مصطفى محمد غريب
شاعر وكاتب
(Moustafa M. Gharib)
الحوار المتمدن-العدد: 3939 - 2012 / 12 / 12 - 15:40
المحور:
الادب والفن
نص
جوادي
على المسرح القديم
ثنى ركبتيه من الصهيل
لكم كان صهيله
كصوت أجراس الكنيسة
وكان جوادي جؤجؤاً يشق عسيراً *
ويدفع ما أصابني..
ألمٌ يغص رقادي ومضجعي
وأجراسٌ تدق بروح العاشق الخشوع
فمنذ أن كنتُ صغيراً
قدتُ جوادي للجبال تيمماً
وعفرته بالمحال
غريب الدار كنتُ
وعلمتُ الصبر من نفسي
من المبنى إلى مبنى
من الحقل إلى الحقل
ومن شارعٍ يجمع السَمّين
بلا أبواب كان ولا أنفاق،
بلا خروج أو دخول
وعاشرتُ من الأوجاع حفنة عاشقين
وعاتبتُ على عشقي
وفي عشق النساء
لم أكن فارساً مثل فرسان الجزيرة
بل كنت صعلوكاً
يحب حلوى التسكع في الدروب
وكنت كليل العين
سجين الفكرة الأخرى
فعلمتُ الصبر فناً في التأني
وفي رئتاي طنابير الدخان
وعودتُ قلبي في المضي لساحة الأنفاق
وقلبتُ الجراح
فما كان صعبٌ أن أدوس على قرحتي-..
وكان الصديق أزيز خفٍ من بعيرٍ صار كفيفاً لئيم
باشر ظله فوق الخروج
ثم انتهى رفيق الظل والإفلاس
وفي الطريق الذي أعاد نغمة التكرار
عافني عوف الشياطين للناحر المجنون
وربما كنا على الود
وربما احتمى بالود
كي يخادعني
وربما كان غريب الدار مثلي
وفي الزمن الذي افترقنا
كان هاجس الشك والغلواء بالتحرير
فلم أخنْ
ولم أر سوى أشباح الضباع
ولم أحيد مودتي
وغنمتُ درعي
وأني قد بقيت كدلو الماء
عسيرٌ على العطش
فكان جوادي يخبُ
غريبان نحن كنا
وبقينا نسامر الفكر
فانهزم التيار
ولم نكن سوى النفير.
وجهان متقابلان
فهل كنا!
لصيقيّن متلاصقين
نسابق الصبر على متن الرياح
أشك بصبره.
أنا كنت جوادي
جوادي لم يكن إلا أنا بعيد الدار
وكان صديقي في مهب الريح
فافترقنا بلا مأوى.. وراح ضحية الأجواء
بعيدٌ بعد أن أعاد صياغته
والدمع لم يلمس قفاه
أي حزن ينتابني
وأنا قد عَلمتُ الصبر في نفسي
وتعلمتُ أن الذي يخون في المنفى
أو يكون عوناً غريزياً للتطبع
إنما هو الصفيق
وتعلمتُ من كان يدعي
الحق ولكن في الباطل مسنون قبيح
تدربتُ كيف أصون نفسي بالصبر
وبالحكمة الغناء
أواه.. كم يعم الحزن خريفياً؟
تذكرتُ ..
كما انتابني الحزن أنا الغريب
وبقى جوادي مثقل الخطوات
لا ينوي الصهيل
وبقى حزين
بعد أن أثنى ركبتيه للخريف
*جؤجؤ: الصدر
8 / 12 / 2012
ــــــــــــــــــــــــــــــ
#مصطفى_محمد_غريب (هاشتاغ)
Moustafa_M._Gharib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟