عبد السميع جِميل
الحوار المتمدن-العدد: 4003 - 2013 / 2 / 14 - 08:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
وجود الحب والحرية والحوار كأطراف تحدثنا عنها من معادلة أحسن تربية لا تعصمنا من الإنزلاق بالتربية إلى منعطف لا نرغب فيه ولا نأمله ولا نتمناه ! ؛ فقد ذكرنا أكثر من مرة أن المعادلة التى نزعم أنها تحقق لنا أحسن تربية بحق لا يمكن أن يغيب عنها عنصر من العناصر المكونة لها , ولذا فإن وجود عنصر الحب والحرية والحوار بلا العنصر الرابع قد يؤدى فى الغالب إلى تشويه فظيع فى التربية , وإنتاج شخصية لا تطاق ! , ولذلك فإن العنصر الرابع والأخير من المعادلة يعمل على ضبط وإحكام وحماية وتفعيل العناصر الأخرى ؛ فهو يصون الحب , ويحمي الحرية , ويفعل الحوار .
إن هذا العنصر هو الحكمة ؛ فالحب بلا حكمة يصنع شخص فى منتهى الأنانية , والحرية بلا حكمة تصنع شخص فى منتهى الإنفلات والإنحراف , والحوار بلا حكمة يصنع شخص فى منتهى الغطرسة وقلة الأدب , ولذا كان دخول الحكمة غرفة التربية بجوار الحب والحرية والحوار أمر ضرورى وفى منتهى الأهمية .
للأسف يدعى الجميع الحكمة والنصاحة المفهومية والفهلوة , ولكن الواقع يكذب هذا الإدعاء , فالواقع كما نرى يموج بالإفراط والتفريط والتسرع فى الحكم على الأمور .. بلا بصر ولا بصيرة .
إن معظم - إن لم يكن كل - الأباء فى الوطن العربى تتلبسهم فكرة وحلم أن يكون الأبن «أحسن حد فى الدنيا» ومحتل المراكز الأولى دائماً , وهذا شيء ربما يكون ظاهرياً جميل ورائع وعظيم ولذيذ , ولكن فى حقيقة الأمر إذا تأملنا قليلاً باطن وجوهر هذه الفكرة وجدنا فيها كثيراً من الغلو والسخافة وقلة العقل !! .
لا يستطع إنسان أن يكون «أحسن حد فى الدنيا» , ولا يوجد هناك معايير أصلاً لهذا الأمر , وحتى المعايير الأولية التى يتخذها الأباء لتحديد هذا الأمر هى معايير فاسدة ومليئة بالعوار والخلل .
الناظر إلى المعايير التى يتخدها الأباء لتحديد هذا الأمر متمثلة - مثلاً - فى تقييم نجاح الأبن على أساس نجاحه فى المدرسة وحصوله على أكبر قدر ممكن من الدرجات , ونحن لا نرى أن نجاح الشخص فى المدرسة دليل أو شرط تفوقه ونجاحه وعبقريته فى الحياة ! , فالمدرسة ليست نظام مقدس ومنزّه قد نزل من السماء لتقييم البشر وحساب مقدار نجاحهم , بل إننا نرى أن المدرسة أصلاً نظام فاشل فى التعليم ! .. المدرسة نظام فاشل لأنها لا تحترم اختلاف قدرات وإمكانيات ومواهب وظروف الإنسان , فهى تُصر على معاملة الناس جميعاً وكأنهم شيء واحد .. تجمعهم فى مكان واحد وتملأ عقولهم بمجموعة واحدة من المعلومات , دون النظر إلى اختلاف ميولهم , ومواهبهم , ورغباتهم وامكانياتهم , وهذه كارثة .
النجاح فى المدرسة ليس أبداً وما كان قط دليل على نجاح الإنسان وعبقريته , ولنا فى اينشتاين المثل والنموذج وهو الشاب الذى فشل فى المدرسة وكان يقرأ الكلام بالعكس وتم طرده من المدرسة بحجة أنه فاشل ومع ذلك أصبح الأن نجاحه لا يخفى على الخيل والليل والبيداء ! .
نعلم بالتأكيد أن الذى يريد أن يقف لأبنه على الواحدة لن يعدم الحجة , وإن أفتلت من ربط نجاحه أبنه وتقييمه بنجاح المدرسة , فسوفيقيم نجاحه مقارنة بنجاح زملائه والمحيطين به .. «اشمعنا فولان فعل كذا وأنت لأ» .. أو بمدى قدرة الأبن على تحقيق ما لم يستطيع الأب نفسه أن يحققه ! .
يجبرون أبناءهم على دخول كلية معينة وتخصص محدد بغض النظر عن قدراتهم ومواهبهم وميولهم ورغباتهم , ظناً منهم أن تحقيق النجاح فى هذا الأمر لا يحتاج إلا إرادة قوية وعزيمة مشتعلة فقط !!! .
يحكى أن والداً وبخ أبنه ذات مرة على فشله فى الدراسة قائلاً له :
- أشمعنا نابليون لما كان فى سنك يا خايب يا فاشل يا بايظ كان ناجح وفى سنة خامسة وأنت لأ ! .
فرد عليه أبنه بالبديهة قائلاً :
- طب ما نابليون ده يا بابا لما كان فى سنك كان أمبراطور بردو وأنت لأ ! .
المدهش أن الأب لم يمل من تكرار هذا الأمر أكثر من مرة قائلاً له :
- يا خايب .. يا فاشل .. يا بايظ .. الواد فلان العبيط أبن فلان الحقير أحسن منك فى ايه ؟ اشمعنا هو دخل طب وأنت لا ؟
من الممكن أن يكون هذا الأبن المسكين موهوباً وميالاً مثلاً إلى الشعر أو المحاماة أو التجارة أو الزراعة أو حتى رعى الغنم , ولكنه جاء فى بلاد أعتاد فيها الأباء أن يجبرون أبناءهم ويحملوهم على أمور بعيدة عن دائرة إهتمامتهم وأحلامهم وخارجة عن طاقتهم , ثم ينتظرون منهم فى النهاية فعل المستحيل ! .
إن قانون اشمعنا يتعارض مع السنة الإلهية التى أقتضاها الله للبشر بأن يكون بينهم إختلافات وتفاوت فى القدرات والإمكانيات والظروف والمواهب والميول , فخلق الطويل والقصير والأبيض والأسود والقوى والصعيف , وجعل لكل منهم بصمة خاصة به , وجعل أيضاً لكل واحد وجهة هو موليها , وليس مطلوب من أحد أن يكون «أحسن حد فى الدينا» .. مطلوب منه فقط أن يكون أحسن ما يمكن أن يكون , حسب قدراته وإمكانياته وظروفه فقط , ولهذا حكمة من الله فى خلقه , لتتنوع الإختصاصات بين الناس وتقسم الاعمال عليهم ويكملوا بعضهم .
ألستم تتشدقون وتتحذلقون دائماً بأنه لا فرق بين أحمر على أسود ولا عربى على أعجمى إلا بالتقوى ؟ فلماذا تفرقون بين الميكانيكى والدكتور فى التعامل وفى المكانة الإجتماعية ولا تأملون أن يعمل أبناءكم أعمال يدوية يا أمة الخطب ؟
إن الأنبياء جميعاً كانوا يعملون أعمالاً يدوية مما تعدونها الأن دنيئة وحقيرة , وأستمعوا إلى هذا الرجل المدهش الذى أشرف بمعرفته وصداقته لى , وهو رجل يعمل فى طلاء المنازل «مبيض محارة» , وكان ساعتها يعمل فى منزل دكتور كبير ذا شهرة واسعة , وكان هذا الدكتور ينظر إلى هذا الرجل بتعالِ وتكبر وعنجهية , ودائماً ما كان يستصغر شأنه ويعتبره مجرد عامل حقير , فإذا بهذا العامل العظيم ينزل على عقل هذا الدكتور بتلك الكلمات المذهلة :
- أسمع أما أقولك يا دكتور , أوعى تكون مفكر علشان أنت دكتور هتبقا أحسن منى وألا حاجة ؟! .. لأ .. أنا بقضى مهمتى فى الحياة زى ما أنت بتقضى مهمتك بالظبط , والناس محتجانى زى ما محتجينك بالظبط .. وممكن أكون أنا أشطر منك لو بعمل شغلى صح وأنت لأ ! .
إذن .. على جميع الأهالى أن يبحثوا عن مواهب وميول أولادهم بدلاً من أن يطلبوا منهم تحقيق أحلام عجزوا هم عن تحقيقها , لأن من حق كل إنسان أن يحيا حياته حراً مستقراً أبياً , حتى وإن كان اختياره أن يكون ميكانيكى ! .
لكن إذا كانت كل هذه الممارسات يواجهها الأبن وهو لم يقع فى خطأ حقيقى , فتخيل معى ماذا يمكن أن يحدث له إذا صدر منه خطأ حقيقي بالفعل ؟
إن هناك مجانين يعتقدون أن أبناءهم معصومين «أبنى ميغلطش أبداً» ومن ثمَّ يواجهون أى تصرف غريب من الأبن بشعار «مفيش مشكلة» دون النظر إلى ما يفعله هذا الشعار فى الإبن من ترسيخ فظيع للامبالاة بداخله , وهناك أيضاً معاتيه يعتقدون أن أبناءهم لا يفعلون أى شيئ سوى الخطأ ومن ثمَّ يفضلون أن يكونوا معهم دائماً كرعاة البقر ..جلادين , وهذا الأمر يزرع فى نفوس الأبناء الخوف والجبن والخجل والإنطواء , ويجعلهم يحجمون عن المصارحة بأى خطأ يصدر منهم , ويعتمدون على الكذب والخداع للنجاة ! ,
أحضر أحد الأباء هدية جديدة لأبنه , ولم يمر عليها يوم حتى وقعت وكسرت أثناء قيام الأبن باللعب بها , وهنا أحتار الأبن , ماذا يفعل ؟ أنه يعلم مدى قسوة والده فى مواجهة مثل هذه الأمور .. هداه تفكيره إلى أن يضع هذه الهدية تحت كرسى موجود فى صالة المنزل , ولكن الأب حينما عاد إلى البيت وقع بصره بالصدفة على تلك الهدية المكسورة تحت الكرسى , فأخذ ينادى ويصيح بصوته الجهورى المرعب على أبنه , وحين جاء الولد إليه ووقف أمامه , أخذ يسأله عن الهدية , وطلب منه إحضارها , فإذا بالولد يرتبك ويتلعثم ويخبر والده بأنها ربما تكون فى إحدى الغرف , فأمره الوالد بإحضارها حالاً , وأخد الأبن يلف ويدور فى المنزل ثم عاد إلى أبيه ليخبره بأنه لم يجدها , وهنا صاح الأب فى وجهه قائلاً :
- يا كذاب , أنت كسرت الهدية اللى أنا جايبهالك بدم قلبى وبتكذب عليا كمان , أنت خسارة فيك أى حاجة بعد كده .
ثم صفع الولد على وجهه وقام بتسخين السكين وكواه على ذراعه وزرع فى نفسه أو عقدة نفسية فى حياته .
إن هذا المنهج الحيوانى المتخلف يزرع فى نفوس الأبناء الخوف والجبن والخجل والإنطواء , وهى كلها بذور لا تنتج لنا حصاداً إلا الإحجام عن الصراحة والإعتماد على الكذب والخداع .. إن منهج ومسلك الأباء هذا فى التعامل مع أخطاء أبناءهم , يضع المسئولية على عاتقهم حين يشتكى منهم أحد بعد ذلك من تأثير الأصدقاء والمجتمع والأعلام والأنترنت على أبناءهم بشكل سلبى , لأنهم من البداية لم يزرعوا في أبناءهم القواعد والمبادئ والقيم فى بطريقة سليمة , يفهموها , وتحفر فى رؤوسهم , ويحبونها , حتى تصبح جزء من شخصياتهم , ولا يمكن أن تكون عرضة للتغيير بسهولة أبداً .
أقسم لكم أننى رأيت بأم عينى رجل ضخم الجثة , منتفخ الأوداج , يضرب أبنه الصغير بلكمة شديدة جداً على ظهره , لأنه فقط أخذ «بوسة» من عمه ! , ورأيت طفل أخر أتى إلى والده يشتكى له من زميل فى المدرسة قد أعتدى عليه بالضرب , فما كان من الأب إلا أن وقف منتفضاً وصاح فى وجه أبنه قائلاً :
- أنت أكيد عملت بلوة من بلاويك السودة يا فاشل يا بايظ .. يعنى معقول الواد هيضربك كده من غير سبب ؟!
وظل الأبن يدافع عن نفسه وهو يندم على اخبار أبيه بالقصة من الأساس ! .
إننى أتعجب جداً من هؤلاء الناس الذين يبزلون جهداً عظيماً فى التعامل الراقى المليء بالإحترام والتبجيل إلى درجة الإزلال والخضوع مع الغرباء , بينما يعاملون أبناءهم بكل هذا الجهل والغباء والصلف والعنجهية !! .
هناك من هم أضعف من هؤلاء وطأة ممن يظنون أنهم يمكلون أفكاراً جهنمية لمنع وسد باب إحتمالية وقوع الأبن فى الأخطاء فيربطون سلوكه دائماً بالمادة - طعاماً أو مالاً - فإذا قام الأبن بسلوك طيب كافأوه بالمال أو الطعام , وإذا قام بسلوك قبيح منعوا عنه المال والطعام , وهذه فكرة أبعد ما تكون عن الحكمة !! , لأنها تخلق فى النهاية شخصية مادية ونفعية إلى أبعد ما يكون .
هناك أيضاً من يفضلون دائماً أن يظهروا بصورة الواعظ الدائم مع أبناءهم , منهم كان رجل ينصح أبنه دائماً بأن لا يسرق أشياء زملائه فى المدرسة .. لا تسرق شيئ من زملائك .. بإستمرار .. بإستمرار , وكانت النتيجة أن الأبن لا شعورياً يقوم بسرقة تلك الأشياء التى نهاه عنها والده ! .
هناك رجل أخر مختلف كان يحكى لإبنه دائماً عن أخطاءه ! , وكيف أستطاع أن يتعامل مع تلك الأخطاء ويتخلص منها بصعوبة , وكيف كان إحساسه بالسعادة بعدما تخلص من تلك الأخطاء .
المدهش أن الرجل الثانى هذا أستطاع بطريقته تلك أن يزرع فى أبنه مجموعة رائعة من القيم بعيداً عن الأوامر السلطوية والنصائح المباشرة السلبية المعكوسة !! .
وهنا أريد أن أسجل ملحوظة بشأن قاعدة يمارسها الأباء مع أبنائهم فى إصدار الأوامر والنصائح دائماً بـ «لا تفعل كذا .. أوعى تعمل كذا» , فالعقل الباطن يتجاهل تماماً حرف «لا» من الجملة ويستقر فيه الأمر المنهى عنه «كذا» وتكون النتيجة أن الشخص يفعل عكس ما أمرته به بالضبط !! , كما ستفعل أنت الأن عكس ما سأمرك به حالاً بالاً , فأنا إذا قلت لك الأن :
- لا تفكر فى حصان أسود شعره طويل يجرى فى الصحراء وخلفه أسد شرس للغاية .
أنت بالتأكيد لم تعر كلامى أى إهتمام ولم تنفذه بالتأكيد , ومن المؤكد أنك فكرت لا شعورياً فى هذا الحصان لأن «لا» حرضت على الفعل وليس العكس , والنتيجة الحتمية لهذه الطريقة تنتهى دائماً بحكم الأب على أبنه دائماً قائلاً : «أنت مش بتتعلم أبداً» , وهذه الأحكام السلبية التى يطلقها الأباء على أبناءهم ويكرروها على مسامعهم ظناً منه أنها من الممكن أن تكون دافع لهم , وهذا وهم , لأن هذه الكلمات من كثرة تكرارها تغرس فى وجدان الأبناء وتؤثر فى كل أفعالهم وتصرفاتهم لاشعورياً , وهو الأمر الذى يسمى بالنبوءة ذاتية التحقيق , وهى بإختصار تعنى إن كل الكلمات التى تقال واكرر على مسامع الإنسان تغرس فى وجدانه وتؤثر فى كل أفعاله وتصرفاته لاشعورياً .
ولذلك إذا أخذنا قصة كسر الهدية التى أعطاها الأب لأبنه والتى تحدثنا عنها فيما سبق , وأخذنا نتأملها قليلاً لوجدنا أن الأمر كله لا يحتاج شيئاً فظيعاً من الحكمة ولا حاجة للتعامل السليم مع الأبن .. ده مجرد ريحة من التعقل تظبط الدنيا ! .. فماذا كان يمكن أن يحدث إذا تعامل الأب بهدوء عندما رأى الهدية المكسورة , وأردك أنها صنعت أساساً كى تكسر , وكى يُخرج الطفل فيها طاقته وفضوله وبحثه وأكتشافه عن كوامن الأشياء بنفسه , حتى تنمو مهاراته الإبتكارية والإبداعية ؟! ماذا كان يحدث إذا أدرك الأب ذلك وأدرك أيضاً أن مشاعر أبنه أغلى بكثير من تلك الهدية ثم نادى عليه بكل هدوء وقال له :
- يا خسارة يا فلان دى كانت غالية .. أبقى خلى بالك من حاجتك وحافظ عليها بعد كده علشان كل أما تحافظ علي حاجتك كل ما هتفضل معاك وقت أكتر .. أحكيلى ايه اللى حصل ؟
هذه الطريقة أقرب إلى طريقة النبى محمد صلى الله عليه وآله وسلم فى التعامل مع الأطفال ! ؛ فهو عندما رأى الحسين يأخذ تمرة من تمر الصدقة التى لا تجوز لآل البيت ويضعها فى فمه لم يصرخ فى وجهه ولم يضربه , وأيضاً لم يتجاهل فعله , ويقول له «مفيش مشكلة» ولكنه نزل إلى الأرض وجلس على قدميه ليكون فى مستوى الحسين ونظر فى عينيه وهو يحاوره قائلاً :
- كخ كخ ..
هكذا كان يتعامل محمد صلى الله عليه وآله وسلم مع أخطاء الأطفال فلا ضرب ولا ركل ولا لكمات ولم يقل له «كخ كخ» فقط , وحين يسأله الحسين عن السبب يقول له القنبلة الجاهزة دائماً فى وجه الأبناء «هو كده» .. أبداً , فالنبى لم يتعامل معه على إنه لا يفهم وذكر له السبب وقال : لا تحل لنا تمر الصدقة ! .
لكن نحن فى مجتمع يرى فى ذلك عيباً ويرفع فى وجه كل من يفعل ذلك شعار «يا راجل , أنت هتعمل عقلك بعقل العيال» ! .
إن الناظر المتأمل إلى علاقة النبى محمد بإبنته السيدة فاطمة الزهراء يجد أنه كانت هناك شفرة بينهم !! .. إنه إذا غضب منها شعرت مباشرة بذلك , وأسرعت فوراً إلى تعديل الأمر وإصلاحه ؛ فقد دخل النبى عليها البيت ذات مرة ووجدها تلبس عقد وحلق وتضع ستارة فى مدخل البيت فلم يعجبه ذلك منها وخرج غاضباً على غير عادته - فهو كما قلنا كان يدخل عندها ويطيل المكث معها ولا يخرج إلا مسروراً منطلق الأسارير وهنا أدركت وفمت وعرفت فاطمة سر هذا الغضب بتلك الشفرة التى بينها وبينه , فهو لم يطيل الجلوس كعادته , ولم يخرج مسروراً كعادته , إذن إن تلك الأشياء تزعجه , إنها يجب أن تعود كما كانت , فسارعت بالإستجابة فوراً , ونزعت عقدها وحلقها وستارتها وبعثت بهم إلى النبى تقرأه السلام وتقول :
- أجعل هذا فى سبيل الله ! .
فلما وصل هذا الخبر لرسول الله قال :
- فعلت ؟! .. فداها أبوها .. فداها أبوها .. فداها أبوها .. ليست الدنيا من محمد ولا من آل محمد , ولو كانت الدنيا تعدل عند الله من الخير جناح بعوضة ما أسقى فيها كافرا شربة ماء .
ثم قام فدخل عليها البيت .
تمت
#عبد_السميع_جِميل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟