|
مساواة في الفقر
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 3977 - 2013 / 1 / 19 - 12:58
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صبيحة الاربعاء القادم ،وربما قبل ذلك بساعات ، سينجلي غبار المعركة الانتخابية في اسرائيل ، وسيعرف الاسرائيليون يهودا عربا ،شكل الحكومة المقبلة . ولن تكون مقامرة غير مأمونة الجانب ، أن نقول بأن الحكومة القادمة سيترأسها نتانياهو ، مع تغييرات بسيطة في الأشخاص الذين سيجلسون حول طاولة الحكومة ، فقد ينضم اليها ممثلون من احزاب الوسط ،كنوع من ضربة استباقية مؤلمة ،للمنافس اليميني الصاعد لنتانياهو ، حزب البيت اليهودي ،حزب غلاة المستوطنين ،الذي يريد أن يفرض اجندته السياسية على نتانياهو االذي "يتمظهر " بمظهر رجل السلام ، عبر تكراره لمقولته في جامعة بار ايلان ،قبل سنوات "دولتان لشعبين "،والتي لا تحوي اي مضمون بالكلية ، بل تصب في صالح "تلميع " شخصيته وسياساته تجاه الفلسطينيين ، والتي تتعرض للنقد الشديد ، وخاصة تلك الاقوال المسربة والمنسوبة لاوباما . لقد نجح نتانياهو في فرض القضايا الامنية كمحور مركزي تدور حوله الانتخابات (النووي الايراني ،حزب الله ، حماس والاوضاع في سوريا )، بينما فشلت زعيمة حزب العمل شيلي يحيموفيتش في جعل الموضوع الاقتصادي كمحور مركزي في الانتخابات ، فالتخويف بالمخاطر المحتملة ،اكثر تأثيرا وفاعلية من محاربة الفقر وتقليص الفجوات بين الاغنياء والفقراء. بينما يغيب موضوع الحل السياسي مع الفلسطينيين عن ساحة "المعركة الانتخابية " ، الا من محاولات شبه يائسة تقوم بها وزيرة الخارجية السابقة تسيبي ليفني وحركتها ، دون نجاح كبير . وفي خضم هذه المعركة اصدرت مؤسسسة التأمين الوطني تقريرها السنوي حول الفقر والطبقات الفقيرة في اسرائيل ، وتقريرا عن الفجوات في الدخول بين الفقراء والاغنياء ، وللتوضيح فأن هناك مقياسا عالميا لقياس الفجوات اسمه مقياس جيني والذي يشير الى أن اسرائيل تحتل المرتبة الخامسة في مقياس اللامساواة ، او بكلمات اخرى في الفجوة بين الفقراء والاغنياء . أما بخصوص عدد العائلات الفقيرة فيشير التقرير الى أن عددها قد زاد ، رغم بعض التحسن على مستوى معيشتها ، والذي لم يخرجها من مكانها تحت خط الفقر ، وكل هذا حسب تقرير مؤسسة التأمين الوطني . ولم يكن مفاجئا لنا ، أن يقبع العرب بغالبيتهم تحت خط الفقر ، بل أن يكون شركاؤهم الدائمين في هذه "المصيبة " ،اليهود المتزمتون . فاليهود المتزمتون يختارون أن يقضوا حياتهم في المدارس الدينية المتنوعة ، ودراسة المواضيع الدينية ، او بمعنى اخر تكريس حياتهم للتوراة ، ولكنهم مع ذلك يحصلون على مخصصات تأمين الدخل ، التي تضمن لهم "عدم الموت جوعا " ، ففي الغالب ، المنطلقات الايديولوجية والعقائدية ، هي التي تقف في وجوههم ، وتبقيهم تحت خط الفقر . ويشير التقرير الى أن الحكومة التي يرأسها نتانياهو ،قد تعاملت بقسوة مع فقرائها ، فهي ولكي ترغم المتزمتين على الخروج الى سوق العمل ، فقد قامت بتقليص المخصصات ، وبالمقابل لم تعط حوافز ، ولم تقدم خطة لتأهيلهم لسوق العمل . اما حال الاقلية العربية فهو اشد قسوة ، خاصة وأن مجالات العمل المفتوحة امامهم ،قليلة وتنحصر في سوق الخدمات وفرع البناء ، وهي اعمال شاقة واجورها متدنية ، بينما هناك مجالات مغلقة بالكامل امامهم ، ناهيك عن مستوى البنى التحتية المتدني ، وتحصيلات الطلاب العرب اقل بكثير من تحصيلات امثالهم من اليهود ، لأن جهاز التعليم العربي هو جهاز غير فعال ، تسوده المحسوبيات والتعيينات غير المهنية . وبهذا فلو رغب العرب بالخروج من تحت خط الفقر ، فليس الامر منوطا برغبتهم فقط . فالأمر يحتاج الى خطة حكومية شاملة . حالة اليأس التي يعانيها العرب في اسرائيل ، من قدرتهم على تحسين ظروفهم المعيشية ، ليست حالة مرضية ، فالحكومات المتعاقبة بذلت كل جهد مستطاع في التمييز ضد العرب ، وحرمانهم من أن يكونوا شركاء في اتخاذ القرار ، عبر جلوسهم في ائتلاف حكومي ، او شراكتهم في ائتلاف دون مناصب حكومية . كما كان الحال في حكومة رابين الثانية والتي دعمها النواب العرب من خارج الائتلاف مقابل الحصول على ميزانيات متساوية مع الوسط اليهودي . هذا اليأس يقود اكثر من نصف الناخبين العرب ، الذين لا يشاركون في الانتخابات ، ويتركون الساحة لأحزاب اليمين السياسي والاقتصادي ، لتستمر في سياسة افقار للفقراء واغناء للاغنياء ، ووضع العراقيل أمام اي حل سلمي للقضية الفلسطينية .
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
حضارة الهدم
-
من هو اليهودي ؟
-
صراع الاديان ...والحوار
-
الكاميرا الخفية وصناعة الوهم
-
العرب...خارج الاسوار
-
التموضع في المركز
-
انتخابات محسومة سلفا -نظرة على الاحزاب الاسرائيلية
-
صراع الهويات
-
وحدة وصراع الهويات
-
أمي .. وأنا
-
اليسار الاسرائيلي 2
-
اليسار الاسرائيلي
-
خارج التداول
-
مهاجرون من العربية الى العبرية - سيد قشوع
-
الحسين بن علي واطفال غزة
-
سوناتا الوجد
-
صواريخ
-
كنت في تل ابيب وركضت مع الراكضين
-
مقاطعة الانتخابات ليست كمقاطعة المنتوجات
-
اللعب في ملعب الخصم
المزيد.....
-
مصرية توثق جانبًا مختلفًا لدبي عبر صور عفوية لعمال منطقة الر
...
-
وصفتها بـ -لحظات تاريخية-.. هكذا تفاعلت أحلام مع وصول طائرات
...
-
ارتفاع حصيلة قتلى عواصف أوروبا.. شاهد جهود البحث والإنقاذ وس
...
-
خلال اتصال هاتفي.. الملك عبدالله والسيسي يحذران من تصفية الق
...
-
هل فعلا سكر الفواكه أقل ضررا من غيره؟
-
الحكومة الإسرائيلية تضيف هدفاً جديداً إلى أهدافها المعلنة من
...
-
الناتو يترك للدول الأعضاء حرية اتخاذ القرار حول استخدام أوكر
...
-
دراسة: بعض المأكولات الصحية تزيد احتمالات إصابة الأطفال بالس
...
-
السيسي وعبد الله الثاني يحذران من خطورة استمرار الحرب في غزة
...
-
-كانت غزة تموت ببطء-.. مشعل يؤكد تغيّر موقف بايدن حول بقاء -
...
المزيد.....
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
المزيد.....
|