أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين بدران - العلاقة بالآخر مرآة الذات














المزيد.....

العلاقة بالآخر مرآة الذات


نور الدين بدران

الحوار المتمدن-العدد: 1152 - 2005 / 3 / 30 - 12:19
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


" الجحيم هو الآخرون " تعبير ينسب لجان بول سارتر ، وحتى لو لم يكن "بولو"(اسم الدلع لسارتر) أطلقه ، لكنه ينطبق حقيقة على شخصية وأعمال وأفكار هذا الرجل الذي كان الأشهر أدبياً وفلسفيا في القرن العشرين ، إذا لم يكن عالمياً ففرنسياً على الأقل .
لا أتذكر هذا التعبير اليوم احتفالاً بمئوية سارتر ، فلم أكن معجباً به في أي يوم لا أدبياً ولا غير ذلك ، ضمن حدود معرفتي به وبآثاره باستثناء مقالتين له في التحليل النفسي ، وربما لم يكتب سواهما في هذا الحقل.
لكن ما جعلني أتذكره هو الخبر الآتي : إمارة موناكو تؤجل إعلان وفاة أميرها ليوم الاثنين ، أي إلى ما بعد الاحتفالات بالفصح .
بعض الدوائر الفرنسية الرسمية امتعضت وكذبت تبرير الإمارة ، واتهمتها أنها لا تريد أن تخسر عائدات السياحة والتجارة في هذه المناسبة (الفصح) لأن إعلان الوفاة سيتم بموجبه إغلاق المحال وأماكن التسلية ، وقالت الدوائر الممتعضة أن بضعة ملايين لن تؤثر على اقتصاد الإمارة الغنية.
لكني وحتى لو صح ما ذهبت إليه الدوائر الممتعضة ، أرى أن الموقف حضاري جداً وشاعري جداً وفي ذروة الرقي ، وهو صورة الذات منعكسة على الآخر وبالعلاقة معه ، وبحسب هذه الذات وتعبيرها وعلاقتها يكون الآخر إما جحيماً أو فردوساً ، وسارتر الذي كان يكره الآخر كائناً من كان ( حتى والده ) لم يكن يعبر إلا عن نفسه المشتعل داخلها الجحيم ، بنار الأنانية المفرطة والتي كان يزيدها اشتعالاً سخطه (أعتقد أن قبح منظره كالحطيئة له دور بارز في المشكلة) على العالم وعلى نفسه ، ونفاقه المفضوح أدبياً وسياسياً وفلسفياً ، وقد قيل وكتب الكثير عن ذلك ، وليس هذا مجاله الآن.
أن يكون موت الأمير أقل أهمية من حياة البلاد (حتى بحجم إمارة صغيرة مثل موناكو ) يعني أن هذه البلاد بخير وعلى مستوى عال من الذوق ، والصورة المعاكسة تعني العكس ، ففي ختام السيرة السياسية التي كتبها اسحق دويتشر ، قال أنه حين مات ستالين ، حدث ما يشبه ما كان يحدث دائماً ، حين كان يموت الأباطرة والقياصرة ، فغير الذين ماتوا في الزحام وفي التصفيات وغير ذلك ، كان جو الموت مخيماً على البلاد بأسرها ، وحتى الذين تنفسوا الصعداء ، كادوا يموتون من القلق وعدم التصديق ، وهذه حال كل ديكتاتورية في العالم ، فأحزانها الشخصية والعائلية ، يجب أن تكون أحزان العباد (لا يوجد شيء اسمه مواطنون) كلهم حتى الأطفال عليهم أن يعيشوا أجواء الحداد ولا يشاهدوا برامجهم المخصصة لهم في الأحوال العادية ، وعليهم أن يتحملوا المزاج السوداوي لأهلهم الذين هم أيضاً أطفال أمام المستبد وهكذا عبر سلسلة لا تنتهي حتى بالحيوانات التي تعيش في المنزل.
أما موقف المبدعين والعباقرة فتلخصه الواقعة الآتية :
حين مرض المبدع عاصي الرحباني ، ونقل إلى الخارج للعلاج ، كان الموعد السنوي لحفلته التي اعتاد الناس عليها وينتظرونها بلهفة وشوق من سنة إلى أخرى ، وحين فكرت فيروز وشقيقه منصور إلغاء الحفل ، كان عاصي حاسماً ولم يقبل نقاشاً في الموضوع وقال : رسالتنا إسعاد الناس ومنحهم الحب والجمال ، أما أحزاننا فيجب أن تبقى لنا ، ويجب إن أمكن ألا يسمع بها أحد ، وبالطبع ليس منصور وفيروز وزياد بعيدين عن روح كبيرهم وإحساسه ونظرته وذوقه ، وهكذا قامت الحفلة في موعدها ، بينما كان عاصي يتعرض إلى أسوأ نوبات الانفجار الدماغي في الخارج ، لكنه حين وصله الخبر أن فيروز ترفرف ولا أجمل ملاك على خشبة المسرح ، نسي آلامه لأنه كان بين الحضور بل أقرب لأرواحهم منهم .
لذلك الاحتفال كتب منصور كلمات " سألوني الناس عنك يا حبيبي" ولحنها زياد وغنتها فيروز وتنفسها لبنان والعالم ، ومازالت وستبقى ترفرف على القمم كباقي الأعمال العظيمة.
أما الصورة المعاكسة للأحزان المعاكسة فالجميع يعرفها.



#نور_الدين_بدران (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- النهر الهادر أصم
- الفأس والرأس
- الولايات المتحدة ليست فوق التاريخ
- انتظري
- أشتهي... بعد
- اصح يا نايم .....كفاية
- اللعبة الغامضة
- أهرامات الحماقة
- نقي العظام
- ليت رذائلنا كرذائلهم وفضائلنا كفضائلهم
- كهدوء يتفجر بياضاً له قرون
- وماذا بعد الانسحاب أيها الأحباب؟
- كرة الثلج أم كرة المجتمع المتمدن يا سيدة بثينة ؟
- الفضل لله طبعاً ...لكن
- عقلاء يحترسون ....غوغائيون يجزمون
- البلاد الحقيقية
- الخوف الدائم من الكلمة المبدعة في بلدان الاستبداد
- إلى أين تمضي بنا القافلة السورية؟
- ثلج الصمت
- إذا لم تستح فاكتب ما شئت...يا ضاري يا أعظمي لا فرق


المزيد.....




- -نيويورك تايمز-: المهاجرون في الولايات المتحدة يستعدون للترح ...
- الإمارات تعتقل ثلاثة أشخاص بشبهة مقتل حاخام إسرائيلي في ظروف ...
- حزب الله يمطر إسرائيل بالصواريخ والضاحية الجنوبية تتعرض لقصف ...
- محادثات -نووية- جديدة.. إيران تسابق الزمن بتكتيك -خطير-
- لماذا كثفت إسرائيل وحزب الله الهجمات المتبادلة؟
- خبراء عسكريون يدرسون حطام صاروخ -أوريشنيك- في أوكرانيا
- النيجر تطالب الاتحاد الأوروبي بسحب سفيره الحالي وتغييره في أ ...
- أكبر عدد في يوم واحد.. -حزب الله- ينشر -الحصاد اليومي- لعملي ...
- -هروب مستوطنين وآثار دمار واندلاع حرائق-.. -حزب الله- يعرض م ...
- عالم سياسة نرويجي: الدعاية الغربية المعادية لروسيا قد تقود ا ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - نور الدين بدران - العلاقة بالآخر مرآة الذات