ميساء البشيتي
الحوار المتمدن-العدد: 3944 - 2012 / 12 / 17 - 15:07
المحور:
الادب والفن
الغيم لي .
أنا على العهد يا غيم .. أنا على عهدي معك .. أنا ما خنت العهد يا غيم .. أنا ما نسيت الغيم .. ولا أضناني في انتظاره طول الوقت ..
شتاء إثر شتاء أقف بباب السماء أنتظر كل السحب العابرة علها تحمل إليَّ عنك أي خبر .. ولطالما غافلتني يدي وتسللت إلى قلب الأفق .. لكنها كانت تعود منه كما دخلت بخفيِّ حنين وخيبة أمل .. ولا قلت في يوم أضناني الانتظار .. ولا قلت يوماً أنا لن أنتظر ..
أنا التي انتظرت الغيم دهراً من الزمان ولم أسأله في يومٍ رشة مطر .. أنا التي الجفاف واليباس هشما فؤادي ما رجوت الغيم يوماً الشتاء .. ولا سألته الهطول على قلبي .. ولا طلبت إليه أن يهجر كانون ويأتيني .. ولا أن يقف ببابي في أيلول يبكي كطفل فقد طفولتة على أبواب الغجر .
واعدت حبات المطر .. نعم واعدت حبات المطر .. لكنِّي لم أخنك يا غيم .. ولم أهم على وجهي عشقاً في أمطار بني البشر .. وأعلنت لهم في أول لقاء بيننا .. أنني للغيم .. والغيم لي .. شاء أم لم يشأ بنو البشر .
لكنك يا غيم عائب بل وفيك من العيوب ما لا يتقنه بنو البشر ..
تواعدني وكانون في حجرك مختبئ ؟!
تغرقني في بحور من الشهد وكانون ينام على زندك .. يدري كانون بيَّ .. وأنا لا أدري بأحد .
كنت أظنك يا غيم تظلل سمائي وحدي .. وغيري تحرقهم شموس الغيرة وتذيبهم لسعات الحرِّ .. لكنك يا غيم كنت تهمس لي وجدائل كانون منثورة على كتفيك وعلى صدرك .. وتقول لي أمطريني حباً .. وأنت تهطل على حدائق كانون بشتى أنواع المطر .. وتريدني أنا التي أضحيت صحراء من قسوة المطر والبشر أن أهمس في أذنيك المعلقات السبع .. بينما تتلعثم أنتَ بحرف تهديه إليَّ .. وتشكو لعنة القوافي التي شحت .. وضيق ذات الشعر .. فلا تعرف من أي بحر تغرفه .. ولا تعرف في أي بحر ستلقي بنا ..
وتقول .. أمطري عليَّ .. وزيديني مطراً .. فأنا يا سحابة عمري ما ارتويت يوماً من سحابة .. ولا هطلت على قلبي رشة مطر .. وأنتَ .. أنتَ الغيم بجلالة قدره .. ولا أحد غيرك يعرف أين تختبئ حبات المطر ..
ومع ذلك فأنا يا غيم على العهد .. أنا يا غيم لم أخنك في يوم وإن واعدت حبات المطر .. أنا لك يا غيم .. ولن أكون إلا للغيم .. شاء أم لم يشأ بنو البشر .. أنا للغيم .. والغيم لي .. تشهد عليَّ حبات المطر .
#ميساء_البشيتي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟