|
غيبوبة مام جلال !
نجاح محمد علي
سياسي مستقل كاتب وباحث متخصص بالشؤون الايرانية والإقليمية والارهاب وحركات التحرر
(Najah Mohammed Ali)
الحوار المتمدن-العدد: 3950 - 2012 / 12 / 23 - 02:24
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
قبل كل شيء لابد من تقديم الاعتذار لكل من شعر بنوع من الألم بسبب مقالي السابق عن " وطن مام جلال !" الذي جاء في سياق معارضتي المستمرة لعملية إسقاط النظام السابق بطريقة الغزو العسكري والاحتلال، وماترتب عنهما من عملية سياسية فاسدة لاينفع معها الترقيع.. فمابني على باطل فهو باطل تماماً. وأنوه أيضاً أن مقالي السابق، وماأكتبه في زاويتي اليومية " مسامير " في جريدة " العالم " ، إجتهاد شخصي وقراءة مني - تخطيء أو تصيب- لاعادة تقويم بعض أوراق ماقبل التاسع من أبريل نيسان 2003 ، ومقارنتها بالواقع ، ربما تفيد في إصلاح ما أفسده نظام المحاصصة الطائفية والعرقية الذي إبتدعه الراعي الأمريكي، وكرسه " المقاولون السياسيون " وبعضهم لا أشك في إخلاصه.
" مام جلال " شئنا أم أبينا واتفقنا معه أم اختلفنا يظل شخصية سياسية تجاوزت حدود الوطن الى العالمية. وهو سياسي مخضرم له بصمته الواضحة على مجمل التطورات في العراق الجديد في مرحلة ما قبل سقوط نظام صدام. ونسأل الله أن يعيده للعراق .. محبيه ومنتقديه ، سالماً معافاً من كل مرض وعرض ، ليمارس دوره كرئيس للعراق كله، أو يتقاعد هو من تلقاء نفسه ، وليس بسبب الموت لاسامح الله، لنبقى نستمتع بتعليقاته ونكاته التي تشع دوماً بالنور والأمل والحياة، ونبقى نمارس معه رسالتنا الصحفية نقداً في إطار مهمتنا كصحافيين مستقلين نزعم أننا نشارك في البناء السياسي والتغيير الايجابي .. كل حسب موقعه.
أما إذا رحل " مام جلال " لاسامح الله ، وهو ما لا أتمناه ، والأمر أولاً وأخيراً بيده جل وعلا ، فهو المحيي وهو المميت وبيده الأمر كله ، فان العراق ربما سينتقل الى مرحلة صعبة تزيده انقساماً وتشرذماً وصراعاً ذلك لأن " مام جلال " وإن كان إنحاز في المرحلة التي سبقت " غيبوبته " الى قوميته ، ونسي أو تجاهل أنه رئيس لكل العراق بكل قومياته وتضاريس جغرافيته الجميلة - وهذا ما كنت أشرت له في مقالي السابق عنه حفظه الله - فإن كارزما شخصيته التي إنتزعت إحترام المعارضين له، تبقى هامة جداً لحفظ التوازنات، ومنع الانزلاق نحو المجهول . ونحن بانظار عودته معافىً لكي يكشف لنا الكثير من الأسرار التي يحفل به تأريخ العراق والمنطقة والعالم.
ورغم أنها سنّة الحياة أنْ يجري التحضير لخلافته إنْ رحل "مام جلال" لاسامح الله ، إلّا أن الصراع على رئاسة العراق، بالطريقة التي تتسرب بها الأنباء عمن يخلفه ، يبعث على الكثير من الألم ، وكأن " الجماعة مستعجلون " للجلوس محله ، غير مدركين أن " مام جلال " بغض النظر عن أي شيء ، رمز عراقي كبير يستحق التريث في البحث عن خلافته الآن على الأقل. وأتمنى من كل قلبي أن يمد الله في عمره ليقرأ مقالتي هذه عنه ويعلم أن مقالي السابق وجدالي معه أثناء مؤتمره الصحافي الذي عقده في طهران بعد مشاركته في مؤتمر المعارضة بلندن، لم يكن مجرد مشاكسة شخصية تنطوي على إهانة ، بل هو موقف من مخلص يتعامل مع زعيم سياسي كبير تصدى لعمل خطير وصار في الواجهة. فأنا أكنُّ له الاحترام، وأدعو له بالخير والعافية وبالعمر المديد.
إن "غيبوبة الرئيس" جلال طالباني ، يجب أن تدفع المتصارعين على خلافته الى التعلم من تجربته التأريخية الطويلة، وقبل كل شيء الاتعاظ. فيا من تحدثون نفسكم بها إن هذه الدنيا قصيرة وفانية مهما طال العمر فيها لأحد. وأن الكرسي والمقام والمنصب تكليف لاتشريف. وحين يحين الوقت لا تنفع الرئيس فخامته ولا سيادته، ولا تشفع للملك ولا للأمير جلالته أو سموه: فَلاَ أَنْسَابَ بَيْنَهُمْ يَوْمَئِذٍ وَلاَ يَتَسَاءَلُونَ . فالمُلك لله وحده شاء من شاء وأبى من أبى. ولات ساعة مندم عندما يقبض ملك الموت الروح ليستعيد الله أمانته. " فلولا إذا بلغت الحلقوم وأنتم حينئذ تنظرون ونحن أقرب إليه منكم ولكن لا تبصرون فلولا إن كنتم غير مدينين ترجعونها إن كنتم صادقين " (الواقعة - من 83 إلى 87) - عن أنس بن مالك قال : قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : ما من بيت إلا و ملك الموت يقف على بابه في كل يوم خمس مرات ، فإذا وجد الإنسان قد نفذ أكله و انقطع أجله ألقى عليه غمرت الموت ، فغشيته كرباته و غمرته غامراته... و"غيبوبة الرئيس" رسالة موجهة لنا جميعاً خصوصاً أولئك الذين يزعمون أنهم إسلاميون وهم يتقاتلون على المناصب تقول : " ملعون من ترأس، ملعون من هَمَّ بها ملعون من حدَّث بها نفسه" . فكيف نستفيد من هذه التجربة القاسية في ظاهر أمرها، أن يقع الواحد منا في غيبوبة ، هي جسر قصير بين الدنيا والآخرة ، وكيف نخطط لننتقل منها أي من الغيبوبة الى مقام الحضور والتجلي في حضرة المحبوب ؟. أيها الإنسان لا تنس الموت فانه لن ينساك .فالموت جمل يركع أمام كل الأبواب.. والمجد المزَيّف قد يزهر ولكنه لا يثمر . ولتكن في " غيبوبة الرئيس " لنا عبرة... والعاقل يفهم. مسمار: سـلِ الـخـليفةَ إذ وافتْ منيتهُ أين الحماةُ وأين الخيلُ و الخولُ ايـن الرماة ُ أما تُحمى بأسهمِهمْ لـمّـا أتـتك سهامُ الموتِ تنتقلُ أين الكماةُ أما حاموا أما اغتضبوا أين الجيوش التي تُحمى بهاالدولُ هيهات ما نفعوا شيئاً و ما دفعوا عـنك المنية إن وافى بها الأجلُ فكيف يرجو دوامَ العيش متصلاً مَنْ روحه بجبالِ الموتِ تتصلُ
#نجاح_محمد_علي (هاشتاغ)
Najah_Mohammed_Ali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
يالصوص العراق إتحدوا !
-
سلطان البغدادية !
-
لصوص وحرامية !
-
مسامير : ليلة القبض على مقتدى !
-
اختفاء-سيفي القيسي-رئيس تحرير صحيفة - السفير - العراقية في ظ
...
-
ليلة القبض على مقتدى !
-
أفواه وكواتم !
-
محاكمة المالكي !
-
صلّوا على الحبييييييب !
-
وطن مام جلال !
-
أبو الويو !
-
رياح تنقض الوضوء!
-
وأين صاحبي حسن؟
-
فلَّشْ وإكلْ خِسْتاوي !
-
الراعي الأمريكي!
-
قاسم سليماني قائد فيلق القدس الايراني يقترح تأسيس قوة مشتركة
...
-
ما بعد الانتخابات العراقية.. حقائق جديدة وتطورات ملفتة
-
انتخابات مجالس المحافظات اختبار حاسم لاستقرار العراق!
-
العراق بين سحب القوات واستحقاقات -التغيير-!
-
سهل نينوى.. هل يكون العشاء الأخير؟!
المزيد.....
-
-غير أخلاقي للغاية-.. انتقادات لمشرع استخدم ChatGPT لصياغة ق
...
-
بالأسماء.. مقاضاة إيرانيين متهمين بقضية مقتل 3 جنود أمريكيين
...
-
تحليل.. أمر مهم يسعى له أحمد الشرع -الجولاني- ويلاقي نجاحا ف
...
-
مكافأة أمريكا لمعلومات عن أحمد الشرع -الجولاني- لا تزال موجو
...
-
تفاصيل مروعة لمقابر سوريا الجماعية.. مقطورات تنقل جثث المئات
...
-
يقدم المعلومات الكثيرة ولكن لا عاطفة لديه.. مدرسة ألمانية تض
...
-
الجيش الإسرائيلي يستهدف مستشفيي كمال عدوان والعودة شمال قطاع
...
-
قلق من تعامل ماسك مع المعلومات الحساسة والسرية
-
ساعة في حوض الاستحمام الساخن تقدم فائدة صحية رائعة
-
ماكرون يزور القاعدة العسكرية الفرنسية في جيبوتي ويتوجه إلى إ
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|