نورالدين محمد عثمان نورالدين
الحوار المتمدن-العدد: 3979 - 2013 / 1 / 21 - 15:34
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
ونقصد هنا بالفارات الثلاث ، الحكومة السودانية وحكومة جنوب السودان والوسطاء ، وفارات هي جمع فارة وهو مصطلح شبابي يعني ذلك الشخص عديم الخبرة بشئ ما و رغم ذلك يصر على المضى قدماً لإكماله ، وهذا بالضبط مايحدث فى المفاوضات الجارية بين حكومتي الشمال والجنوب ، فالجانبان يصران على إكمال المفاوضات بمفردهما على الرغم من وجود خبرات كثيرة يمكنها حل كل تلك القضايا العالقة من جولة واحدة ، فمايحدث هناك على طاولة التفاوض ليس هو مايجب أن يحدث فكل مايحدث هناك هو تشاكس وإختلاف حول أولوية الأجندة التى يجب أن تطرح للحوار ، فثلاً حكومة الشمال تتمسك قبل كل شي بحسم الترتيبات الأمنية والحدودية بين البلدين ومن ثم الإنتقال إلى القضيايا الأخرى ، وحكومة الجنوب تتمسك بتقديم أجندة التفاوض حول ضخ البترول والإتفاق حولها وتضغط بتقديم قضية أبيي ، والوسطاء يسعون بكل جهد لتقريب وجهات النظر تارة برفع العصا وتارة برفع الجزرة ، وهكذا تدور المفاوضات حول قضايا هامشية لا تقدم إختراق مباشر للقضايا العالقة ، والخطورة تكمن فى أن الجانبان يتعاملان بذات العقلية الحزبية القديمة غير مدركين أنهم اليوم يمثلان دول كاملة السيادة ويمثلان شعوب تنتظر وصولهم لحلول سريعة حتى يعم الأمن والسلام البلدين ..
وكما أسلفنا سابقا وقلنا أن المقدمات الخاطئة ستقود حتماً لنهايات خاطئة وهذا مايحدث بكل أسف فكل المقدمات التى تسوقها المفاوضات خاطئة وتتقدم من فشل إلى فشل ، مما سيقود لقاء القمة القادم بين رئيسي الدولتين لفشل أيضاً ، والدليل لا يحتاج لكثير عناء لإيجاده ، فتلك السلسة الطويلة من المفاوضات والتى إنفضت جميع حلقاتها دون التوصل لحل بين الطرفين هو دليل واضح لا تخطئة عين مراقب متفحص للوضع لا يتجاهل تلك التفاصيل الدقيقة التى تدور بين الطرفين ..
والمؤسف حقاً أن العقلية التى تدار بها المفاوضات هي عقلية الحرب التى لا تستطيع الخروج من مفهوم ( الإنتصار ، والهزيمة ) فكل هم الوفد المفاوض هو الإنتصار على الوفد الآخر وإلحاق الهزيمة به من خلال التمسك بأجندته وعدم التنازل عن حرف منها وبدعم من قيادة الدولتين ، ناسين فى ذلك او متناسين أن من إرتضى طريق المفاوضات والحوار عليه بتقديم تنازل هنا مقابل تنازل هناك حتى يصل الجميع لحلول وسط ترضي الطرفين بنسبة معقولة ، أما عقلية التمترس خلف رأي واحد والضغط على الطرف الآخر بطرح قضية ليست محل تفاوض بهدف تحقيق إنتصار إعلامي آني وإظهار الآخر بأنه هو السبب وراء تاخر الوصول لحلول او تحميله سبب فشل الجولة ، هي فى تقديري عقلية فاشلة لن تقدم أي إختراق إيجابي وستساهم فى إيصال البلدين إلى حافة المواجهة ، والتى حينها لن تكون مواجهة بين حزبين أو فكرين أو دينين إنما ستكون مواجهة بين دولتين بكل ما تحمل الكلمة من معنى ..
ولكم ودي ..
#نورالدين_محمد_عثمان_نورالدين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟