|
التغيير الاجتماعي وثورات -الربيع العربي-
ريناس بنافي
الحوار المتمدن-العدد: 3999 - 2013 / 2 / 10 - 09:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
تعتبر ظاهرة التغير في الوقت الماثل من أهم المسائل التي تشغل الفكر الاجتماعي الحديث , وخاصة بعد الحربين العالميتين , فقد أخذت الجهود تتجه نحو التغيير المخطط من أجل إحداث تنمية حقيقية هادفة ، وهكذا فلم يعد حدوث التغير يسير تلقائياً دون توجيه واع , وإنما يتم وفق خطة مدروسة ، فهو إذا تغيير مقصود وإرادي وأصبحت المجتمعات في العصر الحاضر تستحدث المناهج والوسائل من أجل توجيه عملية التغير نحو إحداث وتحقيق التنمية بوجه عام ، وهذا يستدعي تحديد مفهومه تحديداً موضوعياً دقيقاً ، ومعرفة آلياته وأنماطه واتجاهاته وعوامله وموجهاته وعوائقـه ، إلى غير ذلك من الجوانب التي من شأنها تعميق الفهم اللازم لهذه الظاهرة الهامة . عندما كانت ظاهرة التغير والحركة ، ظاهرة ملموسة ، ودائمة ومستمرة دون توقف ؛ فنجدها قد أخذت مكان الصدارة من التفكير البشري ، وذلك منذ فجر الحضارات الإنسانية بصفة عامة وحتى يومنا هذا ، وعلى الرغم من هذا الاهتمام المبكر والمستمر من قبل المفكرين، فإن مفهوم التغير قد عولج من قبل أولئك المفكرين من منظورات وتصورات مختلفة ، وذلك تبعاً للاتجاهات الفكرية ولأيديولوجيات السائدة في كل مجتمع ، وفي كل عصر من العصور . وما يجمع عليه المفكرون هو أن التغير الاجتماعي ظاهرة اجتماعية(Social phenomenon) ، وحقيقة لا تقبل الشك ، فالمجتمع بطبيعته متغير , فهو يأخذ من الجيل السابق جوانب ثقافية ويضيف عليها تمشياً مع واقعه الاجتماعي ومتطلباته المستجدة . (1) أن الإصلاح والتطوير نقيض الجمود والركود، ولا يمكن أن نأمل فى مستقبل أكثر إشراقاً إذا لم نقبل تحمل مخاطرة التغيير، لإصلاح الأوضاع والهياكل والنظم السائدة فى كل مؤسساتنا التى يعانى الكثير منها من شيخوخة مبكرة وغير مبررة. فلا مفر من أن نقدم بشجاعة على مخاطرة إصلاح سائر المؤسسات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية كى تكون أكثر كفاءة وفعالة، ولكن يجب أن يتم ذلك بأكبر قدر من الشفافية والموضوعية والتجرد عن المصالح الشخصية، والسعى لتحقيق الصالح العام وحده، وهو ما يجب أن ينعكس على تحسين مستوى رفاهة غالبية الشعب، وليس أقلية منه . والخطوة الأولى فى طريق الإصلاح تبدأ فى اعتقادى من نبعين متوازيين . أولهما هو وعى عام جمعى ينمو بأن اليأس أو الإحباط أو التطرف أو الاعتقاد فى الغيبيات والركون إلى أحلام اليقظة أو أساليب الخلاص الفردى المغرقة فى الأنانية والانتهازية لن تحقق جميعها أى تقدم ملموس أو نهضة مأمولة لا فى الزمن القريب ولا فى الزمن البعيد. والنبع الثانى هو حدوث تغيير فى فهم قيادات المجتمع المسؤولة عن قراراته المصيرية بأن أوان الإصلاح الجدى قد أزف، وأن الاستمرار فى ترميم السياسات والنظم والمؤسسات المتهالكة لن يحقق أى تقدم مأمول، بل سيعجل بتفاقم الأوضاع والدفع بها إلى حدود ينبغى تجنبها اليوم قبل الغد. لقد أثبتت التجربة العملية، تاريخياً، أن للوعي المرتبة الأولى، بغض النظر عن المستوى الاقتصادي، وهذا يغاير تماماً المقولات الماركسية التي تعيد موضوع التغيّر برمته إلى الوضع الاقتصادي، وترى أنه لا يمكن وجود الوعي خارج المادة إلا إذا كان نتيجة له. إن الظروف الذاتية للنهضة، بالمعنى الدقيق للكلمة، هي إرادة وقدرة واستعداد وطموح الذات إلى النشاط الرامي إلى التحويل والتطوير الحقيقي والتقدم الجدير بتسميته. وكذلك هذا النشاط نفسه الذي يستهدف رفع مستوى وعي وانتظام أفراد المجتمع، وتأمين شروط الحياة الكريمة لأبناء المجتمع كلّهم، مثل ارتفاع المستوى الاقتصادي، وتطوير مؤسسات التعليم والصحة .
2 - أسباب مقاومة التغيير تشير البحوث والدراسات العديدة التي أجريت على التغيير أن تغيير الأفراد والأشياء ليس من المحال، بل أن طبيعة البشر تقبل التغيير كأمر طبيعي في حياتنا اليومية. وما يرفضه الأفراد هي الإجراءات التي يمر بها التغيير والظروف المحيطة به، وأن مقاومة التغيير ترجع إلى عدة أسباب منها: (2) 1- عدم وضوح أهداف التغيير. 2- عدم الرغبة في التخلي عن التقاليد المتبعة. 3- وجود اتصال ضعيف أو مفقود فيما يتعلق بموضوع التغيير. 4- الخوف من نتائج التغيير، أو اعتباره تهديداً للمصالح الشخصية. 5- الخوف من فشل التغيير. 6- الشعور بالرضا عن الوضع الحالي. 7- أن يكون التغيير سريعاً جداً ولا توجد هناك خطة لاستيعاب وتفهم التغيير. 8- أن تكون الفكرة السابقة عن عملية التغيير سيئة لدى المواطن . المشاكل المترتبة على عملية التغيير إن الانتقال من الوضع الراهن إلى الوضع المنشود يتطلب الدخول في مرحلة انتقالية، وهي مرحلة تتسم بالغموض وعدم الشعور بالأمان ، ويتم فيها تبديل أو تذويب الفكر التقليدي بسبب العادة أو الروتين، وتشجيعهم نحو التفكير ضمن إطار جديد أكثر فاعلية وحيوية. وتتسم المرحلة الانتقالية بالمظاهر التالية: - نسبة استقرار منخفضة. - درجة عالية من الضغط النفسي على الشعب. - درجة عالية من الطاقة والنشاط، ولكنها تكون في الغالب مبعثرة وغير موجهة. - عدم القدرة على التحكم في الأمور. - النظر إلى السلوك القديم، أو طرق السابقة على أنها ذات قيمة عالية. - زيادة النزاع والتعارض بهدف الحصول على أعلى المكتسبات أو خفض الآثار السلبية الواقعة على الوضع الجديد.
أسباب ونتائج فشل عملية التغيير هناك أسباب عديدة لعدم نجاح عملية التغيير منها أسباب متعلقة بمرحلة التخطيط ومنها ما هو متعلق بمرحلة الدراسة أو مرحلة التنفيذ، ومن أهم الأسباب المؤدية إلى فشل عملية التغيير ما يلي: 1- عدم وضوح أهداف ونتائج التغيير وتأثير ذلك على مقاومة الناس للتغيير. 2- عدم إبداء القيادة دعمها الكامل للتغيير. 3- عدم تشجيع البيئة على المجازفة والمبادرة، وذلك بمساءلة القائمين على التغيير على الأخطاء الصغيرة ومكافأتهم على عدم وجود أخطاء. 4- انعدام خطة إدارة مقاومة التغيير، والاستعداد للرد على التساؤلات والتظلمات الناتجة بعد تنفيذ عملية التغيير. 5- عدم توفر وقت كاف لتهيئة الناس لقبول فكرة التغيير.
3 - عوامل نجاح عملية التغيير هناك عوامل عديدة تؤثر في درجة نجاح عملية التغيير من أهمها ما يلي: (3) 1- ضرورة اتخاذ قرار التغيير في الوقت المناسب، وعدم التسرع في عملية التخطيط والدراسة وتنفيذ قرار التغيير. 2- دراسة الآثار الإيجابية للتغيير ومدى تأثيرها على حل المشاكل ورفع ألاداء ، وفي المقابل، دراسة الآثار السلبية المتوقعة من التغيير وقياس تكلفة الفشل مقارنة مع ثمن النجاح في التغيير أو الإبقاء على الوضع الراهن. 3- تهيئة البيئة لاستقبال التغيير من خلال النشرات الإعلامية وقيام القيادات العليا بالزيارات الدورية وعقد لقاءات مع الناس لتوضيح الآثار الإيجابية لعملية التغيير وطلب الدعم والمشاركة في نجاح التغيير، بالإضافة إلى عقد جلسات وندوات تعريفية بواسطة خبراء لشرح مراحل التغيير وجزئياته. ------------------------------------------------------------------------- (1) التغير الاجتماعي - المعرفة (2) فلسفة التغيير والعوامل المؤثرة في نجاح أو فشل عملية التغيير (3) المصدر السابق
#ريناس_بنافي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ازمة المجتمع العراقي بين الماضي والحاضر
-
ظاهرة الصراعات الإثنية الصراع الكردي في العراق نموذجًا
المزيد.....
-
جنرال أمريكي متقاعد يوضح لـCNN سبب استخدام روسيا لصاروخ -MIR
...
-
تحليل: خطاب بوتين ومعنى إطلاق روسيا صاروخ MIRV لأول مرة
-
جزيرة ميكونوس..ما سر جاذبية هذه الوجهة السياحية باليونان؟
-
أكثر الدول العربية ابتعاثا لطلابها لتلقي التعليم بأمريكا.. إ
...
-
-نيويورك بوست-: ألمانيا تستعد للحرب مع روسيا
-
-غينيس- تجمع أطول وأقصر امرأتين في العالم
-
لبنان- عشرات القتلى في قصف إسرائيلي على معاقل لحزب الله في ل
...
-
ضابط أمريكي: -أوريشنيك- جزء من التهديد النووي وبوتين يريد به
...
-
غيتس يشيد بجهود الإمارات في تحسين حياة الفئات الأكثر ضعفا حو
...
-
مصر.. حادث دهس مروع بسبب شيف شهير
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|