أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس عمر - عمر عناز والتمركز حول الذات بوصفها مكانا















المزيد.....


عمر عناز والتمركز حول الذات بوصفها مكانا


قيس عمر

الحوار المتمدن-العدد: 3947 - 2012 / 12 / 20 - 00:42
المحور: الادب والفن
    


عمر عناز والتمركز حول الذات بوصفها مكانا ..
قيس عمر
يشكل المكان في النص الأدبي بعامة علامة تؤشر على رؤية فلسفية يسقطها المرسل على النص . وهنا لا يشترط لهذا الإسقاط أن يكون واعيا حد العقلنة المدمرة لروح النص .هذا المعنى يظهر لنا من خلال معطى مهم لفلسفة اللحظة الكتابية . فالنص يولد بين لحظتين هي لحظة تتأرجح بين الحضور والغياب للوعي .هذا يثبت لنا ان هناك عناصر تدخل في بناء النص وتؤثر فيه إلا أن المرسل لا يتدخل فيها بشكل مقنن وفي مجموعة عمر عناز (( خجلا يتعرق البرتقال)) الصادرة عن سلسلة كتاب جائزة دبي الثقافية لعام 2008/2009 وجدنا ان هناك اشتغالا على المكان يظهر فيه الشاعر أمكنة متصارعة بين مكان مركزي واخر هامشي ليولد لنا ثنائيات متضادة على مستوى الحضور وبين امكنة متخيلة واخرى واقعية ليولد لنا ثنائية متضادة أخرى وهذا ما دفعنا الى متابعة هذه الظاهرة في ديوان عمر عناز
الصراع بين المكان المركزي/الهامشي
نجد ان هناك اشتغالا على المكان بشكل مغاير اذ نجد تمركزا واضحا حول الذات بوصفها مكانا مشعا يطغى على بقية الأمكنة الأخرى بل يتعدى ذلك إلى إمكانية وصفها باماكن هامشية ليس على صعيد الحضور الكمي بل النوعي من حيث انه الجسد وبشكل أدق المشاعر التي تنطلق من القلب بوصفها مكانا قارا في ذاكرة عمر عناز. ومن هنا نجد أن المفارقة التي يحيلنا إليها الشاعر هي جعل المكان المتمثل بالجسد مكانا مركزيا والأماكن الأخرى هي أماكن هامشية بفعل ما وقع لهذه الأمكنة وفي طليعتها الوطن.. نجد حضوره الهامشي لكنه هامشي على نحو مختلف. . فليس المقصود هنا ((الهامشي)) المنحّى جانبا بل على العكس كان حضور الوطن كمكان مركزي أيضا لكنه هامشي على المستوى الشعوري والنفسي مقارنة مع الجسد ونلمح هذا بشكل دقيق من خلال أبيات عديدة وللتمثيل لا الحصر قوله :
عنوان وجهي
انني لا أبصر
ودليل خطوي في البلاد
تعثّر
.....
اعراق أخشى ان اجرح ياسمينك
حين يجلدني تذكر
الطين أخر ما تبقى فيك
مات الناس
وانطفأ المساء المقمر
فالشاعر هنا يضع ذاته ويتمركز حولها امام ستار التذكر في ما يحصل هنا في المكان / الوطن
فما تبقى من صور الوطن هو الطين وحده داخل الذات التي تمارس هنا جلدا لذاكرتها وبما ان الكتابة او التدوين على رأي الفلاسفة هي لحظة من التطهير فالشاعر يجلد نفسه بغية التخلص من قلق على مستوى الوعي يتمحور في صورة صراع بين أمكنة مركزية / هامشية وتظهر ذات الشاعر هنا في مقام الألفة داخل فناء الجسد فقط ويظهر في البدء لنا اننا امام مكان أليف على مستوى الوعي العادي إلا انه سرعان ما يتغير هذا الظن الى تحول اخر هو تحول الوطن الى مكان معاد وهذا بفعل ماجرى وما يجري من عملية إبادة منظمة يقوم بها الأمريكان الأوغاد في العراق.. نجد الشاعر يحول المكان المركزي الى (هو) بشكل واضح ويحوّل الوطن الى مكان هامشي ليس على مستوى الحضور وإنما على مستوى الألفة/ الوحشة فالشاعر هو الذات التي صارت ترى نفسها مكانا مركزيا أليفا فقط، فنجد إن هيمنة الذات بوصفها نقطة تمركز تظهر بشكل كبير وواسع داخل النص على حساب الأماكن الأخرى إذ تقوم هذه الأماكن بتغييب للألفة في الأماكن الأخرى مثل الوطن.. ترابه.. أشخاصه.. وما فيه لتوجه ضغطا على الجانب الأخر الموازي .
يقول أيضا
الحزن في عيني أرملة
ترتق دمعة الوطن الذي يتكسر
مازلت اركض فيّ مشتعلا
أنا نار تصاهل
*****
ويقول أيضا
وطن من لهب مقلتي يتشظى
كيف لي ان ارسمه
وطن
عشرون عاما وانا انزف العمر
لكي لا افطمه
كم تصارعت مع الريح به
وتساقطت
لأعلي علمه
إن الذات كمكان هنا ترتسم في اطار يقدم لنا على شكل بيت والبيت في الصورة الشعرية ينهض على اعتبار انه. الأمن الدائم أو صندوق الألعاب أو ذكرى دافئة تجترها الذاكرة والبيت القديم، كما يصفه باشلار، عندما «يركز الوجود داخل حدود تمنح الحماية». فهذه الأمكنة التي تبدو متصارعة داخل الشاعر وتظهر في صورة البيت الكبير / الوطن
الصراع بين الواقعي/المتخيل
ونجد ظاهرة مكانية أخرى هي الصراع بين المكان المتخيل والواقعي وهنا نجد ان اغلب هذه الصراعات التي تقوم بالأساس على مفهوم الثنائيات المتضادة مثل الأمثلة السابقة بين مكانين يقدمان صراعا توفيقيا هما المكان المركزي والهامشي نجد الصراع هنا حاضرا بصورة أخرى بين المكان الواقعي والمتخيل ليشكل لنا عمر عناز هنا أمكنة تجد نفسها من خلال صرع ايجابي لتظهر قيمة المكان الحقيقي من خلال الأضداد تتضح قيمة ما هو واقعي وقد مضى
يقول هنا مثلا
أيتها الشفيفة التي كلما تنهدتْ
أورقت الكروم
وتعرّق البرتقال خجلا
ربما لأن للماء طعم القصيدة المدورة
ينمو عشب الكلام
على راحتيك

أو قوله..
ودمعة
دمعة
صارَ الأسى شجراً من البكاءِ،
فملء العينِ أغصانُ
وكانت الشمس كهفا
تستريح به حكاية
عمرها الضوئي بركان
إن هذه الأمكنة تظهر بشكل متكرر مما يشكل ظاهرة إذ نرى.. إن هذه الأمكنة تولد نوعا من الصراع فالشاعر هنا يستدعي أماكن متخيلة يقوم هو بتشكيلها ويجعلها تقف إزاء أمكنة أخرى .. لتولد ثنائيات متضادة على مستوى القصيدة وهذا المنحى يتضح بشكل ويتكرر في اغلب القصائد التي ضمها الديوان ان قيمة هذه الأمكنة تتوضح بشكل يدعونا لطرح سؤال مهم ماهي قيمة الأمكنة المتخيلة هنا امام هذه الأمكنة الواقعية؟ وفي تقديرنا إن السبب هو إن المكان الواقعي الذي ينطلق منه الشاعر صار مكانا محاصرا بالعديد من المنغصات وهذا احد الأسباب التي دفعته إلى حشد عدد يكاد يصبح موازيا للأمكنة الواقعية والتي اتخذت طابعا واقعيا نوعا ما على نحو أو أخر
إن الأمكنة التي توزعت في هذه المجموعة تعبر عن قلق ووعي مستمر بأزمة تعاني منها أمكنة عمر عناز فهي متقاطبة لكن تقاطبها لم يجعلها تقع في التضاد الكبير وإنما كان تضادا أو صراعا توفيقيا يظهر من خلال التوازي في عدد هذه الأمكنة وحضورها المتكرر على مستوى الوعي الذاتي الذي ينطلق منه الشاعر نحو استدعاء كل ما هو مثير ..



#قيس_عمر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر رعد فاضل يقترف المحنة


المزيد.....




- اختيار فيلم فلسطيني بالقائمة الطويلة لترشيحات جوائز الأوسكار ...
- كيف تحافظ العائلات المغتربة على اللغة العربية لأبنائها في بل ...
- -الهوية الوطنية الإماراتية: بين ثوابت الماضي ومعايير الحاضر- ...
- الإبداع القصصي بين كتابة الواقع، وواقع الكتابة، نماذج قصصية ...
- بعد سقوط الأسد.. نقابة الفنانين السوريين تعيد -الزملاء المفص ...
- عــرض مسلسل البراعم الحمراء الحلقة 31 مترجمة قصة عشق
- بالتزامن مع اختيار بغداد عاصمة للسياحة العربية.. العراق يقرر ...
- كيف غيّر التيك توك شكل السينما في العالم؟ ريتا تجيب
- المتحف الوطني بسلطنة عمان يستضيف فعاليات ثقافية لنشر اللغة ا ...
- الكاتب والشاعر عيسى الشيخ حسن.. الرواية لعبة انتقال ولهذا جا ...


المزيد.....

- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين
- التجريب في الرواية والمسرح عند السيد حافظ في عيون كتاب ونقا ... / نواف يونس وآخرون
- دلالة المفارقات الموضوعاتية في أعمال السيد حافظ الروائية - و ... / نادية سعدوني
- المرأة بين التسلط والقهر في مسرح الطفل للسيد حافظ وآخرين / د. راندا حلمى السعيد
- سراب مختلف ألوانه / خالد علي سليفاني
- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل في مسرحية سندس للسيد ... / أمال قندوز - فاطنة بوكركب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - قيس عمر - عمر عناز والتمركز حول الذات بوصفها مكانا