|
المصالة الفلسطينية... الأمل الأخير
سمر أبوركبة
الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 19:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الملف الأمني وتشكيل وترسيم العقيدة القتالية للأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية وعلاقة كل ذلك بالمقاومة كان منذ البداية هو سبب الانقسام وهو منذ اليوم الأول لحوارات المصالحة المحك الحقيقي والمعبر الوحيد عن قدرة كل من الحركتين - فتح وحماس - على اجتراح الحلول والتوافقات وإمكانية الوصول للمصالحة أو عدم قدرتهما ثم البقاء في حيص الخلافات وبيص الانقسام وتلبكات الافتراق علّنا نقول ان حكاية الانقسام الفلسطيني بين فتح وحماس بدأت في عام 2006 بعد الانتخابات التشريعية التي حصدت فيها حركة المقاومة الاسلامية "حماس" في قطاع غزة على عدد كبير من المقاعد في المجلس التشريعي وعلى اثر ذلك دعا الرئيس الفلسطيني محمود عباس حركة حماس إلى الالتزام باتفاقات منظمة التحرير ونهج السلام لكن الفصائل المشاركة في حكومة حماس رفضت ذلك ، وشكلت الحركة حكومتها برئاسة إسماعيل هنية.
في هذا الاطار سارعت اسرائيل لحصار حركة حماس والتضييق عليه للتخلي عن الحكم ، وحتى اللحظة يعاني قطاع غزة من حصار اسرائيلي .
ولكن ظهر الانقسام الفلسطيني جليا وواضحا في مطلع صيف 2007 واشتد الاقتتال الداخلي بين الاجهزة الأمنية وبين القوة المساندة " القوة التنفيذية " التي شكلها وزير الداخلية آنذاك سعيد صيام
وفي هذا الظرف تحركت العديد من الجهات لوقف الاشتباكات بين مسلحي حماس وفتح والأجهزة التابعة لهما، ونجحت هذه التحركات في وقف الاشتباكات وإنشاء لجنة تنسيق وضبط العلاقات بين الطرفين، لكن الأمور عادت مجددا للتوتر والاصطدام... لم يبق أمام القيادة الفلسطينية لتبرر نفسها لشعبها سواء في فتح أو حماس سوى المصالحة الفلسطينية التي بات النجاح فيها واجتياز امتحانها هو الفرصة الأخيرة بعد التعطيل الذي حدث والتأجيل الذي استمر طويلاً، وبعد أن تبددت الآمال من لقاءات الدوحة والقاهرة. الآن يعود الأمل قوياً والأطراف التي عطلت المصالحة إما انها ضعفت أو انصرفت إلى مواضيع أخرى أو حتى جرى تجاوزها بعدم الخوف منها بما في ذلك اسرائيل والولايات المتحدة الأمريكية اللتين ما زالتا تريان في المصالحة الفلسطينية-الفلسطينية مصالحة مع «الإرهاب» وتأجيج له دون أن تقدم اسرائيل ولا حتى الولايات المتحدة للرئيس محمود عباس أية بدائل تقوي موقفه أو تدعم رؤيته أو تجل الشعب الفلسطيني يلتف حوله.
تشير الدلائل المتوافرة إلى أن القضية الفلسطينية سوف تستعيد مكانتها ضمن أهم عناوين العام الجديد. حيث ستشهد تطورات مهمة ــ قد تكون حاسمة ــ جراء الصراع بين السعى الإسرائيلى المحموم لإغلاق ملف القضية، وبين الجهد الفلسطينى المقابل لإحيائها. أدرى أن مصطلح المصالحة الفلسطينية جرى ابتذاله، بعدما استخدم عنوانا للقاءات ومشاورات عدة، أريد بها تمييع المصالحة وتعطيلها. وبعدما توسطت لأجلها أطراف عرفنا لاحقا أنها لم تكن محايدة أو نزيهة وأنها كانت تتحرك فى إطار المخطط الإسرائيلى لتركيعها. يضاف إلى ما سبق متغير سياسى آخر له أهميته، يتمثل فى قبول دولة فلسطين عضوا بالجمعية العامة للأمم المتحدة استجابة للطلب الذى قدمه الرئيس محمود عباس ولقى تأييدا واسعا من قبل المنظمة الدولية. وعد ذلك الإنجاز الوحيد الذى يحسب لأبومازن بعد الإخفاقات التى لاحقته فى كل محاولات تفاوضه مع الإسرائيليين حتى لم تعد لديه أوراق يستخدمها أو يراهن عليها. عربيا،يعتبر البعض ان ثورة 25 يناير كانت أهم متغير إقليمى لصالح القضية الفلسطينية. ذلك أنها المرة الأولى منذ توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل عام 1979 التى تبنت فيها مصر موقفا مسئولا ونزيها إزاء القضية، تجاوزت به تلك المرحلة المخجلة التى صار فيها رئيس مصر كنزا استراتيجيا لإسرائيل. وحين طويت هذه الصفحة فإن مصر الرسمية فتحت أبوابها لممثلى المقاومة، وهم الذين لم يروا فى السابق سوى مصر الأمنية دون غيرها. وفى ظل ذلك الوضع المستجد رأينا خالد مشعل رئيس المكتب السياسى لفتح ورمضان عبدالله الأمين العام لحركة الجهاد ورفاقهما فى قيادتى الحركتين، فى لقاء مع رئيس الجمهورية، بعد أن كان محظورا عليهم دخول أى مؤسسة رسمية باستثناء مبنى المخابرات العامة. كما رأينا رئيس الوزراء المصرى الدكتور هشام قنديل مجتمعا مع السيد إسماعيل هنية وغيره من المسئولين فى قطاع غزة. لم يكن ذلك هو المتغير الوحيد وإن كان الأهم وانما أسهمت تلك الأجواء فى كسر حصار غزة (وليس إلغاؤه) فزار القطاع أمير قطر ثم وفد من وزراء الخارجية العرب، كما أصبحت الوفود والمساعدات تصل إلى غزة دون عقبات تذكر. هذه الأجواء كان لها صداها فى محيط الجامعة العربية، حيث وافق وزراء الخارجية على اقتراح للأمين العام الدكتور نبيل العربى بإعادة النظر فى قرارات الجامعة السابقة المتعلقة بالتسوية السلمية مع إسرائيل. وفى المقدمة منها المبادرة التى أطلقتها قمة بيروت فى عام 2002 ولم تحقق شيئا منذ ذلك الحين، وقد فهمت أن هذه الخطوة سوف تتلوها خطوات أخرى، ربما كان فى مقدمتها سحب المبادرة وتبنى موقف أكثر حزما فى مواجهة السياسات الإسرائيلية المتصلة بالاستيطان والتهويد. دوليا، كان تصويت 138 دولة فى الجمعية العامة لصالح قبول عضوية فلسطين فى الأمم المتحدة دليلا قويا على تراجع التأييد الدولى لإسرائيل ووقوفها على أبواب عزلة سياسية لم تعرفها من قبل. يذكر فى هذا الصدد أن الدول الأعضاء فى مجلس الأمن ــ باستثناء الولايات المتحدة بطبيعة الحال عارضت فى خطوة نادرة المشروعات الاستيطانية الأخيرة التى أعلنت عنها إسرائيل. ونشرت الدول الأوروبية الأعضاء فى المجلس (فرنسا وبريطانيا والبرتغال وألمانيا) إعلانا مشتركا أكدت فيه معارضتها الشديدة تلك المشاريع، ذكرت فيه أنها تشكك فى رغبة إسرائيل فى التفاوض، فضلا عن أنها خطوة غير شرعية فى نظر القانون الدولى. وباسم دول المجلس الأعضاء فى حركة عدم الانحياز (أذربيجان وكولومبيا والهند وجواتيمالا والمغرب وباكستان وجنوب أفريقيا) ندد سفير الهند بقرارات الحكومة الإسرائيلية، وطالب بوقف كل نشاط استيطانى على الفور. هذه الخلفية تسوغ لنا أن نقول إن القضية الفلسطينية أصبحت الآن فى وضع أفضل نسبيا. وأن اختراقات حدثت فى الأفق المسدود الذى سرب إلينا إحباطا مستمرا طوال السنوات التى خلت، ولم يمنعنا من الاستسلام لليأس سوى تلك الومضات المضيئة التى كانت تلوح فى الفضاء مع أخبار المقاومة الفلسطينية والصمود الباسل لأهل قطاع غزة قد ظل انقسام الصف الفلسطينى هو الثغرة المؤلمة فى المشهد، الأمر الذى عانى منه المسئولون فى حركتى فتح وحماس، وقد أدركوا أن الوقت قد حان لحديث جاد حول المصالحة، تقوم فيه مصر بدور نزيه وفاعل. وإذا صحت معلوماتى فى هذا الصدد فان الدور المصرى المفترض فى هذه الحالة سوف يتجاوز نقل وجهات النظر ومحاولة التقريب بينها، إلى محاولة بلورة مشروع محدد للمصالحة يقدم إلى الطرفين، يسترشد بوجهة نظر كل طرف ومقترحاته. والسيناريو المفترض فى هذه الحالة يقضى بأن يطالب كل طرف بتقديم رؤيته ومقترحاته إلى الوسيط المصرى، الذى سيتولى دراسة ما يتلقاه ويستخلص منه مشروعا يكون ملزما لفتح وحماس معا. كأننا بصدد الدخول فى شىء أقرب إلى التحكيم الذى يرتضى فيه طرفان الاحتكام إلى ثالث موثوق فيه، ويمكِّن هذا الأخير من الاستماع إلى حجج كل طرف على حدة. وبعد مناقشتها يصدر الحَكَم.
#سمر_أبوركبة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
فلسطين و الأمم المتحدة
-
الثورة ...-الدولة والانتصار-
-
أرحموا قضيتنا من صراعاتكم
-
الصمت العربي يدمر القدس
-
حركة فتح ومسيرة النظال
-
مبروك فلسطين- دولة مراقب غير عضو-
-
عولمة حقوق الإنسان والهندسة السياسية
المزيد.....
-
لبنان: غارة مسيّرة إسرائيلية تودي بحياة صيادين على شاطئ صور
...
-
-لا تخافوا وكونوا صريحين-.. ميركل ترفع معنويات الساسة في مخا
...
-
-بلومبيرغ-: إدارة بايدن مقيدة في زيادة دعم كييف رغم رغبتها ا
...
-
متى تشكل حرقة المعدة خطورة؟
-
العراق يخشى التعرض لمصير لبنان
-
مقلوب الرهان على ATACMS وStorm Shadow
-
وزارة العدل الأمريكية والبنتاغون يدمران الأدلة التي تدينهما
...
-
لماذا تراجع زيلينسكي عن استعادة القرم بالقوة؟
-
ليندا مكمان مديرة مصارعة رشحها ترامب لوزارة التعليم
-
كيف يمكن إقناع بوتين بقضية أوكرانيا؟.. قائد الناتو الأسبق يب
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|