|
اقصاء حكومة ابن كيران من الحوار الاجتماعي
اسماعين يعقوبي
الحوار المتمدن-العدد: 3978 - 2013 / 1 / 20 - 21:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لسنوات عديدة والكونفدرالية الديمقراطية للشغل تطالب بحوار ثلاثي يجمع الحكومة والباطرونا والنقابات الأكثر تمثيلية، لسنوات عديدة والبعض يشتكي من إقصاء النقابات الأقل تمثيلية من الحوار الإجتماعي ، رغم كونها فاعلة في بعض القطاعات أو بعض الجهات، ويعتبر ذلك خرقا للديمقراطية الحقيقية التي تستوجب إشراك جميع المركزيات النقابية، لسنوات عديدة تطالب المركزيات النقابية بضرورة عقد جولات للحوار أو التفاوض الاجتماعي مع الحكومة والباطرونا حول أجندة وملف مطلبي محدد،
لسنوات عديدة والمركزيات النقابية تنتقد إقدام الحكومة على إعلان إجراءات أحادية الجانب دون استشارة المركزيات النقابية، ... لكن لأول مرة، في تاريخ العمل النقابي المغربي على الأقل، تشتكي الحكومة من تغييبها من الحوار الاجتماعي، ولأول مرة يحدث في المغرب ما يلي: وقالت المصادر الحكومية ل"كود" إن رئيس الحكومة "لم يفهم جيدا سياسة السيدة مريم بنصالح التي أعلنت عن ميثاق اجتماعي للتنافسية المستدامة توقعه في المرحلة الراهنة مع المركزيات النقابية الأكثر تمثيلية". و أضافت المصادر أن عبد الإله بنكيران يقول لمقربيه في الحكومة، ولاسيما وزراء حزب التقدم والاشتراكية، إن "الحوار الاجتماعي كما هو متعارف عليه في العالم يتم بين الحكومة وأرباب العمل والمنظمات النقابية أي بين الفرقاء الاجتماعيين، و ليس بين رؤساء المقاولات وممثلي العمال". فالحكومة – يقول بنكيران وفق المصادر الحكومية- يمكن أن "تعمل بدون الاتحاد العام للمقاولات، في حين لايمكن للسيدة مريم بنصالح أن تشتغل من دون الرجوع إلى الحكومة التي هي المسؤولة عن توفير المناخ السليم للسلم الاجتماعي ولاسيما في مرحلة الأزمة الاقتصادية...". فلماذا يا ترى أقدمت الباطرونا على هذا الفعل دون الحكومة، وهي تعلم _حسب بنكيران_ انها لا يمكن ان تشتغل دون الحكومة؟ هنا يبرز رأيان إلى الوجود، الأول يشتغل بفكر المؤامرة التي تطرقنا إليها في مقالات سابقة، ويعلق الحدث على أطراف أخرى تستهدف حسبه التجربة الحكومية، وفيها هذا الصدد تكون القراءة الآتية خير معبر عنها: وكشفت المصادر ذاتها ل"كود" أن رئيس الحكومة "مقتنع أن الأمين العام لحزب الاستقلال والكاتب العام للاتحاد العام للشغالين بالمغرب حميد شباط هو من يوقظ نار الفتنة بين مريم بنصالح والحكومة". و أوضحت المصادر أن "شباط يحاول أن يضغط على بنكيران بشتى الوسائل والأسلحة المتاحة أمامه. فبعد المذكرة التي يطالب فيها بتعديل حكومي يطيح بخصومه الوزراء لاسيما في هيئته السياسية، يسعى شباط إلى إرباك الحوار الاجتماعي للحصول على مكاسب لصالحه من خلال التحالف مع رؤساء المقاولات الكبرى التي تسيطر على قيادة الاتحاد العام للمقاولات". أما الثاني، فيرى في الاتفاق التفافا على مطالب الشغيلة، ودفعا للحساب من تحت الطاولة وسياسة بيروقراطية وتخل واضح عن مطالب الشغيلة في التحرر من الامبريالية والرأسمالية... الرغبة في إسقاط الحكومة ومأزقتها أمر محسوم فيه، والتخلي عن محاربة الاستغلال إلى الدفاع عن تحسين شروط الاستغلال أمر محسوم أيضا وعبرت عنه قيادة المركزيات النقابية دون استثناء، فما الجديد حتى يتم التفاوض بهذا الشكل؟ الجديد اذن يستشف وتعبر عنه مقولة بنكيران التالية: الحكومة يمكن أن "تعمل بدون الاتحاد العام للمقاولات، في حين لايمكن للسيدة مريم بنصالح أن تشتغل من دون الرجوع إلى الحكومة التي هي المسؤولة عن توفير المناخ السليم للسلم الاجتماعي ولاسيما في مرحلة الأزمة الاقتصادية..."، فإذا كان بإمكان حكومة بنكيران أن تعمل بدون الاتحاد العام للمقاولات، فهذا يعني ان هناك استقالالية ما بين عمل الحكومة وعمل الباطرونا. وهاته الاستقلالية التي تتيح للحكومة العمل دون الباطرونا تتيح أيضا للباطرونا العمل دون الحكومة. فما هي هاته الإمكانية، ولصالح من تعمل في الوقت الراهن؟ دون التسرع في الإجابة عن هاته التساؤلات، لا بد من استحضار بعض البديهيات التي تغيب عن العديدين هاته الأيام بفعل تسارع الأحداث وتداخلها إلى حد كبير، فالتاريخ يعرف، أو بالأحرى يعترف بحكومتين، حكومة رأسمالية تراعي مصالحها، وحكومة شعبية تنبثق عن ثورة شعبية. الاستثناء المغربي كما يحلو للبعض تسميته، أفرز حكومة رأسمالية شعبية، فهي رأسمالية بخياراتها وتوجهاتها، وشعبية بحكم الاحتكام لصناديق الاقتراع الرأسمالية التبعية بامتياز. إن هذا الاستثناء المغربي، أو الشكل المتميز لتجدد الرأسمالية المتعفنة بالمغرب في الشروط الحالية، فرض بالضرورة تناقضا لم يعهده التاريخ، والمتمثل في هيمنة شكلية لبرجوازية صغيرة ومتوسطة من داخل التحالف الطبقي المسيطر. هاته الهيمنة الشكلية التي تجعل من الدولة كأداة طبقية دولتين، دولة الهيمنة ودولة السيطرة. فالأولى يترأسها ابن كيران والثانية يترأسها المخزن، والدولتان تمارسان سيطرة على الطبقة العاملة والفلاحين والكادحين وعموم الشعب المغربي. وبين دولة الهيمنة (الحكومة الشكلية) ودولة السيطرة (الحكومة الفعلية) تناقض صارخ يجد لبه في الموقع الطبقي لكليهما، حيث دولة الهيمنة تتموقع كمستفيد من فائض الإنتاج دون الانخراط في مسلسل الإنتاج المباشر، بينما دولة السيطرة تدافع عن مصالحها الطبقية بكونها المستغل المباشر للشعب والقوى المنتجة. إن هذا الوضع، يؤدي إلى احتدام الصراع، وبالأخص حينما يرغب ممثلو الدولة المهيمنة على فرض خياراتهم على ممثلي الدولة المسيطرة وعموم الشعب وقواه الحية. فحينما أعلنت الحكومة قبل بدء التفاوض الاجتماعي الجماعي أنها لن تحقق أية زيادة في الأجور، بل الأكثر من ذلك تراجعت عن التزامات الحكومة السابقة، وفرضت حصارا على العمل النقابي الاحتجاجي بالاقتطاع من أجور المضربين واعتقال النقابيين والهجوم على الوقفات والمسيرات الاحتجاجية، فهي بذلك فتحت باب المواجهة على مصراعيه مع النقابات، وحينما ترى دولة السيطرة أن دولة الهيمنة لا تمتلك جوابا للازمة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي يمر بها المغرب سوى بالإذعان لتوجهها، وعدم المساس بمصالحها،
وباستحضار التناقض الحاصل بين شروط الهيمنة وشروط السيطرة، يصبح بالتالي المغرب مفتوحا على جبهات عدة، ليس اقلها التفاوض بين الباطرونا والمركزيات النقابية، مادامت دولة الهيمنة خادمة طيعة لدولة السيطرة، ولا تمتلك وسائل الإنتاج ولا رؤوس الأموال ولا تمنح اليد العاملة صانعة الثروة والثورة، بل هي فئة تعيش من تعايش وتصادم الطبقتين أي فئة طفيلية انتهازية بكل ما للكلمة من معنى.
#اسماعين_يعقوبي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
ابن كيران وصكوك الغفران
-
ابن كيران والنظرة التبسيطية لإصلاح صندوق المقاصة
-
المؤامرة أو الطريق السهل لتبرير فشل حكومة ابن كيران -3-
-
المؤامرة أو الطريق السهل لتبرير فشل حكومة ابن كيران -2-
-
المؤامرة أو الطريق السهل لتبرير فشل حكومة ابن كيران _1_
-
في تخليق المنظومة القضائية _الجزء الثالث والاخير_
-
في تخليق المنظومة القضائية _الجزء الثاني_
-
في تخليق المنظومة القضائية _الجزء الأول_
-
محاولة لفهم مواقف وتناقضات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدا
...
-
محاولة لفهم مواقف وتناقضات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدا
...
-
محاولة لفهم مواقف وتناقضات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدا
...
-
محاولة لفهم مواقف وتناقضات الحوار الوطني لإصلاح منظومة العدا
...
-
بنكيران بين مطرقة المخزن وسندان المطالب الشعبية
-
من قانون الإرهاب إلى قانون الإضراب
-
أعطوا الوقت الكافي للحكومة الملتحية
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
-
العمل النقابي بقطاع العدل بين الضرورة النضالية والضرورة السي
...
المزيد.....
-
تحقيق CNN يكشف ما وجد داخل صواريخ روسية استهدفت أوكرانيا
-
ثعبان سافر مئات الأميال يُفاجئ عمال متجر في هاواي.. شاهد ما
...
-
الصحة اللبنانية تكشف عدد قتلى الغارات الإسرائيلية على وسط بي
...
-
غارة إسرائيلية -ضخمة- وسط بيروت، ووسائل إعلام تشير إلى أن ال
...
-
مصادر لبنانية: غارات إسرائيلية جديدة استهدفت وسط وجنوب بيروت
...
-
بالفيديو.. الغارة الإسرائيلية على البسطة الفوقا خلفت حفرة بع
...
-
مشاهد جديدة توثق الدمار الهائل الذي لحق بمنطقة البسطة الفوقا
...
-
كندا.. مظاهرات حاشدة تزامنا مع انعقاد الدروة الـ70 للجمعية ا
...
-
مراسلتنا: اشتباكات عنيفة بين -حزب الله- والجيش الإسرائيلي في
...
-
مصر.. ضبط شبكة دولية للاختراق الإلكتروني والاحتيال
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|