أسامة أبوديكار
الحوار المتمدن-العدد: 3994 - 2013 / 2 / 5 - 15:36
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
يدعو الموقف الدولي من الأحداث التي نعيشها داخل سوريا، إلى العجب العجاب.. فمنذ بداية الأزمة انبرت الأطراف الدولية للتدخل وتقديم النصح هنا، والتهديد هناك، البيان تلو البيان، والمبادرة تلو المبادرة، الدابي وكوفي عنان والإبراهيمي، الجامعة العربية، مجلس الأمن، هيئة الأمم، جنيف الأول وجنيف الثاني، حتى يخال المرء أن الدبلوماسية العالمية، لا شغل لها سوى الملف السوري، وأن أياً من دبلوماسييها لا ينام الليل من جراء البحث والتمعن والتمحّص في الملف السوري!!
وها نحن نقارب على دخول الأزمة عامها الثالث، ولسان حالنا يقول لتلك الدبلوماسيات: "كأنك يا بو زيد ما غزيت"!! فلا القتل توقف ولا التدمير توانى أو تباطىء، ولا أعداد الجرحى والمعتقلين تراجع، والأهم أن أعداد المهجرين والنازحين، أصبحت أعداداً فلكية، من حيث الحجم، ومن حيث المعاناة، إذ لا يكشف زيف تلك الدبلوماسيات أكثر من وضع اللاجئين في دول الجوار.. وهل هناك قبح يعادل قبح الموت جوعاً أو الموت جراء البرد والصقيع.. وكأن تلك الدبلوماسيات قد استعارت "منفختنا" العربية و"تشفيط" الشعارات لتقدمه إلى أطفال اللجوء والنزوح!!
اليوم يراودنا إحساس عميق وواضح، أن تلك الدبلوماسية أرادت استمرار القتل والدمار في سوريا، وعن سابق إصرار وتعمّد.. وما كانت مواقفها خلال العامين الماضيين، إلا من قبيل الإيقاد تحت الأزمة، وترك فتيلها مشتعلاً.. وما كانت المبادرات المطروحة إلا من باب إعطاء أطراف النزاع الأمل بحسمه، كلاً على حدة، وكأنهم كانوا يدفعون النظام والمعارضة المسلحة إلى مزيد من التدمير والقتال وبسط السيطرة على أوسع بقعة جغرافية، وكأننا في سباق لاحتلال بلادنا، و"استعمار" وطننا.. وخلق مزيد من مساحات الجحيم والموت.
الشعب السوري اليوم، وبكامل فئاته وشرائحه المتنوعة، المختلفة وغير المختلفة فيما بينها، يتمنى على الأطراف الدولية أن يكفوا عن اللعب بدمائنا، وأن يتوقفوا عن طرح المبادرات غير الجدية وغير الفاعلة، وأن يتقوا الله في مصيرنا، فقد فاق عدد شهدائنا الستين ألف قتيل، فضلاً عن الجرحى والمعتقلين واللاجئين والنازحين، وربما فاق عدد مدننا وقرانا المدمرة على الألف، ونحن نؤكد لهم وبالأرقام أن سوريا ما عاد بوسعها النهوض بنفسها لخمسين سنة قادمة، فضلاً عن أية فاعلية في الصراع العربي الإسرائيلي، وبالتالي فالأمن القومي الإسرائيلي تم تأمينه وضمانته، وما عدتم بحاجة لأية عمليات تدمير جديدة... وإن اللبيب من الإشارة يفهم.
#أسامة_أبوديكار (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟