أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نافذ الشاعر - التشابه بين الثورات القديمة والمعاصرة (1)















المزيد.....

التشابه بين الثورات القديمة والمعاصرة (1)


نافذ الشاعر

الحوار المتمدن-العدد: 3958 - 2012 / 12 / 31 - 19:02
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


لقد استوقفتني كثيرا التشابهات بين الأوضاع الاجتماعية في حياة الرسل والتشابه بين أوضاعنا في هذا الزمان، لقد كانت الأمور تسير بشكل اجتماعي بحت ولا زالت تسير كذلك. وما من شك أن التاريخ يكرر نفسه، وإن الأمور التي تحدث في الحاضر لابد أن يكون قد حدث مثيلاتها في الماضي، كما قال تعالى: (وَقَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِمُ المثلات) الرعد6
لقد هاجر يعقوب عليه السلام هو وأولاده وحفدته من فلسطين إلى مصر إثر دعوة يوسف عليه السلام لهم، وكان عددهم آنذاك سبعين نفسا فأكرم يوسف عليه السلام وفادتهم، وأقطعهم أرضا من أخصب البقاع في مصر، وظل بنو إسرائيل ينعمون في خيرات مصر حينا من الدهر. فلما مات يوسف عليه السلام أخذ بنو إسرائيل يتكاثرون وبدأ الفساد يدب بينهم وأخذوا يبتعدون عن تعاليم الآباء وأصبحوا يخوضوا مع الخائضين، وأصبح كثير منهم كالمصريين يعبدون الأوثان والكواكب وأرواح الموتى والملوك والحيوان والنبات.. وأصبحوا شيعا وأحزابا ينابذون بعضهم العداوة ويتحاسدون فيما بينهم، وأصبح كل حزب بما لديهم فرحون، وهنا تسرب الضعف إلى كيانهم المتماسك وأصبح بعضهم عينا على بعض، وأصبحوا يتقربون إلى الحكام بالوشاية على بعضهم البعض، وهنا يسلط الله عليهم فراعنة مصر يستعبدونهم ويفرضون عليهم الإتاوات والضرائب ويذبحون أبنائهم ويستحيون نسائهم..

وبالنظر إلى تاريخ موسى عليه السلام ونشأته يتبن لنا أن بني إسرائيل قد ألفت نفوسهم الذل والعبودية بسبب الذل الذي كان يمارس عليهم من فرعون وجنوده، وتم ما يشبه غسيل الأدمغة تحت حكم فرعون بسبب طول المدة التي مكثوها هناك في ظل القهر والاستعباد..
ولذلك فإن موسى عليه السلام لو نشأ بينهم على نفس شاكلتهم لتشربت شخصيته شخصيتهم ولتشابه سلوكه مع سلوكهم، ولكن الله عز وجل أراد أن ينزع موسى من هذا الوسط الموبوء كي يعيش في وسط الفراعنة أصحاب السطوة والقوة إلى أن بلغ أشده واستوي على سوقه، ثم قضى الله عز وجل أن يعيش عشر سنين أخر في بيت نبي كريم هو شعيب عليه السلام، فتشكلت شخصيته كأفضل ما تتشكل الشخصية السوية الواثقة من نفسها ومن ربها، كما أشار القرآن الكريم: (وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِّنِّي وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي}وقوله (وَاصْطَنَعْتُكَ لِنَفْسِي) يفيد بأن هذه الشخصية قد صنعت تحت عين الله ورعايته خصيصا لتلك المهمة الخطيرة..

لقد كانت هذه المهمة عسيرة حقا، وهي إخراج بني إسرائيل من العبودية التي ألفوها وأصبحت جزءا من تركيبتهم النفسية، حتى أنهم استناموا لهذه العبودية وأصبحت مصدرا لسعادتهم، وكان حكم فرعون يغلب عليه سياسة الجزرة والعصا، ولذلك فبالرغم من الذل والعبودية تحت حكم فرعون إلا أنه كانت لهم امتيازات كثيرة يهون الذل في سبيلها وهي الوفرة المادية والرفاهية الاجتماعية!
ولذلك فإن شخصا عاديا لا يمكنه أن يقنع أمثال هؤلاء الناس بالثورة والخروج عن المألوف..
إنما ذلك يحتاج إلى عبقري ذكي موهوب ذي تركيبة نفسية خاصة بإعداد إلهي فريد من نوعه.. وكان موسى عليه السلام تلك الشخصية العبقرية المؤهلة لتلك المهمة العسيرة الضخمة.

والإنسان دوما يتوق إلى التغيير والانتقال من حال إلى حال بحثا عن الأفضل ودفعا للرتابة والملل..ولذلك عندما جاء موسى عليه السلام بالشريعة وكان يتميز بالقوة والفتوة والذكاء والمهابة والجلال، كان ذلك يمدهم بالعزيمة وعلو الهمة بمجرد الحضور أو بمجرد التذكر أن موسى عليه السلام من بني جلدتهم..
وهكذا أقنعهم موسى بالخروج، وخرجوا مع موسى تحت ضغط شخصيته المؤثرة وشكيمته القوية، وبمجرد خروجهم ندموا على ذلك ولاموا أنفسهم كما لاموا موسى عليه السلام، وأخذوا يندبون حظهم العاثر وتفكير موسى القاصر، الذي أوقعهم في هذا المنزلق، كما جاء في سفر الخروج: (ليتنا متنا بيد الرب في أرض مصر إذ كنا جالسين عند قدور اللحم نأكل الخبز حتى الشبع) الخروج 16/3
وعندما وصلوا إلى سيناء نكسوا على رؤوسهم فضرب عليهم التيه والضياع والتشتت في الفكر والعقيدة والسلوك مرة أخرى، وأصبحوا في حال يرثى لها من العداوة والترحال وشظف العيش..

لقد كان بنو إسرائيل، بالرغم من عبوديتهم ، ينعمون ببعض الامتيازات في مصر كزارعة الأرض ووفرة البقول والحبوب والفواكه، ووفرة الذهب والفضة.. إلا أن الذل والاستعباد هي الضريبة التي كان يدفعها بنو إسرائيل ضريبة لهذه الامتيازات..
إن بني إسرائيل لم يكونوا راغبين رغبة كبيرة في الخروج، لكنهم في النهاية خرجوا وامتحنوا بعد خروجهم فلم يكن هناك بقول ولا حبوب ولا فواكه ولا ثمار.. فجعلوا يتأسفون على الخروج والاستعجال، وقالوا كما أخبر القران:(أُوذِينا مِن قَبْلِ أَن تأتِينَا وَمِن بَعْدِ مَا جِئْتَنَا).. وتمنوا العودة إلى حياة الذل مع المتعة المادية، على البقاء في الحرية مع فقدان هذه المتع كما جاء في الإنجيل: (ولكن آباءنا رفضوا أن يطيعوا موسى، وحنت قلوبهم للرجوع إلى مصر) أعمال الرسل 7/39..

إنها تماما سنن التاريخ التي تكرر نفسها في كل زمان ومكان، فمثلا عندما تعيش أمة من الأمم كمواطنين من الدرجة الثانية، ويمارس بحقهم التفرقة العنصرية، ولكنهم إلى جانب هذا الهوان يكون لديهم بعض الامتيازات المادية من وفرة العمل وجمع الأموال والممتلكات..
فعندما يقوم رجل من بينهم يدعوهم للثورة والخروج على المألوف ونبذ هذه التفرقة، ويبدأ يرفع من معنوياتهم ويمنيهم بالحياة الكريمة إلى جانب بقاء الامتيازات الأخرى من جمع الأموال ووفرة العمل.. فإنهم يطيعوه طمعا في الأموال والرفاهية، ولعلهم يظفرون بالحرية.. ولكنهم سيفاجئون بأنهم حرموا من الرفاهية والامتيازات التي كانوا يتمتعون بها، عند ذلك سيتوقون إلى حياة الذل والاستعباد الماضية.. ولكن هيهات فإن التاريخ لا يعود إلى الوراء!
وهذه سنن التاريخ في كل زمان ومكان، وهذا عينه ما يحدث في الثورات العربية الحالية، حيث نجد الكثير لا يزال يتباكى على حكم مبارك أو القذافي أو زين العالبدين..

لقد طلب موسى عليه السلام من بني إسرائيل دخول الأرض المقدسة، أرض فلسطين، ووعدهم بالنصر بعد خروجهم من مصر، ولكنهم لم يجدوا النعيم الموعود فتكونت لديهم عقدة خوف من المغامرة والمخاطرة، وأصبحوا لا يثقون في كلام موسى عليه السلام، الثقة التي كانت من قبل عندما كانوا في مصر، فتقاعسوا عن الدخول، فمنهم من ذهب يضرب في الصحاري والقفار يعيش حياة البداوة والترحال، ومنهم من قرر الرجوع إلى مصر لزراعة الثوم والبصل والعدس..ومنهم من بقي هائما على وجهه في الصحراء لا يدري أن يذهب ولا ماذا يفعل..

وبعد أن توفى موسى عليه السلام حمل اللواء بعض القادة الشباب الذين لم ينشأوا في حياة الذل والعبودية، وبدأ هؤلاء القادة الشباب يثيرون الحماس والشجاعة في نفوس بني إسرائيل وقد فتحوا بلادا كثيرا وطردوا أهلها منها واستوطنوا فيها، ودخل أناس كثيرون أيضا في الديانة اليهودية وأصبحت الديانة اليهودية ديانة رسمية واسعة الانتشار. وبعث في بني إسرائيل أنبياء ومصلحون أعادوا ترتيبهم من جديد، كان أولهم يوشع الذي أعاد ترتيب صفوف بني إسرائيل وتوحيد كلمتهم وتجنيدهم لدخول فلسطين، فلما دخلوها استولوا على خيراتها وثرواتها واستعبدوا أهلها وفعلوا بهم كما فعل بهم من قبل، واقاموا في فلسطين دولة كبرى لهم!
وأصبح لليهود في تلك الأثناء صولة وجولة، وأصبح الأحبار والفقهاء هم المسئولين عن المجامع اليهودية والشعائر التعبدية، أما المسئولون عن السياسة والحكم فهم القضاة والزعماء وكان منهم داوود وسليمان عليهما السلام، وكانت قوة بني إسرائيل مرتبطة بإقامتهم الحقة لشعائر دينهم كما أشار القران الكريم: (وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضاً حَسَناً} المائدة 12.
وبعد داوود وسليمان بدأ الضعف والتفكك يدب في كيان بني إسرائيل وأصبح الجمود الديني هو المسيطر على عقول فقهاء الشريعة والقراء وأصبحت أفكارهم متكلسة متحجرة وبدأ التلاعب في النصوص والأحكام مرة أخرى، وبدأ الفقهاء يحورون الدين على حسب أهوائهم، وهنا أصبحوا شيعا وأحزابا وكان منهم حزب يسمى الفريسيين, وآخر يسمى الصدوقيين، وثالث يسمى السامريين، ورابع يسمى الحسديين، وخامس يسمى القراء وإن كانت هذه الفرقة الأخيرة قد تشكلت في بغداد في عهد الخليفة أبو جعفر المنصور بعد نشأة الديانة اليهودية بنحو عشرين قرنا..

وفي أثناء هذا التفكك والضعف أغار بختنصر ملك بابل، سنة 596 ق.م، على فلسطين فأزال ملك بني إسرائيل، وأسر عددا كبيرا منهم وأجلاهم إلى بابل، حيث ظلوا في الأسر البابلي زهاء 50 عاما، حتى تغلب كورش ملك الفرس على البابليين وأطلق سراحهم ورجع كثير منهم إلى فلسطين واستعادوا أوضاعهم الأولى هناك، ولكنهم لم يستعيدوا هيبتهم التي كانت لهم، ولم ينعموا بعدها بالاستقلال إلا فترات قصيرة، ثم وقعوا تحت سيطرة الفرس زهاء قرنين من الزمان، ثم أخيرا تحت سيطرة الرومان.

ولكن بالرغم من ذلك فقد أبقى هؤلاء المستعمرون لبني إسرائيل حرية العبادة وإقامة الشعائر تماما كما تفعل الدول الأوربية الحديثة مع رعاياها..
وهنا عاد اليهود للتزلف للحكام الرومان، وكان الحكام الرومان لا يتدخلون في شعائرهم ويودون إرضاءهم بأي سبيل، وكان الفقه في الشريعة اليهودية فقها ضخما معقدا، وأصبح بمثابة قيود وأغلال على بني إسرائيل ابتدعها الفقهاء من عند أنفسهم، وهذا ما جاء الإسلام برفعه عنهم في الآية المشار إليها:(ويَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالأَغْلاَلَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ}الأعراف157
يتبع....



#نافذ_الشاعر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العلاقة بين الترجمة والتمثيل
- مفهوم الميثاق في سورة المائدة
- مفهوم الفتح في سورة الفتح
- التعرّف لا التعارف
- دوافع التطرف في العصر الحديث
- البهائية ونشأت العقائد الدينية
- كيف تنشأ العقائد الدينية (الشيعة نموذجا)
- خلق لكم من أنفسكم أزواجا
- في الجنة زواج لا نكاح
- الفرق بين النكاح والزواج في القرآن
- مثنى وثلاث ورباع..
- التشات والمسنجر والفيسبوك
- ميرزا غلام أحمد (1)
- في بلاد الحرمين (4)
- في بلاد الحرمين (3)
- مفهوم النسخ في القرآن
- في بلاد الحرمين (2)
- في بلاد الحرمين (1)
- خلق القرآن
- شقراء لرجل أحدب (نقد)


المزيد.....




- روبرت كينيدي في تصريحات سابقة: ترامب يشبه هتلر لكن بدون خطة. ...
- مجلس محافظي وكالة الطاقة الذرية يصدر قرارا ضد إيران
- مشروع قرار في مجلس الشيوخ الأمريكي لتعليق مبيعات الأسلحة للإ ...
- من معرض للأسلحة.. زعيم كوريا الشمالية يوجه انتقادات لأمريكا ...
- ترامب يعلن بام بوندي مرشحة جديدة لمنصب وزيرة العدل بعد انسحا ...
- قرار واشنطن بإرسال ألغام إلى أوكرانيا يمثل -تطورا صادما ومدم ...
- مسؤول لبناني: 47 قتيلا و22 جريحا جراء الغارات إلإسرائيلية عل ...
- وزيرة خارجية النمسا السابقة تؤكد عجز الولايات المتحدة والغرب ...
- واشنطن تهدد بفرض عقوبات على المؤسسات المالية الأجنبية المرتب ...
- مصدر دفاعي كبير يؤيد قرار نتنياهو مهاجمة إسرائيل البرنامج ال ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - نافذ الشاعر - التشابه بين الثورات القديمة والمعاصرة (1)