|
مهنة المعارضة
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 3992 - 2013 / 2 / 3 - 18:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
مهنة المعارضة كتب مروان صباح / بهدوء مرّ الاستفتاء ضمن مراحله الثالثة المقرر له ان يكون ، بدايةً من الخارج ثم تلاها على مرحلتين داخل الجمهورية مصر العربية وصوتت الأغلبية بنعم رغم مشاركة جبهة الإنقاذ ودعوتها الصريحة للشعب بتصويت ضد الدستور التى رأت أنه لا يلبي طموح الثورة والثوار ، لكن ما يلفت الانتباه تواضع نسبة المشاركين من الطرفين الموالاة والمعارضة التى عبرت عن حقيقة لا يمكن تجاوزها أو القفز عنها لما يحمل هذا الانكفاء تحت طياته من اشمئزاز بات يلامس المتحمسين للعملية الديمقراطية ، الذين اندفعوا منذ الشرارة الأولى بالترحاب لحقبة جديدة ارادوا بكل ثقة وعنفوان أن يشاركوا في معالجة المربعات المختلفة وفي ذات الوقت صياغة الطريق نحو المستقبل المأمول ، إلا أن ما ظهر خلال انتقال السلطة وتباعاً لما لحقها من تعثرات تحولت القضية إلى ظاهرة صوتية إعلامية يقودها بعض المهموسين عبر شاشات المتأزمة جعلت المناخ العام أشبه بالموتور ودفعت الأكثرية الغير مؤطرة أن تُغيب ذاتها عن المشهد الأخير رغم أهمية الحدث وما يحمله من تأسيسي يعتمد أولاً وأخيراً على صوت المواطن في تحديد مستقبل الدستور المطروح . ثمة مغالطات تمارسها المعارضة العربية دون استثناء، كما يبدو أن التكرار المتنوع على جغرافية الوطن لم يأتي بالشكل الإيجابي بل العكس تماماً فقد تورطت المعارضة بذات الإخفاقات دون أن تستفيد على الإطلاق لما جرى داخل مناطق ممتدة على طول وعرض من دروس وعبر ، كان من الأولى أن تكون قاعدة متينة ينتبه من ينتقل اليوم إلى مربعها ، لكنها سرعان ما تحولت الاندفاعات لتنتقل المعارضة إلى ادوات صراع كما يحصل تماماً في مصر منذ سقوط نظام المؤتمر الوطني لِتتفاقم تدريجياً حلقات الخصام لدرجة التعاظم وتتحول الإنفجارات مفتوحة على جميع المجالات وبالتالي يعاد سيناريو ما شاهدنا على الساحة الفلسطينية بعد عملية معقدة أدت إلى انتزاع طرف بالشكل الكامل من المعادلة السياسية والوظيفية داخل جغرافية قطاع غزة ، حيث اندرجت تحت عناوين كثيرة وعلى رأسها العمل مع الشرعية فقط مما جعل الأخر أن يستثمر ذلك على الأرض من تحولات أصبحت مع الأيام واقعاً بل يمكن أن يطلق عليها احلال سلس تمكنوا من خلاله تعبئة الأماكن الوظيفية المختلفة بأدوات جديدة التى أوهمت المستنكفين بأن عجلة الحياة لن تستمر ما دامت الأغلبية ملتزمة داخل جدران بيوتهم ، هذا ما تفعله المعارضة المصرية اليوم دون فهم حقيقي لكيفية معالجة الأزمات عبر آليات ديمقراطية يتخللها رؤى متجانسة دون الهروب من مواجهة الحاضر عبر اللجوء إلى إنتهاجات الماضي ، الذي يسمح للجميع أن يبقى على سطح الأرض دون اقصاء ذاتي قبل الغير ، فالنهج المتبع منذ بداية الأزمة الديمقراطية يدور حول من يحكم الحقبة الجديدة في مصر اتسمت بما يسمى بالحردان خصوصاً عندما لم تأتي الغايات كما تشتهي المعارضة بل توغلت في اساليب قد تخرجها بعد فترة من الزمن من المعادلة كلياً وبعد أن تكون تدريجياً أرادت أن تصوب الأمور عبر طريق الإضرابات المفتوحة عن العمل لمدة طويلة لا تعرف التجزئة خصوصاً في المحاكم القضائية وما شابه مما يعطي المبرر للنظام الجديد والفسحة أن يعيد ترتيب المقاعد المعلقة ضمن كوادر نظامه كما يشاء وبالمدة التى يحتاجها دون أن يتحمل عبء التغيير أو التكلفة الأخلاقية نحو من أراد أن يلتزم بقرارات المعارضة والنقابات المهنية في المنازل . المسألة ليست صرف رواتب بقدر ما هي احلال ، لكنه بإرادة ذاتية يتيح لمن يتربص الفرصة بالانقضاض بكل ارتياحية ويزيح بذات الوقت من هم عالقون ضمن قرارات ناقصة غير مبصرة إلى واقع يتأقلم معه من هو معلق قبل من هم في الحياة العامة ليتضح بعد مرور الوقت أنهم أُخرجوا من الفعل والتفاعل على طريقة إحالتهم إلى التقاعد المبكر بشروط ومعايير ترغب فيها الإدارة المصرية الجديدة التى تمثله الرئاسة بحيث تجعل من أدواتها فاعلة في الأماكن رغم نقص خبرتها إلا أنها تتعلم وتفرض ذاتها على مناحي الحياة وتصبح قوة لا يمكن الاستهانة بها أو تجاوزها وما من مفر إلا التعامل معها والمرور من خلالها ، لهذا بد من اعادة النظر فوراً بالتجميد الحاصل للهيئات الوطنية الكبيرة والتوقف من ممارسة اللجوء إلى المحاور التى تخرج الأكثرية بجريرة البعض من المشهد السياسي والوظيفي معاً ، والاتجاه للأساليب تحافظ على الحركة داخل الدوائر بشكل ديناميكي حيوي النقيض للثابت والسكون لتساعد على التوازن والاندماج مع التطور القادم دون الاستسلام للانكماش والتشتت الذي يؤدي إلى التناحر وينمي حالة المراوحة لدرجة إضعافها وإيصالها منطقة العدم ، بل اشتقاقها لبعض الطرق الوعرة معتمدةً على بعض التجارب المتعددة يجعلها أن تغوص في ثنايا ملوثة من المستنقعات الأكثر ارباكاً وضعفاً عنّمَا كانت عليه في السابق لينخفض سقف مطالبها من الندية والمشاركة في ادارة ورسم سياسات البلد إلى العطف والتسول كونها جسم لا بد من التعامل معه تحت صيغة التكميلية الشكلية لا أكثر ولا أقل ، أي بمعنى أخر ما أُطلق عليه سابقاً في النظم النقيضة للديمقراطيات بالديكوريشين . من حق أي مواطن اخراج من جيبه ميزان لقياس درجة حرارة أو برودة الديمقراطية المتنامية ، لكن ليس من السهل أن يُعّلن عن حزب دون أن يمتلك قاعدة جماهيرية وتنظيمية عريضة يرتكز عليهما حيث يعتمد في واقع الأمر على رصيد أسمه الذي تكون في المراحل الغموض وعدم الاحتكاك الفعلي للاختبارات التى يُنّتج في نهاية المطاف قرارات تؤدي إلى عطب العملية السياسية برمتها دون الانتباه للكوارث المتعاقبة التى يمكن أن تحل نتيجة رؤية وحدوية تستبعد الأخر من دائرة المشاركة في رسم خطوات الحاضر المليء بالمركبات ، مما يتوجب لمن في الميدان التراجع بحذر من التدافع الحاصل نحو الاستغراق ، الذي إن استمر سيحرق ما تبقى من اليابس بعد انعدام الأخضر ، فالتحلي بالصبر واستخدام جميع وسائل التى تساهم في استحضار البصيرة لمعالجة الوقائع لتلك التى تُرتكب من حين إلى أخر تحت مسميات لا تليق بالوعي الجمعي حان وقتها حتى لو كانت في ذروة الهيجان المتبادل ، فثمة دائماً عقلاء وحكماء يتقدمون بهذه اللحظات العصيبة كي يوفروا عصا النجاة للغارقين . لقد تغيير العالم كثيراً خصوصاً بعد غزو واحتلال العراق وباتت الأوضاع تندفع أكثر نحو الخلاص القومي الذي بدأ في كردستان العراق وذلك نتيجة تراكمات مارستها الدول الحديثة التى هيأت المجتمعات المختلفة كي تلجأ إلى الفرعيات بالرغم معرفتها المسبقة أنها تأتي على حساب الجغرافيا المتماسكة والقوى الجامعة ، وانطلاقا منّ عند هذه الزاوية ، تتهاوى المربعات المتعددة ، إن كانت إثنية أو طائفية أو تلك التى أخذت اسماً توارت خلفه الأحزاب حيث تسعى بكل ما أوتيت به من قوة في إحداث اختراقات جديدة للجغرافيا تحت ذرائع الديمقراطية الناقصة واستكمالها بشتى الطرق المشروعة وغير ، لهذا تضيق سبل الحوار مقابل اندفاع العنف المتبادل من جميع الأطراف حيث يلامس الطلاق البائن في كل مرة ويعود ليستقر على عتبة التنابذ بالعكس تماماً لما جاءت به الثورة من أدبيات لذاكرة مضادة من تاريخ التنابذ والانغلاق والتناحر الذي وفرت قاعدة متخبطة لم يعد من في داخلها يحتكم إلى المنطق أو تلك المعايير التى يمكن أن تكون نقطة انطلاق لمعالجة المسائل المختلف حولها كالدستور والحكومة وغيرهما من القضايا المعلقة ، لهذا حلّ البرلمان في مصر لم يكن ابداً عملية بريئة ليتحول الميدان البديل الشرعي للاعتراضات مصحوبة بإنسياقات تدريجية تعطب الاستقرار وتهدد الأمن السلمي للمجتمع وتَسقط فيها دماء الأبرياء دون تحمل لأدنى المسؤولية ، لأن القاتل دائماً مجهول ، وتزيد من الاحتقان الذي يدفع الكثير اللجوء إلى رفع شعارات تنادي بالإنفكاك الجغرافي بسبب شعور بالإقصاء والتهميش . المعارضة تتحول مع الوقت إلى مهنة مكتسبة نتيجة تراكم العمل الميداني وبدورها الرقابي يجعلها أيضاً ميزان قياس تحدد من خلاله كيف ومتى تتعامل مع القضايا المحلية دون أن تسمح لأحد أن يدفعها إلى الخروج من الحلبة ، لهذا من الأجدر أن تعيد النظر المعارضة المصرية بتلك الخطوات المأخوذة قبل فوات الأوان وتصبح جسم لا قيمة له في المستقبل . والسلام كاتب عربي
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مهنة المعارضة
-
الكنفدرالية بعد الدولة
-
ألقاب أشبه بالقبعات
-
كابوس حرمهم الابتسامة
-
أحبب هوناً وأبغض هوناً
-
واقع ناقص لا بد من استكماله
-
زلازل فكرية
-
صمود يؤسس لاحقاً إلى انتصار
-
استمراء ناعم
-
الردح المتبادل
-
ارتخاء سيؤدي إلى إهتراء
-
ملفات تراكمت عليها الغبار
-
اخراج الجميع منتصر ومهزوم
-
نعظم العقول لا القبور
-
أمَّة اقرأ لا تقرأ
-
مسرحية شهودها عميان
-
تونس وهي
-
فياض ... لا بد من نقلة أخرى نوعية
-
على خطاك يا فرعون
-
الضغوط تواجه بمزيج من الشجاعة والحكمة
المزيد.....
-
السعودية تعدم مواطنا ويمنيين بسبب جرائم إرهابية
-
الكرملين: استخدام ستورم شادو تصعيد خطر
-
معلمة تعنف طفلة وتثير جدلا في مصر
-
طرائف وأسئلة محرجة وغناء في تعداد العراق السكاني
-
أوكرانيا تستخدم صواريخ غربية لضرب عمق روسيا، كيف سيغير ذلك ا
...
-
في مذكرات ميركل ـ ترامب -مفتون- بالقادة السلطويين
-
طائرة روسية خاصة تجلي مواطني روسيا وبيلاروس من بيروت إلى موس
...
-
السفير الروسي في لندن: بريطانيا أصبحت متورطة بشكل مباشر في ا
...
-
قصف على تدمر.. إسرائيل توسع بنك أهدافها
-
لتنشيط قطاع السياحة.. الجزائر تقيم النسخة السادسة من المهرجا
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|