أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - مشاهدات بغدادية 2 لماذا تحول العراق الى مسخرة ؟















المزيد.....

مشاهدات بغدادية 2 لماذا تحول العراق الى مسخرة ؟


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 3990 - 2013 / 2 / 1 - 22:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


مشاهدات عراقية

ــ 2 ــ.

لماذا تحوّل العراق الى مسخرة ؟

في حديثه الى قناة العراقية في 28 / 12 يرى دولة رئيس مجلس الوزراء بان [ تبادل الاتهامات والتصريحات بين الساسة في الاعلام جعلت من العراق مسخرة بين دول العالم ] فيما نرى بأن سبب ذلك يعود الى انعدام الشفافية في آليات عمل مجلس الوزراء . وانعدام الشفافية مرده الى عدم أخذ السلطة بمبدأ التخطيط في عملها . اذ الشفافية هي المرآة التي تعكس للمواطنين الخطوط البيانية الصاعدة أو الهابطة في انجاز هذا الوزير أو ذاك . تُعد الخطة واحدة من بين أهم أدوات المدنية الحديثة في النهوض والتقدم . تتطلب الخطة اول ما تتطلب وضع أهداف واضحة محددة يتم الوصول اليها عن طريق جدولة الاولويات وتوزيعها على سنوات الحكم الاربع ، هي بمثابة التطبيق الفعلي للبرنامج الانتخابي الذي أوصل السلطة القائمة الى الحكم . برنامج السلطة القائمة { دولة القانون وشركائها } الانتخابي واضح الهدف ، اذ يقوم على تدعيم الركائز الاساسية لسيادة القانون . ولا طريق أمام السلطة من أجل تحقيق هذا الهدف ، غير القيام بوضع خطط فورية لأهدافها البعيدة والقريبة ، من أجل ترسيخ بناء مؤسسات دولة ، رسم الدستور خطوطها العامة ، لا أي مصدر آخر ، اذ ان مهمة التأسيس لدولة جديدة ، هي المهمة الاخطر من بين مهمات سلطة الشراكة الوطنية بعد انتخابات عام 2010 ، أو بعد مؤتمر أربيل . بنية الدولة ــ وفقاً للدستور ــ فدرالية لامركزية ، هذا اوّل تعدٍ على شكل الدولة الموروث عراقياً والذي كان يحتفظ فيها المركز { رئيس مجلس قيادة الثورة المنحل } بكل الصلاحيات ، اذ ستستقل الاقاليم والمحافظات بصلاحيات محددة . والتعدي الثاني يتمثل بالهجوم على المركز ذاته الذي كان يقرر كل شئ ، ويدور من حوله كل شئ ، وتوزيع صلاحياته على ثلاث سلطات : التنفيذية والتشريعية والقضائية . أما التعدي الثالث ، وهو أخطرها جميعاً ، فيتمثل بوجود هيئات مستقلة { كالمحكمة الاتحادية مثلاً أو هيئة النزاهة } في آليات عملها وفي قراراتها عن أي سلطة خارجية ، أكانت هذه السلطة الخارجية سلطة حزب ، او سلطة رئاسة الوزراء ، او رئاسة الجمهورية أوغيرها من السلطات . تتبادل هذه السلطات الرقابة على بعضها خوفاً من طغيان احدها واستبدادها بالقرار . ما هو هام في هذا التقسيم ، يتمثل بنزع الطابع الشخصي نهائياً عن الحكم في العراق ، الذي غالباً ما ينحو منحى تأليه الحاكم . يعزز من هذا المسار نحو جعل الحكم ممارسة بشرية غير موحى بها من قبل قوى غيبية : آلية دورية الانتخابات ، التي تُسقط في تكررها كل أربع سنوات ، أي نوع من أنواع الحقوق الموروثة التي تتذرع بها عوائل أو قبائل أو طوائف أو فئات اجتماعية اخرى . لكأن البشرية اكتشفت بأنه من غير تقسيم السلطات وتوزيعها ، ستعود مجدداً حكاية الاصل السماوي للحاكم ولتشريعات حكمه ، وهو ما حدث ويحدث في البلدان العربية ، فكل طغاتها نسبوا لأنفسهم صفات سماوية مثل : القائد الضرورة والزعيم الاوحد والملهم من السماء ، وفوّضوا أنفسهم بالأستيلاء على مراكز القوة والقرار والتملك الشخصي للثروات.. تعود فكرة تفكيك مركزية الدولة وتقسيم الصلاحيات الى عقول مفكري عصر الاستنارة ، التي كانت تراقب ما يجري في التاريخ البريطاني من نزع تدريجي لصلاحيات الملك ولمجلس الشيوخ . وعملياً الى العقول الفذة التي كتبت الدستور الامريكي وأسست في سبق تاريخي دولة الولايات المتحدة الامريكية الفيدرالية ، التي أثبت نظامها صلاحيته في ازاحة الطائفية ثم العنصرية وتحقيق مبدأ المواطنة ، فاستحق مؤسسيه من شعبهم لقب الآباء المؤسسين . فشلنا نحن في الاخذ بنظام نجح فيه غيرنا . وهذا هو الفشل الثاني لنا ، اذ سبقته تجربة متماسكة دستورياً في العهد الملكي ولكن رموز المجتمع السياسية لم تنجح في تبيئتها واستنباتها . هل يعود سبب الفشل المتكرر الى ان ثقافة الشعوب لا تتقبل المفاهيم السياسية الوافدة عليها كمفهوم التعددية وتقسيم السلطات ، بالسرعة نفسها التي تتقبل بها الابتكارات التكنولوجية كالسيارة والكومبيوتر، قبل ان تصطنع هي بنفسها هذه المفاهيم كتعبير عن حاجة داخلية اساسا ؟ لا استطيع القطع بأجابة حاسمة على هذا السؤال ، ونحن نقرأ ونسمع عن شعوب تنتمي الى قارات مختلفة نجحت في تبيئة مبدأ تقسيم السلطات ، وحولت مفهوم التعددية الى ممارسة سياسية حقيقية عبر مفهومي الاكثرية والاقلية والتداول السلمي للسلطة . تشير أحداث الربيع العربي في تونس ومصر تحديداً ، الى ان الثوار فيهما ، رفعوا شعار التعددية المتلازم في التطبيق مع آلية تنفيذه التي هي : دورية الانتخابات ، ولم يتجاوزوا ذلك ــ في اشارة ذات دلالة تاريخية ــ الى رفع شعارات تتطابق في ايحاءاتها التشريعية مع مفهوم الديمقراطية في أبعاده الفلسفية وفي خلفيته الحضارية . فظل الثوار يراوحون في منطقة الاحتجاجات التي ستتكثف في شعار : أرحل . وحتى في الموجة الثانية من الاحتجاجات ظلت الجماهير مدفوعة في شعاراتها بالهاجس الاخلاقي الذي يربط التغيير بالافراد لا بالتشريعات ، ولهذا لم يتجذر لدى المحتجين في البلدين منطق الثورة الذي هو : منطق حقوق وتشريعات ، وهو ما حدث في الثورات الكلاسيكية في التاريخ : الثورة الفرنسية 1789 ، الروسية 1917 ، الايرانية 1979 [ استوحت الثورة الايرانية في تشريعاتها حق العائلة العلوية بالخلافة ، وجعلت من الفقيه الرافعة الاجتماعية لهذا الحق { الذي سيلي من الناس ما كان الرسول " ص" يلي من أنفسهم . كتاب : الحكومة الاسلامية ، للأمام آية اللّه العظمى الخميني } فتشريعات الثورة الايرانية قامت على اساس بعث ثقافة سياسية موروثة ، وهي تختلف في ذلك عن الثورة الفرنسية التي استلهمت في تشريعاتها : حق طبقة اجتماعية جديدة في التاريخ من حيث تماسكها النظري والعملي ، التي هي البرجوازية ، وجاءت الثورة الروسية في تشريعاتها بحق طبقة اجتماعية جديدة هي الاخرى في التاريخ التي هي البروليتاريا . أما بعد سقوط الاتحاد السوفياتي فقد تحولت دوله في تشريعاتها من حق السيادة التشريعية العمالية والعودة مجدداً الى الحق البرجوازي : حق الملكية الخاصة ، وتعبيره السياسي : الديمقراطية ] هل يعود سبب فشلنا في النجاح ببناء دولة الفصل بين السلطات الى الاختلاف بين اداة البناء { اي احزاب حكومة الشراكة الوطنية } وبين الهدف { بناء دولة تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات } ؟... تولت الحكم في العراق أحزاب سياسية تنطوي خلفيتها الفكرية على مقولات سياسية موروثة ، تنطلق في جملتها من مفهوم الفرقة الناجية { الحديث المنحول على الرسول : ستنقسم أمتي الى 73 فرقة ، واحدة منها هي الناجية } والعجيب ان الفرق الاسلامية الميتة منها { وهي أكثر عدداً من الفرق التي ما زالت حيّة } تكذب كل منها الاخرى في ما ترويه من احاديث نبوية عن طريق آلية الجرح والتعديل ، ولكنها تتفق جميعاً على صحة هذا الحديث الذي يثير الفرقة والشقاق والذي لا يبيح توزع الجماعة على طوائف مختلفة بل يحرمه ، ويعتبر العمل من اجل ازاحة المختلف طائفياً ، او اجباره على الرضوخ لتنظيماتها ، نوعاً من الجهاد والعمل المقدس الذي سيثاب عليه اعضاء الحزب في الآخرة . بينما فكرة تقسيم السلطات مقولة سياسية حديثة ، تشكلت في خضم النضال ضد شرعية فكرة المركز الواحد في الدولة الذي يمسك بكل السلطات ، أياً كان مصدر تلك الشرعية الذي اتنسب اليه ملوك ذلك الزمان وبنوا حقوقهم في الحكم عليه شرقاً وغرباً . ذلك يعني ان الناس { المجتمع او الشعب او الامة } في الدول التي تقوم على مبدأ الفصل بين السلطات اصبحوا ، وهم يبنون دولتهم الجديدة ، مصدر شرعيتها ، وهي شرعية ارتبطت بحاجتهم للتخلص من الاستبداد ، الذي نظروا اليه نظرتهم الى قيود تحد من انطلاقتهم وتقدمهم ، فأصبحوا من خلال اكتشافهم للنظام الذي يلبي حاجتهم الانسانية الى الحرية هم المصدر والشرعية للدولة الجديدة في التاريخ البشري التي ولدت تطبيقاً لمقولات سياسية جديدة اكتشفها ووضعها بشر لا آلهة ، ولم يتكامل بناؤها بين ليلة وضحاها ، بل اسقطت مسيرة بنائها بعض تشريعاتها الاولى واستعاضت عنها بما يعزز مسيرة تحرر مواطنها وحريته ، الى بلغت شأواً انسانياً عظيماً مع مفهوم : المواطنة ، وهو مفهوم بشري ينظر الى المواطنين بالتساوي على اختلاف عرقياتهم وطوائفهم الدينية وثقافاتهم ، ضداً على المفهوم الطائفي الذي كانت تقوم عليه دولة الولاء الطائفي التي عادة ما تكون شديدة المركزية . أما المحور الحضاري لهذا النوع الجديد من الدول في التاريخ الانساني فيقوم على حل معضلة التحديات الطبيعية والاجتماعية والتكنولوجية { كتيارات التراب مثلاً ، والكهرباء والمجاري والفساد ...الخ } وسد حاجات الانسان الاخرى التي يتطلبها العيش في الدنيا ، ويترك للانسان ان يسد حاجاته الروحية التي تتطلبها الآخرة مصداقاً لقول الامام علي " ع " : اعمل لدنياك كأنك تعيش أبداً واعمل لآخرتك كأنك تموت غداً . وتتنافس الاحزاب في هذا النوع من الدول لا يقوم على اساس من التوتير الطائفي والعرقي كما هو جارٍ في العراق الآن ، بل على أساس برامج تشير الى خطة كل حزب في سعيه الى تحسين شروط الحياة المعيوشة ، والأرتقاء منها الى مستقبل الطريق اليه فيه الكثير من الوضوح ، يتبدى ذلك في دعم كل السلطات { المتغيرة } لمجال البحوث والتجارب المختبرية والدراسات المستقبلية ، بتخصيص الاموال الطائلة ، اذ ان ديمومة وجودها كدولة مرتبط بتطورها الاقتصادي الذي لا تتمكن من جعله في مقدمة الاقتصادات العالمية من غير الاحاطة التامة بحاضره ، واكتشاف ميوله المستقبلية .. هل يعود السبب في فشلنا المتكرر في تبيئة هذا النوع من الدول الى اهتمامنا بوضع الخطط لما بعد الموت لا للحياة ؟ وهل كان غرق بغداد بعد زخة مطر لا بعد عاصفة من وزن سدني ، أو من وزن تسونامي ، يعود الى عدم الاكتراث بتحسين شروط الحياة ، فتتحول المفاهيم السياسية الحديثة في ممارستنا لها الى ما يشبه الفضيحة ، أو على حد تعبير السيد نوري المالكي الى { مسخرة بين دول العالم } ؟
30 / 12 / 2012



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- وزراء العراقية
- قضاء الرفاعي
- أنا الطائفي الوحيد
- بين المالكي والاعرجي
- ما مدى واقعية افكار الاستاذ محمد عبد الجبار الشبوط عن الدولة ...
- عن الطائفية ...من وحي مقالة الاستاذ جواد الشكرجي
- رمزية ودلالة المواجهة في طوزخورماتو
- عالم آخر ممكن
- { تلفت القلب }
- الدولة الكردية والشرعية
- صالح المطلك
- عنها
- لقطة
- التكنولوجيا ومنظومة العمال الفكرية
- حكايات طويلة عن احداث قصيرة
- آلهة ورصاص
- بحر وسينما
- العراق : ازمة وعي دائمة ، ام في الطريق الى وعي الأزمة ؟
- نهر ومدينة
- لهاث


المزيد.....




- ماكرون يطرد 12 موظفا في الدبلوماسية ويستدعي سفير بلاده في ال ...
- ابنتا بوعلام صنصال تطالبان ماكرون السعي لإطلاق سراح والدهما ...
- الجميع -هدف مشروع-.. محللة توضح أهمية الفاشر لـ-الدعم السريع ...
- إسرائيل: لن تدخل أية مساعدات قريبا إلى غزة للضغط على حماس
- عباس إلى دمشق الجمعة المقبل للقاء نظيره الشرع
- الداخلية التركية تعلن القبض على 89 إرهابيا يشتبه بهم بالانتم ...
- إسرائيل تفرج عن 10 أسرى فلسطينيين من قطاع غزة
- الحكومة اللبنانية تطلق مشروع إعادة تأهيل طريق المطار
- شاهد.. -سرايا القدس- تعرض مشاهد من قصف استهدف الجيش الإسرائي ...
- بكين تمدّ جسورًا مع جنوب شرق آسيا


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - مشاهدات بغدادية 2 لماذا تحول العراق الى مسخرة ؟