخيرة لا نقصد منها الانتقاص من قدر الفيلم أبدا..؟!
فيلم طفل روزماري (Rosmary Baby ) هو فيلم عن القتل وعن استحضار الشيطان بل عمل صفقات معه الأمر الذي يذكرنا طبعا بجوته ورواية (فاوست)
فروزماري(Mia Farrow) وزوجها يبحثان عن شقة جديدة وفعلا يجدان واحدة أكبر وأكثر كلفة،ولكن هناك أصوات لطقوس عند جيرانهم،وغاي وود هاوس (الزوج) ممثل يصعد مرة واحدة
إلى طريق الشهرة بصدفة غريبة لأنه سيحتل مكان ممثل يصاب بالعمى.

بكل بساطة واختصار فزوجها سيسلمها إلى الشيطان لتحبل منه بولد القصد منه أن يكون حاكما لزمرة السحرة الذين هم بالأساس جيرانها...
الأحداث في الفيلم توازن بين معطيات القصة والتسلسل المنطقي الفانتازي هو خارج نطاق العقل للأحداث ومجريات الأمور،والفيلم أحيانا ينتقل بسلاسة بين الرعب والغموض وهيتشكوك حاضر في الفيلم.
هي تبدأ بمشاهدة أحلام شبيه باليقظة،وزوجها في أحلامها يتحدث معها ويعريها من ملابسها على متن قارب في البحر،ونشاهد لوحات قوطية واشخاص عراة وعندما تستيقظ ترى أن جسدها مليء بالخدوش الحادة جراء لمسات الشيطان لها،ولكن زوجها يدعي بأنه هو الذي فعل ذلك وهي مغشي عليها كنوع من (النيكروفيليا-الاستمتاع بمضاجعة الجثث)...
إذا الأحلام ليست سريالية هنا بالمرة،بل تأخذ مسارا يخدم القصة وتوظيفا ليس حقيقيا طبعا بل الهدف منه خدمة الغموض والاثارة في الفيلم....
العنصر الهام في الفيلم هو الاثارة والغموض والرعب ايضا ولكن بدون دماء...بدون قتل مبالغ فيه...قصة ميتافيزيقية خيالية عن الشيطان بدون الغوص في عوالم روحية خيالية لا انتهاء لها.
كما أن للقصة دور كبير في هذا الفيلم لأن من عادة سينما الرعب أن يكون لمشاهد القتل والدماء والأرواح ..إلخ
دور كبير حتى لو كانت القصة مكررة بل مكررة كثيرا،فهذه القصة الفنتازية حيكت بمهارة من قبل رومان بولونسكي الأمر الذي جعل من هذه القصة العادية تقريبا غير عادية،والفيلم بحد ذاته ليس فيلما عظيما في مجال السينما الشعرية،ولكنه قد يكون فيلم كبير في مجال سينما الغموض والرعب أو الإثارة أو سمها كما شئت.
بالنسبة للمقولات عن تفوق بولونسكي على هيتشكوك،فنحن لا ننكر بأن سينما هيتشكوك هي سينما هشة،تدق أحيانا باب الكبار ولكن بخجل،ولكن وعلى الرغم من ذلك،فبولونسكي يفتقد شيئا ما في هيتشكوك...
يفتقد قدرة وبصيرة هيتشكوك في النفاذ إلى أعماق الشخصية حتى لو كانت شخصيات هيتشكوك معتوهة أو مرتبكة أو شكاكة,...
عند هيتشكوك نحن نشعر بالعالم الداخلي وبالهواجس التي في داخل الشخصية بطريقة أكثر وضوحا وعمقا مما هي عند بولونسكي،خاصة في تعبيره عن روزماري بأنها تحمل شيطانا في داخلها...ولكن ماذا عن نهايات بولونسكي؟
تستلم روزماري كتاب من صديقها هانش-الذي اصيب بالشلل هو الآخر لسبب مجهول،وللكتاب أهمية كبيرة في أفلام الرعب وحتى في أفلام بولونسكي المتأخرة (Nine Gate) واسم الكتاب كلهم سحرة ومن خلال هذا الكتاب تبدأ باعادة كتابة التاريخ واكتشاف المؤامرة،والمهم هنا هو النهاية...
روزماري سوف تكتشف كل شيء ولكن بعد فوات الأوان...بعد أن تلد الشيطان ولكنها ستقبل هذا الشيطان وستهز سريره بحنان...
سواء كانت هذه النهاية تشير إلى أن الأمومة لا يمكن أن ترفض ما يخصها حتى لو كان شيطانا وهذا الأقرب بالنسبة لي،أو أن روزماري قبلت بشروط المؤامرة ورضيت راغبة أو مغصوبة في أن تكون عضوا فيها،فالنهاية غير المتوقعة أبدا كانت هي مفتاح جمال الفيلم بكامله.
ولا أظلم الفيلم إن قلت عنه بأنه فيلم عنصر النهاية..هل هذه النهاية نهاية مرعبة؟...غير قابلة للتصديق!...بعيدة عن التوقعات ...كل ذلك ممكن.
فيلم طفل روزماري حقق ايرادات عالية جدا على شباك التذاكر وكان له نصيب من الأوسكار أيضا كما إنه حلق في بولونسكي إلى عالم الأضواء والشهرة...

عندما نكون مصدومين بفيلم حقق قبل هذا الفيلم بفترة قصيرة-للفرنسي غودار-وتحفته السياسية (Week End1967)
على كناياتها الصعبة وصبغتها الواقعية الشديدة، ثم يأتي مخرج آخر من نفس القبيلة (أوروبي هو الآخر) ليحلق بنا من قمة الواقعية إلى قمة الخيال,,,هذا إشكال كبير ويشكل تساؤل أكبر في القبول ولكن في النهاية فالفن يفرض نفسه.

#بلال_سمير_الصدّر (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات