|
الوجود أم الفكر أي تجاوز ممكن ؟؟؟
سيومي خليل
الحوار المتمدن-العدد: 3964 - 2013 / 1 / 6 - 14:51
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
سيومي خليل الوجود أم الفكر أي تجاوز ممكن ؟؟؟
نقاش الفكر والوجود كان بذرة الفكر الفلسفي ، نمت البذرة ، وتعاظمت ، وحملت كل الثمار الناتجة عنها الجين الفكري نفسه، إن جاز هذا التشبيه ؛ المنطلق هو نفس المعادلة عند كل المدارس الفلسفية . المعادلة رامت البحث عن الأولوية ؛ الفكر أم الوجود ، أيهما يُلحق بالثاني ؟؟؟ لقد ترتب عن الحل النظري لهذه المعادلة قضايا مؤطرة عامة ، إختلف حولها إختلافا شديدا ، وأنشئت أديان عدة بارتباط معها ، واقتتل الأتباع بوثوقياتها ودوغمائياتها ، وفرخت إتجاهات سياسية موجهة ... القاعدة الأهم في بناء نسق فلسفي مترابط هو أن تعطي جوابا نظريا لإشكال الوجود والفكر ، بعدها ستكون الفلسفة المُنتجة إما مادية أو مثالية ، ليس هناك إحتمالات أكثر . لم يتشكل الإتجاهان الفلسفيان المجيبان عن قضية الفكر والوجود في فترات متباعدة ، فمادامت القضية طرحت للنقاش ،فإن الجوابين عنها سيكونان في فترات متقاربة جدا، وبعد مخاض ، ستكون مدرستان بعَلَمين فكريين بارزين جوابين مختلفين للقضية ؛ أفلاطون المغرق في مثاليته، وأرسطو طاليس المعتز بماديته . المثالية كانت هي ربط إختلاف الواقع والوجود وتعدده بالفكر الأول المنتج *لقد كانت في البدء الكلمة ** إقرأ بإسم ربك الذي خلق ...* أول آية نزلت تحيل على عملية فكرية محض . الفكر جسدته الفلسفة المثالية في المطلق ، جسدته في المحرك الأول الذي لا يُحرك ، جسدته في الله المتعالي ، جسدته في الروح القدس سر الأرواح المقدسة ، جسدته في ياهوه ...لأنه مادام الوجود وأشكاله المتعددة لم يوجد إلا بعد الفكر ، فإن الفكر كان لا بد له من حامل ، كان لا بد له من عقل يعقل ويفكر ؛ أليس الله في المثالية الهيغيلية هو العقل المطلق الذي تنتج عنه الأفكار ؟؟؟ العقل اللامحدود ، العقل الأول في الأفلاطونية المحدثة ، والذي يفيض عنه المتعدد اللامتناهي ومظاهر الوجود . المثالية حسمت بشكل نهائي في مسألة الإيمان ؛ المثالي إنسان مؤمن بالقياس العقلي ، لأنه يثبت للوجود موجدا وواجدا ، يجعله دائم الحضور أبدا ، بل هو الحضور . بلغة الفيلسوف الفرنسي المعاصر جون بول سارتر ؛ الماهية أم الوجود ؟؟؟ . لقد حسم المثاليون الأمر سنوات قبل جون بول سارتر الذي يخالفهم الحسم ؛ الماهية أولا . الماهية ، الفكر ، ينتج الكلمة المقدسة ، ينتج الوحي الموحي من الكائن المطلق ، ينتج شرائع الأديان وطقوسه ... إنه في الأخير ينتج الحقائق المطلقة التي تستعصي على كل تجاوز وقطيعة إبيستيمية . هذا الصرح الذي تبنيه الماهية ينهدم حين تتأخر-أي الماهية - وتأتي ثانيا ، حين يسبق الوجود الماهية كما يقر ذلك جون بول سارتر ، حين يكون الفكر معلق بتغيرات الوجود . أولوية الوجود عن الماهية تجعل العقل المطلق الهيغيلي يتحول إلى وجود متغير ماركسي ، والفكر حينها لا يعدو أن يكون إلا بشريا ، لا يحمل أي قداسة ، والأديان توحي من عقل الإنسان لا من السماء ، والكلام لا يكون ربانيا ...فقط الواقع ، الطبيعة ، الوجود المحسوس هو الإلاه النظري الذي ينتج متعلقاته الفكرية . بنى الفيلسوف الفرنسي-المرحلة الحديثة -رونيه ديكارت معتقداته الإيمانية بتأسيس وجوده العضوي والنفسي على الفكر ، هكذا يتم إستنتاج خلاصة منطقية من الكوجيطو الديكارتي الشهير * أنا أفكر أنا موجود * ؛لا بد من إلاه فاض عنه الفكر . وتماهى الفيسلوف الألماني كارل ماركس مع عمق الوجود الطبيعي المنتج للفكر ، لذلك فاض الفكر عن الطبيعة وتعلق بها؛الطبيعة هي الإلاه غير العاقل . كانت مرحلة الفلسفة الحديثة ملتقى التناقض المدرسي في القضية المناقشة . أوج المثالية كان هو تعبير فرديريك هيغل المؤمن ، الذي جعل للتاريخ عقلا مطلقا يسيره وينظمه ، وما إستغلال التاريخ للشخصيات البارزة والمؤثرة ، إلا تحليلا فلسفيا منحرفا عن مفهوم القدر الإلاهي . السخافة هي ما ميز فلسفة هيغل عند لودفيغ فيورباخ المادي الميكانيكي ، لتعتبرهما معا الماركسية مجرد مثقفين ينتميان الى البرجوازية الصغرى والمؤمنان بمغالطات ميتافيزيقية مقيتة . بعيدا عن تبريرات الفلسفتين ؛ هل تجاوز التفكير الفلسفي فخ الوجود والفكر المنصوب له ؟؟؟؟ لقد أقامت الفلسفة المعاصرة الإنسان إشكالها الأول ، لكن دون أن تندثر قضية الفكر – الوجود من الفكر الفلسفي أبدا، ولا نظنها ستزول ،تم تغيير المواقع فقط ، خصوصا عند أولائك الذين يعتبرون القضية المناقشة هي مجرد قضية ميتافيزيقية ، حتى وإن كان الجواب عنها ماديا مرتبطا بمعطى الوجود ، وهذا ما يجعلها –في نظرهم – قضية إعتقادية إيمانية، لا شيء يبرر الأجوبة حولها ، بل لا تعدو أن تكون الأجوبة إلا سفسطة نظرية مغرقة في الخيال ، لأنها في الأول والأخير ، وبعد مجادلات بيزنطية ، تنتنهي عند الإيمان بالله أو عدم الإيمان به ، أي الإيمان بالطبيعة ؛ هذا ما أرادت الفلسفة المعاصرة تجاوزه لتصل إلى الإنسان لكنها وجدت أن القضيتين مترابطتين ؛ علاقة الفكر مع الوجد تؤدي إلى الطريقة التي يجب أن نفهم بها الإنسان ... على سبيل المثال ،وفي مسالة الحقوق الإنسانية ،والتي لا تحيذ كثيرا عن الجواب المعطى للقضية – الإشكالية ؛الدين حين يكون نتاج الواقع يمكن أن نتجاوز ضوابطه وحدوده إلى حقوق إنسانية كونية ، لكن حين يكون نتيجة فكر العقل المطلق بتعبير فرديريك هيغل فإن الكثير من الحقوق الدينية ستدعي الكونية . إجمالا يمكن إيجاد حل للقضية حين لا نقيم أي فصل إطلاقا بين الفكر والوجود ، لكننا سنكون كمن إستعان بالرمضاء على النار ، لكن على الأقل يمكننا أن ننتبه أكثر إلى الإنسان بدل الخوض في لغز ميتافيزيقي إعتقادي
#سيومي_خليل (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يراهن على القمر ولا يحترق ؟؟؟
-
المحلي والكوني في كتابة العقد
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
-
سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري -
/ الحسن علاج
المزيد.....
|