أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قراءة، وتوثيق: رواء الجصاني - الجواهري .. عن الغربة والاغتراب، وما بينهما














المزيد.....

الجواهري .. عن الغربة والاغتراب، وما بينهما


قراءة، وتوثيق: رواء الجصاني

الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 15:45
المحور: الادب والفن
    


.. وهذه هي عصماء أخرى من قصائد الجواهري الوجدانية- السياسية، الثائرة على النفس والمجتمع، والمقاييس السائدة في البلاد... وقد ضمها، كاملة ولأول مرة، ديوان "بريد الغربة" الصادر في براغ، بدعم من اللجنة العليا للدفاع عن الشعب العراقي الذي ترأسها الشاعر العظيم فور تشكيلها بعد انقلاب شباط الدموي عام ...1963... وقد جاء مطلعها جواهرياً كالعادة في ثورته الجامحة، مما جعل الكتاب يقرأ من عنوانه:

مَنْ لِهَمٍّ لا يُجارى ، ولآهاتٍ حَيارى
ولمطويٍّ على الجمرِ سِراراً وجِهارا...
مَنْ لناءٍ عاف أهلاً وصِحاباً ، وديارا
تَخِذَ الغربة دارا إذ رأى الذلَّ إسارا
إذ رأى العيشَ مداراةَ زنيمٍ لا يُدارى

... وفي مختلف مقاطع القصيدة التي تجاوزت أبياتها المئة والعشرين، يفيض الجواهري متباهياً بمواقفه التنويرية، مبرزاً سمات وقيماً تبناها، ولم يخشَ ما يترتب عليها من أذى المعوزين والظلاميين، بل وراح يكررها في عديد كثير من شعره... إلا انه شدد هنا على الشموخ والاصرار، ولعله أراد بذلك مقدمة لما سيلي من مواقف وحقائق:

ياغريبَ الدار لم يُخْلِ من البهجةِ دارا...
تأخذ النشوةَ منه ثم تنساهُ السُكارى
يا أخا الفطرةِ مجبولا على الخيرِ انفطارا...
يا سَبوحاً عانق الموجةَ مَدّاً وآنحسارا
لم يُغازلْ ساحلاً منها ولا خافَ القرارا
يا دجيَّ العيشِ إن يَخْبُ دجى الناس ِ ، أنارا...

ثم يعود الشاعر الكبير ليكتب ما يظنهُ يروض النفس، لتجاوز "الهضيمة" التي أحسَّ بها وحتى من الأقربين، خاصة وهو صاحب المآثر والمنابر، محملاً الذات جزءاً مما يعاني منه، بعد أن اختار نهج الثورة والتجديد، معيباً المهادنة والمساومة:

يا غريبَ الدارِ وجهاً ولساناً ، واقتدارا...
لا تُشِعْ في النفسِ خُذلاناً وحَوِّلهُ انتصارا...
أنتَ شِئتَ البؤسَ نُعمى ورُبى الجنَّاتِ نارا
شئتَ كيما تمنحَ الثورةَ رُوحاً أنْ تثارا...
عبَّدوا دربَك نَهْجاً فتعمَّدْتَ العِثارا
وتصوَّرت الرجولاتِ على الضُرِّ اقتصارا...
يا غريبَ الدار مَنسياً وقد شعَّ ادِّكارا
ذنبهُ أنْ كان لا يُلقي على النفسِ سِتارا
إنَّه عاش ابتكارا ويعيشون اجترارا

ولكي يعزز بالوقائع ما يشكو ويتهضم منه، وما يعيبه على أصحاب القرار وغيرهم، يبدأ الجواهري المباشرة في التصريح، غير مبالغ... فبعد كل عطائه الوطني والابداعي على مدى عقود، ها هو يعيش المغترب بكل صعوباته وأرقه، صاباً غضب المحبين على بلادٍ لم يستطع أن يمتلك فيها حتى "حويشة" بينما يتنعم الرائبون، والمنحنون... ثم يعود الشاعر لينوّه إلى حكم التاريخ اللاحق، وعلى الآتي من الأحداث، بل ومتنبئاً بها... نقول متنبئاً، وقد صدق بما قال وأوحى، وذلك هو أمامنا، العراق وما عاشه من مآس ٍ حد التميز:
يا غريبَ الدارِ لم تَكْفَلْ له الأوطانُ دارا
يا "لبغدادَ" من التاريخِ هُزءاً واحتقارا
عندما يرفع عن ضيمٍ أنالتهُ السِتارا
حلأَّتْهُ ومَرَت للوغدِ أخلافاً غِزارا
واصطفت بُوماً وأجْلَتْ عن ضِفافَيها كَنارا...
يا لأجنادِ السفالاتِ انحطاطاً وانحدارا
وجدت فرصتَها في ضَيْعةِ القَوم الغَيارى

... وفي سعي لتهدئة شي من ذلك الغضب العارم، يروح الجواهري في الأبيات التالية حانقاً، محملاً زعامات ثقافية وسياسية، مسؤولية ما أحاق به من ظلم واجحاف... وهو يمثل هنا بالتأكيد نموذجاً للعشرات، بل المئات من المبدعين والمناضلين وغيرهم، ممن اضطروا للاغتراب، أو اختيار المنفى اضطراراً... ثم يتطوع بعدها الشاعر الرمز ليوزع صفات ٍ يعتقدها بحق الذين تسببوا في تلك الأوضاع وما آلت إليه، بل وليبقي من ميسمه في جباههم وشماً "خالداً" يعيرون به جيلاً بعد جيل:

يا غريبَ الدارِ يا من ضَرَبَ البِيدَ قِمارا...
ليس عاراً أنْ تَوَلِّي من مسفّينَ فِرارا
دَعْ مَباءاتٍ وأجلافاً وبيئينَ تِجارا
جافِهِمْ كالنَسرِ إذ يأنَفُ دِيداناً صِغارا
خلقةٌ صُبَّتْ على الفَجرةِ دعها والفِجارا
ونفوس جُبلت طينتُها خِزياً وعارا
خَلِّها يستلُّ منها الحقدُ صُلْباً وفَقارا...
أنت لا تقدر أن تزرعَ في العُور احورارا...

... وأخيراً، وإذ يحين "مسك" الختام والايجاز لكل ما سبق وأشير إليه من وقائع ورؤى، يكتب الجواهري "معاتباً" "أصدقاء" ظنهم، و"أدباء" و"مثقفين" أحبهم ولكنهم تجافوا، خوفاً أو تنصلاً... أو لأنهم "حيارى" حتى في أمورهم ذاتها، مما جعله يسعى حتى لأن يختلق الأعذار لهم:

يا غريبَ الدارِ في قافلةٍ سارت وسارا
لمصيرٍ واحدٍ ثم تناست أين صارا
سامحِ القومَ انتصافاً واختلِق منك اعتذارا
علّهم مِثلَكَ في مُفتَرقِ الدربِ حَيارى
سِرْ واياهم على دربِ المشقاتِ سِفارا
فاذا ما عاصفُ الدهرِ بكم ألوَى وجارا
فكن الأوثقَ عهداً وكُن الأوفى ذِمارا
مع تحيات مركز" الجواهري" في براغ
www.jawahiri.com



#قراءة،_وتوثيق:_رواء_الجصاني (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- مصر.. تأييد لإلزام مطرب المهرجانات حسن شاكوش بدفع نفقة لطليق ...
- مصممة زي محمد رمضان المثير للجدل في مهرجان -كوتشيلا- ترد على ...
- مخرج فيلم عالمي شارك فيه ترامب منذ أكثر من 30 عاما يخشى ترح ...
- كرّم أحمد حلمي.. إعلان جوائز الدورة الرابعة من مهرجان -هوليو ...
- ابن حزم الأندلسي.. العالم والفقيه والشاعر الذي أُحرقت كتبه
- الكويت ولبنان يمنعان عرض فيلم لـ-ديزني- تشارك فيه ممثلة إسرا ...
- بوتين يتحدث باللغة الألمانية مع ألماني انتقل إلى روسيا بموجب ...
- مئات الكتّاب الإسرائيليين يهاجمون نتنياهو ويطلبون وقف الحرب ...
- فنان مصري يعرض عملا على رئيس فرنسا
- من مايكل جاكسون إلى مادونا.. أبرز 8 أفلام سيرة ذاتية منتظرة ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قراءة، وتوثيق: رواء الجصاني - الجواهري .. عن الغربة والاغتراب، وما بينهما