|
تاكسي الجمعة
وليدالجنابي
الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 21:01
المحور:
كتابات ساخرة
شدني احد البرامج التلفزيونية على شاشة فضائية بلادي وكان بعنوان تاكسي الجمعة ..كان برنامجا لطيفا وشيقا ومنبها للساسة العراقيون ..فهو عبارة عن سيارة تكسي تحمل شعار قناة بلادي يقودها (الفنان محمد هاشم) ويتجول بين مناطق بغداد الشعبية ويلتقط ركابا شاء الصدف ان يكونوا جلهم من الفقراء المعدمين ومن الطبقات الشعبية الكادحة التي لا خزائن لها ولا كنوز ولا مواقع تسلطية ينهبون من خلالها قوت غيرهم..كما يفعل ساستنا الأشاوس..بل أنهم أفرادا و عوائل من هذا الشعب المظلوم عبر عقود ولا يزال.. من ساسته المتربعين على الامتيازات الوفيرة لهم والمحرمة على شعبهم المحتسب الى الله سبحانه وتعالى.. كان السائق يقطر الأسئلة على الركاب بقطارة لا تخلو من نهج وسياسة القناة كان الأرق والقلق والشرود الذهني ينتابهم .. وكان اليأس يرتسم على وجوههم الشاحبة فقرا والعفة تشع على ملامحهم التي أرهقها الزمن وأسرع في تأكلها وقنوطها من المعاناة فرغم شبابهم كأنك تحسبهم أبناء دهرا ودهرا... فتعابير وجوههم المتعبة تشبه حياتهم التي تتشح بالسواد الدائم والمعتق بالضيم والحرمان المزمن لهذا الشعب ..كانت أجوبة الركاب تفيض بالبساطة والعفوية من مشاعرهم وأحاسيسهم المرهفة ومعاناتهم المزمنة والعميقة التي تجثم على صدورهم كغيمة سوداء لم تقشعها بهرجة الديمقراطية الجديدة التي جاء بها المحتل وأصبح يتغنى ويتفلسف وبتمنطق بها الساسة اليوم ..هؤلاء الناس الشرفاء (ركاب التاكسي) يمتلكون الشرف والوطنية والنزاهة والعفة رغم فقرهم ..فهم أفضل بكثير من الساسة الذين يتحكمون بمقدرات العراق والواجب عليهم الدعاء المستمر الى بوش والقدر المكتوب الذي قذف بهم ليجدو أنفسهم متربعين على عروش السلطة وامتيازاتها ان الشعب اليوم لايريد أن يعرف من يحكمه.. لكن المهم كيف يحكمه.. والى أي بر أمان أو هاوية يوصله....الشعب لايريد أن يعرف كيف يموت ولكن يريد أن يعرف كيف يعيش.. لقد كانت أجوبة البسطاء ممن جمعتهم تاكسي الجمعة متقاربة في معناها وأهدافها رغم اختلاف ألفاظ بعضها..إذ نطقت ألسنتهم العفوية والبريئة.. أنهم وطنيون حقيقيون موحدون بكل مكوناتهما يتطلعون إلى المستقبل الواعد بثقة عالية وهمة جسورة..يرفضون الطائفية بكل أنواعها فمشاعرهم الجياشة وسلوكياتهم فيما بينهم وتعايشهم الأخوي المستديم تؤكد ذلك ..ان العدالة الانتقائية التي يمارسها المسئولون...ضد مكوناتهم أصبحت اليوم عامل توحيد وتآزر بين أبناء الشعب الواحد.. رغم ارادة الساسة.. ان الطائفية السياسية وليس المذهبية تستحر بضجيج الساسة وتصريحاتهم الإعلامية وتأجيجهم للشارع ..ليغتنموا مأربهم الضيقة وهّذا يذكرني بمقولة قديمة بهذا الصدد (يئس الوالي إن أكل طيبها واطعم شعبه كراديسها).. فالعراقيون اليوم يحتاجون من ينظراليهم بعين السائس الحكيم الذي يوقر في عزيمته خدمتهم ويؤلف قلوبهم المنكوبة والمنكسرة ..فعمق وطنيتهم تتجلى في أرواحهم التي تحترق غيرة وتتأجج حبا لوطنهم حتى اصبحو يفهمون مابقلوب الساسة التي لم تحجبها ظلمات سياساتهم وألاعيبهم فلم يعد الشعب مخدوعا بمغريات الساسة المتفانين على سكرة السلطة المسمومة فهم يحذرون من الاقتتال الطائفي وتسييس مطالب الجماهير الغاضبة لأجندات خارجية”وفي المقابل يجيشون الشارع ويقطرون عليه وابلا من زيت التازيم والتشنج والاحتقان الطائفي ليوصلو رسالة الى الجماهير عامة أن من يعارضون السلطة لاحق لهم في الحياة .. للأسف البعض لم يسقط منهم الخجل ولم يتحرروا من قيود الطائفية المقيتة فيختارون اوقاتا عن قصد للحديث بتعابير طائفية صريحة ومباشرة تتسم بالعدائية والبغضاء ولا تخلو من إشارة واضحة وأحيانا مبطنة لتأجيج الشارع وزيادة احتقانه .. اليوم العراق اصبح كيانا على منحدرالهاوية تتقاذفه امواج المصالح الاقليمية والدولية وان ساسته لايهمهم اين وصل البلد بل اصبحت السياسة لديهم مصالح استثمارية ضيقة وامتيازات طائفية لاتعدو ركوب الطائفة لتحقيق المصالح الذاتية ومن ثم الاستعلاء على ابناء طائفته فبسبب السياسات الانانية الضيقة توسعت الطائفية وأصبحت هوية بديلة تلغي و تطمس الهوية الوطنية في العراق.. اليوم الكل يتحدث عن الهوية الوطنية تمويهاً لسيطرته بقوة الطائفة لإخفاء طائفيته التي قد تعترض وصوله إلى السلطة. اليوم نعيش ازمة سياسية بعنوانها وطائفية بمضمونها ..اعتقالات عشوائية او على مزاج ومصالح المخبرالسري ومحاكمات ومطاردات لمن يخالف نهج الحكومة ؟ وتكميم الافواه وتضييق الخناق على المتظاهرين المطالبين بحق المواطنة..والغاء القوانين التي تعبر بوضوح عن استهدافهم واسكات الصوت المعارض.وبنى تحتية محطمة وان تمت جزئيا فيشوبها الفساد بكل اشكاله ..وشعب جله جائع ومشرد.. السؤال المطروح هل أفلس الساسة العراقيون في بناء دولة مدنية متحضرة لشعبهم ؟ لماذا هذا الانزلاق في وحل الطائفية ؟الم يفهمو انهم انحدرو بالعراق الى الصراع المذهبي بعدان تخطوا مرحلة الطائفية بامتياز إلى القدر الاسوء؟ إنهم وبحق سيسقطون ملامح الدولة الهشة ككيان سياسي موحد عبر التاريخ عن الوطن الواحد الموحد(العراق)..
#وليدالجنابي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بين دموع اوباما وبخل إلاصلاح المزعوم ... اجتث غذاء الشعب ..
-
ثورة اللوتس..ثورة الحرية
-
رحيق الامل..ليبيا الثورة
-
التوريث السياسي..خط بياني للاستبداد المعاصر
-
لماذا تشكرهم.. أمريكا...
-
المفكر.. العراقي ..ومخاطر السلطة..(2-2 )
-
نزاهة الزعيم الشهيد ..ترقى إلى مصاف القديسين
-
كاريزمية... الساسة في عيون ..الشعب
-
المفكر العراقي ..ومخاطر السلطة..
-
قصيدة بعنوان..ترانيم... صوفية
-
قصيدة بعنوان... تمهل...
-
صحوة... الأوهام
-
تراتيل... مناضل
-
الرحيل..
-
الحقوق الدستورية... ومفاهيمها الاساسية- 1- 4
-
دورالتنمية الاقتصادية والبشرية...في تقييد السلوك الاجرامي
-
لاجلك ياعراقي... وجب التغيير...لاالترقيع
-
الابداع... ذخيرة الشعب الحي
-
الترابط العضوي بين مشكلة الفقروالطبقات الكادحة...
-
كم أنت رائعة أيتها الحرية
المزيد.....
-
كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل
...
-
-الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر-
...
-
الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية
...
-
بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص
...
-
عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
-
بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر
...
-
كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
-
المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا
...
-
الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا
...
-
“تعالوا شوفوا سوسو أم المشاكل” استقبل الآن تردد قناة كراميش
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|