محمد خليل حسين
الحوار المتمدن-العدد: 3948 - 2012 / 12 / 21 - 21:31
المحور:
دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات
أثر الفلسفة العربية والاسلامية على الفكر اليهودي
المصدر: الموسوعة الفلسفية /جامعة ستانفورد
ترجمه عن الانكليزية: محمد خليل حسين /ماجستير في الدراسات اليهودية
لم تتم دراسة أثر الفلسفة العربية والاسلامية على الفكر اليهودي بشكل كامل. كذلك وللحقيقة ففي الازمنة المتأخرة لم تكن هذه الدراسة موضوعاً للتحليل الشامل والمفصل ما عدا ما ورد في احدى المقالات العامة ((Zonta 1997a فتلك المقالة تركز على ذلك التأثير من خلال بعض من موضوعاتها المتميزة، كالاقتباسات والترجمات وشروح تلك النصوص التي كتبها بعض من الفلاسفة العرب-الاسلاميين كإخوان الصفا وإبن سينا وإبن رشد. لكنها مع ذلك لم تشمل بعض من المؤلفين الاخرين مثل الكندي والغزالي وإبن باجة ولا اولئك الاقل شأنا الذين تظهر آثارهم في الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط. وبالطبع فإن السؤال المتعلق بالتأثير العام للفلاسفة العرب- الاسلاميين على مؤلف بارز مثل موسى بن ميمون قد تم التعرض له من خلال مقالات خاصة. (see in particular Pessin 2007) مع ذلك لم يحدث هذا الامر بالنسبة لغيره من المؤلفين اليهود. مع ذلك فهناك العديد من المراجع المتعلقة بالفلسفة العربية والاسلامية في العصر الوسيط قد تم ايجادها من قبل بعض البحاثة المعاصرين لدى العديدين من المؤلفين اليهود الذين نشطوا في الفترة ما بين 900- 1500 أشهرهم يعقوب القرقزاني واسحق الاسرائيلي وسليمان بن غابيرول وباهيا بن فاقودا وابراهام بن هيا ويوسف بن صديق وصاموئيل بن تيبون وشيم طوب بن فالاقويرا ولاوي بن غيرشوم وموسى ناربوني وحاسداي كريسكاس. وفي العادة فإن إكتشاف هذه المراجع لم يدفع البحاثة المعاصرين الى نتائج حتى ولو مؤقتة حول المدى الحقيقي لهذا التأثير وكذلك طرق انتشاره بين المؤلفين اليهود، ما عدا بعض الحالات الخاصة المتعلقة بالمنطق اليهودي في بروفنس كمثل تلك المصادر العربية التي تعود الى القرن الرابع عشر. (see Zonta 1997b)
ولكون ان هذه الفكرة تحتوي على شيء من التعقيد، وبسبب نقص الاعمال السابقة المكرسة بشكل خاص لهذا الموضوع، فإن هناك حاجة لتحليل شامل ان لم يكن مفصل عن أثر الفلسفة العربية والاسلامية على الفكر اليهودي. ان اصطلاح "أثر" في حد ذاته يجب ان يقتصر على حالات يتم فيها استخدام البحاثة اليهود اثباتات مباشرة ان لم تكن صريحة بالضرورة وموثوقة فيما يتعلق بالمصادر العربية والاسلامية (مثلا من المعروف جيدا ان موسى بن ميمون كان على علم مباشر بل واستخدم العديد من المصادر الفلسفية العربية، كذلك يجب الاعتراف انه وفي حالات عديدة كان البحاثة في العصور الوسطى على علم بل واستخدموا تلك المصادر ليس بشكل مباشر ولكن من خلال كتابات موسى بن ميمون). مع ذلك على هذا التحليل ان يحصر نفسه في حالات عندما يكون النص (او النصوص) لاحد المؤلفين قد تم ترجمته الى العبرية او تم الاستشهاد به حرفيا في اصوله العربية. لقد تمت دراسة هذه الحالات في بعض الكتب (Steinschneider 1893, Zonta 1996) ) وفي العديد من المقالات التي صدرت مؤخرا ((see a summary of their contents in Zonta 2003, 543–560),) لكن تحليلا كهذا يجب ان يتم توزيعه على حالات في الاماكن التي تم فيها التعليق على هذه الحالات وفي حالات اخرى بشكل مباشر وحيث تم استخدامها من قبل مفكرين يهود حين قاموا بوضع ارائهم الفلسفية. (اما بهذا الصدد، فمن الجدير ذكره ان العديدين من الفلاسفة اليهود في العصور الوسطى المتأخرة يبدو انهم كانوا على علم بفلسفة إبن رشد بشكل جيد، ويمكن ان يكون بعضهم قد تعرف عليها بشكل غير مباشر من خلال الغزالي كما كان يحدث مع موسى بن ميمون). إن فحصأ تاريخيا لهذا الاثر يجب الا يتم بناء على الخطوط الرئيسة للتاريخ والفلسفة اليهوديين، وإنما بناء على سجل منظم لفلاسفة اسلاميين وعرب متنوعين، الذين قرأ الفلاسفة اليهود مؤلفاتهم سواء في نسخها الاصلية او من خلال ترجمانها العبرية في العصر الوسيط. او في بعض الحالات حتى من خلال الترجمات اللاتينية في العصور الوسطى. ومما يجب تبيانه ان الفلاسفة اليهود لم يستخدموا كما يبدو المؤلفين العرب كمراجع بفعالية بعد عام 1200 تقريبا. وبالطبع فإن فحصا كهذا يجب ان يأخذ بعين الاعتبار بأن "الفلسفة العربية" و"الفلسفة الاسلامية" لا تتطابقان تماما، لكن العلاقة ما بينهما تظهر في اوقات حين يكون هناك تقاطع في اصطلاحين غير متطابقين كليا (مثلا بعض الاعمال الرئيسة في الفلسفة الاسلامية كمؤلف إبن سينا كتاب العلم"[Danesh name], الذي كتب بالفارسية على حين ان بعض الفلاسفة المسيحيين من العصر الوسيط كانوا ينشطون في الشرق الادنى حيث كتبوا مؤلفاتهم باللغة العربية والذين بهذا يجب النظر اليهم ضمن حالات "تأثير الفلسفة العربية- المسيحية على الفكر اليهودي.")
1)الكندي
2)ابو بكر الرازي
3)اخوان الصفا واتباعهم
4)الفارابي
5)ابن سينا
6)الغزالي
7)ابن باجة
8)ابن طفيل
9)ابن رشد وبعض من اتباعه
10)فخر الدين الرازي وشهاب الدين السهروردي
11)مؤلفون عرب مسيحيون
الكندي
يبدو ان تأثير الكندي (796-866) على الفكر اليهودي في العصر الوسيط لم يكن قويا. والأكيد انه تم اخذ بعض الاقتباسات والفقرات من اعماله خصوصا في الحقبة الاولى عندما كان تأثير الافلاطونية الحديثة ( والافضل الارسطية العربية- الاسلامية الاولى التي لعب فيها الدور الاساس بلوتينوس وبروكلاس كشارحين للميتافيزيقا) يبدو اكثر قوة. وللحقيقة فبدل الحديث عن تأثير الكندي في الفكر اليهودي، على المرء ان يتحدث عن نوع من "الكندية" اليهودية من خلال تأثير بعض اتباع الكندي من العرب (بشكل خاص العرب المسيحيين) (انظر الى الاسفل 11)
يمكن تقصي اثر الكندي عند يعقوب القرقزاني وهو باحث يهودي من طائفة القرائين الذي عاش في بلاد ما بين النهرين (عاش الكندي قبل ذلك بقرن) في النصف الاول من القرن العاشر فقد لوحظ هذا في كتاب غير فلسفي نشره بعنوان "كتاب الانوار والمراقب" وهو دراسة في الاقسام الشرعية التوراتية، يشير جورج فاجدا الى بعض الفقرات من مؤلف الكندي المسمى " رسالة في ماهية النوم والرؤيا" التي استخدمها القرقيزي في شرحه لمفهوم "النوم". ((Vajda 1941–1945, 115–122)) كما لاحظ برونو شيسا اثارا اخرى من الاعمال الفلسفية من "رسالة في العلة الفاعلة في المد والجزر" من ضمن فقرة حول خلق العالم من مؤلف القرقيزي الاكثر شهرة (لم ينشر بعد) حول فلسفة اللاهوت المدعو "كتاب الرياض" وهو دراسة في الاقسام غير الشرعية من التوراة (Chiesa 1989, 95) وبالطبع فإن التحليل الكامل لفلسفة القرقزاني كما وجدت في الاعمال اللاحقة ما زال مهما بالنسبة لنا وذلك للوقوف على القوة الحقيقية لتأثير الكندي لديه.
هناك اثار لتأثير فلسفة الكندي على مفكرين يهود متأخرين جاؤا بعد القرقيزي اهمهم اسحق الاسرائيلي الذي عاش في كل من مصر وتونس في الفترة ما بين 850-950 ( يرى بحاثة اخرون انه عاش في الفترة ما بين 830-932) وينظر الى اهم اعماله الفلسفية وهو "كتاب الحدود" على انه تبني يهودي لاحد اعمال الكندي الا وهو "رسالة في حدود الاشياء ورسومها". وكان الاسرائيلي يكيف ما جاء على لسان الكندي ليكون مناسبا لقرائه، كما كان احيانا يكتب تعليقات على العديد من مفاهيم الكندي الفلسفية والثيولوجية بحسب ما يقول صاموئيل ميكلوس ستيرن ((Altmann and Stern 1958, 3–78). لقد بدا استخدام الاسرائيلي لفلسفة الكندي من اجل اقامة صروح فلسفته الحالة الاكثر اثباتا لتأثير الكندي على الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط. اما الحالة الثاني فهي تلك الحالة الخاصة بشيمطوب بن فلاقويرا (1225-1295) وهو فيلسوف يهودي اسباني كتب العديد من الاعمال من خلال الاستشهاد بالعديد من المقاطع (ترجمت الى العبرية وكيفت بحيث تلائم استخداماته) التي استقاها من العديد من المراجع العربية ((Zonta 2004) ). ففي كتابه " بلسم من اجل الحزن" (Seri ha-yagon) يظهر تأثره العميق بل ونقله للعديد من القطع من كتاب الكندي "في حيلة لدفع الاحزان" كما يقول العديد من البحاثة ((Ritter and Walzer 1938 [1943], Klugman-Barkan 1971)) وبعيدا عن هاتين الحالتين هناك اثار ضئيلة جدا لمعرفة اعمال الكندي كانت قد ظهرت لدى الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط : ويمكن ملاحظة اهتمام موسى بن عزرا بما قاله الكندي عن علم الحيوان، وهو ما لم ينشر حتى الان في مقالة له بعنوان " مقالة الحديقة في معنى المجاز والحقيقة (عن التوراة) كان قد كتبها في اسبانيا المسيحية حوالي عام 130((see ms. of Jerusalem, Jewish National and University Library, 8° 570, pages 206, line 8 – 207, line 7).)
2) ابو بكر الرازي
يبدو ان سمعة ابو بكر الرازي (850-925 تقريبا) كمهرطق و"غير مؤمن" من بين فلاسفة الاسلام في العصر الوسيط قد اثرت بشكل عام على معظم المفكرين اليهود في ذلك العصر. ويظهر هذا بشكل خاص لدى موسى بن ميمون. مع ذلك فإن هذا الامر لم يمنع بعضهم من اقتباس واستخدام اعماله كمصادر لبناء فكرهم الخاص بهم. فرغم الحكم القاسي لموسى بن ميمون على الرازي كفيلسوف، إلا انه يستند اليه وبشكل واضح فيما يتعلق بمعرفتة بالمحتويات العامة وما نادى به من فقه وميتافيزيقا كما جاء في كتاب للرازي بعنوان "كتاب العلم الالهي" وهو ما يمكن العثور عليه في عملين له الاول هو "دلالة الحائرين" وكذلك في احدى رسائله للمترجم "الرسمي" لهذا الكتاب، صموئيل بن تيبون. ففي هذه الرسالة يؤكد بأن كتاب الرازي "في العلم الالهي" ليس بالكتاب النافع لكون الرازي لم يكن اكثر من عالم في الفيزياء (وليس فيلسوفا حقا) () (Marx 1934–1935, 378; about the real influence of Maimonides’ letter, see also Harvey 1992)) ففي الجزء الثالث من القسم الثلث عشر من كتاب "الدلالة" يؤكد بشكل اكثر وضوحا بأن كتاب الرازي مليء بالافكار الجنونية وبالجهل. فهو يقول بأن الرازي يدعي بأن الحياة البشرية فيها من شر ما يفوق مافيها من خير، وبالتالي فحتى الخير الالهي يجب التحقق منه بجدية ((Moses Maimonides 1963, 2:441–442) مع هذا فهناك اثنان اخران على الاقل من الفلاسفة اليهود كانا قد ذكرا الرازي بل واستخدما بعض من افكاره وهما موسى بن عزرا في كتابه "مقالة عن الحديقة" حيث يقتبس قطعة من الرازي حول الحركة ويعلق عليها مؤكدا ان الرازي يناقض أرسطو في رأيه داعما بذلك افلاطون بدلا منه ((see ms. of Jerusalem, Jewish National and University Library, 8° 570, page 51, lines 5–8)) والثاني هو ابو البركات ابن ملكة البغدادي الذي عاش في بغداد حوالي عام 1150. ففي مؤلفه "كتاب المعتبر" يرتكز بشكل كبير على فلسفة ابن سينا قبل اسلامه على ما يبدو. وفي بعض الحالات يتبع مبادئ الرازي خصوصا فكرته حول الزمان "الزمان الابدي"و "الزمان المختلق" ((see Pines 1979, 151–153).)
3) إخوان الصفا واتباعهم
تحوي الموسوعة العربية الاسلامية للعلوم والفلسفة على مادة بعنوان "إخوان الصفا وخلان الوفا" وهي عبارة عن اثنتان وخمسون رسالة في العلوم الرياضية، والمنطق، والعلوم الفيزيائية، والميتافيزيقا، والانثروبولوجيا، والفقه. ومع ان هذه المادة غير متوقعة الا ان لها اثرا على الفكر اليهودي في العصر والوسيط في الفترة الممتدة من القرن الحادي عشر الى القرن الخامس عشر في كل من اسبانيا ومقاطعة بروفنس في فرنسا وكذلك اليمن.
وبحسب التقليد المتبع فمن الممكن ان تكون الموسوعة قد كتبت في الشرق الادنى في النصف الاول من القرن التاسع على يد مؤلف مجهول ( (Avicebron, 1021–1058 or 1070 ) والذي يبدو انه كان معروفا جيدا في اسبانيا حوالي عام 1050. وللحقيقة فقد يكون هناك بعض من تأثير تلك المادة على سليمان بن غابيرول ((Avicebron, 1021–1058 or 1070 ) وهو من الفلاسفة اليهود الأكثر شهرة في زمانه. حيث عاش وعمل في الاندلس في النصف الاول من القرن الحادي عشر. يقول جاك شلانغر ((see Schlanger 1968, 94–97)) هناك احتمال بأن يكون ابن غابيرول قد اخذ من اخوان الصفا المطابقات ما بين هرمية الكائنات وتسلسل الارقام العشرة الاولى، كذلك الاعتماد على مبادئ بعض الحكماء حول ضرورة " العناية" بالارواح خلال دراسة الامور السماوية. ويرى جورجس فاجدا (see Vajda 1947, 24–33) آثارا ذات علاقة اقوى قد تكون موجودة في القسم الثاني من "الهداية الى فرائض القلوب" الذي كتبه المؤلف اليهودي الاسباني باهيا بن فاقودا في الفترة ما بين 1050-1080 حيث من الممكن ان تكون هنالك بعض الاتفاقات مع مبادئ اخوان الصفا في مبحث علم الكونيات.، اذ يتشابه اسلوب كل منها في الدفاع. وللحقيقة ففي كلا الحالتين ليس هناك ما يثبت استخداما مباشرا لاعمال اخوان الصفا من قبل هذين الفيلسوفين اليهوديين.
يمكن تتبع اثارا اكيدة اولى لتأثير مبادئ اخوان الصفا في عملين تم تأليفهما باللغة العربية-اليهودية (هي لغة اليهود الذين عاشوا في البلاد العربية) في منطقتين مختلفتين من اسبانيا حوالي عام 1130 ومن المحتمل ان يكون قد اثر في "كتاب العالم الصغير" ليوسف بن صديق ((d. 1149) و"رسالة في الحديقة" لموسى بن عزرا. أما النص الاصلي لكتاب يوسف بن صديق وهو قاض رباني عاش في قرطبة، فقد فقد. لكن هناك ترجمة عبرية مجهولة ما زالت محفوظة ضمن بعض المخطوطات قد تم نشرها مرتان. وتحتوي تلك الترجمة على عدد من الاثباتات ولكن دون مراجع حقيقية حول مبادئ اخوان الصفا (see Vajda 1949) اما علاقتها بهم فقد اعترف بها المؤلف نفسه ولو بشكل ضمني في بداية عمله كالتالي: "يبدو لي ان طريقة الوصول الى هذه المعرفة العظيمة ( اي المتعلقة بالحقائق الفقهية) تكمن في فهم المؤلفات التي كتبها الفلاسفة الانقياء والحكماء الالهيين" (Horovitz 1903, 3). وأكثر من ذلك يؤكد موسى بن ميمون في رسالته الى صموئيل بن تيبون وبوضوح قائلا:"لم يسبق لي ان قرأت ما كتبه يوسف بن صديق حول الانسان كصورة مصغرة عن العالم، لكني اعرف الكاتب وقيمته وقيمة كتابه، اذ من المؤكد انه تأثر بأفكار اخوان الصفا. ((Marx 1934–1935, 379 وعلاقتها بهم جلية تماما- وتؤكد سارة سترومسا انه يجب شرح ذلك الكتاب كنقد جوهري لاراء ابن صديق الفلسفية ((Stroumsa 1990) فالبنسبة الى ابن عزرا، فإن كتابه "رسالة الحديقة" مليء بشكل واضح بفقرات ومبادئ ملهمة بشكل مباشربل وفي بعض الحالات مأخوذة حرفياً من اخوان الصفا. وكما ظهر في المدة الاخيرة من خلال كتاب بول فنتون حول مكونات عمل ابن عزرا ((Fenton 1997; see also Fenton 1976, 297)) "رسالة الحديقة" تتضمن على الاقل ست وثلاثون فقرة من رسائل اخوان الصفا، كذلك على العديد من الحالات حيث يظهر تأثير اخوان الصفا كإثبات. مثلا تأثر ابن عزرا بنظريات اخوان الصفا حول خلق العالم من العقل الاول، وانبثاق الكائنات من الله وتحولها الى مادة، وان الطبيعة هي قوة لعالم الروح، كذلك الانسان كصورة مصغرة للكون. في نفس تلك الفترة عرف ابن عزرا، ذلك المؤلف اليهودي الاسباني الشهير واحد الناشطين في حقل العلوم في ايطاليا وفرنسا وانكلترا في الفترة ما بين 1140-1160، عرف واستخدم كتابات اخوان الصفا. ((see Jospe 1994, 46–48
ومن الممكن وكنتيجة لنشر الكتب المذكورة اعلاه، ان يكون تأثير اخوان الصفا قد انتشر على ما يبدو ما بين العديدين من الفلاسفة اليهود الذين كانوا يعملون في اسبانيا في القرن الثالث عشر. وفي بعض الحالات، انتقل ذلك التأثير من خلال مؤلفين عرب اسلاميين قليلي الشهرة الذين كانت اعمالهم معروفة من قبل القراء اليهود الاسبان. لقد كان الفيلسوف الاسلامي الاسباني ابن السيد البتالياوسي ((from Badajoz, d. 112 قد كتب نوعا من المواضيع الموجزة عن نظريات اخوان الصفا مثل "كتاب الحدائق" الذي انتشر في اوساط المؤلفين اليهود ((Kaufmann 1880, 32–63) سواء بنصه العربي الاصلي، او من خلال الترجمات العبرية الثلاث في العصر الوسيط ((written between 1200 and 1370: see Steinschneider 1893, 286–288; Richler 1977),
اما "كتاب الحلقات الفكرية(Sefer ha-‘agullot ha-re‘yoniyyot) فلقد كان احد المصادر المباشرة للفيلسوف الاسباني والقبالي اسحق بن لطيف، الذي تحدث عن نظريات الاخوان حول درجات الروح الخمسة ( النباتية والحيوانية والبشرية والمتعقلة والنبوية) في كتابه "باب السماء"(Sha‘ar ha-shamayim) الذي كتب في الفترة ما بين 1230-1250 ((see Heller-Wilensky 1967, 199) وهناك عمل مجهول اخر يحمل اسم " توازن التكهنات" (Me ozney ha-‘iyyunim)مكتوب بالعبرية ( او بالعربية اليهودية، نسخته الاصلية مفقودة) في اسبانيا في القرن الثالث عشر مليء بالفقرات حول علم الاعداد وعلم الكونيات والفقه والعلوم الطبيعية، بعضها ملهمة من قبل مجموعة البتاليوسي، وبعض اخر مأخوذ بدون شك من رسالة اخوان الصفا خصوصا تلك المتعلقة بجوهر الايمان، وعلم المعادن، وعلم النبات.( (Abrahamov 1995) أخيرا فمن الجدير ذكره انه قد تم استخدام اخوان الصفا كمصدر فلسفي مباشر من قبل شيمطوب بن فلاقويرا في العديد من المناسبات في كتابه الانطلوجي حول الفلسفة الافلاطونية الجديدة "كتاب الدرجات"(Sefer ha-ma‘alot),. وهناك اقتباس عبري يعزى الى "حكيم" ( هل كان فلاقويرا على علم بأن ذلك العمل قد تم من قبل المجريتي؟) هو في الحقيقة قطعة حرفية من رسالة اخوان الصفا تعالج العلاقة ما بين الروح الكونية والارواح ذات الخصوصية. ان مؤلف فلاقويرا "كتاب الباحث" (Sefer ha-Mevaqqesh)هو عبارة عن موسوعة شعبية قصيرة كتب في عام 1263 وهو مليء بالاقتباسات من معظم رسائل اخوان الصفا، تلك التي تعالج العديد من الافكار مثل الفرق ما بين العلم والايمان، وبعض المسائل الرياضية، ومبادئ علم الفلك والموسيقى، ومعنى اصطلاح "الطبيعة"، ومبدأ روح العالم anima mundi ، والمناخات، وبعض نظريات المنطق، وعلم الارصاد الجوية، والموسيقى ((about this point, see Shiloah 1968 وعلم التنجيم والعلوم الطبيعية، بل حتى بعض القصص الاخلاقية. كذلك فإن النظريات العلمية للاخوان قد اثرت بشكل ملحوظ في المؤلفين اليهود في القرن الثالث عشر. وفي كتابيه الثالث والرابع من موسوعته الفلسفية العلمية "آراء الفلاسفة" De‘ot ha-filosofim) المكتوبة حوالي عام 1270 والتي لم تنشر بعد، يقتبس فلاقويرا العديد من قطع الاخوان التي تعالج علمي المعادن والنبات، والتي هي عبارة عن خليط من النظريات الارسطية والكيمياء القديمة. ان نظريات فلاقويرا حول علم المعادن اثرت بشكل مباشر في موضوعات المعادن الواردة في نصوص اخرى بالعبرية، والتي كتبت حوالي عام 1300 خصوصا كتاب "باب السماء" لغرشوم بن سولومون من ارلس، وفي رسائل كيميائية تنسب بهتانا الى مؤلف عربي. اخيرا فقد تم استخدام علم الحيوان والرياضيات لاخوان الصفا من قبل قالونيموس بن قالونيموس في تأليف كتبه بالعبرية حول الاخلاق (رسالة حول الحيوانات, Iggeret ba‘aley hayyim) وفي الرياضيات (Book of Kings, Sefer ha-melakim: see Lévy 1996, 69). )
ان العلاقة المفترضة ما بين رسالة اخوان الصفا والاسماعيلية، تشير الى تبني هذا العمل كأحد المراجع الرئيسة لما يسمى " الاسماعيلية اليهودية" التي وجدت في اليهودية اليمانية في العصر الوسيط المتأخر. هذه "الاسماعيلية اليهودية" تحتوي كيهودية على بعض من المبادئ الاسماعيلية حول علم الكونيات، والنبوة، وعلم التأويل ((Kiener 1984) ). وهناك العديد من الحالات التي تظهر تاثير اخوان الصفا في بعض الفلاسفة اليهود اليمانيين وغيرهم من المؤلفين اليهود في الفترة ما بين 1150-1550 ((Kiener 1984 . على سبيل المثال فإن القسم الثاني من العمل الفلسفي اللاهوتي المكتوب بالعربية اليهودية من قبل نتانيئيل بن الفيومي المسمى "بستان العقول" والمكتوب في اليمن عام 1165 يحتوي على توافقات ما بين الاعداد 1-10 ومفاهيم عشرة علمية وفلسفية ( قدرات الروح، الاحاسيس، الاتجاهات، المواد الجسدية، والاجزاء الخ) ومعظمها تشابه تلك الموجودة لدى اخوان الصفا. ويمكن العثور على بعض اثار نظريات الاخوان حول انبثاق الكائنات من العقل الاول، وكذلك علم الاعداد في اثنين من المدراشيم الفلسفية اليمانية، وهي تأويلات midrashim, لنصوص توراتية مكتوبة بالعربية اليهودية كتبت في الفترة ما بين 1420-1430: "التعلم الباعث على السرور" (Midrash ha-hefez بقلم زرحايا /يحي الطبيب، و"سراج العقول" لحوطر بن سولومون (منصور بن سليمان الذمري) ((see Zonta 1997a, 140-144; about Hoter ben Solomon and his philosophical sources, see also Blumenthal 2007). )
4) الفارابي
يظهر تأثير "المعلم الثاني" العربي (اي ارسطو الثاني) ابو نصر الفارابي 870-950 جليا على العديد من حقول الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط: في نظرية المعرفة، والمنطق، والميتافيزيقا والفقه، والاخلاق، وحتى الفيزياء.
بالنسبة لنظرية المعرفة يعتبر البحث الرئيس للفارابي المسمى"احصاء العلوم" حول المحتويات العامة للغويات، المنطق، العلوم الرياضية، الفيزياء والميتافيزيقا، الاخلاق، بل وحتى التشريع الاسلامي والدين، ذو تأثير هام على العديد من الدارسين اليهود في الفترة ما بين 1200-1400 . فها هو يوسف بن يهودا بن عقنين ((d. 1226, وهو يهودي مغربي من اتباع ابن ميمون، قد قام بإدخال اجزاء طويلة من النصوص العربية الاصلية في الجزء 27 من بحثه الرئيس حول الاخلاق المسمى "طب النفوس". ففي تعليق له على نشيد الانشاد (انكشاف الاسرار) يستشهد بالعديد من اعمال الفارابي الاخرى في نظرية المعرفة، والمنطق، والميتافيزيقا، وحتى في الموسيقى. ((Zonta 1997a, 118–119 اما شيمطوب بن فلاقويرا فقد ادخل العديد من القطع (بالعبرية) في عمله المسمى "تعداد العلوم" القسم الثاني من "بداية العلم"(Reshit hokhmah), الذي يعتقد انه كتب حوالي عام 1250 ((Efros 1935; Strauss 1936; about Falaquera s knowledge of al-Farabi s works, see Harvey 2002)). اما قالونيموس بن قالونيموس فقد ترجم كل العمل الى العبرية عام 1314 هذا الى جانب نص قصير يحمل اسم "مقدمة الى ارسطو" للفارابي، مدخلا فيها معالجته الذاتية لبعض المواضيع التي لم يحتويها النص العربي الاصلي والتي كان الفارابي يرفض ادخالها ضمن العلوم الحقيقية، وهي الطب، والكيمياء القديمة، والسحر. وفيما بعد قام بعض الدارسين اليهود بالاستشهاد بنسخة قالونيموس خصوصا خلال القرنين 14 و15. وطالما ان الفلسفة عموما لها اعتبارهام، فيجب التذكير بأن فلاقويرا قام بوضع تلخيص كامل بالعبرية للاعمال الرئيسة الثلاث للفارابي، ثم ادخلها في الجزء الثالث من "بداية العلم" تحت اسم "تحصيل السعادة" و"فلسفة افلاطون" و "فلسفة ارسطو" وبالتالي قام بنشر معرفة المحتويات العامة لكل اعمال افلاطون وارسطو بين اليهود.( (Strauss 1936; see also Mahdi 1962) ) كما قام فلاقويرا بإقتباس قطعة قصيرة من مقدمة الفارابي المسماة "رسالة في معرفة الفلسفة في كتابه "كتاب الدرجات" ((as pointed out in Chiesa and Rigo 1993). )
وبالنسبة للمنطق، مارس الفارابي تأثيرا اقوى على الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط والتي تشبه ظاهريا تأثير الشارح "الرسمي" الاكثر شهرة للمنطق الارسطي، اي ابن رشد. فمن جانبه يرى ابن ميمون بأن لا حاجة لدراسة النصوص المنطقية بعيدا عما قاله الفارابي، اذ ان "كل ما كتبه....يفيض بالحكمة، و ... لقد كان مؤلفا ذو اراء صحيحة" (Marx 1934–1935, 379).) وبالتأكيد فإن اعمال الفارابي في المنطق ( وغير المنطق) قد اثرت في "المقالة في صناعة المنطق" التي تعزى عادة الى ابن ميمون والتي كتبت حوالي عام 1160 (انظر Brague 1996 لقد قام دافيدسون مؤخرا 2005، 313-322 بتحدي ملكية ابن ميمون لها): وقد تمت ترجمة هذا النص ثلاث مرات في القرنين الثالث عشر والرابع عشر منتشرا بذلك كما يبدو في اوساط القراء اليهود مع نهاية العصور الوسطى. وللحقيقة فإن كل اعماله تقريبا في المنطق إما انها ترجمت الى العبرية او على الاقل استخدمت بشكل واسع من قبل العديد من الفلاسفة اليهود في العصر الوسيط في الفترة ما بين القرنين 13-15. (among the others, by Samuel Ibn Tibbon in his Commentary on the Difficult Terms [Perush ha-millot ha-zarot]: Robinson 2009), مع ذلك فإن المدى الحقيقي لتأثيره على المنطق اليهودي لم يتم فحصه على كل مستوياته. وكما هو الحال مع العديد من الترجمات العبرية لملخصاته او "التعليقات القصيرة" حول Porphyry s Isagoge and Aristotle s Organon فمن المحتمل ان هناك خمس مجموعات من هذه الترجمات ( لا تغطي كل الملخصات) يمكن تعريفها : بعض الترجمات قد تمت بشكل مبكر جدا، حوالي قبل عام 1200. وهنالك ترجمات اخرى تنسب الى يهودي اسباني يدعى موسى بن لاغيس، وبعض اخر ترجمه بعض افراد عائلة ابن تيبون خلال القرن الثالث عشر حيث تم استخدامها مرارا ما بين القرنين 14-15 من قبل فلاسفة يهود (يهودا بن اسحق كوهين، ابراهام ابيغدور) وهناك ترجمات اخرى كمراجعات لنسخ عائلة تيبون والتي تمت قبل العام 1320 والتي هي معروفة بالتأكيد من قبل حزقيا بار حالفتا((see below, 7)). واخيرا هناك ترجمتان ( الوحيدة من ملخصات الفارابي لارسطو وهما علم البيان ونظم الشعر) اللتان قام بهما على ما يبدو تودروس تودروسي وهو مترجم للفلسفة عمل في ارلس حوالي عام 1330 ((about all these translations, see Zonta 1996, 189–193).) وهناك ترجمة للفارابي حول التصنيف قد تم اقتباسه والتعليق عليه بشكل خاص من قبل فيلسوف لا شهرة له يدعى سار شالوم، من المحتمل انه عمل في بروفينس حوالي عام 1300 ((Zonta 1997b, 523 كذلك هنالك بعض من "تعليقات الفارابي الطويلة " المسماة "التفسير" حول منطق ارسطو، التي فقدت هي الاخرى في اصلها العربي والتي أثرت بدورها على الفلاسفة اليهود. لقد تم حفظ "التعليقات الطويلة على التصنيفات" تقريبا بحسب الاقتباسات العديدة التي قام بها المؤلف اليهودي من العصر الوسيط المتأخر يهودا بن اسحق كوهين والتي طبعت مؤخرا ((Zonta 2006a) اما); the Long Commentary on De interpretatione, الموجودة بالعربية فقد تمت ترجمتها الى العبرية قبل عام 1334 (the text of its introduction in Hebrew is still extant: see Zonta 1996, 162) والتي يبدو انها اثرت ايضا في ليفي بن غرشون (Glasner 2002, 252–254) وكما اثبت جورجس فاجدا،(Vajda 1965 فقد كان ابن ميمون على معرفة، بل واستخدم ملخص الفارابي " حول الموضوعات" الكتاب الاول القسم11 كمصدر لاحدى القطع الواردة في "دلالة الحائرين" الجزء الثاني، القسم 25 والتي تعالج نقاشا ما بين مبدئين مختلفين لقدم العالم بحسب ارسطو وافلاطون. كذلك فقد كان على علم بل انه اعاد صياغة بعض القطع من اعمال اخرى في المنطق عند الفارابي ((the summary of De interpretatione, the Long Commentary on Prior Analytics: see Davidson 2005, 113–114).)
اما بالنسبة لكتاب الفارابي الاكثر شهرة "كتاب آراء اهل المدينة الفاضلة" فقد وجدت بعض الاقتباسات القصيرة منه في "رسالة الحديقة" لموسى ابن عزرا (Fenton 1976, 297) وفي عمل اسحق بن لطيف المذكور اعلاه ((Chiesa 1986, 80. اما الاستخدام الاكثر علاقة للنص كمصدر للميتافيزيقا واللاهوت فقد وجد في "كتاب الدرجات" لفلاقويرا وبشكل خاص في الكتاب العاشر من موسوعته "آراء الفلاسفة" حيث معالجته العامة لطبيعة الله خلطت ما بين اراء كل من الفارابي وابن رشد حول هذه المسألة ((Chiesa 1986, 81–84). . ويبدو ان "المدينة الفاضلة للفارابي قد تم تجاهلها من قبل معظم الفلاسفة اليهود في العصر الوسيط. وللحقيقة لم يقم موسى بن تيبون بترجمتها الى العبرية، لكنه فضل ترجمة " السياسة المدنية" للفارابي بدلا منها. Steinschneider 1893, 290-292 وهناك نص اخر معروف للفارابي اقتبسه فلاقويرا (Plessner 1956, 189-193) يقول باينس Pines مع ان العمل السابق للفارابي لم يتم اقتباسه بوضوح في "دلالة الحائرين" الا انه وبالتأكيد كان من ضمن مصادر نظرية بن ميمون حول الادوار المختلفة التي لعبها كل من الفيلسوف والنبي(see Moses Maimonides 1962, 1:lxxxvii-xcii اما فكرة الفارابي حول العلاقة ما بين الفلسفة والدين حيث يقبع السابق في مرتبة اعلى مع الاحترام للاحق كما ورد في "كتاب الحروف" و"كتاب الملة" فقد اثرت هذه الفكرة بقوة في ابن ميمون حول هذا الامر(see Berman 1974 واكثر من هذا، فقد تم استخدام "كتاب الحروف" لاحقا كمصدر عند فلاقويرا في معالجته للغويات في "بداية العلم" Zonta 2004, 127. ويرى دافيدسون أن ابن ميمون قد اقتبس بشكل جلي بل واستخدم "النظام السياسي" للفارابي تحت عنوان "الموجودات المتغيرة" وذلك لشرح مسألة قدم العالم في الجزء الثاني قسم 74 من "الدلالة"(Davidson 2005, 113. ومن الجدير ذكره ان الفلاسفة اليهود الاوروبيين الذين عاشوا ما بين القرنين 13-14 قد اظهروا اهتماما اكبر بأعمال الفارابي مثل "رسالة في العقل". وقد علا هذا الاهتمام ظاهريا عند ابن ميمون الذي اقتبس وعلق على بعض قطع هذا الكتاب فيما يتعلق بفكرة الفقهاء حول العقل البشري ودور العقل في "الدلالة" (see what has been written by Pines in Moses Maimonides 1962, 1:lxxxii-lxxxiii). يقول غاد فرويدنتال ان هناك على الاقل ثلاثة نصوص عربية للكتاب مترجمة للعبرية ( احدها لقالانيموس واثنين مجهولين) قد كتبت وقرأت، وهناك حالة واحدة على الاقل علق عليها في اوروبا الغربية ما بين الفترة 1150- 1320 Freudenthal 2003 .وعلاوة على ذلك فإن نظريات الفارابي (ان لم تكن مصادر مباشرة الى اعمال الفارابي) حول بعض المفاهيم الرئيسة الخاصة بالميتافيزيقا والفقه ( العلة الاولى، النبوة، الخ) كانت رائجة في اسبانيا.
1350 see Vajda 1962, 216-217, where these doctrines are found in Joseph Ibn Waqqar s work
اما بالنسبة للاخلاق عند الفارابي فإن الاثار الاولى لتأثيره حول الفرق ما بين الفلاسفة والمراتب المنخفضة للرجال قد وجدت عند ابراعام بار حيا Vajda 1938مع ذلك فإن تأكيد الفارابي كما ورد في تعليقه المفقود Nicomachean Ethicsعند ارسطو حول الكمال الاخلاقي عند البشر وعلاقته بالكمال العقلي فيبدو انه اثر في فكرة ابن ميمون حول الكمال كما وردت في الجزء الثالث قسم 18 من "دلالة الحائرين" Moses Maimonides 1962, 1:lxxix-lxxxii; Davidson 2005, 113 هناك اعمال اخرى للفارابي حول الاخلاق "رسالة في التنبيه على سبيل السعادة" و"فصول منتزعة" والتي ترجمت ايضا الى العبرية حوالي عام 1300 حيث اقتبسها بعض الفلاسفة اليهود: شيمطوب بن فلاقويرا Plessner 1956, 179-183 قالونيموس بن قالونيموس، يوسف بن عقنين Steinschneider 1893, 290-292
ويرى ياير شيفمان ان هناك عمل مفقود للفارابي حول الفيزياء "تعليقه الطويل على فيزياء ارسطو" قد تم اقتباسه ايضا وبشكل واضح من قبل فلاقويرا في كتابه "دليل لدليل (Moreh ha-Moreh وهو تعليق فلسفي على "الدلالة" لابن ميمون كتب عام 1280 Shem Tov Ibn Falaquera 2001, 234 وللحقيقة فإن قطعة منه حول الفروق الشكلية والمادية ما بين السماوات والنجوم قد تم اقتباسها بوضوح والتعليق عليها من قبل ابن ميمون نفسه في القسم 19 من الجزء الثاني من "الدلالة" see Moses Maimonides 1962, 2:239).
5) إبن سينا
يمكن القول ان السبب الرئيس وراء اهتمام العديد من الفلاسفة اليهود في العصر الوسيط بإبن سينا (980-1037) يكمن في اهتمام إبن سينا نفسه بالتوفيق ما بين فلسفة ارسطو والدين. وان اهتماما كهذا يعود الى التوجهات الخاصة لدى الفيلسوف نحو الاسلام، خصوصا الاسلام الشيعي، هذه التوجهات التي قام الفلاسفة اليهود المتأثرين بإبن سينا بتطبيقها بدون ادنى شك على اليهودية. ويبدو ان اولئك الفلاسفة نظروا الى ابن سينا كمدافع حقيقي عن الدين في مواجهة الفلسفة. وبالتالي فقد ربطوا ما بينه وبين الغزالي فيما يتعلق وهذه المسألة. وبهذه الطريقة تم امتصاص "اليهودية الابن سينية" رويدا رويدا من قبل ما يمكن تسميته "اليهودية الغزالية"، هادفين بذلك الدفاع عن اليهودية ضد "الرشدية" (انظر الى 6)
كان ابن سينا المصدر الرئيس لمبدأ هام كان قد انتشر ما بين العديد من الفلاسفة اليهود في الفترة ما بين القرنين 11-12، وهو ما اشار اليه هاري أ. ولفسون (Wolfson 1935) قائلا: بناء على هذا المبدأ يحتوي العقل البشري على خمسة احاسيس داخلية (احساس عام، تقدير، تخيل، فكر وذاكرة). وقد لوحظ هذا الامر لدى باهيا بن فاقودا. مع ذلك فربما كان قد اقتبسه من الفلسفة العربية او من مجموعة لاهوتية كانت قد تأثرت بإبن سينا. وبالطبع فإن استخداما عرضيا كهذا بإبن سينا كمصدر لاحدى النقاط الخاصة بالفكر الفلسفي اليهودي في العصر الوسيط يمكن ملاحظته في بحث يوسف بن صديق المسمى Book of the Microcosm وهو ما ذكره فاجدا في دراسته حول المصادر الفلسفية لهذا الكتاب. (see Vajda 1949, 180). وهناك حالة اكثر اهمية وهي ان المؤلف اليهودي الاسباني شائع الصيت يهودا اللاوي 1085-1141، حين دفاعه عن اليهودية ضد الاديان الاخرى من خلال كتابه الشهير المسمى بكتاب الخزر والمكتوب بالعربية- اليهودية وضد الفلسفة كذلك، كان قد استخدم وبشكل مميزعمل "رسالة في النفس" لابن سينا كمصدر حرفي ومباشر ولو بشكل ضمني اثناء وصفه للروح البشرية في الاقسام 2-12 من الكتاب الخامس، وهو ما اشار اليه بما لا يدع الشك ديفيد بانيث David H. Banethn (see his introduction to Judah Halevi 1977) . كذلك الهم كتاب ابن سينا الاكثر صوفية "حي بن يقظان" ابن عزرا حين كتب بالعبرية عملا حول نفس الموضوع أسماه Iggeret Hay ben Meqits اي "رسالة حي بن ميقتس" (حوالي عام 1150) وهو ما اشار اليه اسرائيل ليفين (see Levin 1983)
وعلى اية حال فقد ظهر تأثير فلسفة ابن سينا على الفكر اليهودي في العصر الوسيط بعد عام 1150. وكانت اول حالة ممن تأثروا بها ابراهام بن داود الذي عاش في توليدو ما بين 1110-1180 تقريبا. وهو ما يظهر من عمله المسمى "العقيدة الرفيعة" والتي فقد اصلها بالعربية-اليهودية، لكنه ظل محفوظا بترجمتيه بالعبرية اللتان تعودان للقرن 14 . فقد كان اليهودي الارسطي الاول لكنه وبالتأكيد استخدم كل من ابن سينا والغزالي. وتظهر اميرة ايران في دراستها المتأخرة، وبشكل خاص في كتابها حول محتويات عمل ابن داود(Eran 1998, 27), تأثير ابن سينا يظهر بشكل كبير في الكتاب الاول من "العقيدة الرفيعة" حيث يتعرض بالدراسة لهذه المفاهيم الفلسفية مثل تصنيفات، المادة والحركة، والارواح والاجسام السماوية. مع ذلك وحين يعالج هذه المفاهيم لا يرجع ابن داود بشكل مباشر الى محتويات الموسوعة الرئيسة لابن سينا المسماة "الشفاء". واكثر من هذا، اذ يعتقد بأن ابن داود يستخدم الغزالي كمصدر اساس له اثناء تشكيل "العقيدة الابن سينية" التي يتبعها بدلا من استخدام ابن سينا نفسه (see below, 6)تماما كما فعل العديد من الفلاسفة اليهود في العصر الوسيط بدء بموسى بن ميمون الذي كان ينظر الى ابن سينا ليس كمصدر فلسفي حقيقي وهام بشكل مباشر، مع ان صدى مبادئ ابن سينا حول التمييز ما بين الجوهر والوجود وما بين الضرورة والمصادفة، وكذلك اثباته المشهور لوجود الله يمكن رؤيته في "دلالة الحائرين" see Moses Maimonides 1962, 1:xciii-ciii), وهذا حكم واضح من قبل ابن ميمون على افكار ابن سينا التي ينظر اليها ببرود. (for a different interpretation of this judgement, see however Dobbs-Weinstein 2002). . ويؤكد ابن ميمون في رسالة له لصموئيل بن تيبون ان "كتب ابن سينا ومع انها دقيقة وصعبة الفهم، وبالتالي تختلف عن كتب الفرابي، الا انها مفيدة. بل يجب دراستها وفهمها ايضا. (Marx 1934-1935: 380).
لم يمنع حكم ابن ميمون الفاتر على ابن سينا الدارسين اليهود المتأخرين من دراسة اعماله واستخدامها كمصادر لفلسفاتهم. فحتى صموئيل بن تيبون مترجم كتاب "الدلالة" يرجع بشكل مباشر الى مبادئ ابن سينا وتأكيداته حول علم الارصاد الجوية سواء في ترجمته العبرية (وبضمنها بعض الملاحظات) لكتاب ارسطو "علم الارصاد الجوية" او كذلك في عمله المسمى "لتجتمع المياه"“Waters Did Gather” وهو ما يظهر عند رينيه فونتان في طبعته النقدية وفي الترجمة الانكليزية لهذا الكتاب. (Fontaine 1995). وكما يبدو فإن العديد من اعمال شيمطوب بن فلاقويرا هي اشبه "بحوض من الاقتباسات" فهو يرجع الى العديد من اعمال ابن سينا الفلسفية ويستخدمها كمصادر في شرحه لفكر كل من ابن ميمون وارسطو في "دلالة الحائرين" و"آراء الفلاسفة" وكذلك في اعمال اخرى ثانوية. ولقد اقتبس بشكل خاص بعض الفقرات من "الشفاء" حول الاجسام السماوية، علم المعادن، وعلم الحيوان، والميتافيزيقا. كما اقتبس العديد من الفقرات من "الخلاص" حول المنطق وعلم النفس. كما لخص محتويات "رسالة في الروح"، بل حتى اقتبس فقرات قصيرة من "الاشارات والتنبيهات" لابن سينا. واخيرا فقد كان ابن سينا على ما يظهر احد المصادر الرئيسة لمعجم فلاقويرا الفلسفي، الذي ثبته في بداية "آراء الفلاسفة" وكذلك في تصنيفاته الشخصية للعلوم في الجزء الثاني من "بداية الحكمة"(Zonta 2004, 128-129) . استمر تأثير ابن سينا على الفكر العلمي اليهودي لما بعد عام 1300، فمثلا يمكن ايجاد بعض من هذا التاثير في صياغة عبرية لعمل زائف منسوب الى ابن سينا قام به دارس يهودي من بروفينس يدعى سليمان بن موسى من Melgueil (d. between 1306 and 1309) (see Glasner 1996).
ويعتقد ان الحالة الاكثر اهمية بالنسبة "للابن سينية اليهودية" كانت قد ظهرت في القرن 14 في كل من بروفينس واسبانيا. وقد هدفت الى استخدام بعض مظاهر فلسفة ابن سينا من اجل الدفاع عن التقاليد الدينية اليهودية امام التقاليد الفلسفية الارسطية والتي مثلتها العقلانية الرشدية. وللحقيقة فإن بعض من اتباع "الابنسينية اليهودية" حاولوا الوصول الى توافق حقيقي ما بين الدين اليهودي والفلسفة. من ناحية ثانية هناك اخرون تأثروا بشكل معاكس كما حدث بالنسبة الى أبنير من بورغوسAbner of Burgos (see Zonta 1997a, 459-462).
اعلن يهودا بن سولومون ناتان وهو فيزيائي ومترجم من بروفينس عام 1330 بصراحة سبب اهتمامه بإبن سينا في مقدمة ترجمته لكتاب الغزالي "مقاصد الفلاسفة" حيث اكد على انه ترجم ذلك الكتاب لفائدته القصوى في مسألة التوافق ما بين التقاليد الدينية والفلسفة، كما انه وجد تطابقا جوهريا ما بين ذلك الكتاب وبعض اجزاء من كتاب "الشفاء" لابن سينا حول الفيزياء والميتافيزيقا، كما جاء كذلك في كتاب ابن سينا "الخلاص"(see Zonta 1997a, 459).. هذا وقد تم استخدام ترجمة يهودا ناتان من قبل صديقه تودروس تودروسي في ترجمته لعمل ابن سينا "عيون المسائل"، حيث اكد في مقدمته لهذا الكتاب انه وجد هناك نفس الرأي الذي عبر عنه الغزالي في الكتاب المذكور اعلاه. هنا وفي الانطولوجيا الفلسفية (تعود الى 1334) يقتبس تودروس بعض فقرات من ابن سينا حول المسائل المنطقية والفيزيائية والميتافيزيقية. فقد اخذها من الاقسام المنطقية من "الشفاء" (كذلك اقتبس قطعة حول الحركة المطلقة من الكتاب الثالث الجزء الثامن من القسم الفيزيائي لهذا الكتاب)، ومن "الاشارات والتنبيهات" لابن سينا. واخيرا فقد كان تودروس مؤلفا عبريا مميزا من العصر الوسيط حيث قام بوضع ترجمة كاملة تقريبا لاحد اعمال ابن سينا الفلسفية: الكتاب الثاني والثالث من "الخلاص" حول الفيزياء والميتافيزيقا(Zonta 1997b, 529, 565-575).. وهناك مؤلفان يهوديان من بروفينس استخدما ابن سينا هما يهودا كوهين الذي عاش في بروفينس حوالي عام 1350 والذي يظهر انه تأثر بكتاب ابن سينا "رسالة في العشق"(Vajda 1977, 136); ، وكذلك الفيلسوف اليهودي المشهور الذي علق على ابن رشد والمدعو موسى ناربوني الذي عاش هناك ما بين عامي 1300-1360 حيث اقتبس بعض القطع من "الشفاء" و"الخلاص" في تعليقه "الرشدي" على "مقاصد الفلاسفة"(Steinschneider 1893, 318). .
في القرنين 13 و14 في اسبانيا، كانت ميتافيزيقا ابن سينا المصدر الرئيس عند موسى اللاوي في مقالته الميتافيزيقية "مقالة الاحياء" التي يعتقد انها كتبت بالعربية-اليهودية ماقبل عام 1300 والتي درسها فاجدا بالتفصيل see Vajda 1948) . كذلك ابنير من بورغوس (1270-1350) فكلاهما قبل وبعد اعتناقهما للمسيحية يظهر انهما استخدما ابن سينا من اجل مذهب الحتمية وضد ابن رشد (يبدو انه نقل بعض من القسم الميتافيزيقي المفقود لابن سينا المسمى "الحكمة المشرقية") كذلك يوسف بن وقار في عمله " المقالة الجامعة بين الفلسفة والشريعة" المكتوب بالعربية-اليهودية حوالي عام 1360 والتي قام فاجدا بتحليلها، حتى انه حاول مصالحة ابن رشد وابن سينا والغزالي في احد اصعب الحقول وهو الميتافيزيقا (Vajda 1962, 132). وبطريقة مباشرة ومختلفة يعتقد بأن حلقة الافلاطونيين الجدد من المؤلفين اليهود اصحاب التعليقات العبرية اللامعة على التعليقات التوراتية لابراهام بن عزرا الذي عاش في اسبانيا في النصف الثاني من القرن 14 وفي بروفينس في العقد الاول من القرن 15 استخدموا افكار ابن سينا للدفاع عن مبدأ الحتمية الوهمية astral determinism (see Schwartz 1996 . كذلك ما زال فكر ابن سينا يؤثر بشكل مباشر على بعض من مظاهر فلسفة حسداي كريسكاس(see below, 6). . وكما يرى دوف شفارتس، فإن الدور الذي لعبه ابن سينا في التاثير على بعض المستويات في القرن 14 وكذلك15 في الفكر اليهودي الذي كان اوسع انتشارا أكبر من دور ابن رشد الذي كان ينظر اليه حتى الان كأحد اهم "معلم" في الفلسفة اليهودية للعصر الوسيط المتأخر بعد موسى بن ميمون. (Schwartz 1995, 420).
6) الغزالي
مما تجدر ملاحظته ان هناك اشارات تتعلق بالممثل الرئيس للفقه العربي-الاسلامي السني الا وهو الغزالي (105-1111)، تفيد بأنه قد مارس تأثيرا هاما على بعض من مظاهر الفلسفة والفكر اليهوديين في العصر الوسيط. ومع ان هذه الحقيقة لم تتم دراستها او شرحها بشكل منظم من قبل الدارسين، الا انه لا يمكن اهمالها بسهولة. وعلاوة على ذلك ففي القرن 14 كان هناك كما يبدو نوعا من "الغزالية اليهودية" والتي ارتكزت على اعمال الغزالي (الفلسفية والفقهية)، وبالتالي فالعديد من مستويات فكره كمفكر اسلامي نموذجي قد تم استخدامها بإهتمام للدفاع عن بعض القضايا المشابهة في التقليد الديني اليهودي.
ظهرت العلامات الاولى لتاثير الغزالي على الفكر اليهودي بشكل مبكر، حوالي عام 1160، عندما استخدم ابراهام بن داود عمله الفلسفي الرئيس "مقاصد الفلاسفة" كأحد المصادر الرئيسة غير المعروفة لعمله "العقيدة الرفيعة" Exalted Faith (see Eran 1998, 27). . فلقد اثر عمل الغزالي بشكل هام ليس فقط على محتويات الكتاب الاول من "العقيدة الرفيعة" حول بعض مستويات الفلسفة الارسطية (منطق، فيزياء وميتافيزيقا)، ولكن ايضا على الكتاب الثاني حول اللاهوت (عدم تجسد الله، الوحدة، والصفات، وكذلك الخلق الالهي، والنبوة، والعناية الالهية). ومن الممكن ان يكون الغزالي قد مارس تأثيرا مشابها على موسى بن ميمون ايضا، وبشكل خاص على فكره الفلسفي. وللحقيقة، لا توجد هناك اية دلائل مباشرة وواضحة للغزالي سواء في "دلالة الحائرين" او في رسالة ابن ميمون المذكورة اعلاه لصموئيل بن تيبون تدل على هذا الامر وانما بعض الاشارات لمبادئ ابن سينا في بعض اعمال ابن ميمون (في الدلالة واعمال اخرى) والتي يمكن تفسيرها كنتيجة لتأثير ابن سينا والغزالي خصوصا "مقاصد الفلاسفة"، كما اشار الى ذلك هربرت ديفيدسون ودارسين اخرين(Davidson 2005, 104; see also Pines 1971, 958; for a particular case-study, see Eran 2001) . وقد اكد ديفيدسون بشكل خاص انه "في الحقيقة فكل ما نسبه ابن ميمون من ميتافيزيقا الى ارسطو مستمد بالتأكيد من ابن سينا إذ كان على علم به من خلال الغزالي" فهو يقول ان هناك تشابها مذهلا حتى في بعض نقاط صياغة التعابير، ما بين ابن ميمون والغزالي حول هذه النقاط. (Davidson 2004, 732; see also Davidson 2005, 115).
لقد ظهرت في كل من اسبانيا وبروفينس اثباتات واضحة ومباشرة تتعلق بتأثير الغزالي على الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط منذ العام 1270 وما بعد ذلك. وقد لوحظت الحالة الاولى عند شيمطوب ابن فلاقويرا في كتاب "الدرجات" اذ هناك قطعتان قد اخذتا بالتأكيد من "مقاصد الفلاسفة"(Chiesa 1986, 86). . اما الحالة الثانية والتي تعتبر اكثر اهمية فهي المتعلقة بإسحق البلاغ Albalag وهو فيلسوف يهودي من كاتالونيا او من بروفينس الذي قام بترجمة العمل الى العبرية لاول مرة، ثم قام بالتعليق عليه من خلال عمله "تصحيح الاراء"(Tiqqun ha-de‘ot), الذي كتب في نهاية القرن 13. وكما يظهر من فاجدا الذي نشر نسخة نقدية لتعليقات البلاغ ودرس محتوياتها الفلسفية بالتفصيل Vajda 1960, Yishaq Albalag 1973), لم يستخدم الغزالي للدفاع عنه، وانما لنقده : وعلى عكس الغزالي يبدو ان البلاغ قد تبنى مبدأ الوجود في حقيقتيه الفلسفية (وهي محفوظة للحكماء والفلاسفة المجربين) والدينية (وهي محفوظة للعوام).
وبعد البلاغ في النصف الاول من القرن 14 تمت ترجمة "المقاصد" للغزالي وذلك لدحض "المتفلسفين"(in Hebrew, mitfalsefim), اي ابن رشد(see above, 5); من قبل مترجم مجهول، من المحتمل انه يشبه موسى ناربوني او انه اشتغل معه. وللحقيقة فقد علق ناربوني على "المقاصد" بطريقة رشدية مختلفة تماما (Zonta 1997a, 127; see Steinschneider 1893, 311-319) . وهناك اثباتات اخرى حول التاثير المباشر لاعمال الغزالي الفلسفية في القرن 14 على الفكر اليهودي كان قد عثر عليها عند بعض المؤلفين الاسبان الذين عاشوا بعد عام 1350. فعلى سبيل المثال الموسوعة الفلسفية لموسى بن يهودا المسماة " محبة بمسرة"(Ahavah ba-ta‘anugim), . التي كتبت عام 1354(Eisenmann 2000). . وفي اسبانيا في القرن 15 وحتى بعد ذلك، تمت كتابة الكثير من التعليقات معظمها حول القسم الميتافيزيقي من "المقاصد" قام بها بعض الفلاسفة مثل (اسحق بن شيمطوب، ايلي هابيلو، موسى الموسنينو ومؤلفون اخرون مجهولون)، وقد اشار اليهم ستينشنايدر (Steinschneider 1893, 320-325) لكن ما زالت هناك حاجة لدراسة اعمق في هذا المضمار. ويبدو ان هذا الاستخدام الواسع لاعمال الغزالي كمصدر فلسفي قد تم تفسيره على انه طريقة اسهل للوصول الى معرفة المحتويات العامة للمنطق الارسطي وكذلك الفيزياء والميتافيزيقا (see Harvey 2001).
مع ذلك فإن "المقاصد" للغزالي لم يكن العمل الوحيد المعروف والذي استخدم كمصدر من قبل المؤلفين اليهود في العصر الوسيط المتأخر. اذ انهم وبالتأكيد كانوا قد تأثروا بعملين فلسفيين اخرين للغزالي حول المنطق هما "معيار العلم" و"محك النظر". وقد تم الاقتباس من كليهما من قبل تودروس تودروسي في عمله الانطولوجي الفلسفي(Zonta 1997b, 566-575), كما ان من المحتمل ان يكون الكتاب الاول قد ترجم الى العبرية قبل نهاية القرن 15 وبالتأكيد فقد استخدم كمصدر من قبل اثنين من الفلاسفة اليهود هما زرحايا حن Zerahyah Hen(عاش في روما ما بين 1277-1290)، وموسى ناربوني. ومن المؤكد ان بعضا من هؤلاء المؤلفين كانوا قد عاشوا في المناطق الشمالية من اسبانيا، حيث عرفوا واستخدموا بعضا من اعمال الغزالي الاخلاقية وحتى الفقهية(see Steinschneider 1893, 328-330, 342-347): بدوره ترجم ابراهام بن حسداي من برشلونة "ميزان الاعمال" ما بين 1210-1290، و"مشكاة الانوار" الذي ترجم مرتين في القرن 14، و"تهافت الفلاسفة" الذي ترجمه زرحايا اللاوي صلاح الدين Zerahyah ha-Levi Saladin (about Zerahyah s introduction to his translation, see Zonta 1997a, 129-130) الذي يعتقد بأنه كان عضوا في حلقة حسداي كريسكاس في كاتالونيا والذي يبدو انه استخدم عمل الغزالي كأحد المصادر غير المعلن عنها في عمله الشهير "ضياء الرب"(Or Adonai), وهو نقد عميق لبعض النقاط الرئيسة في فلسفة ارسطو. . (However, this hypothesis has been criticized by Harry A. Wolfson: see Wolfson 1929a, 11-16.)
7) ابن باجة
هناك العديد من الاعمال الفلسفية التي الفها الفيلسوف العربي- الاسلامي الاندلسي ابو بكر ابن باجة (d. 1138), وهو المعروف عند الفلاسفة اليهود "بابن الصائغ"، حيث عرفوه واستخدموا مؤلفاته.
اما اول اولئك الفلاسفة الذين صرحوا بتأثرهم بإن باجة فهو يهودا اللاوي ذائع الصيت: ويظهر ذلك شلومو باينس (see Pines 1980, 210-217), في القسم الاول من الكتاب الاول من "كتاب الخزر"، حيث لا يعكس ذلك الكتاب اثر فلسفة ابن سينا (as in another place of his work: see above, 5) ، وانما يعكس بدل ذلك ابن باجة، وهو ما يورده في "رسالة الاتصال" حيث يقدم تلخيصا لافكاره الاساسية حول الله والعالم. ويولي موسى بن ميمون تقديرا كبيرا لابن باجة حيث يؤكد قائلا " لقد كان فيلسوفا عظيما وحكيما، اما اعماله فكلها صحيحة وصائبة" كما كال له المديح بصفته شارحا لارسطو ايضا (Marx 1934-1935, 379). ومن المؤكد انه تأثر بفكر ابن باجة. ففي "دلالة الحائرين" يرجع بكل وضوح الى العديد من افكاره العلمية والفلسفية، كما يؤكد تأثره بمبادئ ابن باجة بشكل خاص حول وجود عقل واحد فقط بعد الموت، واحتمال الربط ما بين الانسان والعقل الفاعل، وانقسام الرجال الى ثلاثة اقسام ( وذلك بناء على درجة المعرفة لدى كل منهم حول الحقائق العليا)، وكذلك فكرة النبي كرجل كامل ومتفرد، وهذا ما يعكس تأثره بعمل ابن باجة المشهور "تدبير المتوحد". وعلاوة على ذلك فقد عرف ابن ميمون ايضا فرضيات ابن باجة بأن الله هو روح الجسد السماوي الذي يحتوي كل ما يحيط بالارض(see Pines observations in Moses Maimonides 1963, 1:ciii-cvii; about Maimonides knowledge of Ibn Bajja s doctrines, see also Davidson 2005, 114-115). .
يمكن ملاحظة الفكرة الاخيرة في تعليق ابن ميمون على ابن باجة حول فيزياء ارسطو، وهو عمل يبدو انه كان معروفا جيدا من قبل الفلاسفة اليهود في العصر الوسيط المتأخر، مثل شيمطوب بن فالاقويرا. وكما يتضح من شيسا وياير شيفمان(Chiesa 1986, 85-86; Shem Tov Ibn Falaquera 2001, 156-157, 180, 207, 221-223, 265-266, 277, 318, 323-328, 331-332), في التعليق على "الدلالة" لابن ميمون بأنه اقتبس بشكل حرفي احيانا وعلق بإختصار على عدد من الصفحات التي اخذت من اعمال مختلفة لابن باجة، مثل "تدبير المتوحد"، بل اكثر من ذلك ايضا، اي "رسالة الوداع" ، واعمال اخرى اقل شهرة كالتعليق المذكور سالفا حول "الفيزياء" كذلك التعليق على De anima; لارسطو ، ويمكن ايجاد بعض من هذه الاقتباسات في عمل فالاقويرا "كتاب الدرجات".
لقد لوحظ ان هنالك اهتمام جدي بالفكر الفلسفي لابن باجة لدى ثلاثة من الفلاسفة اليهود الذين عاشوا في النصف الاول من القرن 14 وهم: حزقيا بار هلفتا، ودافيد بن بيليا، وموسى ناربوني. اما حزقيا بار هلفتا المدعو بونينفانت دي ميلاو وهو فيلسوف من يهود بروفينس، فقد كتب تعليقا عام 1320 الى بيتروس هيسبانوس Petrus Hispanus Summulae,، حيث اقتبس العديد من القطع من تعليق ابن باجة على ملخصات الفاربي على Porphyry s Isagogeومصنفات ارسطو وعلى De interpretation وهو موجود ومعلق عليه: وقد كانت هذه هي الحالة الاولى والمتميزة لتاثير ابن باجة كمنطقي وشارح للفارابي حول يهود العصر الوسيط للمنطق(Zonta 1997b, 576-583) . اما دافيد بن بيليا وهو يهودي برتغالي عمل في الفترة ما بين 1320-1340 فقد كلف حايم بن فيفاز بترجمة "رسالة الوداع". وقد كتب ملاحظات على الهامش حول بعض النقاط(see Steinschneider 1893, 358-359). . اما موسى ناربوني فقد علق هو ايضا على "الرسالة"(see Hayoun 1990a; critical edition in Hayoun 1990b); . وعلاوة على ذلك فقد كلف (او كتب بنفسه) وعلق على المجموعة العبرية حول كتاب ابن باجة "التدبير"(critical edition in Hayoun 1987). . وقد يكون النهج الايجابي لناربوني حول هذا الفيلسوف العربي-الاسلامي، هو نتيجة لتأكيدات ابن ميمون حول ابن باجة. فناربوني كان معروفا كرشدي(see below, 9), . لكن يبدو انه حاول ان يبحث عند ابن باجة على شيء من التوافق مع الفكر الفلسفي لابن رشد.
8) ابن طفيل
اثر كتاب "حي بن يقظان" الذئع الصيت للفيلسوف العربي-الاسلامي الاندلسي إبن طفيل (d. 1185), بشكل محدود على الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط. فمثلا يؤكد باينس بأنه " لايوجد اي دليل على ان ابن ميمون قد تأثر بأية طريقة كانت بقصة ابن طفيل الفلسفية هذه. هذا على الرغم من اننا لا نستطيع ان ننفي تأثيره (Moses Maimonides 1963, 1:cviii; see also Davidson 2005, 115-116).
اما الحالة الرئيسة من بين الحالات القليلة للتأثير المباشر من قبل ابن طفيل على الفكر اليهودي في العصر الوسيط، فهي الترجمة العبرية المجهولة لعمله التي تحمل عنوان "رسالة حيوان بن يقظان" Iggeret Hayawan ben Yaqtsan التي علق عليها موسى ناربوني. ذلك التعليق (apparently, the only extant one on this text) الذي كتب عام 1349 والذي طبعه موريس- روبين هايون مؤخرا Hayoun 2002).) وقد حمل تعليق ناربوني اسم"رسالة الاقتران"(Iggeret ha-devequt), . ويظهر ان ناربوني قد علق على هذا النص بشكل خاص سعيا منه لان يجد فيه تاكيدا قويا للمبدأ المشهور حول الاقتران ما بين الانسان والعقل الفاعل. وللحقيقة فمثلما حدث لاعمال ابن باجة الفلسفية فقد يكون ناربوني هو نفسه مترجم هذا العمل من العربية الى العبرية، او انه اوكل هذه المهمة لاحد اعضاء "فريقه". اما شرح ناربوني لعمل ابن طفيل فقد اثر على العديد من الفلاسفة اليهود في العصر الوسيط، خصوصا في اسبانيا وايطاليا الذين كانوا على معرفة بإبن رشد بل كانوا مرتبطين بالرشدية بشكل كبير(see Steinschneider 1893, 366-368): Joseph Ibn Shem Tov (living around 1450), مثل ابراهام بيباغو(d. 1489), واسحق اراما واسحق ابرافانيل(1437-1508), ويوحنان اليمانو (الذي عاش في النصف الثاني من القرن15). أخيرا فمن الجدير ذكره ان اعمال ابن طفيل ( ليس حي بن يقظان فقط ، وانما ايضا بعض الاعمال الثانوية والتي يبدو ان نصوصها العربية قد فقدت) قد ظهرت ضمن الاعمال الرئيسة للمثال النموذجي "لليهودية الابنسينية" في القرن 14 وهي "رسالة في التوافق ما بين الفلسفة والشريعة" ليوسف بن وراق. Treatise for Reconciling Philosophy and Religious Law (see Vajda 1962, 128, 132)
9) إبن رشد وبعض من اتباعه
كان اليهود في العصور الوسطى المتأخرة عادة ما ينظرون الى ابن رشد (1126-1198) على انه "المعلم" الرئيس في الفلسفة الاسلامية ، مع ذلك كان هناك من يشاركه هذا اللقب وهما ابن سينا والغزالي. فلقد تمت ترجمة كل اعماله الفلسفية تقريبا من العربية الى العبرية في الفترة ما بين 1230-1330 واحيانا اكثر من مرة (احداها فقط تمت ترجمتها فيما بعد من اللاتينية الى العبرية حوالي عام 1480) وقد تم اقتباس وتلخيص كل تلك الاعمال، واعادة صياغتها والتعليق عليها، من قبل العديد من الفلاسفة خلال القرنين 14 و15. وللحقيقة فإن بعضا من تلك الاعمال قد تم الحفاظ عليها من قبل ترجماتها فقط، حيث كانت اصولها العربية قد فقدت، كذلك فلقد لاقت هذه المؤلفات اصداء وتأثيرا واسعين ما بين الفلاسفة اليهود اكبر مما لاقته لدى المفكرين العرب، كما ان تأثيرها في اوساط المسيحيين اللاتين يساوي تأثيرها لدى اليهود. من ناحية اخرى، لم تتم كتابة تاريخ "الرشدية اليهودية" (for a very general sketch of it, see Zonta 1997a, 463-474) وبالتالي فإن معظم المعلومات حولها يمكن ايجادها في كتاب ستاينشنايدر حول الترجمات اليهودية في العصر الوسيط(Steinschneider 1893, 49-339).
من جانبه اطلق ابن ميمون العنان لهذا المنهج اليهودي من خلال تأكيده في رسالة بعثها الى صاموئيل بن تيبون قائلا:"انتبه الا تقرأ كتب ارسطو دون التعليقات المصاحبة لها التي وضعها كل من الكسندر (من افروديسياس) وثميستيوس، وتعليقات ابن رشد(Marx 1934-1935, 378).. وهنالك بعض الدلائل التي تشير الى حقيقة ان ابن ميمون كان على وفاق مع ابن رشد حول بعض النقاط الرئيسة الخاصة بمبادئهما خصوصا في حقول الميتافيزيقا واللاهوت. مع ذلك فقد كان ابن ميمون قد اعلن بصراحة في رسالة بعثها الى احد مريديه وهو يوسف بن يهودا حين انهى بعض من اجزاء "الدلالة" تفيد بأنه تلقى نسخة من معظم تعليقات ابن رشد حول ارسطو، لكنه لم يقرئها (حول العلاقة ما بين ابن ميمون وابن رشد(about the relationship between Maimonides and Averroes, see Pines observations in Moses Maimonides 1963, 1:cviii-cxxi).
وللحقيقة، لا يوجد اي اثبات مادي واكيد حول تأثير ابن رشد على الفكر الفلسفي لابن ميمون، لكن هذا لا يعني ان يكون ابن ميمون ليس على علم حقيقي بفلسفة ابن رشد. وعلى كل حال فقد شق ابن ميمون الطريق امام نوع من التبني اليهودي لابن رشد كشارح لارسطو من وجهة نظر "يهودية" غير رسمية. وبهذا الصدد يمكن فحص هذا الامر لدى الكثيرون من اتباع ابن ميمون من يهود اوروبا الغربية (في اسبانيا وبروفينس وايطاليا ما بين القرنين 13 و15) الذين يبدو انهم كانوا يرجعون الى ما ذكر اعلاه من كلام كنوع من تبرير استخدامهم لتعليقات ابن رشد حين قراءتهم وشرحهم لاعمال ارسطو. وللاهمية نقول بأنهم لم يستخدموا عادة لا الكسندر ولا ثميستيوس اللذين وضعا التعليقات التي اوصى بها ابن ميمون. اما اختيارهم لابن رشد بشكل خاص فإما بسبب المثال الذي قدمه المعلقون المسيحيون اللاتين المعاصرون، او بسبب سهولة توفر تعليقاته في اسبانيا ( حيث كتبت وانتشرت اثناء حياة ابن رشد) وكذلك تعليقات الفارابي وابن سينا وابن باجة، او بسبب فائدتها التعليمية من اجل معرفة التفاصيل حول عبارات ارسطو وآراء كل المعلقين اليونانيين والعرب الذين استشهد بهم ارسطو وشرح عنهم في اعماله. ويؤكد شيمطوب بن فالاقويرا في مقدمته لكتابه "آراء الفلاسفة" (هناك تعليق مفصل حول فيزياء وميتافيزيقا ارسطو) قائلا:"ان كل ما كتبته هنا مطابق لعبارات ارسطو كما علق عليها الحكيم ابن رشد. لقد كان آخر المعلقين (على ارسطو) جامعا زبدة اعمال المعلقين السابقين، وكذلك عبارات ارسطو"(see Zonta 1996, 158). . وهناك دور اساس يتعلق بنقل مباشر لفلسفة ابن رشد الى الفلاسفة اليهود كانت قد لعبته بشكل واضح ترجمات اعماله من العربية الى العبرية، من ضمنها تعليقات ابن رشد المتنوعة على نصوص ارسطو(see Tamani and Zonta 1997, 29-49). . هذه الترجمات شملت عددا من الدارسين مثل يعقوب اناتولي ، موسى بن تيبون، سولومون بن ايوب، شيمطوب بن اسحق من تورتوزا، زرحايا حن، جاكوب بن ماخير، قالونيموس بن قالونيموس، صاموئيل من مرسيليا، موسى من سالون، تادروس تادروسي، الكسندرمن افروديسياس وغيرهم
ولقد تم اقتباس كل الاعمال المذكورة سابقا تقريبا والتعليق عليها من قبل العديد من الفلاسفة اليهود في الفترة مابين القرنين 14 و15. وقد كان يتم اخذ قطع بكاملها احيانا من التعليقات على ارسطو وهي التي وجد منها في موسوعة يهودا سولومون الكوهين المسماة "تاويل الحكمة Midrash ha-hokhmah"" المكتوبة بالعربية اليهودية والتي ترجمت الى العبرية في الفترة ما بين 1235-1247(Fontaine 2000), وكذلك في عمل فالاقويرا المسمى "آراء الفلاسفة"(Harvey 2000). مع ذلك فقد انتشر تأثير هذه التعليقات في بروفينس في النصف الاول من القرن 14، عندما وضعت بعض التعليقات الفذة supercommentaries. اما الفيلسوف والعالم اليهودي الشهير لاوي بن غيرشوم(Gersonides, 1288-1344), الذي عاش في افيغنون واماكن اخرى من بروفينس بعد 1310 فقد كتب سلسلة من التعليقات الفذة على تعليقات ابن رشد في الفترة ما بين 1320-1324. وكان بعض من تلامذته (س.اللاوي، بورفاش، سولومون من اورغول فيتال) وكذلك الفيلسوف اليهودي يداعيا هافنيني من بيزيريس (1280-1340 تقريبا). وبالنظر الى المنهج النقدي والتجديدي لابن غيرشوم في دراسة ارسطية ابن رشد يعتبر هذا الرجل وبكل تأكيد، رائدا في شرح فلسفة ابن رشد، رغم انه ليس الوحيد في هذا المضمار، اذ هنالك منهجا اكثر اخلاصا في شرح ابن رشد وجد لدى موسى ناربوني الذي كتب العديد من التعليقات والتي لم تزل غير منشورة على كتب ابن رشد (لا ينحصر الامر في التعليقات الفذة على تعليقاته الارسطية، وانما تعليقاته على بعض اخر من نصوص ابن رشد الفلسفية) وهذا ما ادى الى النظر اليه على انه الشارح الامثل للارسطية. فقد اكد انه لا حاجة للتحقق من تعاليم ارسطو وذلك لكونها صحيحة وهو ما اكده ابن رشد بقوله ان لارسطو الكلمة الاولى في كل شيء. (see Zonta 1997a, 472).
استمر التطابق ما بين الرشدية اليهودية وما بين شرح ابن رشد لاعمال ارسطو في كل من اسبانيا وايطاليا الى نهاية القرن 5. وهو ما وجدت دلائله في التعليقات الفلسفية الفذة على ابن رشد بعنوان " التعليقات المتوسطة" حول "التحليلات اللاحقة" و"الميتافيزيقا"الكتوبة عام 1450 من قبل اليهودي ابراهام بيباغو من اراغون، كذلك في اعمال احد من ابناء عائلة من الفلاسفة اليهود الاسبان ويدعى يوسف بن شيمطوب الذي عاش في الفترة ما بين 1470-1490 وكتب سلسلة من التعليقات الفذة حول تعليقات ابن رشد على "فيزياء" ارسطو(Wolfson 1929b). حيث يمكن ملاحظة اثار لهذه التعليقات لدى ايليا ديلميديغو (1460-1493) الذي اعتبر ابن رشد كأفضل فيلسوف بعد ارسطو والكسندر من افرودايتيس(Zonta 1997a, 474). مع ذلك، يبدو في بعض الحالات ان هذا النمط من الارسطية قد اثر بشكل عجيب في بعض من الاتجاهات السكولاستية اللاتينية مثل التوماسية Thomismوالرشدية اللاتينية. ويمكن لهذا ان يكون قد حدث بالنسبة لتعليقات فذة عبرية مجهولة حول "التعليق الاوسط" على ابن رشد حول Nicomachean Ethics والذي يبدو انه كتب في اسبانيا (ليس في بروفينيس كما يقول بيرمان) حوالي عام 1440(Zonta 2006c, 17-18), . كذلك في اعمال كتبها مؤلف ايطالي في القرن 15 يدعى يهودا ميسير ليون (1425-1498 تقريبا) حول الكتابين الاول والثالث من "فيزياء" ارسطو مستندا بشكل واضح على تعليقات ابن رشد "المتوسطة" و"الطويلة" حول ارسطو، ولكن مستخدمة الكثير سواء مباشرة او غير مباشرة من المصادر السكولاستية(see Zonta 2006c, 214-217). . وفي حالات اخرى فإن بعض الفلاسفة اليهود الاسبان من القرن 15 هاجموا الرشدية بشكل جلي مدعين انها توجه قديم الطراز، منهم ايلي هابيلو الذي قال هذا عام 1470 في مقدمة ترجمته لمسائل حول "ميتافيزيقا" ارسطو لانطونيوس اندرياس.
أخيرا فمن الجدير القول انه حتى بعض اعمال ابن رشد "الدينية" قد ترجمت الى العبرية واستخدمت كمصادر من قبل بعض الفلاسفة اليهود مثل (فصل المقال، وكشف في مناهج الادلة في عقائد الملة) وكل هذه الاعمال قد الهمت فالاقويرا في تعليقاته على "الدلالة" لابن ميمون، كذلك دفاعه عن الفلسفة في عمله "رسالة في الجدل من اجل شرح التوافق ما بين الشريعة والعلم (Iggeret ha-wikkuah be-ve ur ha-haskamah asher beyn ha-Torah we-ha-hokhmah; critical edition: Harvey 1987);. مع ذلك لم يكن لهذه الحالة تأثيا ملحوظا على الفلسفة اليهودية في العصر الوسيط المتأخر.
10) فخر الدين الرازي وشهاب الدين السهروردي
قدم اثنان من المؤلفين الاسلامين فيما يتعلق بالطرق المختلفة للابن سينية الاسلامية، هما فخر الدين الرازي (d. 1210) وشهاب الدين السهروردي(1155-1191), اثباتا على انهما اثرا على بعض من الفلاسفة اليهود في كل من اوروبا والشرق الادنى.
اما فخر الدين الرازي فيعتبر تابعا مخلصا لابن سينا ومعلقا عليه كشارح لارسطو. وقد ذكره واستخدم اعماله بشكل جلي كمرجع ثلاثة من المؤلفين "اليهود الابنسينيين" في القرن 14 (see above, 5). . فقد ذكر يهودا بن سولومون ناتان " المباحث المشرقية" للرازي كأحد مراجعه في مقدمة لترجمته لكتاب الغزالي "مقاصد الفلاسفة"(see Zonta 1997a, 459). اما تودروس تودروسي فقد وضع بعض القطع من نفس العمل الذي ترجمه شخصيا من العربية الى العبرية في هامش ترجمته لعمل الفارابي المزيف "مصادر الاسئلة The Sources of Questions" وهي تعريف الرازي لمفهوم"إشعار notification"تعريف" وdefinition وقطعة ميتافيزيقية حول شرحه "الابنسيني" لسلسلة من نظريات العقلاء من العقل الاول، والذي قارنه تودروس بقطعة مشابهة اخذت من "الخلاص" لابن سينا. وعلاوة على ذلك يذكر تودروس في انطولوجيته الفلسفية قطع اخرى حول المنطق زعم انها اخذت من الرازي والتي لم يتم التعرف عليها(see Zonta 1997b, 567-573). . اخيرا اقتبس يوسف بن وقار بشكل جلي قطعتين من تعليق الرازي على "الاشارات والتنبيهات" و"لبب الاشارات" لابن سينا(see Vajda 1962, 125-126).
وبالنسبة للسهروردي وهو احد "المتصوفة" المسلمين واحد شراح ابن سينا. فيبدو انه تأثر ببعض الافكار الفلسفية الواردة في "كتاب حول وجهة نظر Book About the Point of View"لابو البركات، خصوصا فكرته حول الملائكة (see Pines 1979, 254-255), والتي تم اقتباسها بوضوح من قبل داود بن يشوع بن ميمون(see Fenton 1984, 36-37).
11) المؤلفون العرب المسيحيون
قدم بعض من الفلاسفة العرب الذين نشطوا ما بين القرنين 9 و 10 اثباتات على انهم اثروا على الفكر اليهودي في العصر الوسيط. كان اولهم عبد المسيح بن نعيمة الحمصي، الذي تعاون مع الكندي. فعمله الفلسفي العربي الشهير "النسخة الاقصر للاهوت ارسطو" “shorter version” of the Theology of Aristotle (اعادة العمل على اجزاء من الكتاب الرابع والخامس والسادس من Plotinus Enneads) وكذلك نصوص اخرى مرتبطة به(the Sayings of the Greek Sage, the De causis and pseudo-Empedocles Book of the Five Substances,) والتي يمكن انه اثر بشكل مباشر على سولومون بن غابيرول كما يقول جاك شلينغر(see Schlanger 1968, 52-109) وعلاوة على ذلك "النسخة المطولة" من "لاهوت ارسطو" والتي يبدو ان احد الدارسين كتبها بالعربية اليهودية في مصر ما بين القرنين 10-11 . وقد تم اقتباسها كما يبدو من قبل شيمطوب بن فالاقويرا(Langermann 1999), الذي بأي حال من الاحوال كان قد عرف واستخدم ايضا "النسخة الاقصر منها"(Fenton 1992), والتي ترجمها الى العبرية موزيس اروفاس في القرن 16(about this translation, now lost, see Fenton 1986). كتب فالاقويرا ايضا ملخصا لعمل بعنوان "كتاب المواد الخمس Book of the Five Substances (edited in Kaufmann 1899, 17-37), والذي هو مفيد في اعادة بناء محتويات النص الاصلي المفقود text (see the French translation by Győngy Hegedüs in De Smet 1998, 208-231) .اما الدور الرئيس في التأثير على الفلسفة اليهودية فقد لعبه De causis وهو عمل عربي مخلوط ببعض من نظرية بلوتينوس وبروكلوس والذي يبدو انه كتب في القرن 9 في حلقة الكندي من قبل مؤلف (مسيحي-عربي؟) غير محدد. وقد ترجم الى العبرية اربع مرات خلال الفترة ما بين 1260-1480 ممارسا تاثيره على عدد من الفلاسفة اليهود(see Rothschild 1985, 1994).
هناك ايضا عمل فلسفي ثانوي من القرن 9 لمؤلف عربي مسيحي هو "كتاب الفصل ما بين الروح والنفس" والذي ترجم الى العبرية في العصور الوسطى(Steinschneider 1893, 289) وقد اقتبسه عدد من المؤلفين اليهود من العصر الوسيط منهم ابراهام بن داود والذي كشفت عنه مؤخرا هاجر كهانا- سميلانسكي (اتصالات شخصية). اخيرا وفي النصف الاول من القرن 10 (حوالي 933) وفي حلقة اتباع الفارابي كان هناك "تبادل في الاراء" حول بعض المبادئ الميتافيزيقية، التي تأثر بها الفيلسوف العربي المسيحي يحي بن عدي واثنان من الفلاسفة اليهود الثانويي الشأن هما ابن ابي سعيد الموصلي وبشر بن سمعان عرس وهو ما يبينه شلومو باينس(Pines 1955 .
Bibliographyالمراجع
• Abrahamov, B. (1995) “The Sources of the Book Mozney ha-‘iyyunim le-sedeq ha-sar‘efim (in Hebrew),” Daat, 34, 83-86.
• Altmann, A. and S.M. Stern (1958) Isaac Israeli. A Neoplatonic Philosopher of the Early Tenth Century (Oxford: Oxford University Press).
• Averroes (1986) De Substantia Orbis: Critical Edition of the Hebrew Text, With English Translation and Commentary, ed. A. Hyman (Cambridge, Mass. and Jerusalem: The Medieval Academy of America and Israel Academy of Arts and Sciences).
• Averrois Cordubensis (1954) Compendia librorum Aristotelis qui Parva naturalia vocantur, ed. H. Blumberg (Cambridge, Mass.: The Medieval Academy of America).
• Averrois Cordubensis (1958) Commentarium medium et Epitome in Aristotelis De generatione et corruptione libros, ed. S. Kurland (Cambridge, Mass.: The Medieval Academy of America).
• Averrois Cordubensis (1969) Commentarium medium in Porphyrii Isagogen et Aristotelis Categorias, ed. H. Davidson (Cambridge, Mass. and Los Angeles: The Medieval Academy of America).
• Berman, L.V. (1974) “Maimonides, The Disciple of Alfarabi,” Israel Oriental Studies, 4, 54-78.
• Berman, L.V. (1999) Middle Commentary on Aristotle s Nicomachean Ethics in the Hebrew Version of Samuel ben Judah (Jerusalem: Israel Academy of Arts and Sciences).
• Blumenthal, D.R. (2007) “Hoter ben Shelomo and His Worldview,” in D.R. Blumenthal, Philosophic Mysticism. Studies in Rational Religion (Ramat Gan: Bar-Ilan University), 155-171.
• Brague, R. (1996) Maïmonide, Traité de logique (Paris: Desclée de Brouwer).
• Burnett, Ch. and M. Zonta (2000), “Abu Muhammad ‘Abdallah Ibn Rusd (Averroes Junior), On Whether the Active Intellect Unites with the Material Intellect Whilst it is Clothed with the Body,” Archives d histoire doctrinale et littéraire du Moyen Age, 67, 295-335.
• Carusi, P. (2000) “Il trattato alchemico Rutbat al-hakim. Alcune note sulla sua introduzione,” Oriente Moderno, 80, n.s. 19, 491-502.
• Chiesa, B. (1986) “Note su al-Farabi, Averroè e Ibn Bagga (Avempace) nella tradizione ebraica,” Henoch, 8, 79-86.
• Chiesa, B. (1989) Creazione e caduta dell uomo nell esegesi giudeo-araba medievale (Brescia: Paideia).
• Chiesa B. and C. Rigo (1993) “La tradizione manoscritta del Sefer ha-ma‘alot e una citazione ignorata della Risala fi ‘ilm al-falsafa di al-Farabi,” Sefarad, 53, 3-15.
• Davidson, H. (1988) “Averroes Commentary on De intellectu by Alexander of Aphrodisias (in Hebrew),” Jerusalem Studies in Jewish Thought, 7, 205-217.
• Davidson, H. (2004) “Maimonides, Aristotle, and Avicenna,” in De Zénon d Elée à Poincaré. Recueil d études en hommage à Roshdi Rashed, ed. R. Morelon and A. Hasnawi (Louvain and Paris: Peeters), 719-734.
• Davidson, H. (2005) Moses Maimonides. The Man and His Works (Oxford and New York: Oxford University Press).
• De Smet, D. (1998) Empedocles Arabus. Une lecture néoplatonicienne tardive (Brussels: Koninkljike Accademie voor Wetenschappen, Letteren en Schone Kunsten van Belgie).
• Di Donato, S. (2006) “La trasmissione del Kitab al-kasf ‘an manahig al-adilla fi ‘aqa id al-milla: gli indizi delle diverse tradizioni del trattato nella traduzione ebraica,” paper read at the 14th Annual Symposium of the Société Internationale pour l Etude de la Philosophie Médiévale Averroès, l averroïsme, l antiaverroïsme (Genève, October 4th-6th, 2006).
• Dobbs-Weinstein, I. (2002) “Maimonides Reticence Towards Ibn Sina,” in Avicenna and His Heritage, ed. J. Janssens and D. De Smet (Leuven: Leuven University Press), 281-296.
• Efros, I. (1935) “Palquera s Reshit Hokmah and Alfarabi s Ihsa’ al-‘Ulum,” The Jewish Quarterly Review, n.s. 25, 227-235.
• Eisenmann, E. (2000) “Ahavah ba-Ta‘anugim: A Fourteenth-Century Encyclopedia of Science and Theology,” in The Medieval Hebrew Encyclopedias of Science and Philosophy, ed. S. Harvey (Dordrecht, Boston and London: Kluwer), 429-440.
• Eran, A. (1998) From Simple Faith to Sublime Faith. Ibn Daud s Pre-Maimonidean Thought (in Hebrew) (Hakibbutz Hameuhad).
• Eran, A. (2001) “Al-Ghazali and Maimonides On the World to Come and Spiritual Pleasures,” Jewish Studies Quarterly, 8, 137-166.
• Fenton, P. (1976) “Gleanings from Moseh Ibn ‘Ezras’ Maqalat al-Hadiqa,” Sefarad, 36, 285-298.
• Fenton, P. (1984) “The Literary Legacy of David ben Joshua Maimonides, Last of the Maimonidean Negidim,” The Jewish Quarterly Review, n.s. 75, 1-56.
• Fenton, P. (1986) “The Arabic and Hebrew Versions of the Theology of Aristotle,” in Pseudo-Aristotle in the Middle Ages. The Theology and Other Texts, ed. Jill Kraye, William F. Ryan and Charles B. Schmitt (London: The Warburg Institute), 241-264.
• Fenton, P. (1992) “Shem Tov Ibn Falaquera and the ‘Theology of Aristotle’ (in Hebrew),” Daat, 29, 27-39.
• Fenton, P. (1997) Philosophie et exégèse dans Le Jardin de la métaphore de Moïse Ibn ‘Ezra, philosophe et poète andalou du XIIe siècle (Leiden: Brill).
• Fontaine, R. (1995) Otot ha-shamayim. Samuel Ibn Tibbon s Hebrew Version of Aristotle s Meteorology (Leiden: Brill).
• Fontaine, R. (2000) “Judah ben Solomon ha-Cohen s Midrash ha-Hokhmah: Its Sources and Use of Sources,” in The Medieval Hebrew Encyclopedias of Science and Philosophy, ed. S. Harvey (Dordrecht, Boston and London: Kluwer), 191-210.
• Freudenthal, G. (2003) “Ketav ha-da‘at or Sefer ha-Sekhel we-ha-muskalot: The Medieval Hebrew Translations of al-Farabi s Risalah fî’l-‘aql. A Study in Text History and in the Evolution of Medieval Hebrew Philosophical Terminology,,, The Jewish Quarterly Review, n.s. 93, 29-115.
• Glasner, R. (1995) “Levi ben Gershom and the Study of Ibn Rushd in the Fourteenth Century,” The Jewish Quarterly Review, n.s. 86, 51-90.
• Glasner, R. (1996) “The Hebrew Version of De celo et mundo Attributed to Ibn Sina,” Arabic Sciences and Philosophy, 6, 89-112.
• Glasner, R. (2002) “On Gersonides Knowledge of Languages,” Aleph, 2, 235-257.
• Golb, N. (1956-1957) “The Hebrew Translation of Averroes Fasl al-Maqal,” Proceedings of the American Academy for Jewish Research, 25, 91-113; 26, 41-64.
• Harvey, S. (1987) Falaquera s Epistle of the Debate. An Introduction to Jewish Philosophy (Cambridge, Mass.: Harvard University Center for Jewish Studies).
• Harvey, S. (1992) “Did Maimonides Letter to Samuel Ibn Tibbon Determine Which Philosophers Would Be Studied by Later Jewish Thinkers?,” The Jewish Quarterly Review, n.s. 83, 51-70.
• Harvey, S. (2000) “Shem-Tov Ibn Falaquera s De‘ot ha-Filosofim: Its Sources and Use of Sources,” in The Medieval Hebrew Encyclopedias of Science and Philosophy, ed. S. Harvey (Dordrecht, Boston and London: Kluwer), 211-247.
• Harvey, S. (2001) “Why did Fourteenth-Century Jews Turn to Alghazali s Account of Natural Science?,” The Jewish Quarterly Review, n.s. 91, 359-376.
• Harvey, S. (2002) “Falaquera s Alfarabi. An Example of the Judaization of the Islamic Falasifah,” Trumah, 12, 97-112.
• Hayoun, M.-R. (1987) “Moses of Narbonne and Ibn Bajja (I): the edition of the Hebrew translation of the Regimen of the Solitary Man (in Hebrew),” Daat, 18, 27-44.
• Hayoun, M.-R. (1990a) “Ibn Bajja et Moïse de Narbonne: édition de l Iggeret ha-Petirah,” in Alei Shefer. Studies in the Literature of Jewish Thought, ed. M. Hallamish (Ramat Gan: Bar-Ilan University Press), 75-93.
• Hayoun, M.-R. (1990b), “Moses of Narbonne and Ibn Bajja (II): the Hebrew version of the Epistle of Farewell (in Hebrew),” Daat, 25, 93-125.
• Hayoun, M.-R. (2002) “Moses Narbonis Kommentar zum Hayy ibn Yaqzan des ibn Tufayl,” Trumah, 12, 199-204, and Hebrew section.
• Heller-Wilensky, S.O. (1967) “Isaac Ibn Latif – Philosopher or Kabbalist?,” in Jewish Medieval and Renaissance Studies, ed. A. Altmann (Cambridge, Mass.: Harvard University Press), 185-223.
• Horovitz, S. (1903) Der Mikrokosmos der Josef Ibn Saddik (Breslau: Schatzky).
• Ibn Rushd (1982) The Epistle on the Possibility of Conjunction with the Active Intellect, with the Commentary of Moses Narboni, ed. K.P. Bland (New York: Ktav Publishing House).
• Ivry, A.L. (2003) The Commentary of Averroes on Aristotle s De Anima in the Hebrew Translation of Moses b. Samuel Ibn Tibbon (in Hebrew) (Jerusalem: Israel Academy of Arts and Sciences).
• Jospe, R. (1994) “Torah and Astrology According to Abraham Ibn Ezra (in Hebrew),” Daat, 32-33, 31-52.
• Judah Halevi (1977) Kitab al-radd wa ’l-dalil fi ’l-din al-dhalil, ed. D.H. Baneth (Jerusalem: Magnes).
• Kaufmann, D. (1880) Die Spuren al-Batlajusi s in der juedischen Religionsphilosophie (Budapest: Jahresbericht des Landes-Rabbinerschule in Budapest).
• Kaufmann, D. (1899) Studien ueber Salomon ibn Gabirol (Budapest: Jahresbericht des Landes-Rabbinerschule in Budapest).
• Kiener, R. (1984) “Jewish Isma ilism in Twelfth Century Yemen,” The Jewish Quarterly Review, n.s. 74, 249-266.
• Klugman-Barkan, R. (1971) Shem Tob ben Joseph Ibn Falaquera s “Sori Yagon” or “Balm for Assuaging Grief”. Its Literary Sources and Traditions, Ph.D. Thesis, Columbia University (Ann Arbour, Michigan: Xerox University Microfilms).
• Langermann, Y.T. (1996) Yemenite Midrash. Philosophical Commentaries on the Torah (San Francisco: Harper).
• Langermann, Y.T. (1999) “A New Hebrew Passage from the “Theology of Aristotle” and Its Significance,” Arabic Sciences and Philosophy, 9, 247-259.
• Lasinio, F. (1872) Il commento medio di Averroè alla Poetica di Aristotele (Pisa: Annali delle Università Toscane).
• Lasinio, F. (1875-1877) Il commento medio di Averroè alla Retorica di Aristotele (Firenze: Le Monnier).
• Levin, I. (1983) Igeret Hay ben Mekitz by Abraham Ibn Ezra. A Critical Edition Supplemented with a Hebrew Translation of the Arabic Original Hay Ibn Yaqizian by Abu Abi Alhusain Ibn Abdalla Ibn Sina (in Hebrew) (Tel Aviv: Katz Institute for the Study of Hebrew Literature, Tel Aviv University).
• Lévy, T. (1996) “L histoire des nombres amiables: le témoignage des textes hébreux médievaux,” Arabic Sciences and Philosophy, 6, 63-87.
• Mahdi, M. (1962) Alfarabi s Philosophy of Plato and Aristotle (New York: The Free Press of Glencoe).
• Marx, A. (1934-1935) “Texts By and About Maimonides,” The Jewish Quarterly Review, n.s. 25, 371-428.
• Moses Maimonides (1963) The Guide of the Perplexed, tr. S. Pines, 2 vols. (Chicago: University of Chicago Press).
• Pessin, S. (2007) “The Influence of Islamic Thought on Maimonides,” in Stanford Encyclopedia of Philosophy, Summer 2007 Edition.
• Pines, S. (1955) “A Tenth Century Philosophical Correspondence,” Proceedings of the American Academy for Jewish Research, 24, 103-136.
• Pines, S. (1971) “Avicenna,” in Encyclopaedia Judaica (Jerusalem: Keter), 3:955-960.
• Pines, S. (1979) Studies in Abu ’l-Barakat al-Baghdadi Physics and Metaphysics (Leiden and Jerusalem: Brill and Magnes Press).
• Pines, S. (1980) “Shi‘ite Terms and Conceptions in Judah Halevi s Kuzari,” Jerusalem Studies in Arabic and Islam, 2, 165-251.
• Plessner, M. (1956) “The Importance of R. Shem Tov Ibn Falaquera for the Study of the History of Philosophy (in Hebrew),” in Homenaje à Millas-Vallicrosa, vol. II (Barcelona: Consejo Superior de Investigaciones Cientificas), 161-186.
• Richler, B. (1977) “Identification of the Anonymous Translation of the Book of Intellectual Circles (in Hebrew),” Kiryath sepher, 53, 577.
• Rigo, C. (1992) Il De substantia orbis di Averroè: edizione della traduzione latino-ebraica con commento di Yehudah b. Mosheh Romano, Ph.D. Thesis, 2 vols. (Università di Torino).
• Ritter, H. and R. Walzer (1938 [1943]) “Studi su al-Kindi II. Uno scritto morale inedito di al-Kindi (Temistio Perì alypìas?),” Memorie della Reale Accademia Nazionale dei Lincei, Classe di Scienze Morali, s. VI, vol. 8, 1-63.
• Rosenthal, E.I.J. (1956) Averroes Commentary on Plato s Republic (Cambridge: Cambridge University Press). Second revised edition: 1966.
• Rothschild, J.-P. (1985) Les traductions hébraïques du Liberde causis latin, Ph.D. Thesis, 2 vols. (Université de Paris).
• Rothschild, J.-P. (1994) “Les traductions du Livre des causes et leur copies,” Revue d histoire des textes, 24, 393-484.
• Schlanger, J. (1968) La philosophie de Salomon Ibn Gabirol (Leiden: Brill).
• Schwartz, D. (1995) “Chapters on the Doctrine of the Divinities by the Circle of the Commentators on the Kuzari in Provence (in Hebrew),” Tarbiz, 64, 401-421.
• Schwartz, D. (1996) Old Things in a New Bottle. The Speculative Doctrine of the Neoplatonic Circle in 14th-Century Jewish Philosophy (in Hebrew) (Jerusalem: Mossad Bialik and Ben Tzvi Institute).
• Shem Tov Ibn Falaquera (2001) Moreh ha-Moreh, ed. Y. Shiffman (Jerusalem: The World Union of Jewish Studies).
• Shiloah, A. (1968) “Falaquera s Sources in the Chapter on Music in the Seeker (in Hebrew),” in Papers of the Fourth World Congress of Jewish Studies (Jerusalem: The World Union of Jewish Studies), 2:373-377.
• Steinschneider, M. (1893) Die hebraeischen Uebersetzungen des Mittelalters und die Juden als Dolmetscher (Berlin: Kommissionsverlag des Bibliographischen Bureaus).
• Strauss, L. (1936) “Eine vermisste Schrift Farabis,” Monatschrift zur Geschichte und Wissenschaft des Judentums, 80, 96-106.
• Stroumsa, S. (1990) “A Note on Maimonides Attitude to Joseph Ibn Saddiq (in Hebrew),” Jerusalem Studies in Jewish Thought, 9, 33-38.
• Tamani, G. and M. Zonta (1997) Aristoteles Hebraicus (Venezia: Supernova).
• Vajda, G. (1938) “Abraham bar Hiyya et al-Farabi,” Revue des études juives, 104, 113-119.
• Vajda, G. (1941-1945) “Etudes sur Qirqisani,” Revue des études juives, 106, 87-123.
• Vajda, G. (1947) La théologie ascétique de Bahya Ibn Paquda (Paris: Imprimérie nationale).
• Vajda, G. (1948) “Un champion de l avicennisme. Le problème de l identité de Dieu et du premier moteur d après un opuscule judéo-arabe inédit du XIIIe siècle,” Revue thomiste, 56, 480-508.
• Vajda, G. (1949) “La philosophie et la théologie de Joseph Ibn Çaddiq,” Archives d histoire doctrinale et littéraire du Moyen Age, 17, 93-181.
• Vajda, G. (1954) “Les deux versions hébraïques de la dissertation d Averroès sur la science divine,” Revue des études juives, 113, 63-66.
• Vajda, G. (1960) Isaac Albalag, averroïste juif, traducteur et annotateur d al-Ghazali (Paris: Vrin).
• Vajda, G. (1962) Recherches sur la philosophie et la kabbale dans la pensée juive du Moyen Age (Paris and La Haye: Mouton).
• Vajda, G. (1965) “A propos d une citation non identifiée d Al-Farabi dans la Guide des égarés,” Journal asiatique, 254, 43-50.
• Vajda, G. (1977) “La question disputée de l essence et de l existence vue par Juda Cohen, philosophe juif de Provence,” Archives d histoire doctrinale et littéraire du Moyen Age, 44, 127-147.
• Wolfson, H.A. (1929a) Crescas Critique of Aristotle (Cambridge, Mass.: Harvard University Press).
• Wolfson, H.A. (1929b) “Isaac Ibn Shem-Tov Unknown Commentaries on the Physics and His Other Unknown Works,” in Studies in Jewish Bibliography and Related Subjects in Memory of A.S. Freidus (New York: The Alexander Kohut Memorial Foundation), 279-290.
• Wolfson, H.A. (1935) “The Internal Senses in Arabic, Latin, and Hebrew Philosophic Texts,” Harvard Theological Review, 28, 69-133.
• Wolfson, H.A. (1950) “Averroes Lost Treatise on the Prime Mover,” Hebrew Union College Annual, 23, 683-710.
• Yishaq Albalag (1973) Sefer tiqqun ha-de‘ot, ed. G. Vajda (Jerusalem: Israel Academy of Arts and Sciences).
• Zonta, M. (1996) La filosofia antica nel Medioevo ebraico (Brescia: Paideia).
• Zonta, M. (1997a) “Linee del pensiero islamico nella storia della filosofia ebraica medievale,” Annali dell Istituto Orientale di Napoli, 57, 101-144, 450-483.
• Zonta, M. (1997b) “Fonti antiche e medievali della logica ebraica nella Provenza del Trecento,” Medioevo, 23, 515-594.
• Zonta, M. (2003) “La tradizione ebraica medievale dei testi arabi,” in Lo spazio letterario del Medioevo. 3. Le culture circostanti. Volume II. La cultura arabo-islamica, ed. M. Capaldo, F. Cardini, G. Cavallo, and B. Scarcia Amoretti (Roma: Salerno), 531-567.
• Zonta, M. (2004) “Hebrew Transmission of Arabic Philosophy and Science: A Reconstruction of Shem Tov Ibn Falaquera s Arabic Library,” in L interculturalità dell ebraismo, ed. M. Perani (Ravenna: Longo), 121-137.
• Zonta, M. (2006a) “Al-Farabi s Long Commentary on Aristotle s Categoriae in Hebrew and Arabic: a critical edition and English translation of the newly-found extant fragments,” in Studies in Arabic and Islamic Culture, ed. B. Abrahamov, vol. II (Ramat Gan: Bar-Ilan University Press), 185-254.
• Zonta, M. (2006b) “About Three Averroes Works According to Newly-Discovered Hebrew Quotations,” paper read at the 14th Annual Symposium of the Société Internationale pour l Etude de la Philosophie Médiévale Averroès, l averroïsme, l antiaverroïsme (Genève, October 4th-6th, 2006).
• Zonta, M. (2006c) Hebrew Scholasticism in the Fifteenth Century. A History and Source Book (Dordrecht: Springer).
Other Internet Resources
• Islamic Philosophy Online
Related Entries
Abner of Burgos | Al-Farabi | Al-Ghazali | Al-Kindi | Arabic and Islamic Philosophy, special topics in: Ikhwan al-Safa | Avicenna [Ibn Sina] | Crescas, Hasdai | Delmedigo, Elijah | Falaquera, Shem Tov Ibn | Gersonides | Halevi, Judah | Ibn Bajja | Ibn Daud, Abraham | Ibn Ezra, Abraham | Ibn Gabirol, Solomon [Avicebron] | Ibn Rushd | Israeli, Isaac | Maimonides | Maimonides: the influence of Islamic thought on | Theology of Aristotle | Tibbon, Samuel Ibn
Copyright © 2007 by
Mauro Zonta
#محمد_خليل_حسين (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟