أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - الدولة الانشائية














المزيد.....

الدولة الانشائية


خالد الصلعي

الحوار المتمدن-العدد: 3955 - 2012 / 12 / 28 - 19:35
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما تصبح المعادلة السياسية والمؤسساتية قائمة على مبدأ اعتماد اللغة كمقاطع صواتية تحمل دلالات ايحائية لا تجد لها صدى في الواقع ، نكون بازاء دولة انشائية ، تعتمد الحروف الملفوظة كقاعدة أساسية لتمرير يومياتها ومشاريعها الوهمية . وهذا هو حال المغرب قديما ،لكنه اليوم أصبحت هذه الحالة هي الصفة الأقدر على توصيف دولة اسمها المملكة المغربية .
ولنأخذ مثالا على ذلك مما يعتبر أسمى تعبير عن ارادة الأمة والشعب ، والاطار القانوني الذي يُفترض فيه أن يسمو فوق الجميع ،ملكا وشعبا وحكومة ومؤسسات ، وهو الدستور . فهذه الوثيقة التي تعارفت على تسميتها الأمم التي تحترم قيمتها ورمزيتها ، بالعقد الاجتماعي وهو القانون الأسمى التي تنبثق منه مجمل القوانين ،أدناها وأعلاها ، ويفصل في الحقوق والواجبات ، ويشطر بين السلط ، ويرتب العلاقات الاجتماعية ، نجد الدولة في أرقى مؤسساتها أول من يخرقه ، فبعد اقرار آخر دستور مغربي السنة الماضية ، لم يتم حل أي هيأة تأسست ضمن مقتضيات دستور 1996 ، بل ظلت جميع المؤسسات المنتخبة وغير المنتخبة قائمة ، بما في ذلك الحكومة المغربية . وهو ما يعد خرقا فادحا لأهم حدث دستوري ، وهو تأسيسيته لعلاقات جديدة ،سواء بين مؤسسات الدولة أو بين أفراد المجتمع وهذه المؤسسات .
كما أن النصوص القانونية التنظيمية ، لمجموعة من الفصول الدستورية لا تزال عالقة الى الآن ، ولم يتم الحسم فيها ، بل معظم الظن أنها لم تعالج ولم يُنظر فيها الى الآن ، ليظل معظم الدستور معلقا وغير مفعل .
وتعتبر الخطب الملكية في المغرب بمثابة خارطة طريق تعين الأ وراش المستقبلية للحكومة المغربية ولمختلف المؤسسات التي يباشرها الملك مباشرة ، لكننا حين نستمع اليها وننتظر تطبيقاتها على أرض الواقع نصطدم بأثيريتها وصواتيتها ، وبغياب كامل لجميع توصياتها وأهدافها .
وعندما نصل الى البرلمان بغرفتيه ، فهنا لا بد وأن نجهز أنفسنا لحضور هزليات يفشل الكوميديون والفكاهيون في تجسيدها ، وهذا باعتراف البرلمانيين انفسهم ، قبل غيرهم ، اذ اعتاد المغاربة ممن يضطرون الى تتبع أشغال البرلمان ، على لغة الشوارع والأسواق والساحات العمومية ، وكأن السادة البرلمانيين لا يجدون مكانا أفضل من مؤسسة البرلمان وحرمه كي يخرجوا كل أحقادهم وأسلحتهم اللاأخلاقية وسبابهم ومعيورهم ، عوض الانتباه الى أصل مهامهم وهو البحث عن الحلول الناجعة للمشاكل التي تزداد تراكما يوما عن يوم في جميع القطاعات والحقول والميادين .
أما الاعلام الذي أصبح اليوم يلعب أدوارا خطيرة في تربية المواطن وتوجيهه وبنائه ، فاننا للأسف نعيش في دولة استطاعت أن تشتري ذمم الاعلاميين بأرخص الأثمان ، حيث لا تكاد تجد ولو منبرا واحدا غير مخترق أو مستقل ، الى درجة أن مجمل الجرائد المغربية تستعين بكتاب من مختلف أقطار وبلدان العالم ، مما يدل على أحد أمرين ، اما أن المغاربة يعجزون عن تحليل الوقائع والأحداث وقراءة السياقات ، واما أن هذه الوسائط الاعلامية تعمل بضغط من الاستخبارات المغربية على تجاهل الكتاب المغاربة . لكن أين هم الكتاب المغاربة ؟ .
نعيش في المغرب على اللغة كصواتة لا معنى لها ، الى درجة أن المغاربة قليلا ما يتفقون على شيئ ما . ولعل حراك 20فبراير الذي كاد يؤسس للغة جامعة ، استطاع المخزن بتواطؤ مكشوف مع المثقفين والأحزاب والمنابر الاعلامية أن يقتل جوهرها في المهد .
لا تستطيع في المغرب أن تتحدث عن انجاز برنامج ما ، ماديا كان أو فكريا ، كما لا تستطيع أن تتحدث عن حدث مغربي قح ، فمهرجان مراكش السينمائي ، ومهرجان العار موازين ، خير دليل على انتفاء اي حدث مغربي صرف ، رغم الملايير التي تصرف على مثل هذين المهرجانين .
الدولة الانشائية هي الدولة التي يكثر فيها اللغو والهذر والخطاب ، دون ان يحس المواطن بأي معنى لهذا الخطاب ، ودون أن يشعر بأي وجود لمؤسساته ، الا حين تنزل عليه هراوة الشرطي أو العسكري أو المخزني .



#خالد_الصلعي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أمطار الجحيم -رواية-16-
- الشعرية المبكرة -1-
- بارمينديس يتهجى أفكاره
- الفيتو الأمريكي والصمت العربي
- تعزية لا شماتة
- الشريعة أم السياسة-3-
- النفاق أو لغة الكون
- العرب والانقسام الأزلي
- شهود لا متأثرون
- الشريعة أم السياسة_2_
- في مفهوم التواضع
- اعدام شاعر
- الجزء 12 من رواية -أمطار الجحيم
- الشريعة أم السياسة...
- الشعوب وما أدراك ما الشعوب
- الشعر والدين ، وتجاوز المتن القديم _1_
- من المسؤول...؟
- طريق أبيض
- بنية- نظام المخزن - بالمغرب
- الشوهة


المزيد.....




- بعد أكثر من سبعين عامًا.. مطعم بحريني يجذب المشاهير بمأكولات ...
- بعد قرار ترامب.. رئيس هارفارد يرفض -الإملاءات- وجماعة كولومب ...
- مسؤول بحماس يكشف عن موقف الحركة من مقترح إسرائيل بنزع سلاحها ...
- دراسات: البيض خيار مثالي لأحد العناصر المهمة لصحة الدماغ
- مؤتمر دولي في لندن لمناقشة الأزمة الإنسانية في السودان ولا ...
- هل انتهى شهر العسل؟.. خلاف علني -آخر- بين كييف وواشنطن مع اق ...
- الشيباني عبر -إكس: -الرئيس الشرع يزور الدولة التي وقفت مع ال ...
- الحرس الثوري: قدراتنا الدفاعية خط أحمر ولا مجال للتفاوض عليه ...
- -بسبب ملابسه المثيرة للجدل-.. محمد رمضان يوجه رسالة لإسرائيل ...
- زيلينسكي يؤجل الانتخابات 90 يوما أخرى


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - خالد الصلعي - الدولة الانشائية