|
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 13 - قطار النهضة
محمود حافظ
الحوار المتمدن-العدد: 3975 - 2013 / 1 / 17 - 09:42
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
فى هذه الأيام العصيبة التى يمر بها الشعب المصرى فى ظل حكم الرئيس الإخوانى وجماعته والتى بمقتضاها تسيل الدماء المصرية وبشكل يومى خلال رحلات وتنقلات نفر من الشعب فى وسائل مواصلاته سواء كانت هذه الوسائل سيارات أو أتوبيسات أو قطارات أو بواخر ومراكب وعندما تكون إسالة الدماء مستمرة ومتتالية حتى أصبحت فى حكم الظاهرة المستديمة ولما كانت الظواهر تحتاج إلى تفسيرات منطقية طبقا لواقع الحقيقة الموضوعية وجب على حكم المنطق الرصد الدقيق لهذه الظاهرة . ولما كانت أهم ما فى ظاهرة إسالة دماء المصريين هذه الإسالة التى تتم على قضبان سكك حديد مصر والتى تجمع قتل المصريون سواء بالقطارات أو سيارات مع قطارات أو باصات مع قطارات وبتناولنا رصد هذه الظاهرة طبقا للمنطق العقلى فإن حكم المنطق سيشمل أو ينطبق على كافة ظواهر القتل خارج نطاق السكك الحديدية طبقا لقواعد الرصد وطبقا لما تشمله عناصر الرصد ومدلولاتها على أرض الواقع المصرى . بداية قواعد الرصد تبدأ بأن من يتولى السلطة فى مصر رئيس ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين وهى فى الأساس يرجع تاريخ نشأتها إلى العام 1928 م ومؤسسها الإمام حسن البنا وهذه الجماعة تمحورت بنيتها على فكرة إعادة إنتاج دولة الخلافة الإسلامية والتى أنهيت على يد كمال أتاتورك فى تركيا بعدما تم إنهائها حضاريا بالنظام الرأسمالى العالمى والذى أرسى قواعد حضارية تجاوزت فى منتجها المعرفى ما قدمته الحضارة الإسلامية وقت بزوغها والتى إستمرت منذ القرن السابع حتى القرن الثالث عشر الميلادى والذى إنتهى ماتقدمه الحضارة الإسلامية من معارف وعلوم بقضاء التتار على دولة الخلافة ببغداد فى الشرق العربى وقضاء الأسبان على الدولة الإسلامية فى الأندلس فى الغرب وما تلى ذلك فى الأمة الإسلامية كان عبارة عن صراع بين التحلل الحضارى والتمسك بهذه الحضارة حتى إنتقلت معارف وعلوم الحضارة الإسلامية للغرب الأوربى والذى بدأ بالإضافة إليها وإنتاج معارفه التى كونت حضارته الحديثة والتى مازالت تفرض هيمنتها على الكون إلى الآن ولما كانت فكرة حسن البنا إعادة إنتاج الدولة الإسلامية بنظام الخلافة والتى بدأت بالدعوة الإسلامية لاقت هذه الدعوة هوى لدى البعض الرافض للحضارة الغربية فى عدد من البلاد الإسلامية ولما كان الأساس هو- وهذا الأهم –إعادة إنتاج دولة الخلافة ما يعنى يقينا الوصول إلى السيطرة على السلطة الحاكمة وأن الصراع بين هذه الجماعة منذ إنشائها حتى الآن كان فى سبيل هذا الهدف التى توصلت إيه الآن بوجود الرئيس الإخوانى على رأس السلطة فى مصر كأمر واقع . إن السيطرة على السلطة بواسطة الجماعة لابد أن تكون من خلال مواءمات عالمية تتقدم بها الجماعة إلى الطرف المهيمن صاحب الحضارة الحاكمة كونيا وأن هذه المواءمات تم قراءتها من خلال الرضى الأمريكى على السلطة فى مصر دون الخوض فى أساس هذا الرضا الذى أشرنا إليه سابقا. لابد من الإشارة أن الجماعة فى مشوارها للوصول إلى السلطة قد خاضت صراعات مع السلطة المسيطرة سواء فى العصر الملكى أو فى العصر الجمهورى بدءا من محاولة سيطرتها على الضباط الأحرار فى العهد الناصرى والذى أطاح بها حتى عهد السادات الذى إستقدمها من منفاها ثم أطاح بها ثم عهد مبارك والذى إستمر فى الإطاحة بها والزج بها فى السجون الأمر الذى أتبعه أن يكون عمل الجماعة بشكل تنظيم سرى أى تنظيم يعمل تحت الأرض وأن تكون له خلاياه الحية وخلاياه النائمة والتى تحديدا ظهرت فى العناصر القضائية . كانت الفرصة المتاحة لدى الجماعة أن يقوم الشعب المصرى بثورته على نظام مبارك بعدما إستشرى طغيانه وفساده وما إن سنحت هذه الفرصة أمام الجماعة حتى لحقت بالثوار ومن خلال تنظيمها السرى وخلاياها الحية والنائمة والتى بدأ تفعيلها فى فترة المد الثورى السلمى ومن خلال المواءمات التى أجرتها الجماعة بواسطة تمددها فى الأمة الإسلامية مع الهيمنة العالمية كانت النتيجة إستيلاء الجماعة على السلطة فى مصر . وحتى تتمكن الجماعة من سيطرتها المطلقة على السلطة كان لابد لها من فرض هذه السيطرة بواسطة فرض نموزج نظامها السياسى وهذا ما تولته الجماعة من خلال فرض دستورها حتى تتمكن من النظام العام للسلطة المصرية وهنا لاحت فى الأفق بعض العناصر فى الخلايا النائمة لجماعة الإخوان المسلمين . تماهى مع صراع الجماعة مع الكتلة الحية فى مصر فى معركة فرض الدستور عملية تمكين فى جهاز الدولة البيروقراطى الأزلى المركزى أو ما يسمى بالدولة العميقة والذى وص2مه النظام السابق بالفساد والطغيان وكان لابد للجماعة أن تعمل على السيطرة على هذا الجهاز بتمكين عناصرها من السيطرة على مفاصل جهاز الدولة سواء فى الوزارات ذات التفاعل مع الجماهير كالقوى العاملة والنقل والمواصلات والشباب والإعلام والتموين وأخيرا التنمية المحلية . إن عملية تمكين الجماعة لرجالها قد تمت بواسطة رجال هم تاريخيا بعيدا عن الخبرة فى جهاز الدولة لما كانت تمارسه الجماعة فى مشوارها من صراع مع السلطات المسيطرة وإقصاء هذه السلطات للجماعة حتى باتت الجماعة تعمل بشكل سرى بعيدة عن جهاز الدولة حتى ولو تسرب بعض أعضائها فى هذا الجهاز بمن وصفوا بالخلايا النائمة وكان معظمهم فى سلك القضاء ولكن الجهاز الإدارى للدولة سواء فى النقل والمواصلات وهو حديثنا أو فى قطاع الزراعة أو الصناعة أو قطاع البنوك أو الحكم المحلى وغيرها من قطاعات تلزم لتسيير الدولة العميقة لم يتوفر للجماعة لا الخبرات ولا الكفاءات التى تدير هذا الجهازالإدارى وأن الجماعة فى سرعة سيطرتها على هذا الجهاز أقصت الخبرات والكفاءات وسارت على نفس النهج من الطغيان والفساد الذى أطاح بنظام مبارك . من هنا نستطيع أن نرصد ما يدفعه الشعب المصرى فى ظل حكم الرئيس الإخوانى من تمكين جماعته للسيطرة على مفاصل الدولة دون أن يدرى المسيطرون كيفية إدارة الأجهزة المسيطر عليها وكانت النتيجة هى الفوضى العارمة فى جهاز الدولة والذى أصبح خارج تماما عن السيطرة هذه الفوضى التى كانت أبرز نتائجها تتجلى فى الإنهيار الإقتصادى للإقتصاد المصرى وما إستتبعه من فوضى عارمة فى كافة الأجهزة . كانت ظاهرة الموت للمصريين بواسطة وسائل المواصلات هى إحدى الظواهر الفجة فى المجتمع المصرى لدلالتها الدامية بزهق الأرواح فى حوادث هى فى الأساس تعود إلى ما رصدناه من فوضى نتجت عن إنعدام الخبرة والكفاءة لفصيل تمكن من وضع يده على جهاز الدولة هذا الفصيل الذى إنفرد وحده بمسؤولية الحكم دون شراكة ممارسا فاشية الحكم المطلق وقدوصل به الأمر بأن ما يحدث من كوارث وحوادث هو أمر لايعنيه لأنه نتاج النظام السابق وأن حقيقة الأمر لدى السلطة الحاكمة وهى تعترف فى ظاهرة السكك الحديدية أنها ورثت تركة ثقيلة فسكك حديد مصر قطاع متهالك فى الدولة وقد نال منه العجز لقدمه ماناله وكأن الرئيس ورجاله ضحايا وهم غير مسؤولون عما يجرى لأنه يعود إلى تهالك وقدم السكك الحديدية فى مصر وهذا إعترافهم وكأنهم هم الوحيدون الذين يجيدون فن تلبيس الآخر بجريمته والأخر هنا هو الشعب الذى يستحق الموت لأنه يستغل وسائل مواصلات متهالكة وتدفع به إلى الموت . إن الحقيقة أن سكك حديد مصر تعتبر ثانى أقدم سكك حديد فى العالم بعد سكك حديد بريطانيا وقد أنشأها الإنجليز فى مصر لتسهيل تجارتهم مع كبرى مستعمراتهم فى الهند فكانت السكك الحديدية فى مصر تنقل ما بين الأسكندرية والسويس وأن قدم السكك الحديدية هو عامل ميزة وليس عامل معيب لأن مؤسسة السكك الحديدية هى مؤسسة تعمل منذ أكثر من مائتى سنة ولها خبرتها المكتسبة وكفاءاتها وأن سكك حديد مصر هى الشريان الرئيسى للنقل فيما بين القاهرة والأسكندرية وفيما بين القاهرة وأسوان وأن خطوطها الحديدية ليست متهالكة كما يشيع رجال الجماعة وهذا لايمنع أن السكك الحديدية نالها جزءا من فساد النظام السابق ولكن عندما يزاح نظاما يحل محله نظاما يعمل على إصلاح الفساد السابق . وحتى نكون فى نفس سياق الرصد ما بال قدم وتهالك السكك الحديدية بتصادم قطارين فى الفيوم فهل هذا نتاج قدم وتهلك الخطوط الحديدية أم تهالك القطارات أم هو فى الأساس عيب فى الإدارة نتج عنه هذا التصادم وأن هذا العيب فى غرفة التحكم نتج من عامل بشرى أدى إلى هذا التصادم نتيجة غياب عنصر الرقابة والمتابعة من المسؤول الذى هو فى الأساس مهتم بتمكين نفسه بعيدا عن ممارسة حقوق المهنة . ما هو عيب الخطوط المتهالكة والقطارات المتهالكة فى قطار يصدم أتوبيسا للأطفال فى منفلوط بصعيد مصر يموت بسببه أكثر من خمسين طفلا نتيجة أن المزلقان مفتوحا أمام الأوتوبيس ولا توجد إشارات أو تنبيهات للأتوبيس ولا يوجد إهتمام من العاملين لنفس حالة الفوضى العارمة وبالتأكيد أيضا العامل بشرى بعيداً عن تهالك السكك الحديدية التى يتغنى بها مسئولى الجماعة بإعترافهم أن السكك الحديدية متهالكة حتى يتبرأوا من قتل المصريين . مابال قطارا تنفصل عرباته لعدم الصيانة به ينجم عنه قتل وإصابة العشرات بالأمس فى البدرشين وما لحق به من دهس قطارا آخر لسيارة تاكسى بالجيزة نتج عنها قتل ما فى السيارة هل هذا نتيجة التهلك أم نتيجة الإدارة لهذا المرفق الحيوى هذه الإدارة التى إنفرد بها الرئيس الإخوانى وجماعته وعملية تمكينهم من السيطرة على أجهزة الدولة دون أن يولوا إدارة مرافق الدولة أدنى إهتمام وإن حدث ما لايحمد عقباه نتيجة عدم الإهتمام بالإدارة يعود الأمر لتهالك وقدم المرفق . إن ما يحدث فى القطارات هو هو نفسه ما يحدث فى كافة الطرقات وهو هو ما يحدث فى القتل من تداعى العقارات الفاسدة والتى لم تتخذ فيها الجماعة وسلطتها أى إجراء وتركتها ليلقى من يضطر لسكنها أن يلقى مصيره المحتوم . فى الرجوع للخلف قليلا وفى زمن الرئيس المخلوع وفى حادثة قطار الصعيد والذى أحرق بفعل بشرى نتيجة الأهمال وإشعال مواقد بواسطة المسافرين بعيدا عن الرقابة وقف الرئيس الإخوانى الحالى ووقتها كان عضوا عن الجماعة فى مجلس الشعب يلقى خطبة عصماء يطلب فيها محاسبة المئولين عن الحادث بدءاً من رئيس الوزراء حتى أدنى مسؤول فهل يقوم الرئيس بتنفيذ تعليماته السابقة ؟ أن الدماء التى تسيل والإقتصاد الذى ينهار فى ظل حكم الرئيس الإخوانى هى نتاج هذا المشروع الضخم الذى وعد به الرئيس مشروع النهضة هذا المشروع الذى مثل بطائر النهضة والذى يالأمس القريب تم القبض عليه وهو يحمل ميكروفيلم فى قدمه ولم يعلن عن محتوى الميكروفيلم طبعا لإستبدال طائر الانهضة بقطار النهضة ليكون مشروع الرئيس الإخوانى هو إعمال القتل للشعب المصرى بصورة يومية حتى تتمكن الجماعة ورئيسها من ترسيخ قواعد سيطرتها على مفاصل السلطة فى مصر .
#محمود_حافظ (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 12 - الدولة العصرية ال
...
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 11 - الإستفتاء 2
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 10 - الإستفتاء
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 9 - الفاشية
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 8 - المصرنة
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 7 - فى الصراع السياسى
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 6
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 5
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 4
-
زمن الرئيس الإخوانى _ ومشروع نهضة مصر _ 3
-
زمن الرئيس الإخوانى ومشروع نهضة مصر - 2
-
رئيس مصر الإخوانى ومشروع النهضة
-
قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 15 - رئيس مصر
-
قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 14 - أصبح لمصر رئيسا
-
قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 13 - حكمت المحكمة
-
قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 12 - مالعمل
-
قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 11- مشروع الدولة
-
قراءة فى أحداث الثورة المصرية- 10 -حول القوى الديموقراطية وا
...
-
قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 9 - الهيمنة والفساد
-
قراءة فى أحداث الثورة المصرية - 8 - الحسم
المزيد.....
-
مصر: الدولار يسجل أعلى مستوى أمام الجنيه منذ التعويم.. ومصرف
...
-
مدينة أمريكية تستقبل 2025 بنسف فندق.. ما علاقة صدام حسين وإي
...
-
الطيران الروسي يشن غارة قوية على تجمع للقوات الأوكرانية في ز
...
-
استراتيجية جديدة لتكوين عادات جيدة والتخلص من السيئة
-
كتائب القسام تعلن عن إيقاع جنود إسرائيليين بين قتيل وجريح به
...
-
الجيشان المصري والسعودي يختتمان تدريبات -السهم الثاقب- برماي
...
-
-التلغراف-: طلب لزيلينسكي يثير غضب البريطانيين وسخريتهم
-
أنور قرقاش: ستبقى الإمارات دار الأمان وواحة الاستقرار
-
سابقة تاريخية.. الشيوخ المصري يرفع الحصانة عن رئيس رابطة الأ
...
-
منذ الصباح.. -حزب الله- يشن هجمات صاروخية متواصلة وغير مسبوق
...
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|