|
الله القوى- نحن نخلق آلهتنا.
سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 3973 - 2013 / 1 / 15 - 16:57
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
الله القوى - نحن نخلق آلهتنا (15)
تناولت فى سلسلة " لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون" مشاهد شتى عن الحاجات النفسية التى دفعت الإنسان إلى خلق كيانات ميتافزيقية والإيمان بها لم تعتنى فى إحداها بتلك الرؤية السائدة عن السببية التى تصور الإنسان البدئى وقد جلس على ربوة عالية يتأمل الطبيعة ليسأل كيف جاءت وما مُسببها , فلا أعتقد أن الإنسان القديم إهتم بقضية البعرة التى جاءت من البعير والأثر الذى جاء من مَسير كقضية حيوية ذات رغبة فضولية فى معرفة سر الوجود وبحثه عن الإله . أرى أن فكرة الآلهة جاءت بحثاً عن إيفاء أمان إنسانى فى خضم صراعه مع الطبيعة لتجاوز دوائر الألم التى تغمره ,فحينها جلس على الربوة يتأمل كيف يتجاوز ألمه ومحنته ويحقق أمانه, وهذه الرؤية لا تقتصر على الإنسان القديم فقط فالإنسان المعاصر لا يعنيه إنهيار نجم فى الفضاء ولكن سيعتنى ببحث سببية سقوط حجر فوق رأسه-لن يعتنى أحد أن يعرف نظرية عمل الموبايل والكمبيوتر ولكنه سيعتنى حتماً عندما يفسد ولا يجد من يصلحه فحينها إما يهز الأسلاك لعلها تنطق أو يجلس يتضرع ويقيم صلوات لإله لكمبيوتر إذا كان لا يعرف كيفية عمل هذا الجهاز السحرى ..الإنسان يفكر تحت طلب الحاجة والبعد عن دوائر الألم . من هنا أرى ان كل العوامل التى دفعت الإنسان للإيمان والإعتقاد هى فسيفساء من حاجات نفسية بسيطة وعميقة ,لذا من العبث تصور أن مجادلات مع البسطاء حول الخرافات الدينية ستأتى جدواها فى تحريك العقول الساكنه لأن الإيمان ببساطة لم يتسلل من خلال منطق وعقل بل جاء من عاطفة وجدت أمانها فى التشرنق داخل الإيمان ,لذا من نجدهم يحاولون الخروج من الشرنقة يكونوا قد تحرروا نفسياً قبل ان يتحرروا عقلياً .
فكرة الإله شديدة الثراء حملت وتحملت كافة الرغبات والإحتياجات الإنسانية لتجد حلها بحضور كيان مفارق علقت عليه آمالها وغاياتها ولعل الرؤى التى طرحناها سابقا تلقى الضوء على ما يعترى النفس الإنسانية من قلق وتوتر وغاية دفعته أن يخلق فكرة الآلهة ويتماهى فيها. نتناول فى هذا المقال مفهوم إله القوة الذى يعتبر بالفعل الفكرة المحورية الحاضرة فى المفهوم الإنسانى على مر العصور لتترسخ كرؤية إنسانية تعاملت مع مفهوم القوة ليتداخل في نسيجها بشكل عضوى غاية الاقوياء بتأكيد وجودهم وهيمنتهم ونيل إستسلام الضعفاء من خلال فكرة الإله القوى لتجد سبيلها فى الوعى ليبقى الأقوياء أقوياء ويرضى الضعفاء بضعفهم .
-الإله هو تقديس الإنسان لمفهوم القوة . عرف الإنسان مذ خط أول خطواته فى الحياة نهج الصراع وحكم وسطوة القوى لتتأطر فى قانون وجودى حيث هيمنة القوىّ وإستحقاقه وإستحقاقاته للحياة والوجود.. شاهد هذا فى كل مشهد حياتى حيث الصراع مع الحيوانات ومع نظيره الإنسانى ليمارس كل مستويات العنف والإفتراس والتوحش وليتأكد لديه أن البقاء للأقوى وعليه أن يكون قويا ليبقى .. كما تعلم فى السياق أول درس نفاقى تحايلى فى كيفية التعامل مع القوى الباطشة التى لا يستطيع مواجهتها فإما يهرب منها أو يمارس نفاقه فى مهادنتها والتودد لها لعلها تبعد قوتها المفرطة فتكون حيلته فى التعاطى معها محاولة إستمالتها ورضائها كما هادن وخضع للأقوى منه جسدياً.
تصور الإنسان قوى الطبيعية ذات وجود شخصانى عاقل فهكذا تعامل ذهنه مع الوجود ولا يجب أن نستخف به فمازال الأحفاد يمنطقون الأمور هكذا ليمارس تودده للآلهة ليس من تحت باعث الخوف فحسب بل تقديساً وإحتراماً لقانون القوة كناموس حياة ليأتى إحترام الإله من إحترام مفردة القوة ونتلمس هذا فى كل الميثولوجيات والأديان على مر العصور منذ الرعيل الأول حتى الأديان الحديثة حيث الصورة الرئيسية للإله هوالقوة العظيمة المتفردة لينسج كل معتقد ملمح للقوة حسب رؤيته وإحتياجه ومفردات وعيه ليكتل الآلهة فى وقت لاحق فى صورة إله واحد ذو قوة متفردة وشاملة كما فى الأديان التوحيدية.
تكون فكرة الله هو تقديس للقوة الشاملة المُهيمنة والمُسيطرة على كافة مستويات الحياة بلا منازع له, ولا تقتصر على تمظهرات القوى الفيزيائية المتمثلة فى الدك بالزلازل والقذف بالكوارث وما شابه ليضاف الإله القوى المقاتل رب الجنود وحامى الجماعة إلى الإله القابض على الموت والرزق لتأخذ الأمور منحى تحايلى من الإنسان بتقديم القرابين والطقوس لهذا القوى الإلهية الباطشة السريعة الغضب والداعمة أيضا .
بغض النظر عن تعدد الآلهة أو الإله الواحد فيبقى الإله هو رمز لقوة الجماعة فهو الحامى لها من قوى الطبيعة أو هو قوى الطبيعة ذاتها ليتم توظيفه فى صراع الجماعات البشرية لتحتل صورة الإله القوى المشهد الرئيسى فى الأديان والمعتقدات المختلفة فنجد بالكتاب المقدس صورة زاعقة للإله يهوه القوى كرب الجنود المنحاز للقبائل العبرانية والمناصر لها عن باقى الشعوب (أَنْتَ يَارَبُّ صَاحِبُ الْمُلْكِ وَقَدْ تَعَالَيْتَ فَوْقَ رُؤُوسِ الْجَمِيعِ.12أَنْتَ مَصْدَرُ كُلِّ غِنًى وَكَرَامَةٍ، وَأَنْتَ الْمُتَسَلِّطُ عَلَى الْجَمِيعِ، وَالْمَالِكُ لِلْقُوَّةِ وَالسَّطْوَةِ).- ولتستثمر الميثولوجيا التوراتية فكرة الإله القوى ليكون معين وداعم فى القتال (مِنَ الظُّلْمِ تُخَلِّصُنِي. 4أَدْعُو الرَّبّ الْحَمِيدَ فَأَتَخَلَّصُ مِنْ أَعْدَائِي)... كما هو إله قوى منتقم وذو سخط على الأعداء (2اَلرَّبُّ إِلهٌ غَيُورٌ وَمُنْتَقِمٌ. الرّبُّ مُنْتَقِمٌ وَذُو سَخَطٍ. الرّبُّ مُنْتَقِمٌ مِن مُبْغِضِيهِ وَحَافِظٌ غَضَبَهُ علَى أَعْدَائِهِ).- (رَجُلٌ وَاحِدٌ مِنْكُمْ يَطْرُدُ أَلْفًا، لأَنَّ الرَّبَّ إِلهَكُمْ هُوَ الْمُحَارِبُ عَنْكُمْ كَمَا كَلَّمَكُمْ).- (8مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ سَتَأْتِي ضَرَبَاتُهَا: مَوْتٌ وَحُزْنٌ وَجُوعٌ، وَتَحْتَرِقُ بِالنَّارِ، لأَنَّ الرَّبّ الإِلَهَ الَّذِي يَدِينُهَا قَوِيٌّ).(تمنطقني بقوة للقتال . تصرع تحتي القائمين علي وتعطيني أقفية أعدائي، ومبغضي أفنيهم يصرخون ولا مخلص. إلى الرب فلا يستجيب لهم فأسحقهم كالغبار قدام الريح. مثل طين الأسواق أطرحهم) بقدر ما تم تسخير الإله يهوه بشكل فج كعون ودعم للمقاتلين ليخيل لك أن التراث العبرانى لا يعرف من صور الإله إلا القوة والقتل فلن يخلو الأمر من الإنسحاق أمام مفهوم هذه القوة الباطشة وتقديم فروض الطاعة والإنسحاق والإذلال أمامها كشكل تحايلى مهادن (أيها المسيح إلهنا لكرسي حكمك المرهوب أفزع، ولمجلس دينونتك أخشع، ولنور شعاع لاهوتك أجزع، أنا الشقي المتدنس، الراقد على فراشي المتهاون في حياتي. لكنى أتخذ صورة العشار قارعا صدري، قائلا: اللهم اغفر لي فإني خاطى.)
يأتى الله الإسلامى مفعماً بالقوة فلا يختلف عن نظيره التوراتى كرؤية للإله القوى فهو الله القوى الجبار القهار الذى يسحق ويبطش وينتقم ﴿ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعَذَابِ ﴾﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْقَوِيُّ الْعَزِيزُ ) - ﴿ مَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ) – ليتطابق الله الإسلامى مع يهوه التوراتى فى إهتمامه بالعملية القتالية ولكن يختلف فى أنه داعم وطالب القتال ﴿ إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ ﴾"قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ اللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُؤْمِنِينَ(التوبة 14)."- وإذا كانت القوة تتحقق لصالح المسلمين على الأعداء فيلزم أيضا التذلل لله كخضوع لهذه القوة المفرطة {وَيَخِرُّونَ لِلأَذْقَانِ يَبْكُونَ وَيَزِيدُهُمْ خُشُوعاً } – (وَيَدْعُونَنَا رَغَباً وَرَهَباً وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) .
نرى أن الإنسان أحاط فكرة الإله بكل مظاهر القوة والجبروت ثم إستثمرها جيدا فى تطويع الفكرة لدعم المقاتلين فى القتال ليحتكر كل معتقد الإله فى خدمة مشروعه السياسى فهو القوة المفرطة المأمولة . الإله القوى هو مشروع الأقوياء الأيدلوجى لذا لم يبخلوا عليه بكل تمظهرات القوة لتتخذ فى كل الميثولوجيات القوة الغاشمة المُستبدة المتحكمة التى لا سبيل من التخلص من قبضتها فهو الجبار المنتقم القهار الغاضب , ولا تكتفى تمظهرات القوة عند حدود الملموس والمنسوب للإله كقوة ذات شكل سوبرمانى خارق يتدخل فينتقم ويبطش بالإعداء والعصاة والخارجين عن منظومة الأقوياء بل تمتد لتتخذ التحكم فى الأقدار والإحياء والموات والذى يحاسب ويلقى فى جهنم ولا سبيل للخروج عن حكمه ومشيئته وأقداره. فكرة الإله القوى تجد حضورها فى الأقوياء والضعفاء فالأقوياء يريدونها شرعنة لقوتهم وهيمنتهم كناموس حياة , والضعفاء يقبولونها كقوى مأمولة فى مواجهة قوى متغطرسة حاضرة لذا فمنح مفهوم القوة لفكرة الإله يجعل الأقوياء أقوياء ويمنح الضعفاء تعزية فى وجود سند قوى سيقتص لهم . -خطورة فكرة إله القوة . نحن نمجد القوة والأقوياء فهكذا نهج حياتنا حتى لو تغير مفهوم القوة لدينا من الإحتفاء بالأقوياء جسدياً كالأبطال والمصارعين إلى الأقوياء أصحاب النفوذ والمال والجاه ليؤصل الأقوياء ميديا وفكر داعى لتمجيدهم وتبجيلهم والإحتفاء بهم يتتسلل من ثقافة الخضوع والخنوع للأقوى المُستمدة روحها من الموروث الثقافى الدينى الذى يطلب الخضوع والخنوع للإله القوى وليختار الفكر الدينى منهجية العبودية لله كتأصيل للعلاقة القائمة حينها وأدلجة لفكر السادة فهكذا العبودية والإنسحاق كناموس حياة ووجود فكما هى نهج السماء كذلك هى ناموس الأرض لتتأصل فى النفسية روح الخضوع للسيد القوى وتستمر الذهنية البشرية فى إجترار روح الإنسحاق حتى لو إندثرت علاقات العبودية كنمط علاقات إجتماعية لتبقى الثقافة مؤصلة لنهج وسلوك قديم يبقى حاضراً .
يتصور الكثيرون أن الإله لابد أن يكون قوياً فهذا حتمى فكيف يكون الإله ضعيفا ً .!! - ففى مداخلة لأحد الزملاء ذكر أن الله قوياً وليس خرعاً على حد قوله ( خرع كلمة عامية تعنى ضعيف وواهن ومتردد )- لذا يكون سؤال هل الله قوى أم ضعيف لنجد إجابته بأن الله قوى بالطبع . كون الإله قوياً كما يعتقدون فهو ينال من فكرة الألوهية ويثبت بشرية الفكرة دماً ولحماً وأن الإنسان خالق صورة الإله كرمز للقوة التى يحترمها فمقولة "الله قوى"تتعارض مع الفكر اللاهوتى بإعتبار أن الإله يحمل طبيعة مغايرة عن الطبيعة المادية ذات مفاهيم وصفات القوة والضعف ,فالإله من المفترض أنه متحرر من الصفات البشرية بحكم كونه ذو وجود مغاير غير مادى لذا من غير المنطقى أن يكون الله قوياً أو ضعيفا ً . لو تجاوزنا هذه النقطة وإعتبرنا الله قوياً فلنا أن نسأل أقوى مِن مَن ؟!! .فهنا نحن امام صفة القوىّ الذى يوجد من يتحلى بها ليكون هناك وجه للمقارنه فهل المقارنة واردة مع الله ؟! .. كما يلزم لتحقق صفة القوة تواجد الضعف كنقيض ليمنح صفة القوة المعنى والوجود والتعريف , وهذا يعنى أن الله يرى نفسه قوياً مقارنة بآلهة أخرى ضعيفة وهذا يتنافى مع فكرة أنه واحد منفرد متفرد لا شريك له لتصبح صفة القوة هنا بلا اى معنى , ولكن سيتجلى معناها عندما ندرك بأن الإنسان هو من منح إلهه صفة القوة المتفردة .
بالطبع لا يكون توقفنا أمام فكرة إله القوة كوننا ننفر من القوة , فالقوة ليست قبيحة ولكن يكون توقفنا أمام فكرة إله القوة كشرعنه للإستبداد والقهر و دمجها فى نسيج الفكرة بحيث يصبح من الصعوبة بمكان فصل القوة عن البطش والإستبداد لتنتقل الفكرة بملامحها الإستبداية عبر الأجيال تمنح مشروعية للإستبداد والطغيان . فكرة إله القوة جاءت من إبداع النخب القوية لتسقط خيالاتهم التى لم تخلو ولم تتخلى عن مصالحهم وغاياتهم ورغباتهم فى السيادة والهيمنة والتفرد لتلتصق صورة الإله كما رسموها كإله باطش يتحقق من خلاله منهجية الخضوع والخنوع للقوة كرمز ومعنى لتخرج علينا بتمظهرات للإستبداد تتحقق بشكل طبيعى وتلقائى . المستبد القديم الذى أراد إلهه قويا مستبدا لم تجئ فكرته عن عمد وتخطيط أى لم يجلس مع أقرانه من المستبدين ليقول لهم هيا نرسم صورة الإله المستبد , بل تداعت أفكاره وخيالاته بشكل طبيعى تلقائى تعبيراً عن ذاته ليرسم صورة الإله كما يرى نفسه مثل إسقاط نفسه على صورة الإله الجالس على العرش تحمله ثمانية ,لتسقط رسوماته هذه مُحققة مصالحه ورغباته فى الهيمنة والسيادة .
دعونا نتلمس صورة إله القوة الذى صار مستبداً بالضرورة , فالفكرة المحورية للعلاقة بين الإنسان والإله هى علاقة العبودية كعلاقة العبد للسيد لتقول لماذا هذه العلاقة الدونية ولتسأل سؤالاً يفضح الإسقاط عن معنى طلب العبودية لله بإفتراض إنعدام قيام تلك العلاقة فى المجتمعات الإنسانية!!.. فهل الله أسس وسمح لمجتمع السادة والعبيد ليدرك الإنسان شكل العلاقة ثم يطلبها لنفسه مع عدم الإغفال أن الذى أبدع فكرة عبودية الإنسان للإله لم يلغى هذه العلاقة فى البشر , أم ان السادة هم من حددوا هذه العلاقة ليشرعنوا لنهج العبودية فكما السيادة للإله فهكذا نهج السماء والحياة . لتبقى فى النهاية خطورة فكرة العبودية بعد إنقضاء عصورها ليظل النهج فى الإنسان كثقافة وسلوك لنحظى بنفسية عبيد على الدوام .
تفتق مبدع فكرة الإله فى تعضيد فكرة الإستبداد والبطش الغير مبرر كمشروعية لممارساته, فهاهو الإنسان ينال عقاب لا نهائى على أفعال محدودة زمنية ليتحقق مفهوم الإستبداد والقوة المفرطة وتتوارى فكرة العدل لتتمرر هذه الفكرة فى ثقافة ووعى الإنسان فلا يعير إهتماماً لقسوة المستبد الأرضى وانتقامه الباطش الشرس فقد بنت الفكرة لها مكان من المفهوم الإلهى.
أن يحاكم الإنسان فى المحكمة الإلهية فلا يجد من يدافع عنه فهو أمام القاضى والجلاد العادل لتشرعن فكرة الإله المستبد العادل ويستنسخ منها فكرة الديكتاتور العادل وتشرعن له لنحظى بأعمار مديدة فى ظل المستبد العادل الذى إستمد حضوره من الفكرة العامة عن الإله المستبد العادل .
فكرة الأقدار إذا كانت قد تولدت فى ذهن الإنسان نتيجة قلقه من اللحظة القادمة وجهله بالظرف الموضوعى المادى ليضع خوفه وقلقه فى يد إله لتسمح هذه الرؤية بكل الأقدار أن تكون فى يد الإله الذى يُرتب ويُقدر ويُحدد المصائر وليس لدى الإنسان سوى قبول أقداره بإيمان وخشوع ورضا فالتذمر والتمرد ونفى هذا يعنى الجحيم الأبدى لنحظى فى النهاية على نسخ أرضية لهذه الصورة أو للدقة النسخة الأرضية هى التى رسمت هذا المشهد لتسقطه على فكرة الإله وتسترده فى النهاية لتشرعن للحاكم المستبد الحضور والقبول النفسى فهو من يقرر ويشرع القوانين ومعارضته ستجلب السخط والعقوبة لذا تواجدت فكرة الحاكم كظل الإله على الأرض ومنهجية حرمانية الخروج على الحاكم لتصبح بمثابة مُسلمة تتحقق مع شيوع ثقافة الله القوى المتفرد بالأقدار.
لا توجد فكرة فى الوجود بدون غاية وحاجة وإلا كانت عبثاً .. لا توجد فكرة معزولة عما يدور فى خلجات النفس الإنسانية وما يعتريها وما تأمله وما تشبعه .. لا توجد فكرة بدون مصلحة وهيمنة القوىّ بغض النظر عن طبيعة هذا القوى وآفاقه . تكون فكرة الإله القوى تعبير عن رؤية الإنسان لمنهج القوة كمنهجية حياة ليصيغها مبدعيها فى شكل مُفرط مصحوبة بالتعسف والإستبداد والبطش لتندمج فى فكرة القوة الإلهية لا تنفصم عنها وتتصدر فى النهاية مفاهيم الإستبداد فإذا كان الإله باطش ومستبد فهكذا هى شريعة الحياة والوجود ليكون مستبدينا وطغاتنا على نفس المنهجية . تزداد خطورة فكرة الإله القوى فى إنسحاق الإنسان أمام مفهوم القوة المفرطة والتماهى فيها لنصل لحالة لا تكتفى بالإنسحاق والركود بل الإستعذاب أى نصل لوضعية التلذذ وإستيطاب القهر والظلم ومن هنا لن نجد صعوبة لمعرفة لماذا الشعوب الغارقة فى تراثها الدينى على مدار التاريخ وحتى الآن وخصوصا منطقتنا العربية يحظى مُستبديها بكل حفاوة وخضوع من جانب الشعوب تصل لتمجيدهم وإستعذاب جلدهم والتمرغ تحت نعالهم ففكرة الإله القوى المستبد قد فعلت فعلها وتفاعلت وأنتجت ذل وخضوع وإنسحاق .
دمتم بخير . - "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
رؤية موضوعية للإسلام والمسلمين وعلاقتهم بالتخلف-لماذا نحن مت
...
-
كافر من يرفض الشريعة-تديين السياسة أم تسييس الدين .
-
الظن والوهم الذى أصبح وجوداً-خربشة عقل على جدران الخرافة وال
...
-
أسباب التنزيل-إرادات إلهية أم مواءمات بشرية-الأديان بشرية ال
...
-
إنهم يحرثون الأرض للتخلف- لماذا نحن متخلفون .
-
الزيف واللامصداقية كنتاج ثقافة الخوف- لماذا نحن متخلفون.
-
وسقطت ورقة التوت أمام قصر الإتحادية- الإسلاميون والديمقراطية
...
-
حتمية إنحسار الإسلام السياسى الإجتماعى الثقافى-رؤية إستشرافي
...
-
فى رحاب الشريعة - لماذا نحن متخلفون
-
إنهم يزرعون الكراهية والتوجس والعداء -الدين عندما ينتهك إنسا
...
-
هى حظوظ من الجغرافيا والتاريخ-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
-
قضية للمناقشة .!!
-
لماذا نحن هكذا ؟!-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا .
-
مقولات كبيرة ولكن تنسف نفسها -خربشة عقل على جدران الخرافة وا
...
-
الله والذبائح والأضاحى-الأديان بشرية الهوى والهوية.
-
أسئلة على المحك -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
-
لماذا إله واحد ؟!- نحن نخلق آلهتنا.
-
دعوة للخربشة - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
-
حضارة عفنه .!!
-
سادية إله أم بشر ساديون- نحن نخلق آلهتنا.
المزيد.....
-
المقاومة الاسلامية بلبنان تستهدف قاعدة حيفا البحرية وتصيب اه
...
-
عشرات المستوطنين يقتحمون المسجد الأقصى
-
مستعمرون ينشرون صورة تُحاكي إقامة الهيكل على أنقاض المسجد ال
...
-
الإعلام العبري: المهم أن نتذكر أن السيسي هو نفس الجنرال الذي
...
-
ثبتها فوراً لأطفالك.. تردد قناة طيور الجنة 2024 على نايل سات
...
-
الجنائية الدولية تسجن قياديا سابقا في أنصار الدين بمالي
-
نزع سلاح حزب الله والتوترات الطائفية في لبنان.. شاهد ما قاله
...
-
الدعم الأميركي لكيان الاحتلال في مواجهة المقاومة الإسلامية
-
إيهود باراك يفصح عما سيحدث لنتنياهو فور توقف الحرب على غزة
-
“ألف مبروك للحجاج”.. نتائج أسماء الفائزين بقرعة الحج 2025 في
...
المزيد.....
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا
/ أحمد صبحى منصور
-
كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد
/ جدو دبريل
-
الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5
/ جدو جبريل
المزيد.....
|