|
الدفالي: البعد الزمني غير متوفر في دراسة حركة 20 فبراير حاليا وأي كلام فيها الآن هو حديث في المستقبليات.
سعيد بنرحمون
الحوار المتمدن-العدد: 3976 - 2013 / 1 / 18 - 08:03
المحور:
مقابلات و حوارات
-في إطار تيار العوداة دائما أنتم تولون أهمية كبرى للـ"بيوغرافيات" في دراسة التاريخ، لماذا هذا الاهتمام بهذا الدراسة التاريخية الدقيقة والضيقة نوعا ما؟ --ربما مثلما لاحظ الأساتذة المؤسسون للكتابة حول تاريخ المغرب المعاصر، الأستاذ جرمان عياش والأستاذ إبراهيم بوطالب أن "المنوغرافيات" لها أهمية في كتابة تاريخ تركيبي للقرن 19، الآن يبدو أن التداخل الموجود في تاريخ الحماية ومن بعده تاريخ الاستقلال والتشعبات الموجودة فيهما، يبدو أنه من المداخل الرئيسية الآن هي البيوغرافيات، وأنا أتحدث عنها عن تجربة شخصية مع محمد بن لحسن الوزاني، فمن خلال البيوغرافيات يمكن التوصل إلى فهم قضايا وتوضيح أشياء مهمة يصعب توضيحها، وتصعب حتى صدفة اللقاء معها في البحث الذي يتناول موضوعا عاما، فأنت تشتغل على بيوغرافيا شخص معين صدفة اللقاء تتوفر بشكل كبير مع مجموعة من الأمور التي تهم الجماعة ككل، يعني وأنت تشتغل على شخص من الحركة الوطنية تجد أن أشياء مهمة جدا تهم الحركة الوطنية ككل، لو بحث عنها بشكل مباشر لن تجدها أبدا، كما أن البيوغرافيات تفسر لنا حتى بعض المشاكل التي عرفتها الحركة الوطنية في لحظة من اللحظات، الآن نتحدث عن رموز في الحركة الوطنية في إطار عام فيظهرون أقرب إلى الملائكة، لكن البيوغرافيات تكشف أشياء أخرى وتزن الأشياء بميزانها الحقيقي، تفهم أن لكل إنساء ما هو إيجابي وما هو سلبي، في جوانب يظهر كشخص يضحي من أجل الجماعة والوطن وفي جوانب أخرى يظهر أنانيا وفرديا، في البيوغرافيات يمكن أن نجمع هذا الشتات ويمكن أن نخرج بدراسة وافية للحركة الوطنية، ونفس الأمر يمكن أن يقال عن رموز فترة الاستقلال، أي ما بعد 1956 بطريقة أسهل من لو اشتغلنا على مواضيع معينة، هذه ليست دعوة إلى التخلي عن دراسة المواضيع، لكن هي دعوة إلى تنويع الاهتمام، عدد الباحثين الآن محترم نسبيا، فليتوزعوا، قسم إلى دراسة البيوغرافيات وقسم يهتم بدراسة المواضيع العامة، هذا التوزيع هو الذي يمكن في النهاية من أن يهيئ لنا إمكانية كتابة تاريخ تركيبي يوضح بعض الأشياء التي نرغب في أن تكون واضحة. -دراسة المنوغرافيات والرموز قد تجلب على المؤرخ بعض المتاعب على مستوى الرأي العام خصوصا أن بعض رموزنا لا ينظر لهم إلا كملائكة كما قلتَ سابقا، كمحمد بن عبد الكريم الخطابي وعلال الفاسي ومحمد بن الحسن الوزاني والمهدي بن بركة وغيرهم كثير، أنتم تشتغلون على واحد من هذه الرموز، عندما سيخرج عملكم إلى الوجود هل تتوقعون أن يثير ضدكم هجوما من أطراف معينة ما زالت تتغدى على التاريخ وعلى تلك الرموز، خصوصا وأن مجتمعنا يعيش استقطاب حادا نوعا ما. --على المؤرخ أن يقوم بدوره، بالنسبة لي ردود الفعل لا يجب أن يضعها في الاعتبار، البدايات تكون دائما هكذا، ريثما يتمرس الناس على هذه الحقائق، برأيي المؤرخ لا يجب أن يضع في اعتباره ما ستكون عليه ردود الأفعال، وهنا لا أقول بضرورة أن يبحث المؤرخ في هنات الوطنيين وفي سلبياتهم، هي الأمور تحدث بدون قصد، المؤرخ يبحث في الإيجابيات وفي السلبيات ليعطي للشخص كامل حقه، وهنا لا يجب الاهتمام بالرموز التي لها صيت حسن في المجتمع فقط، يجب العودة حتى للأشخاص الذين ينظر لهم نظرة سلبية، فالعديد من الرموز التي صنعتها في لحظة من اللحظات تصنيفات معينة، بالعودة إلى دراستها سنجد أنها مجرد لحظة من تاريخهم، لكنها برزت لتصبحت هي العامة، بينما توجد لحظات مشرقة من حياتهم لا أحد يلتفت لها، لما يشتغل المؤرخ بهذا الشكل فهو يخلق توازن أعتقد أن من مهام المؤرخ خلقه في الكتابة التاريخية دون أن يكيل المدح لأحد أو أن يدم أحد، المؤرخ لا علاقة له بالأحكام المطلقة وبالأحكام المجانية، هو يريد أن يكتب التاريخ، وهذا الأخير له شروط يجب عليه أن يهتم بها. -مما يساعد مؤرخ الراهن بوح المشاركين في صناعة أحداث قبيل الاستقلال وما بعد الاستقلال، ما نلاحظه هو أن السياسي الفاعل لا يبوح بتجاربه، وهنا تحضرنا تجربة عبد الرحمان اليوسفي ومحمد بوستة وغيرهم الذين لا يريدون أن يفصحوا عن أي شيء من تجاربهم السياسية، هل هذا يعني أن فاعلينا السياسيين ليس لهم وعي حقيقي بالتاريخ، أم أن حساباتهم السياسية أقوى من متمنيات الباحث في التاريخ؟ --قليلون هم السياسيون الذين يفكرون في كتابة مذكراتهم أو تجاربهم حتى تستفيد منها الأجيال الأخرى، وأسباب ذلك كثيرة على رأسها انشغالاتهم، فالفاعل السياسي في المغرب شخص منشغل بدرجة قصوى، لا يجد أحيانا الوقت حتى لقراءة الصحافة، بل قد نجد عدد من الفاعلين لا يطلعون حتى على الصحافة التي تصدرها أحزابهم، همهم عملي، خاصة لما يكون الفاعل دينامي، فأحيانا حتى عندما تبيت نافدة مقر حزب سياسي في أقصى البلاد مفتوحة يصله خبرها، هذا كلام يقال بكثرة، لاحظ أن هذه الجزئيات البسيطة المتعلقة بالفروع وبالتنظيم وبالأشخاص لا تترك له وقتا ليقرأ، ولا تترك له وقتا حتى ليكتب مذكراته.. -مقاطعا، لكن الفاعل السياسي المركزي في النظام المغربي، أي الراحل الحسن الثاني، وجد الوقت وكتب مذكراته، رغم كل انشغالاته، بغض النظر عن تقييمنا العلمي لتك المذكرات، لكنه على الأقل خلف لنا شهادة يمكن الرجوع إليها. --وهل يمكن أن نعتبرها شهادة؟ أم يمكن الحديث عن رسائل سياسية وجب أن توجه في لحظة من اللحظات، هذا هو الأساسي بالنسبة للباحث، بالنسبة لي حتى بعض الفاعليين السياسيين اضطروا للكتابة، لما تتحدث عن الحوارات التي أجراها الراحل الفقيه محمد البصري أو تلك التي أجراها محمد اليازغي وغيره تجد أنها رسائل معينة تريد أن تقول أشياء معينة بطريقة معينة، ومع ذلك هناك بعض السياسيين الذين كتبوا مذكراتهم، إلا أن ما يلاحظ هو أنه في اللحظة التي تريدهم أن يكتبوا يدركهم الصباح بشكل من الأشكال، ربما أخلاقيا وربما مراعاة لجهات أخرى وربما لحسابات معينة، ما أسمعه حاليا هو أن أغلب الفاعلين السياسيين القدامى يكتبون مذكراتهم بما فيهم اليوسفي، وفي جميع الحالات نحن لا ننتظر من تلك المذكرات أن تقول كل شيء، لكن على الأقل الذي الشيء الذي ستقوله سيكون مفيدا، مثلما أن المذكرات المنشورة حاليا أفادت البحث التاريخي بشكل ما، فيها أشياء من الصعب على المؤرخ أن يجد وثيقة تأكدها، وفي المقارنة بين هذه المذكرات قد يجد الباحث طريقا، حتى إن لم يكن هو طريق الحقيقة على الأقل قد يساعد في الوصول إليها، يمكن أن تترك ويمكن أن تتعز عندما تتوفر وثائق أخرى، الآن تاريخنا مرصود من قبل أخرين، بالنسبة لي دائما الوثيقة يجب أن تكون مختلفة الوجهات، يمكن مقارنة وثيقة مغربية مع واحدة أخرى فرنسية لنخرج بالحقيقة. -حركة 20 فبراير تنتمي كحدث للراهن "الملتهب" إذا صح التوصيف، أولا هل انتهى زخم الحدث بالنسبة للمؤرخ حتى يدرسه؟ --بالنسبة للمؤرخ ما زال الحدث موجودا، لا يستطيع أن يلقي تجاهه أحكام معينة، الآن حركة 20 فبراير حركة ضمن مجموع ما يجري في العالم العربي من أحداث، أي ما يسمى بالربيع العربي، ونحن نلاحظ الآن التداخلات الموجودة، هناك اختلاف في قناعات واقتناعات الناس بما يجري، هناك من يتحدث عن الخريف العربي، وهناك من يتحدث عن الشتاء الإسلامي، سأعود دائما إلى تحفظ المؤرخ، بشكل عام فالبعد الزمني الذي هو سلاح المؤرخ، ينظر المؤرخ دائما للأشياء من بعيد، الآن البعد الزمني غير متوفر وأي كلام الآن في ذلك الحدث هو حديث في المستقبليات، وحتى اللذين يتحدثون في المستقبليات يتحدثون بأدوات وأشياء ملموسة يستندون لها، هذه الأدوات الباحث في التاريخ لا يتوفر عليها، وبالتالي يكون متتبعا ومنتظرا مثله مثل الأخرين، أقصى ما يمكن أن يقوم به المؤرخ الآن هو المعاينة، أما حيثيات الحدث والمستقبل فيصعب عليه الحديث فيهما، لذلك لما تعقد الندوات واللقاءات حول الموضوع يكون الغائب الأساسي هو المؤرخ، ولو أن بعض المؤرخين يكتبون في الموضوع لكن لما تقرأ ما يكتبونه تجد أنهم مباشرة يعودون إلى توظيف الماضي، وتجد أن هذا الحدث لا يوجد إلا مشتتا وسط المقال أو الدراسة، أما المعالجة المباشرة فليست هما تاريخا لحد الآن، الأشياء مازال يعلوها الضباب، دور العامل الداخلي ودور العالم الداخلي غير واضح، ودور الذاتي والخارجي كذلك، كيف تمضي الأشياء من طرف الجهات المهتمة؟ ما هي مصالحها من كل ذلك؟ أين تلتقي وأين تفترق؟ نظرات الشباب الذي يتزعم الحركة مع نظرات الأجيال السابقة؟ ما علاقة المدني بالسياسي؟ هذه أسئلة كثيرة متداخلة، ربما مازالت تحتاج لبعض الوقت لينقشع الضباب كي يمكن للمؤرخ أن يتحدث، الآن سماء العالم العربي كلها سحب، وصعب جدا على المؤرخ الحديث الآن، رغم أن حديثه يكون مقبولا لكنه ليس تاريخيا بالمعنى العلمي. -بعض الباحثين يلحون على أن حدث 20 فبراير انتصرت فيه البنية على الظرفية، ويستشهدون بأحداث تاريخية سابقة وقع فيها نفس الأمر مثل انتفاضة "الدباغين" سنة 1873 التي بينت نوعا من الحراك الاجتماعي في المغرب، لكنها عبارة عن ظرفيات وجزر معزولة في بنية قوية ومستمرة، تنتصر فيها الدولة دائما. --لا أحد يستطيع أن ينكر هذا الواقع، لكن حتى نقاشه يجب أن يكون مستندا إلى أمور ملموسة، هل من الباحثين من هو متمكن من معرفة نسق الدولة المغربية، جوابي لا أحد، الكل يتحدث كما يريد وبالشكل الذي يريد، لكن هناك نسق معين مستعص عن الفهم، تتصرف الدولة بأمور ثابتة وتتكرر باستمرار وننتبه إلى تكرارها ومع ذلك لا أحد يفهم هذا النسق، ربما الدولة تفهم كيف يتحرك المجتمع، ولما تفهم الدولة ذلك فهي تستطيع أن تقود المجتمع وتوجهه وتتحكم فيه، هذا الأمر في عمقه لا يمكن أن نعتبره سلبيا، لا أعتقد أنه بالمرة يمكن أن نتحدث عن الصراع الدائم بين الطرفين، الدولة لها تصورات والمجتمع لها ضرورات، وضروري أن يقع الصراع بين الطرفين، هذا الصراع يدخل في أسس استمرارية للدولة وحيوية المجتمع على حد سواء. من كان يتوقع هذا الاستباق الذي قامت به الدولة في مواجهة حركة 20 فبراير، دستور متميز شئنا أم أبينا، لم يكن يحلم به الوطنيون الذي طالبوا بالدستور منذ زمن بعيد، الأحزاب ناضلت من أجل دستور أقل بكثير من هذا ولم تنل منه شيء، ثم مجموعة القوانين والأشياء التي أعتقد أنها لو فعلت لنقلت المجتمع المغربي نقلة نوعية، لا أحد ينكر أن حركة 20 فبراير أعطت نتائج مهمة، لكن السؤال المؤرق لماذا لم تستمر حركة 20 فبرار كحركة احتجاجية؟ حيت استطاعت أن تمارس نوعا من الضغط وأعطت نتائج سريعة، استمرارها كان إيجابيا ومنبها للدولة والمجتمع على حد سواء، هنا يطرح السؤال هل الأمر متعلق بضعف في بنية وانطلاقة الحركة، أم بقوة النسق الذي يستعمله النظام في التعامل مع مختلف الأحداث، الإجابة ليس سهلة، الأشياء لا تظهر الآن، القوة التي ظهرت بها الحركة والسرعة التي انهارت بها تطرح العديد من الأسئلة، يمكن أن نستمع إلى انطباعات من هذا الطرف أو ذلك، فحين تقع الأحداث يتحدث الناس كل حسب ثقافته وحسب وضعيته ورأيته للأشياء، وتبقى الحقيقة من كل هذا هي الغائب الأول. -الحراك العربي أعطى مدا قويا للحركة الإسلامية، بالمقارنة مع تجارب تاريخية سواء في العالم الإسلامي أو في العالم الغربي مع الحركات اليمينة هل يمكن أن نقول إنه بات معطى ثابتا وسيستمر في الوجود، أم أن أحسن تمرين للتعرف على الإسلاميين هو تمرين الحكم والحكومة ليصيروا مثل البقية. --المد الإسلامي ليس وليد حركة الربيع العربي بل كان موجودا، الناس كانوا موجودين وكانوا يشتغلون في المجتمع، والأن يحصدون تمار عملهم، لما جاءت الموجة عرفوا كيف يركبونها، كانوا متأكدين أن صناديق الاقتراع ستكون لصالحهم، لأنهم كانوا متواجدين في المجتمع، وروجوا أيديولوجيتهم بشكل كبير، لما أشاهد القنوات المصرية اليوم وعندما يستجوب شخص من عامة الناس يخلط الأشياء خلطا، يقول إن من يرفض الدستور يرفض الإسلام، كيف أمكن إقناع هذا الشخص بهذا النوع من الخلط في دهنه، لدرجة تسمع أحيانا أن مصر لمرسي ولجماعة مرسي فقط، كيف انتشر هذا النوع من الخطاب؟ ففي جميع الأمور يتم الخلط بين ما هو ديني وما هو سياسي لدى عامة الناس، وأغلبية الناس فقراء وهي البنية التي تشتغل عليها الحركات الإسلامية، وبالتالي يكون صوتها مضمونا في الانتخابات وهنا الصوت لا يكون نتيجة اقتناع بمستقبل سياسي أو بمنطق سليم بل يكون بحسابات أخرى. -إذا قارنا بما حدث في المغرب نلاحظ نفس الأمر صار عليه اليساريون يوما ما، هم كذلك اشتغلوا على المجتمع ووظفوا خطاب المظلومية، لكن تجربة أو تجربتين لهم في الحكم ضيعت كل المتعاطفين مع اليسار، هل نتوقع الأمر نفسه بالنسبة للإسلاميين؟ --الحركات الإسلامية في إطارها الأول أغلبها سليل الحركة الأولى التي ظهرت بمصر، أي حركة الإخوان المسلمين، الشكل الذي يشتغل به الإخوان المسلمون أصبح درسا ومدرسة لكل التيارات الإسلامية في العالم العربي تقريبا، تقع التجارب هناك وتنتقل إلى جهات أخرى، لدرجة يصبح هناك نوع من الخلط ويتم الحديث عن أمور في المغرب أو في تونس هي في الأصل لا تهم إلا المجمع المصري، ومع كثرة النقل يتم هذا الخلط بشكل كبير، بالنسبة للتجارب الأخرى أي "اليسارية" شعاراتها كانت مجتمعية وعندما مارست السلطة بهذا الشكل أو ذلك كانت أبعد عن المجتمع، وليس بالضرورة أن نبدأ في التصنيف، لما وصلوا إلى السلطة راهنوا على الإصلاحات المتأنية التي يمكن أن تبني الدولة، لذلك اهتموا مثلا بخفض المديونية، أي لما تنخفض المديونية الاقتصاد سينتعش، لكن المشكل في هذا البلد من يضمن لك أن تبقى في السلطة طويلا، أو من يضمن لك على الأقل أن صناديق الاقتراع ستفرزك في الانتخابات المقبلة، هذه من الأخطاء التي وقع فيها اليساريون، فيوم وقع التخلي عنهم بهذا الشكل أو ذلك كانت الطامة الكبرى، بدأوا بناء معين وقبل أن يقف بناؤهم على رجليه تم التخلص منهم فظهر أنهم لم ينتجوا شيء، وبما أنهم لم ينتجوا في المجتمع فسهل جدا اتهامهم بالعمل على مصالحهم بدل تحقيق مصالح المجتمع، ليس بالضرورة أن نبحث عن صحة هذه الأقوال، لكن ضروري أن تقال، والأكثر من ذلك لقد ظهر الأمر وكأن اليسار يتناقض مع شعاراته، يرفع شعارات مجتمعية ويطبق ضدها، الحركة الإسلامية فهمت الأمر، لذلك في شعاراتها تركز على ما هو مجتمعي، لأنها تعرف أن المسألة مرتبطة بصناديق الاقتراع وبأن الأغلبية فقيرة، وبالتالي لضمان هؤلاء لابأس من دغدغة عواطفهم بوعود، وهو ما نلاحظه حاليا في جل البلدان العربية، التجربة تقريبا شبه متشابهة وخصوصياتها ضعيفة جدا. -إذن يمكن أن نقول إن الإسلاميين دخول ولن يخرجوا، وأن النظام لن يعمل سياسته القديمة لدعم اليسار حتى يضرب به الإسلاميين كما كان يحدث في السابق. --كان ذلك في زمن الحرب الباردة، الآن لا يمكن أن يقف اليسار من جديد على قدميه إلا بإعادة ترتيب أوراقه ذاتيا، الخلل الآن داخلي أكثر منه موضوعي، فمادامت البيوت مهترئة فلا يمكن أن نتحدث عن شيء أخر، نلاحظ كيف تمضي المؤتمرات وماذا يتردد في الكواليس، وماذا ينتج عن أصوات النميمة وماذا تناقش، حتى بعض المرشحين في المؤتمر الأخير للاتحاد الاشتراكي مثلا يركزون على البيت، أحزاب اليسار الآن لا تعمل، الفروع مغلقة ولا تفتح إلا في المواسم الانتخابية، مع أن الأمر كان يقتصر على الأحزاب اليمينية فقط، لكنه عمم فيما بعد على الكل، والأكثر من ذلك هناك مدن بكاملها لا يتوفر فيها الحزب السياسي على مقر للتنظيم، يوم الانتخابات يبحثون بين أحد المتعاطفين مع الحزب عن بيت ليكون مقرا مؤقتا، ومنطقيا الإنسان هو أثمن رأسمال، إذا لم يتوفر لك هذا الرأسمال لن يتوفر لك أي شيء، التنظيمات اليمينية تتوفر على استراتيجيات معينة تتعلق برجال الأعمال، لديها تأثيرها الخاص، لكن بالنسبة للأحزاب التي تدعي أنها جماهيرية وأنها أقرب إلى الناس في نهاية المطاف لا توجد لديها حتى المقرات، المجتمع يعيش كوارث كثيرة ولا يجدها بجانبه، الحركة الإسلامية تقوم بالعكس ولا تنسى حتى الأشياء الصغيرة والبسيطة، مرشح الجماعة المحلية لا يوفر أي شيء للمواطن على المستوى الحقيقي لكن على المستوى الخدماتي هو موجود إلى جانبه، وهذا ما يجده المجتمع ويعترف به يوم الانتخابات.
#سعيد_بنرحمون (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الدفالي: الذي تصبح لديه الأيديولوجيا عقيدة لا يمكن أن يكتب ا
...
-
الدفالي: الذي تصبح لديه أيديولوجيا ما عقيدة لا يمكن أن يكتب
...
-
الدفالي: من ليس له ماضي ليس له مستقبل والتاريخ هوية وذات (حو
...
-
عن مجلة أمل، والمجتمع الدولة والتاريخ ، والتاريخ الراهن، وحر
...
-
إقبار كليات الآداب والعلوم الإنسانية قتل للبحث العلمي الأساس
...
-
باحثون من المغرب والجزائر يسترجعون الوحدة عند رموز الحركة ال
...
-
مجلة أمل التاريخ الثقافة المجتمع تكمل ستها العشريت في خدمة ا
...
-
أمسية تناقضات
-
في محطة القطار الحزينة
-
فصل المقال فيما بين -مول المجمر- و-مول المغرب- من اتصال
-
الطريق إلى أكذز 4 (الذي كان وما يزال هو الضرر-الحلقة الأخيرة
...
-
الطريق إلى أكذز 3 (سنوات وراء الشمس)
-
الطريق إلى أكذز 2 (قصر الكلاوي يذيب أحلام الشباب)
-
الكريق إلى أكذز 1
-
قراءة في كتاب -مونتسكيو تأملات في تاريخ الرومان أسباب النهوض
...
-
قراءة في رحلة الصفار إلى فرنسا 1845-1846
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
قراءة في كتاب (ملاحظات حول المقاومة) لچومسكي
/ محمد الأزرقي
-
حوار مع (بينيلوبي روزمونت)ريبيكا زوراش.
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
رزكار عقراوي في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: أبرز الأ
...
/ رزكار عقراوي
-
ملف لهفة مداد تورق بين جنباته شعرًا مع الشاعر مكي النزال - ث
...
/ فاطمة الفلاحي
-
كيف نفهم الصّراع في العالم العربيّ؟.. الباحث مجدي عبد الهادي
...
/ مجدى عبد الهادى
-
حوار مع ميشال سير
/ الحسن علاج
-
حسقيل قوجمان في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: يهود الع
...
/ حسقيل قوجمان
-
المقدس متولي : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
«صفقة القرن» حل أميركي وإقليمي لتصفية القضية والحقوق الوطنية
...
/ نايف حواتمة
-
الجماهير العربية تبحث عن بطل ديمقراطي
/ جلبير الأشقر
المزيد.....
|