أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - اعلان زواج ..ثور مثقف يبحث عن ثورة مناسبة ..














المزيد.....

اعلان زواج ..ثور مثقف يبحث عن ثورة مناسبة ..


أم الزين بنشيخة المسكيني

الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 15:52
المحور: كتابات ساخرة
    



ثور من الشمال الغربي هو آخر الثيران الذي استاء من قلّة الأبقار الحلوب هذه الأيّام قرّر النزوح الى العاصمة بحثا عن ثورة مناسبة لحجمه الضخم ..انّه يريدها صفراء بيضاء ثقيلة الأرداف حمراء الوجه كحيلة العين ..ركب القاطرة و نزل الى الحاضرة ..و طفق يبحث عن ثورت المنشودة في كل مكان ..دخل احدى زنقات الأحياء الشعبية بحيّ النور فأبصر بحشود من الناس الجائعين ملتفّين حول احدى الثورات ..حثّ الخطى و اندفع يستطلع الخبر ..فاذابه أمام ثورة في شكل حانوت لبلابي و رائحة الحمص المسلوق و الهريسة الحارّة و الخلّ الاحمر تفوح بشكل محايد عن كلّ الأحزاب .. كانت القدر تغلي على نار هادئة ..و الكلّ يرمقها بشهوة عارمة .. حاول الاقتراب من الصفّ الأوّل لكنّ أحدهم دفعه بقوة خارج الحومة ..لأنّ كميّة الحمص غير كافية لأبناء الحيّ .
فهم لتوّه أنّ تلك القدر التي تغلي لا تشبه ثورته المنشودة ..توجّه نحو المجلس التأسيسي .و هناك وجد نفسه في حشد هائل من الناس ينادون بشعارات لم يفقه منها أي شيء .. قيل له أنّ ذاك الحشد الغاضب و الاعتصام العنيد هو عين الثورة ..لم يأبه لأمرهم لأنهم فشلوا في جمع النصاب و حتى في الانتصاب الفوضوي.. انصرف عن مسرحية الدستور فثورته المنشودة هي ثورة فقط لا تطمع في أيّ انتصار انتخابي ..ثورة قلّيلة مناسبة لثور لا يصلح لغير الحرث نهارا و الشخير ليلا ..
قرّر أن يغيّر وجهته و أن ينزح نحو المدن الداخلية ..و بعد السير حفيانا ليلة كاملة على حوافر منهوكة من طول الحرث في العهد البائد ، أبصر أخيرا بنور ثورة كانت تركرك الشاي قرب طابونة من أشهر طوابن سليانة ....شعثاء كانت غبراء تكلّلها التجاعيد..أشفق عليها و دنا منها يداعبها ..فانقضّ عليه أحد ديكة سليانة الشرسين بمنقاره الحادّ معبّرا عن غيرته على ثورة البطّالين و الكادحين و مفقوئي العيون بالرشّ الحكومي ..
غادر المدينة و مشى وحيدا في الظلام و بعض حلاليف العهد البائد و الثعاليب المؤقتة تهدّد أمنه و ترعبه بين الفينة و الأخرى ..و تحت احدى الحيطان الأرجوانية الباردة أبصر ببعض الزهاميل المشرّدين ..
خاطبه البطّال قائلا : هل جئت تبحث عن ثورتك أيّها الثور الأصفر ؟ أنا هنا منذ سنتين أنتظر عودة الثورة التي سافرت الى بلاد الطليان ..لكنّها لم تعد ..طلبت زوجة أخرى غير الثورة ..فلا أحد استجاب لي ..و حتّى وزارة التشغيل يبدو أنّها حرقت هي الأخرى الى اللمبدوزا "
خاطبه الزطّال قائلا :"عُد من حيث أتيت أيها الثور الطيب ..لقد انتهت الثورة منذ انتعاش تجارة الزطلة .."
اقترب الهبّاط من الثور و قال : " هل لك في عقد عمل معي ؟ لقد سئمت التهبيط و الهبوط ..في هذا الزمان الهابط ..حيث كل شيء يرتفع من نقيق ضفادع الأحزاب الى أسعار الحليب و السكّر و الفحم الأسود ..كل شيء يهبط حتى ظهري التعيس الذي ملّت فقراته من الفقر و البصل الأرعن .."
سارع اليه الجزّار غاضبا : " ماذا فعلت بنا أيّها الثور المتعجرف ؟ و لماذا رفّعت في أسعار لحومك البائسة ؟ لقد كسدت لحومنا و ذبلت تجارتنا .."
ضحك السرّاق وهو زلم من الأزلام السمينة من عمق بطنه المنتفخ و قال في هزوّ : " الثورة ..مباركة .. لا شيء فعلت غير الاكثار من السرّاق و الأزلام .."
أطرق الثور رأسه يائسا ..و استأنف السير على قوائمه الأربعة المثقلة بالروث الديمقراطي و القمامة الثورية ..لم يكن يخطر بباله أنّ العاصمة المليئة بالثورات من مختلف الأصناف و الأحجام و الخطابات ستبخل عليه بثورة و لو كانت ثورة الزوّالي الذي لم يغنم من كل هذه الحكاية بغير الجدران يكتب عليها أحلامه و يدوّن فوقها بُصاقه و سوائله الثورية الأخرى ..
و فجأة أطلّ عليه ثور مثقّف جاء يواسيه و يعضده في قضيّته ..ربّت على ظهره السمين و قال : " لا تبتئس يا صديقي الثور ..و هوّن عن نفسك .. و لا تكثر من التحديق في هذه البطحاء ..
لا شيء ترى غير توزيع عادل لأكداس ضخمة من الجوع الانتقالي و الأحلام الموؤودة قبل أوانها ..و ان جئت تبحث عن الشعب فلا شيء تبقّى غير تجاعيد عميقة سئمت من وجوه ساسة فاشلين ..هيّا يا صديقي نعود الى ريفنا الجميل ..ههنا ستبعد أحلامنا أكثر و سنتمسّك بأوهامنا أكثر فأكثر كي لا نسقط في دوّامة دولة عليها تحصين نفسها من حماة الثورة ..
و اعلم أنّه عليك أوّلا أن تعرف ما هو معنى الثورة حتى تدركها و تظفر بها ..أمّا و العلف نادر و البقر الحلوب عسير الوجود في هذا الزمان الأعور فمطلب الثورة صعب ..عُد الى حقلك و البس محراثك جيّدا و شقّ الأرض و انغمس في تربتها الزكية ..ستيترعرع القمح و العرعار و شقائق النعمان ..حينها فقط تأتي اليك بقرتك الحلوب ..تزوّجها بكل ثورية ..علّك تنجب منها ثورة حقيقية شعبية .."
قاطعهما الطهّار في عنهجية : " بلى أيّها الثور المثقّف الساذج ..لن تعيش بينكم أيّة ثورة الاّ وختنتها بمقصّ السلفية الوهّابية .."
ضحك منه الطبّال و الزطّال و الغبّار و البطّال و السرّاق و الزكّار و الجزّار و كل فعّال من مفاعيل اللغة العربية ..هذا الطهّار الذي جاء ينصّب نفسه حاميا للثورة يجهل أنّه ليس بالفعّال الوحيد في هذه البطحاء التي تتسع لكل الثوّار و الثيران الثورية ...صمت الجميع و سقط الركح بكل شخوصه متأثرين برشّ العدالة الانتقالية ..و حمدت الحكومة الله الذي تعرفه على أنّ العمى لم يكن كلّيا ..و صفّق الشعب لأنّ الثورة أصيبت بالعور فقط ..فعين واحدة تكفي لشعب معتدل غفور رحيم ..



#أم_الزين_بنشيخة_المسكيني (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جائزة ملوك البريطان الى ثيران العربان ..
- تجمّع أسمائها و تصلّي ...
- صمت قليل يكفينا كي نموت معا ..
- و االعَوَرُ من مأتاه لا يُستغرب ..
- عودة الخرافة و بؤس السياسة ..
- الاه من الحلوى ..
- عطور اسلامية في زجاجات سلفية ؟
- يقتاتون من المزابل ..و الحكومة تحتفل ..
- علاليش علمانية تبحث عن أعيادها ...
- و... تضحكين...
- من هم الفاسدون ؟؟؟
- كلمات كاريكاتورية للمسّ بالمدنّسات ...
- الدلالة الفلسفية لمفهوم المواطنة ..
- هل نحن مواطنون ؟
- ما هي مقدّسات الحكومة ؟؟؟
- انتدبوهم للموت غرقا ...
- و تبكي السماء ..
- كم ثمن هذا الموت غرقا ؟..
- الحلزون يلحس لُعابه و يتكلّس ؟؟؟
- حوار خاص مع الاكاديمية التونسية ام الزين المسكيني


المزيد.....




- جيل -زد- والأدب.. كاتب مغربي يتحدث عن تجربته في تيك توك وفيس ...
- أدبه ما زال حاضرا.. 51 عاما على رحيل تيسير السبول
- طالبان تحظر هذه الأعمال الأدبية..وتلاحق صور الكائنات الحية
- ظاهرة الدروس الخصوصية.. ترسيخ للفوارق الاجتماعية والثقافية ف ...
- 24ساعه افلام.. تردد روتانا سينما الجديد 2024 على النايل سات ...
- معجب يفاجئ نجما مصريا بطلب غريب في الشارع (فيديو)
- بيع لوحة -إمبراطورية الضوء- السريالية بمبلغ قياسي!
- بشعار -العالم في كتاب-.. انطلاق معرض الكويت الدولي للكتاب في ...
- -الشتاء الأبدي- الروسي يعرض في القاهرة (فيديو)
- حفل إطلاق كتاب -رَحِم العالم.. أمومة عابرة للحدود- للناقدة ش ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - أم الزين بنشيخة المسكيني - اعلان زواج ..ثور مثقف يبحث عن ثورة مناسبة ..