جورج حزبون
الحوار المتمدن-العدد: 3959 - 2013 / 1 / 1 - 16:13
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
حتى ينتهي نهج التأمر
ليس في الامر اي جديد ،في هذا الحصار العربي ، فقد ظلت القضية الفلسطينية حالة معيارية لاي موقف للانظمة العربية ، من حيث هي كانت ضحية لتلك المواقف العربية ، فارتباط البلدان العربية مع البريطانين والفرنسيين ثم الامريكين ، كان دائما مصلحياً ، الطرف الاولى مستمعر للارض والبشر ، وناهب لخيراتها ، والطرف الثاني ، انظمة تحتاج الى اسناد خارجي لتحكم ، والى قمع داخلي لتستقر ، وكان واضحاً منذ وعد بلفور حتى حرب عام 1948 ، ذلك التباين في المواقف العربية ، الى درجة ان وصلت الامور حد الغاء دولة فلسطيني ( او ما تبقى منها )بالاحتواء او بالانضواء ، حتى كانت حرب 1967 بهزيمتها المحتومة ، كنتاج لواقع عربي قمعي رجعي متعارض ومتناقض ، لم تكن فلسطين الا مجرد شعار للمزاودة بين الانظمة ، وقمع لحركة التحرر العربي والقومي والاممي ، وحتى الحركات الاجتماعية ، الى ان اصبحت جلسات مجالس ادارات المؤسسات العامة ، تتم بمعرفة وحضور مندوب عن اجهزة المخابرات ، وقد استخدمت كافة الانظمة الحركات الدينية بما فيها نظام عبد الناصر ، لتكون القوة الناعمة الداعمة لها ، ولو عبر وزرات الاوقاف والمساجد والمنابر ، حتى استخدام الحركات الاصولية المختلفة مكونة اخيراً الاسلام السياسي ، الذي رفع شعار الاسلام هو الحل ، في وجه الانفلات السياسي والاقتصادي والهزائم المتلاحقة الذي وصلته بالضرورة تلك الانظمة ، وليس فقط هزيمة حزيران التي يتم الادعاء انها فقط خلف انطلاق الاسلام السياسي ، دون التفات الى نتاج سنوات القمع والتخلف للانظمة العربية كافة .
ومع الانفجار الشعبي العربي العام الماضي ، والذي تختلف مسمياته، الذي كان بالتأكيد نتيجة رفضه وعدم قدرة شعوبه على البقاء في ظل انظمة غير معاصرة ومتكلسة وقمعية ، تقدم الاسلام السياسي بتعبيراته المختلفة لملئ الفراغ ، في غياب بدائل ثورية ديمقراطية ، كانت غائبة بعقلية النخب ، ومنطوية بفعل الاعتقال والقمع ، وغير موحدة بالعقيدة بل وقانعة بما فرضتة الانظمة من صيغ وطنية ، دون ان ترفض وتواجه بادراك ان التقسيم الوطني هو نتاج تحالف رجعي امبريالي ، ولعل ذلك هو احد اسباب فشل اتفاقات عديدة ، وصلت بالتراكم الى الوضع الراهن ، فكانت الجماهير هادرة تسقط الانظمة ، بلا طليعة وضمن فراغ فكري ملئته مجموعات الاسلام السياسي المدعومة من الطفرة التفطية التي مولتها بها بعد حرب اكتوبر ، وبروز الرده الرجعية التي دشنها السادات في كامب ديفيد ، بل منذ وصوله للسلطة وتحالفه مع حركة الاخوان لضرب القوى الناصرية والديمقراطية ، وادراك اميركا اهمية القوة الناعمة لتفريغ طاقة الجماهير الثورية ، وان الدول النفطية هي المؤهلة لقيادتها ، وبالتالي الحفاظ على الاستمرار في منع قيام حركة قومية عروبية قادرة على مقارعة الرجعية العربية وحلفائها وصولاً الى انهاء الاحتلال واقامة الدولة الفلسطينية .
تسلم السادات السلطة عام 1970 واصدر ما دعي مبادرته في 4/2/1971 من نقطتين 1- الانسحاب من حدود قناة السويس عشرة كلم 2- مفاوضات بعد الانسحاب .
وبذلك دشن نهجا جديداًَ وصل به كامب ديفيد ، والاردن طرح في 15/3/1972 مشروع المملكة المتحدة، ثم وصل وداي عربة ، ومنظمة التحرير اعلنت عام 1988 عن اقامة السلطة على اي جزء يمكن تحريره ،ثم وصلت اتفاقات اوسلو ، وهذا النهج اغرى اليمين الاسرائيلي حتى واصل الاستيلاء على اغلب الاراضي الفلسطينية ، واصبحت السلطة الوطنية تغالب امرها رغم استطاعتها الحصول على اعترافات دولية بها ، انما على الارض فقد عاد العرب الى ما هم عليه منذ عام 1948 ، وعادت فلسطين محاصرة ، الى حد العودة الى مقولات الكونفدرالية مع الاردن ، او البحث عن مخرج بعد ان وصلت شفا الافلاس المالي ، وعدم قدرتها صرف رواتب حوالي مائتا الف مستخدم ، وهو اكبر مشغل للعمالة في فلسطين والبديل ، سوق العمل الاسرائيلي حتى العودة للبناء في المستوطنات ، وهو امر تدركه اسرائيل التي تتجه الى منح تصاريح بشكل مباشر للالاف العمال و المواطنين والتجار ، ليس خوفاً من انتفاضة جديدة بل للتنفيس واحراج السلطة والضغط عليها ، وعرض العودة للمفاوضات كبديل
ان اعلان الاخضر الابراهيمي عن امكانية صوملة سوريا ، ليس غريباً فهو خيار قائم طالما لا توجد قوة تستطيع الحسم ، خاصة تردد القوة المعادية لسوريا ،حين تجد ان ( حزب النصرة الاسلامي ) هو القوة الاساسية ، فيخففون الدعم ويتركون الامور تتفاعل لتتضح اكثر بغض النظر عن اعداد القتلى ، من المواطنين ، فهو حال للاعلام والتأثير فقط ، والسودان ينقسم ، واليمن خطر ، ومصر غائبة ، وبغض النظر عن دور دول الخليج الداعمة لحركات الاسلام السياسي ،وثقة اميركا ودعمها لها ، الا ان الطموح الايراني كبير بالامكانية والعقيدة ، وان كان يمكن ايقافه عند حدود الخليج ، لكن يبقى في الوطن العربي فراغ ، يقلق اسرائيل من حيث هي لا تستطيع ملئه ، وتخشى تطوره الى ما يشبه افغانستان على حدودها ، وتقف تركيا متطلعة الى المشهد يملئها طموحها الطوراني الذي يعززه فكر وزير خارجيتها ، وعقيدة اسلامية محدثة تتراكم لا يضرها اعادة الخلافة الى استنبول ، وتكون قد حققت شرقا ما لم تستطعه غربا في السوق الاوربية ، وآمنت لاقتصادياتها الصاعدة ، بترولاً تحتاجه ، دفعها فترة الى المطالبة بمدينة كركوك وقد كتب عن كل ذلك ( سليمان ديميرل ) في مذكراته ، وقد كان يوماً رئيساًَ لتركيا .
وان كان الحال كما هو عليه في المنطقة العربية ، يهدد مستقبل الديمقراطية فيها ، فان البديل المنطقي لحشد القوة الشعبية والاطر الوطنية تحت شعارات الوحدة العربية ، والدعوة للقومية العربية دون شوفينة ، يحددها صياغة الشعار بالطبع ، لمواجهة كافة القوى الظلامية والمتناثرة على الشعوب العربية ، وتكون قادرة على وقف الصلف الاسرائيلي ، وتأكيد اقامة فلسطين ، وكذلك منع التدخل الايراني والتركي وغيرها كبدل لتبديد الدور العربي كما جرى لتبديد الدور الفلسطيني ،وحتى تكون الدعوة القومية مستفيدة ، من تجربة القومين العرب والبعثين ، فانها تحتاج الى الافصاح عن توحهها الديمقراطي ، الهادف الى منع تشظي الامة العربية ، ضمن مقولات الاسلام السياسي ، الذيس يعتبر الدين قومية والامة هي الاسلامية ، ويسهم بتيديد مقدرات وتاريخ وحضور الامة العربية ، تلك الامة التي عبر توحدها تتشكل امكانية حضور بديل قادر على مواجهة خطط التامر والتحالفات السرية والعلنية على حساب هذه الامة ، ولا يعني ذلك ابدا العودة للصيغة القومية الانقلاقية ، اذ عبر وحدة الامة العربية تكون قدرات الاسهام في المحيط الديمقراطي العالمي اوسع واقدر .
#جورج_حزبون (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟