أشرف الحزمري
الحوار المتمدن-العدد: 3968 - 2013 / 1 / 10 - 09:39
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
"الإشارات الإلهية" فكرة ناقشتها الأديـان وأثبتتها، وحلّلها الفلاسفة فنفاها بعضهم ووافق آخرون عليها من حيث مبدأها الكلي بعد تجريدهـا من شوائب التفسيرات الكهنوتية والأسطورية، ودفع بهـا العلماء إلى وجهة أخرى حيث خلّصوهـا من أصلهـا الإلهي وقالوا بأصلهـا الذاتي، وحـاكاهـا الفنـانون؛ بالتعمّق في أسرارهـا، والتغلغل في باطن معانيهـا دون استشكـــال علّــتهـا، إلا أنّهـا تظل قاسمـا يوحِّد بين كل الأنساق الثقافية الإنسانية.
وتقوم هذه الفكرة في دلالتهـا الكلية على أنّ الوعــي الإنساني منذ انبثاقه وإدراكه الذاتي، أي عندمـا يدرك الإنسان أنّـه يدرك، تتجلّى له جملة من الصّور الرّمزية التي تستدعـيه إلى فهم قصدية مرسِلِهــا، سواء كـانت هذه التجليات مادة في حركيتها وسكونهـا، أو سلوكــا إنسانيا مفرداً أو جمعــاً، فمــا يجعل من هذه الإشارات موضوعـــا لهذا الوعي، هو تدفق هــذا الأخير، واستمرارية فيضه.
لكن إذا نظرنــا إلى هذا الوعي في انطوائه على هذه القنــاعة، نجد أن دهشة روحية حيّــة تطبع ماهيته، وتـــحدّد مساره، حيث تفكيك مألوفــات الحياة اليومية، وإعــادة بناء ما هو عادي وبديهي، من أهــم الثمرات التي يمكن أن تجتنيها الذات الحــاملة لهـذا الوعي والإعتـــقاد.
هــذا بغض النظر عن القيم الجمـــالية الروحية التي يمكن للإنسان أن يستأنس بهـــا في هذه التجربة العرفــانية الحدسية مثل "قيمـــة الأنس" و"قيمــة المراقبة" و"قيمــة التعظيم" و"قيمة الذوق" وغيرها من القيم الروحية التي تتفرع تفرعـــا خاصا عن هذه التجربة، وهي قيم وسمـــات روحية لا تبرز من اللحظة التي يقف فيهــا العقل متأملاً وفاحـــصا لـهذه الإشارات، بل هذا التأمل الذي تأتي به حـــالة "اليقظة"؛ مــا هو إلا بداية لحـــرث بذور هذه القيم المسؤولـــة عن صياغـــة الإنسان وإعـــادة تشكيله من جديد.
#أشرف_الحزمري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟