أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - لطفي حداد - -ساتياغراها- غاندي














المزيد.....

-ساتياغراها- غاندي


لطفي حداد

الحوار المتمدن-العدد: 1153 - 2005 / 3 / 31 - 01:28
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


"ساتيا غراها" غاندي
قدّم غاندي مفهوماً جديداً في السياسة هو مبدأ "اللاعنف" والكفاح السلمي. إن السياسة الغربية التي اعتمدت يوماً على الحقائق الدينية المطلقة والأوامر "الإلهية" المنزلة قد انقلبت تماماً أيام عصر النهضة وأفكار مكيافيلي. وهكذا تدرّجت السياسة بعد ذلك من سياسة دون إله إلى سياسة دون إنسان (تحت تأثير الاشتراكية العلمية). وكذلك انتقل "موت الله" حسب نيتشه إلى تعظيم وتمجيد الإنسان، وبالتالي موته داخل النظام التكنولوجي الهائل. ويقف "غاندي" من كل ذلك وحيداً يقود أربعمئة مليون هندي في أربعينات القرن العشرين، إلى الكفاح اللاعنيف دون أوامر إلهية منزلة ودون مكيافيلية خانقة ودون موت الآلهة وموت البشر.
يفهم غاندي السياسة كإيمان وطريقة حياة منفتحة على الآخرين، ومصغية للتاريخ، وتطور البشرية ونمو المفاهيم. ويدخل أفكاراً روحانية – من إيمانه الديني الشرقي – في قلب العالم السياسي الشرير والمخادع والدموي. فيصير لديه جبهة روحية وثقافية وإنسانية تحمل مفاهيم رائعة كفرح العطاء وعظمة الإبداع وشجاعة الموت (بدلاً من شجاعة القتل).
ينفتح غاندي في حوار إنساني على جميع الحضارات والثقافات والديانات فيقول "إنني لا أؤمن بألوهية "فيدا" الحصرية، بل أؤمن بأن الكتاب المقدس والقرآن وزندافستا هي من وحي مثل وحي الفيدا".
ويقول أيضاً: "درست القرآن واليهودية والمسيحية وديانة زرادشت ووصلت إلى النتيجة القائلة بأن جميع المذاهب صحيحة، وأن كل ديانة ناقصة لأنها تؤول الحقيقة بذكائنا الضعيف وقلوبنا الناقصة". ويطور غاندي شيئاً فشيئاً مفهوم "ساتيا غراها" الذي يلخص جوهر نظريته السياسية ويعني "لا يوجد سوى الحقيقة" وهذا المفهوم يختلف عن الديمقراطية المستندة إلى النسبية الفردية والمرتبطة باقتصاد السوق والمحققة بالحلول التوفيقية.
وبالعكس فإن ممارسة الساتيا غراها تؤمن بأن الآخر لديه بعض الحقيقة، وهي لا تتطلب التخلي عن الحقيقة عند أي من الطرفين للوصول إلى حلول توفيقية.. فهناك حقيقة عند الآخر ومن يتعلق بالحقيقة لا يقبل إنهاء الآخر وإلغاءه، فهو لا يجابه خصماً أو عدواً بل وضعاً خاطئاً يجب تخطيه دون إرغام الآخر على ترك الحقيقة وإنهائها، وهذا المفهوم مرتبط تماماً بمفهوم اللاعنف (أهيمسا) الذي يتطلب الشجاعة وقبول الألم وحتى الموت.
فالذي يرفض القتل هو أشجع من الذي يقتل، والذي يتقبل الألم والموت هو أشجع من الذي يرفض إبداع علاقة إنسانية مع الآخر المختلف. وهنا تبدأ الصعوبة الحقيقية في تقبل هذا المفهوم في عالم السياسة لأنه لا يمكن رؤية النتائج المباشرة له. فمفهوم الألم عند الغرب مرفوض، وهو غير مقبول عند غاندي كقيمة وإنما كنظام نفساني محرّر يتغلب على الخوف ويخلق علاقة مباشرة مع الآخر المختلف ويفتح ثغرة في خطوط الدفاع العقلية والنفسية للآخر العنيف.
ومن الأمثلة الواقعية القوية موقف غاندي في عام 1947 في كلكتا حين بدأ صومه من أجل المذابح الدموية بين المسلمين والهندوس والتي لم يستطع كبحها 55000 رجل من الجيش.. وبعد أيام بدأ الرجال المسلحون من الطرفين المتخاصمين يأتون إلى غاندي ويرمون بأسلحتهم عند قدميه.
يقول غاندي عن الألم الفدائي أو المخلص: إنني لا أفرح حين أرضى أن يقدم آلاف الناس حياتهم على مذبح ساثياغراها، بل أرضى لأن النتائج على المدى البعيد هي تضاؤل خسارات الأرواح وفوق هذا فإن مثل هذا العمل يشرّف الذين يقدمون حياتهم على هذا النحو وإن تضحيتهم تزيد ثروة العالم الأخلاقية.
وهكذا يصبح العصيان المدني غير المسلح، والمظاهرات السلمية، والإضراب في المعامل والإدارات والموانئ، واللاتعاون مع السلطات، والامتناع عن دفع الضرائب نضالاً مسؤولاً دون إلغاء الآخر بل موجداً ساحة لقاء دون توفيقية كاذبة وضياع للحقيقة.



#لطفي_حداد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطوفان- إلى عارف دليلة
- رياض الترك
- ملف الأدب العربي الأميركي المعاصر -حسن نعواش
- بحث في الأصولية الدينية
- ملف الأدب العربي المهجري المعاصر - جون عصفور
- ملف الأدب العربي الأميركي المعاصر
- ليلة عشق


المزيد.....




- رقمٌ قياسيّ لعملة فضية نادرة سُكَّت قبل الثورة الأمريكية بمز ...
- أهمية صاروخ -MIRV- الروسي ورسالة بوتين من استخدامه.. عقيد أم ...
- البرازيل.. اتهام الرئيس السابق جايير بولسونارو بالضلوع في مح ...
- اكتشاف عمل موسيقي مفقود لشوبان في مكتبة بنيويورك
- وزيرة خارجية النمسا السابقة: اليوم ردت روسيا على استفزازات - ...
- الجيش الإسرائيلي يوجه إنذارا إلى سكان الحدث وحارة حريك في ال ...
- أين اختفى دماغ الرئيس وكيف ذابت الرصاصة القاتلة في جسده كقطع ...
- شركة -رايان- للطيران الإيرلندية تمدد تعليق الرحلات الجوية إل ...
- -التايمز-: الغرب يقدم لأوكرانيا حقنة مهدئة قبل السقوط في اله ...
- من قوته إلى قدرة التصدي له.. تفاصيل -صاروخ MIRV- الروسي بعد ...


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - لطفي حداد - -ساتياغراها- غاندي