أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - كافر من يرفض الشريعة-تديين السياسة أم تسييس الدين .















المزيد.....


كافر من يرفض الشريعة-تديين السياسة أم تسييس الدين .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 3961 - 2013 / 1 / 3 - 15:57
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


كافر من يرفض الشريعة - تديين السياسة أم تسييس الدين (13)

للداعية الإسلامى وجدى غنيم تغريدات ولكنها تغريدات البوم الناعق بالخراب فالرجل تنطلق منه الكلمات كالطلقات لتثير الفتن والكراهية والعصبية .. الشيخ وجدى غنيم يُعتبر من أعنف وجوه التطرف التى إبتلينا بها فكلماته سموم تضرب فى جسد الأمة لتبث الفرقة والبغضاء مخاصماً أدنى مستويات اللباقة واللياقة عند التعبير عن أراءه , ولكن يُحسب للرجل أنه صريح لا يعرف المناورة والمرواغة فما يعتقد ويؤمن به يطلقه بمصداقيه بلا تحفظ ناقلاً مافى التراث خالياً من أى محاولة للتذويق أو التلطيف أو تخفيف الوطأة .. هو ينقل حمولة تراثه بلا زيف او تزويق .

من ضمن تغريدات الداعية وجدى غنيم شريط فيديو يعبر عن رأيه فى الدستور والشريعة وبعد فاصل من السب وإبداء التحقير للقوى المدنية والليبرالية يطلق قذائف من الحجم الثقيل فيعلن أن كل رافض للشريعة هو كافر بل إمعاناً فى تأصيل التكفير يُعلن أن مصادره من الكتاب والسنه وأئمة فقهاء المسلمين فلا يوجد فقيه لم يكفر رافض الشريعة .
بقدر فجاجة الداعية وجدى غنيم بلعناته للقوى المدنية وتكفيره لكل من ينصرف عن الشريعة الإسلامية كمنهجية حكم يُحسب له مصداقيته ووضوحه وعدم مراوغته كما تُمارس التيارات الإسلامية التى إرتضت أن تقفز على الحكم وفق آليات الديمقراطية لذا سنعتنى فى هذا البحث بموقف الإسلام والإسلاميين من تطبيق الشريعة لفضح الوجوه المزيفة الإنتهازية التى تتزيف وتخدع فتدعى أنها إرتضت بالديمقراطية وحكم الشعب والمجتمع المدنى بينما معاولها جاهزة للنيل منها .
http://www.youtube.com/watch?v=93vxhKjM3_U

لا ينفرد الشيخ وجدى غنيم فى تكفير من ينتهج الديمقراطية سبيلاً بل يشاركه الكثير من الشيوخ ورجال الفقه الإسلامى فيؤكد الشيخ مازن السرساوى أستاذ الحديث بجامعة الأزهر إن تطبيق الشريعة الإسلامية أمر محسوم ولا يحتاج إلى هذه الحالة العبثية لنجعلها قضية خلافية وحزبية، معتبرًا أن مَن تُعرض عليه الشريعة ثم يَعرض عنها، فهو كافر مرتد -- ويؤكد الدكتور "فوزى السعيد" إمام وخطيب مسجد التوحيد، إن كل من يدفع الشريعة من القوى السياسية، سواء ممن يسمون أنفسهم"علمانيين ويساريين ومركسيين أو اشتراكيين أو غيرهم ليحتكم إلى القوانين الوضعية فهو "كافر،كافر،كافر، مرتد فى قلبه حرج".!!

هل نحن أمام فرقة من الشيوخ ذات نهج متطرف فى الرؤى والتوجه أم أمام رؤية صحيحة للفكر الإسلامى ليس بها أى إلتباس لذا يجب علينا الإحتكام لينابيع الشريعة والتراث الإسلامى كفيصل لنرى هل الكفر نصيب من يرفض الشريعة ويستعين بديلاً عنها بمنهجية العصر أم لا .

تجتمع أئمة الإسلام على أن الإنصراف عن الشريعة تخرج أصحابها من الملة إلى الكفر مستندين فى ذلك إلى آيات قرآنية تقر وتحكم بذلك فالحافظ ابن كثير : في تفسير قوله { أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من الله حكماً لقوم يوقنون } فيقول ينكر الله تعالى على من خرج عن حكم الله ، وعدل إلى ما سواه من الأراء والأهواء والاصطلاحات التي وضعها الرجال ، كما كان أهل الجاهلية يحكمون به من الضلالات والجهالات مما يضعونها بآرائهم وأهوائهم ، وكما يحكم به التتار من السياسات الملكية المأخوذة عن ملكهم جنكيز خان الذي وضع لهم "الياسق" وهو عبارة عن أحكام جمعها من شرائع شتى ومن نظره وهواه فصارت في بنيه شرعاً متبعاً ، فمن فعل ذلك منهم فهو كافر يجب قتاله حتى يرجع إلى حكم الله ورسوله .ويضيف ابن كثير أيضاً في البداية والنهاية (13/119) :( فمن ترك الشرع المحكم المنزل على محمد بن عبد الله خاتم الأنبياء وتحاكم إلى غيره من الشرائع المنسوخة كفـر ، فكيف بمن تحاكم إلى الياسق وقدمها عليه ؟ من فعل ذلك فقد كفـر بإجماع المسلمين ) .

شيخ الإسلام ابن تيميـة فى (الفتاوى 3/267) يقول:( والإنسان متى أحل الحرام المجمع عليه ، أو حرم الحلال المجمع عليه ، و بدل الشرع المجمع عليه ، كان كافراً مرتداً باتفاق الفقهاء ).
الشيخ محمد بن إبراهيم المفتي الأسبق للسعودية يقول (في رسالة تحكيم القوانين ) : ( إن من الكفر الأكبر تنزيل القانون اللعين مانزل به الروح الأمين على قلب محمد ، في الحكم به بين العالمين ، مناقضة ومعاندة لقول الله عزوجل { فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الآخر ذلك خير وأحسن تأويلاً }

الشيخ عبد العزيز بن باز يقول :( إن الدعوة إلى القومية العربية والتكتل حول رايتها يفضي بالمجتمع إلى رفض حكم القرآن ، لأن القوميين غير المسلمين لن يرضو تحكيم القرآن ، فيوجب ذلك لزعماء القومية أن يتخذوا أحكاماً وضعية تخالف حكم القرآن حتى يستوي مجتمع القومية في تلك الأحكام . وقد صرح الكثير منهم بذلك كما سلف ، وهذا هو الفساد العظيم والكفر المستبين والردة السافرة كما قال تعالى {ومن لم يحكم بما أنزل الله فأولئك هم الكافرون } ، وكل من لايحكم بشرع الله ، ولاينصاع لحكم الله فهو جاهل كافر ظالم فاسق بنص هذه الآيات المحكمات ) ويضيف ( إن الذين يدعون إلى الاشتراكية أو إلى الشيوعية أو غيرها من المذاهب الهدامـة المناقضة لحكم الإسلام ، كفار ضلال أكفر من اليهود والنصارى ، وأنهم ملاحدة لايؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ، ولايجوز أن يجعل أحد منهم خطيباً أو إماماً في مسجد من مساجد المسلمين ، ولاتصح الصلاة خلفهم ، وكل من ساعدهم على ضلالهم ، وحسّن مايدعون إليه ، وذم دعاة الإسلام ولمزهم ، فهو كافر ضال ، حكمه حكم الطائفة الملحدة التي سار في ركابها وأيدها في طلبها ، وقد أجمع علماء الإسلام على أن من ظاهر الكفار على المسلمين وساعدهم عليهم بأي نوع من أنواع المساعدة فهو كافر مثلهم )

أما الشيخ الدكتور يوسـف القرضاوي يقول في كتابه (الإسلام والعلمانية ): " إن العلماني الذي يرفض مبدأ تحكيم الشريعة من الأساس ليس له من الإسلام إلا اسـمه ، وهو مرتد عن الإسلام بيقين ، ويجب أن يستتاب ، وتزاح عنه الشبهة وتقام عليه الحجة ، وإلا حكم القضاء عليه بالردة ، وجرد من انتماءه إلى الإسلام ، و سحبت منه الجنسية الإسلامية ، وفرق بينه وبين زوجه وولده ، وجرت عليه أحكام المرتدين المارقين في الحياة وبعد الوفاة .ويدعي أنصاف المتعلمين ، أو ممن باعوا دينهم بدنيا غيرهم ، من أنصار (ذيل بغلة السلطان ) كما يقول الدكتور إسماعيل الشطي ، يدعي أمثال هؤلاء أن الحكم بغير ما أنزل الله إن لم يستحله ؛ من جنس الذنوب والمعاصي التي لاتخرج من الملة ،

ونأخذ من كتاب الدكتور عبد الرحمن بن صالح المحمود الأستاذ في كلية أصول الدين بالرياض ( الحكم بغير ما أنزل الله ، ط2 ــ 1420هـ ) قوله : ( أجمع العلماء على كفر الحاكم بغير ما أنزل الله ولو لم يستحل ، كما حكاه غير واحد : ومن هؤلاء شيخ الإسلام ابن تيمية وابن كثير وابن القيم يرحمهم الله ، ولم تعرف الأمة الإسلامية تغييراً للشرع وحكماً بالقوانين الوضعية قبل مجيء التتار بقانونهم الياسق الذي جعلوه قانوناً يتحاكمون إليه . ثم جاءت العصور الحديثة لما هجم النصارى وغيرهم على المسلمين ، وكان من أعظم آثارهم وكفرياتهم هذه القوانين الوضعية .

من هنا نجد أن أصحاب التيارات الإسلامية السياسية يستثمرون مافى التراث الذى إعتنى بزمانه بمحاولة إستجلابه مرة أخرى لخلق حالة إرهاب فكرى ومعنوى داخل نفوس البسطاء من المسلمين .. فها أنتم كفار إذا عارضتم الشريعة وإرتضيتم بمنهج غير إسلامى .. أنتم تحت مقصلة الكفر التى ستعاقبون عليها أشد العقاب فى الدنيا والآخرة طالما إنصرفتم عن أصحاب اللحى الذين يروجون لتطبيق شرع الله , فماذا ستختارون الكفر أم إرضاء الله بقبول شريعته .!

الإسلام السياسى لا تقوم له قائمة دون أن يرفع سيف الإرهاب الفكرى والمعنوى بل والجسدى فى وجه المؤمنين البسطاء , فلن يجد أى حضور دون أن يبث فى القلوب الخوف والرعب من معصية الخالق فهذا كل رصيده للحضور والإستحواذ والهيمنة فالإسلام السياسى لا يكتفى بمجرد الزجر والنهر وتوصيف الكفر ولكن هناك إجراءت صارمة قاسية للعقاب على هذا الكفر فإذا كنت تؤمن بدولة مدنية أو نهج إشتراكى فى الإقتصاد والحياة الإجتماعية فأنت كافر مرتد يحق أن نفرق بينك وبين زوجتك وأولادك ولا يحق ان تَورث من مسلم كما لا تُغسل ولا تدفن فى مدافن المسلمين لترتفع الأسقف وتصل لفصل رأسك عن جسدك !! لأنك إقتنعت بالدولة المدنية وبالليبرالية أو الإشتركية كمنهجية حُكم .
من هنا يٌمارس الإسلاميون إرهابهم فى خطابهم فليس هناك من سبيل لرفض الشريعة والإنسحاق أمام المشروع الإسلامى سوى أنك كافر مرتد لتجنى العذاب فى الآخرة والإذلال فى الدنيا , لذا يجد الأنصار والمريدين الذين ينسحقون تحت مشروعه أو بمعنى أدق إرهابه سوى الإذعان توهماً فى الخلاص والنجاة ولسان حالهم يقول ألا يكفى مانعانيه فى الحياة حتى تكن الخسارة نصيبنا فى الدنيا والآخرة ليَتخلق وهم يمنح تجرع هذا الخوف بتصور أن هؤلاء المتأسلمين أتقياء ينفذون شرع الله الشافى الناجى مانح الخير والسلام .

يعنينا فى هذا البحث إلقاء الضوء على الشريعة ومنهجية التيارات الإسلامية وفضح زيف تكتيكاتها .. فمن يتصور أنهم إنخرطوا فى المجتمع المدنى وإرتضوا بآليات الديمقرطية هو واهم .. ومن يظن أنهم تخلوا عن منهج الحاكمية لله والشريعة واهم أيضا , فأداءهم يتسم بالتقية والإنتهازية أى إبداء المرونة أمام حالة ثقافية سائدة ترفض نهجهم إلى حين , لذا فلا مانع أن ينحنوا ويتبنوا هذا النهج الديمقراطى المدنى والإستفادة بما يتيحه من تواجد وإنتشار للتسلل إلى مراكز وأعصاب الدولة ومتى وصلوا لحد الهيمنة والتمكين والقوة سينصرفوا حينها عن كافة إلتزاماتهم التى أعلنوها ليتم العصف بالديمقراطية والحريات .

* لماذا نرفض الحاكمية والشريعة .
الدين هو هوية جماعة بشرية تتحدد فيه ملامحها وتمايزها وسماتها الخاصة من خلال إله وطقس كما يحمل مشروع سياسى قومى يطل علينا فى مسيرة هذا الدين أو ذاك لتتباين قوة ووضوح المشاريع والغايات من دين لآخر فبينما نجد أديان بمثابة البوق الإعلامى للنخب القائمة تمنحها القوة والدعم , نجد أديان أخرى تبنت مشاريع سياسية جديدة مناهضة للوضع السياسى الإجتماعى القائم لتأتى اليهودية والإسلام فى مقدمة الأديان التى تتحرك فى إطار مشروع سياسى جديد قوى واضح الملامح بحيث أنك لو نزعت هذا المشروع فلن تجد دين .. ترى هذا الأمر جلياً فى التوراة التى تتمحور حول مشروع الأرض , والإسلام كراية توحيدية للجزيرة العربية إندمجت فى فكرة وحدانية الإله كمنطلق لتوحيد القبائل للبحث عن وجود تحت الشمس .
تكون الطقوس والشرائع هى سمات وتحديد هوية الدين الوليد كما تعبر عن رؤية النخب والطبقات الرائدة فى الجماعة البشرية لتنظيم الحياة الإجتماعية وفقاً لمصالحها لذا حرص الكهنه على ترويج الطقس والشريعة كحد فاصل بين الإيمان والكفر والتشديد على الإلتزام فى إطار ترسيخ وتجذير المشروع السياسى فى المجتمع .
يكون مفهوماً حرص الأباء الأوائل على ريادة الشريعة لتهيمن على مفاصل المجتمع ليكون الإنصراف عنها هو تقويض للمشروع السياسى لذا تم إعتبار أى عزوف عن الشريعة بمثابة الكفر بل هو الكفر بعينه كما إستشفينا من التراث , ولكن هل هذا يدعو أن نسترجع التاريخ والظرف الموضوعى الخالق للشريعة على ظرف موضوعي معاصر مغاير , فألا يعنى هذا إرتداد عجلة التطور .

كون الشريعة نهج جماعة بشرية رسمت ملامحها لتحدد هويتها مما يثبت بشريتها لذا تتباين الرؤى داخل المذاهب الإسلامية فيرى المذهب الحنفى ان القانون الذي سن في أول الامر لأهل الصحراء يجب ان يؤخذ بحرفيته وبروحه اذا ما رغب تطبيقه على أى مجتمع. اما المذهب الشافعى فيرى ان الاجماع في كل البلاد الاسلامية هو المحل للشرائع والسنّة الحقيقية , بينما يذهب المذهب المالكى إلى أن اجماع اهل المدينة هو الذي يجب ان يكون اساس التشريع ويجزم المذهب الحنبلى بأن القرآن والحديث وحدهما يجب ان يكونا اساس التشريع .

الإسلام السياسى ليس لديه إيمان بقضية الحرية والتعدد لأن المنظومة فى صلبها رافضة لتواجد أى فكر مغاير بإعتباره وضعى لا يجب أن يتواجد بجوار منظومة إلهية , لذا لا حضور من قريب أو بعيد لتعاطى المتأسلمون مع الحياة الديمقراطية فيكون تعاطيهم معها خدمة لمصالحهم وتواجدهم بالمزيد من الإنتشار , كما لا يُخفى تعاطيهم مع مبدأ التقية ومسايرة الأحوال لحين التملك , فلا إيمان فى صلب الفكر بقضية الحرية والديمقراطية والتعدد والمدنية لنجد أن هناك اجماع على رفض الديمقراطية فى الأدبيات والبرامج الأيدلوجية بل مازالت فصائل عديدة تحافظ على نقائها الفكرى وجرأتها فى رفضها الديمقراطية والتعدد بينما فصائل أخرى وجدت أن الإعلان والإشهار بالعداء للديمقراطية والمجتمع المدنى سيجعلها تتصادم مع قيم العصر والحياة السياسية فآثرت التقية ولكن لم يمنع هذا بعض المتهورين أمثال وجدى غنيم إلى التهور والإعلان أن الإسلام عندما يمتلك الأرض فسيقيم الحكم الإسلامى وتطبيق الحدود .!
الإسلام كمنهج فكرى لا يعترف بالتعدد ولا أى منهجية فكرية خارج الإسلام وكلمة الشورى التى يحاول البعض لويها لتصدير فكرة الإيمان بالديمقراطية لا تحتوى على أى مفردة ديمقراطية .. فالشورى تكون داخل الجماعة الإسلامية ذاتها منفردة التى تعلى كتاب الله وشريعته ولن تضم داخلها التيارات المدنية يمينية أويسارية أوليبرالية ليتم إختزالها بعد ذلك بمجلس الشورى فالأمير..ولعل مشهد تعيين كوادر وأمانة حزب الأخوان الجديد "حزب العدالة والحرية" الذى تم بدون إنتخاب الجمعية التأسيسية لهم يعطى معنى ودلالة واضحة على عدم وجود أى مفردة ديمقراطية فى الوعى الفكرى الإسلامى .

لا يكون رفضنا للحاكمية والشريعة كونها تقيم حدود قصاصية قاسية لا تتناسب مع الإنسان المعاصر ,ولكن يكون الرفض لعوامل عديدة منها انها تنفى الحريةوالديمقراطية وتعدد الأراء وتطيح بها ,فلا رأى أو فكر أو توجه فى الساحة إلا لهم , فلا وجود لرؤى سياسية تستمد نهجها من نظم وضعية فالإقصاء سيكون نصيبها , كما لا يحق لك أن تعارض سياسات فأنت هنا تعارض شرع الله وحكمه وتريد تقويضه فلا وجود لك تحت الشمس , علاوة انها تصنف البشر وتتعاطى معهم وفقا لإيمانهم وموالاتهم لتقيم تفرقة عنصرية مقيتة فلا تمنح غير المسلم نفس الحقوق التى ينالها المسلم فى الوطن الواحد , ناهيك عن إنتهاك حقوق المرأة والشطب على كافة حقوقها المدنية تماماً .
هناك نقطة جديرة بالإهتمام وهى أن الإسلام السياسى بما يحمله من شعار الحاكمية لله والشريعة لا يقدم أيدلوجية وبرنامج سياسى يعلن فيه توجهاته وإنحيازاته الطبقية فهو يرفض الإشتراكية والرأسمالية ولا يقدم بديلاً واضحاً يطرح نفسه كمنهج مستقل ذو رؤية تتعاطى مع العصر وطبقاته الإجتماعية , فنهج الشريعة يتعاطى مع سلوكيات وعلاقات أفراد .

أرى أن طرح الشريعة كمنهج للحكم وحرص الإسلاميين على الترويج له ليس من منطلق حرصهم على الشريعة والحاكمية كخشية الله وطلبا لمراضاته كما يروجون بل كصياغة جديدة لخدمة طبقات رجعية فى المجتمع لها مصالحها الخاصة وجدت فى الإسلام السياسى بما يحمله من قبضة إستبدادية عاتية ومشروع فاشى إقصائى يتغلف بقفازات الدين هو الأقدر على حماية مصالحها و إقصاء الأطراف السياسية والإجتماعية المناهضة بمحوها من على الساحة فى ظل المقدس , ليكون هؤلاء الشباب المتحمس لإسلامه وشرعه هو الأداة الجبارة والوقود الحى نحو سحق أى قوى معارضة للطبقة الرجعية المهيمنة .
الرأسمالية الطفيلية التى تقبض على زمام المجتمع المصرى على مدار اربعين عاما وجدت حمايتها ودعمها فى الإتكاء على مشروع دينى يرفع بيد القرآن عالياً ويطيح بالسيف باليد الأخرى لتتلاعب قيادات الإسلاميين بتحقيق حلم المهمشون والمهووسون الذين يحدوهم الحماس نحو تطبيق الحدود الشرعية القاسية وحصار المرأة إرضاءاً لنفوس محبطة جندت نفسها فى حماية الطبقة الطفيلية المستفيدة بدون وعى مُدرك ,فالعيون لا تنظر أبعد من الأنوف والميديا الرائجة .

يجب أن نقرأ التاريخ والواقع لندرك ان مطلقية الشرائع والقوانين الموجودة في الاديان وتلحفها بالمقدس أدى الى عدم تطور الانظمة التي اتخذتها هذه الاديان كأيديولوجيات ترتكز عليها. حيث حولت هذه الانظمة الافكار الدينية والشرائع الى قوالب جامدة لا تقبل التطور والاصلاح بحكم ثبوت المنظومة الدينية مما أفقدها الديناميكية والمرونة الاجتماعية ليصيبها بالجمود ويصل الدين والمجتمع فى نهاية المطاف إلى مرحلة الإنغلاق ليؤدى هذا إلى مرحلة إنسداد شرايين المجتمع الحيوية لتصاب الحياة بالشلل وتحظى الجماهير على صورة من الرجعية ولكن فى أقسى صورها .

فى تصورى أن الشعب المصرى فى ميدان صراع حضارى حقيقى سيتخذ زخمه عندما ينتقل إلى أرضية الصراع الطبقى ولكن البداية ستكون من أرضية الصراع الحضارى ومكتسبات الشعب المصرى وقناعاته الداخلية بالمدنية ليتصادم هذا مع تراثه بما يحمله له من عاطفة وهيبة .. ستتصادم الحداثة مع التراث لا محالة فتكون يافطة " كافر من إنصرف عن الشريعة " فى مواجهة منهج مدنى يأمل ويتوق للحرية ويؤمن بأهمية الديمقراطية والمواطنه فى مجتمع يسوده العدالة والمساواة .

نعم من هنا سيكون الصراع بين القوى المدنية والحداثية من جهة والقوى الرجعية من جهة أخرى لتتحقق إما مكاسب عظيمة أو خسائر فادحة فإنتصار القوى المدنية والحداثية فى فرض المشروع الحداثى الديمقراطى المدنى سيعنى كسر الخوف أمام سيف المقدس وصيانة حرية وكرامة الإنسان وتوديع أى تمظهرات للإستبداد والقهر للإنضمام لركب الحضارة والتقدم , أما الخسائر فهى فادحة أيضا حال هيمنة القوى الظلامية الرجعية ومن يساندها من طبقة المنتفعين فى إرهاب الإنسان المصرى وقهره تحت سطوة سيف الكفر ليهيمن التراث أو بمعنى أدق أصحاب المصالح من وراء الشرع والفقه لنجد أنفسنا نحفر قبورنا بأيدينا .
عندى أمل فى إنتصار الحضارة والمدنية على قوى التخلف والرجعية فهكذا هى صيرورة وجدلية التاريخ ولكن الفاتورة ستكون باهظة بالتأكيد فلا شئ يُمنح مجانا ً.

دمتم بخير .
- "من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته " - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الظن والوهم الذى أصبح وجوداً-خربشة عقل على جدران الخرافة وال ...
- أسباب التنزيل-إرادات إلهية أم مواءمات بشرية-الأديان بشرية ال ...
- إنهم يحرثون الأرض للتخلف- لماذا نحن متخلفون .
- الزيف واللامصداقية كنتاج ثقافة الخوف- لماذا نحن متخلفون.
- وسقطت ورقة التوت أمام قصر الإتحادية- الإسلاميون والديمقراطية ...
- حتمية إنحسار الإسلام السياسى الإجتماعى الثقافى-رؤية إستشرافي ...
- فى رحاب الشريعة - لماذا نحن متخلفون
- إنهم يزرعون الكراهية والتوجس والعداء -الدين عندما ينتهك إنسا ...
- هى حظوظ من الجغرافيا والتاريخ-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
- قضية للمناقشة .!!
- لماذا نحن هكذا ؟!-الدين عندما ينتهك إنسانيتنا .
- مقولات كبيرة ولكن تنسف نفسها -خربشة عقل على جدران الخرافة وا ...
- الله والذبائح والأضاحى-الأديان بشرية الهوى والهوية.
- أسئلة على المحك -لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .
- لماذا إله واحد ؟!- نحن نخلق آلهتنا.
- دعوة للخربشة - خربشة عقل على جدران الخرافة والوهم.
- حضارة عفنه .!!
- سادية إله أم بشر ساديون- نحن نخلق آلهتنا.
- حول الفيلم المُسئ .
- التمايز والرياء فى ظلال المقدس-لماذا يؤمنون وكيف يعتقدون .


المزيد.....




- وجهتكم الأولى للترفيه والتعليم للأطفال.. استقبلوا قناة طيور ...
- بابا الفاتيكان: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق
- ” فرح واغاني طول اليوم ” تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 اس ...
- قائد الثورة الإسلامية: توهم العدو بانتهاء المقاومة خطأ كامل ...
- نائب امين عام حركة الجهاد الاسلامي محمد الهندي: هناك تفاؤل ب ...
- اتصالات أوروبية مع -حكام سوريا الإسلاميين- وقسد تحذر من -هجو ...
- الرئيس التركي ينعى صاحب -روح الروح- (فيديوهات)
- صدمة بمواقع التواصل بعد استشهاد صاحب مقولة -روح الروح-
- بابا الفاتيكان يكشف: تعرضت لمحاولة اغتيال في العراق عام 2021 ...
- كاتدرائية نوتردام في باريس: هل تستعيد زخم السياح بعد انتهاء ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - كافر من يرفض الشريعة-تديين السياسة أم تسييس الدين .