|
حكاية من الماضي القريب ....
زيد محمود علي
(Zaid Mahmud)
الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 22:18
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
سنوات الطفولة الجميلة ، كنا نذهب الى صالات السينما في بغداد ، مثل سينما غازي والوطني ، كانتا من الصالات المعروفة في الحياة البغدادية ، وعندما كنا نتجاوز المقاهي في بغداد ، كنا نستمع لصوت أم كلثوم ومحمد عبدالوهاب . وهنالك أفلام عربية ظلت في الذاكرة ، مثل فلم ( مرحبا" ياحب ) تمثيل الفنانه نجاح سلام والفلم العراقي المتميز ( سعيد افندي ) لممثله ومخرجه القدير يوسف العاني ، والافلام المصرية مثل ثرثرة فوق النيل ، والرصاصة لازالت في جيبي ، وغيرها من الافلام الاجنبية الرائعة مثل مرتفعات وثرنك ولتسقط الرأسمالية ، وكنا معجبين بالممثليين العرب امثال فريد شوقي ورجدي اباضة وشكري سرحان ، والاجانب امثال ‘ فيكتور ماتيور و انطوني كوين وآخرين .. وكنت ازور والدي في مقر عمله في ستوديو اواديس في الحيدرخانه ، و( اواديس) رجل كبير السن كان دائما" ينتقد الاوضاع السياسية في العراق ، وكانت لهجته العربية ركيكه ، لكنه متمكن من الكلام بأسلوب شيق ، رغم استقرار الوضع في زمن رئيس الوزراء العراقي ( رحمه الله ) نوري سعيد ، ففي ذلك الزمن كانت مظاهرات الطلبه في اكثر الايام ، تقام في اكثر المناسبات السياسية مثل وعد بلفور وغيرها من الاحداث التي جرت في منطقة الشرق الاوسط . وقد شاهدت أكثر من مرة مظاهرات الطلبة في باب المعظم ، وكنت بعمر (8) سنوات آنذاك ، وعندما تتقدم المظاهرات بأتجاه وزارة الدفاع في باب المعظم ، فأن قوات الشرطة تقوم بالتدخل ، وتطلق عيارات مسيل للدموع ‘ وكان المتظاهرين يهتفون بسقوط الحكومة ، واحدى الشعارات هي ( نوري سعيد القندرة وصالح جبر قيطانه ) وهكذا كنت بعد انتهاء المظاهرة وتشتتها ، اعود للبيت مع أطفال المحلة ، عندها في دخولي البيت تقوم والدتي بضربي لكوني قد خرجت الى المظاهرات ، كنت اقول لها اني لم اذهب الى المظاهرات بل ذهبت للعب في المراجيح القديمة في باب المعظم . وفي أحد الايام جائنا والدي ، وقد البسني ملابس ( علي بابا ) وقال لوالدتي أني على موعد مع الباشا ، ووالدي كان جراح عسكري مع الطبيب محمد علي الامام ، وفي صغري لم أفهم ماذا يقصده بالباشا ، وفي الساعة السابعة ليلا" وصلنا ، نادي الضباط في حافظ القاضي ، واجهة النادي على نهر دجلة وكان ذلك عام 1956 ، وانا كنت صغيرا" بعمر (8) سنوات ، دخلنا مع والدي الذي ماسك يدي ، وعند دخولنا لاحظت مجموعة ناس جالسين ينتظرون الباشا ، وبعدها دخل اشخاص مدنيين حاملين اسلحة خفيفة ، وهم حمايات الباشا واذا برئيس الوزراء نوري السعيد يتوسطهم رافعا" يده بالسلام على جميع الحضور ، ونهض جميع الحضور من على مقاعدهم ليترجلوا احتراما" له ، وقد وقف الحاضرين مع تصفيق حار له وهتافات تأييدا" لحكومته وللملك فيصل الثاني ، ووقف سيادته خلف منضدة ، واتلى بخطابه ، وبأنتهاء خطابه ، اخذ احد المرافقين يذيع الاسماء لأطفال الموظفين والعاملين في الدولة لتكريمهم ، يتقدم كل شخص بمرافقة ابنه لاستلام هدية رئيس الوزراء هو ظرف فيه مبلغ من المال ، وقد علمني والدي بتقبيل يد رئيس الوزراء ، وفعلا" عند مجيء دورنا تقدمنا انا ووالدي ، قمت بتقبيل يده وآخذ هو بتقبيلي من اطراف وجهي ، وبعدها وضع الظرف بيدي استلمته وآخذنا بالانصراف لياتي دور آخر ، ولحين انتهاء الحفل ، وبعد خروجنا ، لاحظت المرحوم نوري السعيد يقول لوالدي كيف حالك يا محمود ، شكره والدي بأحترام متهيء له ، وانتهى ذلك اليوم . وكان ذلك الزمن يسمى بعهد المباد ، لكنه كان ( عهد ذهبي ) في حياة العراقيين صحيح ان الوضع الاقتصادي لم يكن في وضع جيد ، لكن الوضع االامني والاجتماعي والقانوني كان في مستوى يحسد عليه . وبعد الانقلاب الذي قام به الزعيم عبدالكريم قاسم بدأ عهد الجمهورية هو عهد وزمن القتل والسحل والتجاوز على حقوق الآخرين وأصبح لاقيمة لحقوق الانسان في العراق ، وجرت احداث وانقلابات كثيرة في العراق منذ ثورة 14 تموز راح ضحيتها الالاف من ابناء الشعب العراقي ولم يحقق الاستقرار والآمان لحد يومنا الحاضر . بينما زمن العهد الملكي من أفضل الأزمنة والذي عاش في ذلك الزمن يتحسر عليه اليوم ، ويعتبر تلك الفترة بالعصر الذهبي ، ولا اريد ان اطعن بأحد ولاسيما انا أؤمن بالفكر الاشتراكي لكن اقولها بصدق كل من عاش العهدين يعرف حقيقة الفرق بينهما . كنا في الطفولة التي قضيناها في مركز العاصمة بغداد، وكانت والدتي عصامية تقوم بتربيتنا ، وكنا في بيت مشتمل في العلواصية او ماتسمى الكرنتينه العائدة للأعظمية اداريا" ، وكنت اداوم في مدرسة البارودية الابتدائية في الميدان ، وكنت اذهب مشيا" على الاقدام ، صباحا" ومساءا" عند عودتي ، وفي اكثر الاحيان وعند خروجنا نشاهد خروج الملك فيصل بسيارته السوداء صباحا" من باب المعظم ، ووراءه تسير الخيول وموسيقى الجيش التي تعزف موسيقى ( شيش كباب ) وكنت اركض وراءها واتذكر الملك نفسه شخصيا" يقوم بتحيتنا بيده مبتسما" لنا ، وكنت اركض وراءهم لحين يأخذني التعب واعود للبيت .
#زيد_محمود_علي (هاشتاغ)
Zaid_Mahmud#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السرطان والفساد ....؟
-
سعيد حاشوش ...
-
حكومة المالكي وحكومة أقليم كردستان وجهان لعملة واحدة ... ؟
-
المعرفة والثقافة كسلاح فعال ...
-
الواقع المزري .. للرياضيين القدامى في أقليم كردستان ... ؟
-
وزارة الثقافة في أقليم كردستان ... عتاب لا أكثر ...
-
النتائج النهائية لبطولة العراق للمتقدمين بالملاكمة
-
البرلمان العراقي معطل
-
الرياضة الاولمبية تحتاج اليوم الى تخطيط وأدارة ...؟
-
كل اعوجاج في اللجان المشرفة للآنتخابات الرياضية القادمة سيكو
...
-
واقع لعبة الملاكمة ودخلائها- زيد محمود
-
العد التنازلي لأعضاء الاتحاد العراقي للملاكمة - زيد محمود
-
الملاكمة العراقية ..... واعادة النظر في برامجها
-
رياضة الفن النبيل في العراق .. من وجهة نظر موضوعية - .زيد مح
...
-
على الشعب العراقي .. ان يعيش في جزيرة ( واق .. واق .....
-
كلمة للتذكير مع قرب انتخابات الملاكمة العراقية - زيد محمود
-
الاخطبوط القادم .. خطر على البشرية
-
الدولة الكردية آتية لا محالة
-
معجزة ....؟
-
لقاء علي حاتم سليمان
المزيد.....
-
محاكمة مؤسس ويكيليكس: أسانج ينهي الأزمة مع أمريكا بعد الإقرا
...
-
عيد الغدير.. منشور نوري المالكي وتعليق مقتدى الصدر وتهنئة مح
...
-
مصر.. تقرير رسمي يكشف ملابسات قتل طفل وقطع كفيه بأسيوط
-
السعودية تقبض على سوري دخل بتأشيرة زيارة لانتحال صفة غير صحي
...
-
القضاء الأمريكي يخلي سبيل أسانج -رجلا حرا-
-
القضاء الأمريكي يعلن أسانج -رجلا حرا- بعد اتفاق الإقرار بالذ
...
-
رئيس ناسا: الأمريكيون سيهبطون على القمر قبل الصينيين
-
في حالة غريبة.. نمو شعر في حلق مدخّن شره!
-
مادة غذائية تعزز صحة الدماغ والعين
-
نصائح لمرضى القلب في الطقس الحار
المزيد.....
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
-
ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول
/ بشير الحامدي
-
الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة
...
/ ماري سيغارا
-
الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي
/ رسلان جادالله عامر
-
7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة
/ زهير الصباغ
المزيد.....
|