|
قراءة في المسرح اليهودي
أحمد صقر
الحوار المتمدن-العدد: 3960 - 2013 / 1 / 2 - 14:41
المحور:
الادب والفن
قراءة في المسرح اليهودي (بين النشأة في الخارج والداخل)(1) الأستاذ الدكتور/ أحمد صقر كلية الآداب – جامعة الإسكندرية ========================== يقول الدكتور زائيف راقيف الأستاذ بجامعة تل أبيب المسرح الإسرائيلى بمعناه الحقيقى لم يظهر إلا مع قيام دولة إسرائيل فى مايو سنة 1948، هذا الرأى رغم صحته يرفضه الإسرائيليون المتعصبون وحجتهم فى رفضه أنه يحد المسرح اليهودى بحدود إقليمية وزمنية تجعله حديث النشأة. الرأى الثانى : المسرحية اليهودية هى كل مسرحية كتبت باللغة العبرية أو أحد مشتقاتها وأصحاب هذا الرأى لا يعترفون بأى حدود إقليمية أو زمنية وجعلوا من الحد اللغوى أساساً وعلى ذلك فأن كل ما كتب باللغة العبرية مسرحاً يهودياً ؟ الرأى الثالث : هو رأى يخالف الرأيين السابقين إذ يدعى أن المسرح اليهودى قديم قدم الدين نفسه بل ترجع نشأته إلى وقت إكتمال نزول التوراة ؟ الرأى الرابع: هو رأى يرى أن التعرض بالدراسة للمسرح اليهودى لا يمكن أن نفصل بين قديمه وحديثه وبين ما كتب بالعبرية أو حتى بأى لغة من اللغات الحية، لأن كل ما يكتبه أى يهودى إنما يحمل أفكاراً يهودية وينطبق هذا القول على الكاتب الإنجليزى الجنسية (إسرائيل زانجويل) والكاتب الهولندى الأصل الألمانى الجنسية (الكسندر جرانوفسكى) ومن وجهة نظرى إننى أؤيد الرأى الثالث ودليلى على ذلك ما يلى:- مصادر المسرحية العبرية ونشأتها:- هناك مصدرين كانا لهما أكبر الأثر فى نشأة المسرحية الدينية هذان المصدران يتمثلان فى نقطتين أساسيتين هما:- أولاً: الإحتفالات الدينية: كانت الإحتفالات الدينية تقام فى مناسبات دينية مثل يوم بوريم أو (المسخرة) وهو أحد الأعياد التى يقيمها اليهود دائماً خلال شهر مارس لإحياء أحداث قديمة فى كتاب (أستير) وتصور حياة اليهود وإضطهادهم فى العصور الوسطى، ورغم أن هذه المسرحيات كانت بدائية إلا أنها تضمنت بعض الإمكانيات الدرامية. ثانياً: إحتفالات وطقوس الزواج: وهى إحتفالات تقيمها الأسر إبتهاجاً بزواج أبناءها وقد كانت عبارة عن رقصات تنكرية لتسلية المدعوين ثم أضيف إليها فيما بعد مشاهد مسرحية محبوكة النسيج متعددة الموضوعات يدور حوارها بين شخصيات تنكرية أيضا. مما سبق وبدراسة نوعية المشاهد التى قدمت يمكن أن نستخلص بعض النقاط الهامة: 1- رغم إختلاف القصص فى المشاهد المسرحية إلا أنها تركز على موضوع واحد بذاته وهو أن رجلاً واحداً ضعيفاً يسانده الرب فى حربه مع أعدائه وينتصر عليهم. 2- نلمح من خلال تنوع الموضوعات العقلية الإسرائيلية وما يسيطر عليها من أفكار إستعمارية فضحت الأطماع اليهودية. 3- الإستعانة بالتوراه كمنبع أساسى لمثل هذه المسرحيات لإضفاء نوع من الإحترام والقدسية على هذه الأعمال. 4- ظل المسرح اليهودى متخلفاً إلى أن أتصل اليهود بالحضارة الهيلينية بدليل وجود بعض الممثلين اليهود فى روما إبان الحكم الإمبراطورى وفى مملكة الإسكندر أيضا. البداية الأولى للمسرحية العبرية فى الشتات: نشأت المسرحية العبرية أول ما نشأت فى إيطاليا حيث كتب دى سومى مسرحيته "فكاهة الخطوبة ". وقد تزايد عدد الكتاب باللغة العبرية فى ايطاليا مع بداية القرن الثامن عشر خاصة بعد أن أستعار الشاعر الصوفى واستاذ علم الأخلاق(موسى لوزاتو) بعض موضوعات مسرحياته من التوراة مثل : قصة سامسون 1724، القلعة الجبارة 1727. كانت هولندا هى المركز الثانى لنشأة المسرحية العبرية بل وميدان انتشارها وقد ساعدت عدة عوامل على هذا الإنتشار أهمها:- 1- زيادة عدد اليهود الأسبان فى أوائل القرن السابع عشر بسبب طردهم من أسبانيا وهجرتهم إلى امستردام. 2- جهل هؤلاء المهاجرين باللغة الهولندية أو حتى الألمانية بالإضافة إلى أن التحدث باللغة الأسبانية كان مخاطرة تجلب على صاحبها الكوارث. 3- كانت اللغة العبرية هى الوسيلة الوحيدة للحياة فى أمستردام وبالتالى كانت المسرحية العبرية احدى الوسائل الهامة لإعادة الإحترام لهؤلاء اليهود خاصة وأنهم قد أعتمدوا على التراث الدينى فقدموا مثلاً مسرحية " نجاة إبراهيم " وهى تحكى قصة إنتشال الملائكة لإبراهيم من بين الأتون الذى ألقى فيه. المسرحية الييدية وأثرها على المسرح العبرى: مع نهاية القرن الثامن عشر قامت حركة لخلق المسرحية الييدية تزعمها بعض اليهود الألمان فى محاولة لإقامة مسرح عبرى يقف على قدم المساواة مع غيره من المسارح العالمية ومن هذه المحاولات تلك الكتابات التى قدمها (ريب حينوخ واسحاق أوخيل واهرون هليلى) وهما من تلاميذ الفيلسوف مندلسون حيث أن هذه الكتابات حملت أفكاراً يهودية دينية وأمتدت أثار هذه الحركة إلى روسيا وأخذوا يقدمون فيها مسرحيات تحمل أفكاراً يهودية باللغة الييدية أيضاً. وقد أنتعش المسرح الييدى وأنتشرت فكرته فى شرق أوروبا وقدمت الفرق المسرحيات الدينية المستوحاة من التوراة أو التراث اليهودى لجذب المتفرج اليهودى إلى المسرح ومع ذلك يمكن القول بأن المسارح ظلت تعانى من عدم وجود متفرج يهودى دائم لفرقها حتى الربع الأخير من القرن التاسع عشر. ومن أكبر الأحداث فى تاريخ المسرحية الييدية قيام أول مسرح ييدى دائم عام 1876 حيث قام ابراهام (جولد فادن) بعرض أول مسرحية ييدية له فى حديقة شمون بارك بمدينة جيسى برومانيا ويعتبر مؤرخو المسرح الييدى هذا الحدث البداية الحقيقية لمولد المسرح الييدى الحديث فى مجال الإحتراف. ومن التواريخ الهامة أيضاً بالنسبة للمسرح الييدى سبتمبر 1883 عندما أصدرت الحكومة السوفيتية وقتها وعلى أثر مقتل القيصر الكسندر الثانى قراراً بمنع تقديم المسرحية الييدية، وكان لهذا القررا أثره على مجموعة الكتاب والممثلين فرحلت أول مجموعة منهم إلى انجلترا ونيويورك وعلى رأسها (جوزيف لاتينير 1853-1935) الذى كون فيما بعد أول مسرح ييدى فى نيويورك ثم تبعه جوزيف ياهودا ليرنر (1849-1907) وتوالت الهجرات بعد ذلك وكان منها هجرة (موريس شفارتس) 1889-1960، وبوريس تومشيفسكى (1886-1939)، وهوفتيش، ثم ابراهام جولد فادن عام 1887، ثم جاكوب جوردين (1853-1909) ونلاحظ أن المسرح الييدى الأمريكى أعتمد على موضوعات المجتمع اليهودى القديم فى أوروبا وقدم نوعاً من الهزليات البذئية المكشوفة والمليودرامات العاطفية الوجدانية التى كانت مستساغة فى الأيام الأولى بحكم أن معظم الجمهور من المهاجرين الأمينين. ولكن المحاولات لم تتوقف إذ أسس دافيد هيرمان (1876- 1930) مسرحاً لفن الييدين فى فيلنا ليكون مركزاً للأدب الشعبى الييدى فيما بعد سافر نصف أعضاء هذا المسرح إلى أمريكا لينضموا إلى الحلقات الييدية هناك تحت إشراف موريس شفارتس (1889-1960) ليكونوا واحداً من أكبر المسارح الييدية، ومع عام 1930 بدأ المسرح الييدى فى أمريكا وبريطانيا يموت بسبب إفتقاده للمعونة المادية والدعم وحل محله مسرح يهودى بلغة عبرية لا زال يعيش فى شرق أوروبا خاصة بولندا وروسيا.
أهم مؤلفى المسرحية الييدية: مما لاشك فيه أن هناك نخبة من أهم مؤلفى المسرحيات اليهودية وتحديداً المسرحيات الييدية كان لأعمالهم أثر واضح على مسيرة المسرحية اليهودية فى مرحلة ما من تاريخها وإن كنا بصدد التعرض لأهم مؤلفى المسرحية الييدية فيجدر بنا أن نذكر : إبراهام جولدن فادين ولد جولدن فى أوكرانيا عام 1840 ودرس اللغتين الروسية والألمانية هذا بالإضافة إلى اللغة الأم وهى اللغة العبرية بدأ أولى خطواته نحو المسرح والمسرحية فأخرج لمجموعة فريق التمثيل التى كونها فى المعهد الدينى الحكومى الذى درس به بعد ذلك أصدر الكاتب المسرحى الكبير جولدن فادين كتابين الأول بعنوان (عن الأغانى) والثانى بعنوان (الإسكتشات الهزلية) ثم قرر أن يكرس جهوده للأدب وعلى أمل تأسيس مسرح ييدى كتب بعض القصائد الموسيقية لمسرحتين مسيليتين حيث أدمج الأغانى مع الحبكة المسرحية والحوار بطريقة جعلتها تبدو وكأنها كوميديا مرتجلة وعن أهم مسرحياته كانت 1- شاميندريك 2- الساحر المشعوذ وهى تشبه كوميديا الأخطاء لشكسبير . وبعد أن أغلق المسرح الييدى فى روسيا عام 1883 رحل جولدن فادن إلى وارسو حيث نال شهرة واسعة ونجاحاً كبيراً إذ قدم عدداً من المسرحيات. وفى عام 1887 هاجر جولد إلى نيويورك ولكن أستقبل إستقبالاً فاتراً على كل المستويات خوفاً من أن ينافسهم فتآمروا عليه وحاكوا له الدسائس ليزيحوه عن طريقهم بعدياً عن المسرح وبالفعل غادر جولد فادن نيويورك عام 1889 وعاش فى لندن وباريس وليموج ولما ضاق به الحال وأشتد الموقف تأزماً عاد مضطراً إلى نيويورك عام 1903 حيث يعيش إخوته وأفتتح مدرسة لتعليم التمثيل. فى عام 1906 كتب آخر مسرحياته باسم " ولد من شعبى" وقدمت هذه المسرحية على مسارح نيويورك قبل وفاته بوقت قصير ولم تلق المسرحية نجاحاً، مات جولدن فادن فى 9 يناير 1908 كان جولد بحق رائد المسرح الييدى إذ كتب ما يقرب من ستين مسرحية موسيقية كما كتب لها الأغانى والأشعار ووضع لها الموسيقى هذا التراث ظل مادة طيبة يستقى منها المسرح الييدى زمناً طويلاً، فقد كانت تعبر عن المعاناة والآمال والمزاج القومى للجماعات اليهودية التى عاشت خلال حياته وعصره بل وتكشف هذه الأفكار عن ميول صهيونية متعصبة.
#أحمد_صقر (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
المسرح العبري الحديث
-
الاتجاهات المضادة للواقعية ..أ- الرمزية
-
الاتجاهات المضادة للواقعية ..ب - التعبيرية
-
مقرر تاريخ الدراما الحديثة والمعاصرة (تاريخ المسرح الأوروبي
...
-
كتاب مسرحيين بين الواقعية والطبيعية (من تاريخ الدراما الحديث
...
-
الطبيعية في القرن التاسع عشر ( من تاريخ الدراما الحديثة والم
...
-
المسرح في عصر النهضة ( من مقرر تاريخ الدراما في عصر النهضة )
-
المسرح المصري بعد ثورة 1952 وصولا إلي التسعينيات
-
الخصائص الفنية لمرحلة نشأة المسرح العربي واقراره 2/1
-
الخصائص الفنية لمرحلة نشأة المسرح العربي 1/1
-
سلسلة محاضرات المسرح العربي .. المسرح في سوريا
-
رواد المسرح العربي في القرن التاسع عشر
-
المسرح في لبنان
-
السيرة الذاتية ومشروع جودة التعليم العالي في الجامعات المصري
...
-
قراءة في مناهج النقد المعاصر ... المنهج السوسيولوجي
-
الجامعات المصرية وتقلد المناصب
-
الخيال العلمي في المسرح
-
قراءة تحليلية في مسرح الخيال العلمي
-
قراءة في مسرحية بعد السقوط ( بعد الهبوط من الفردوس) للكاتب ا
...
-
قراءة سيميولوجية في مسرحية أحذية الدكتور طه حسين .. لسعد الد
...
المزيد.....
-
افتتاح مهرجان -أوراسيا- السينمائي الدولي في كازاخستان
-
“مالهون تنقذ بالا ونهاية كونجا“.. مسلسل المؤسس عثمان الحلقة
...
-
دانيال كريغ يبهر الجمهور بفيلم -كوير-.. اختبار لحدود الحب وا
...
-
الأديب المغربي ياسين كني.. مغامرة الانتقال من الدراسات العلم
...
-
“عيش الاثارة والرعب في بيتك” نزل تردد قناة mbc 2 علي القمر ا
...
-
وفاة الفنان المصري خالد جمال الدين بشكل مفاجئ
-
ميليسا باريرا: عروض التمثيل توقفت 10 أشهر بعد دعمي لغزة
-
-بانيبال- الإسبانية تسلط الضوء على الأدب الفلسطيني وكوارث غز
...
-
كي لا يكون مصيرها سلة المهملات.. فنان يحوّل حبال الصيد إلى ل
...
-
هل يكتب الذكاء الاصطناعي نهاية صناعة النشر؟
المزيد.....
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
-
التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا
...
/ نواف يونس وآخرون
-
دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و
...
/ نادية سعدوني
-
المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين
/ د. راندا حلمى السعيد
-
سراب مختلف ألوانه
/ خالد علي سليفاني
-
جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد
...
/ أمال قندوز - فاطنة بوكركب
-
السيد حافظ أيقونة دراما الطفل
/ د. أحمد محمود أحمد سعيد
المزيد.....
|