ناهده محمد علي
الحوار المتمدن-العدد: 3939 - 2012 / 12 / 12 - 08:20
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
بحث قُدم في الندوة الثقافية التي أقامها التيار الديمقراطي العراقي في نيوزيلاند بتأريخ 8 / 12 / 2012 وبمساهمة :
جمعية الثقافة العربية النيوزيلندية المتضامنة .
جمعية المرأة العراقية النيوزيلندية الثقافية .
جمعية الصابئة المندائيين في نيوزيلندا .
محاور البحث
1 – أسباب وفاة الأطفال في البلدان العربية .
2 – العُنف ضد الأطفال .
3 – أُمية الأطفال وتسربهم من الدراسة .
4 – عمالة الأطفال
4– عمالة الأطفال
إن عمل الأطفال في الدول العربية يعتبر من أكبر المشكلات الإنسانية والتي تتركز أسبابها في التدهور الإقتصادي والإجتماعي وتتركز نتائجها في ترك مقاعد الدراسة والإلتجاء الى العمل الرخيص والغير ماهر , وحسب تقارير( منظمة العمل الدولية ) أن هناك 250 مليون طفل عامل في العالم تتناهز أعمارهم ما بين 5 – 14 سنة وغالبيتهم يعملون في الزراعة ويتركز الأطفال العاملون في آسيا بنسبة 61% وطبقاً للتقرير أن عمالة الأطفال تصل الى نحو ثلث قوة العمل الزراعية في بعض الدول النامية . وحسب دراسة أعدتها الدكتورة ( ناهد رمزي ) من المركز القومي للأُمومة والطفولة بالتعاون مع الجهاز المركزي للتنمية في مصر بأن عمالة الأطفال في مصر تربو على 2,8 مليون . وتشير الإحصائيات
الى أن نصيب الدول العربية من عمالة الأطفال هو ( 10 ) مليون طفل . وتبلغ نسبة العراق من ذلك العدد 10,33% , وفي سوريا 5,12% وفي اليمن 23,30% , وتقدر تكاليف القضاء على عمالة الأطفال وإحلال التعليم العام محلها بحلول عام 2020 نحو ( 760 ) مليار دولار حسب تقرير لمنظمة العمل الدولية , ويؤكد التقرير ( على أن السياسة الإجتماعية الجيدة هي ايضاً سياسة إقتصادية جيدة , وأن القضاء على عمالة الأطفال سيعود بمردودات إستثمارية ضخمة وسيكون له تأثير لا يقدر بثمن في حياة الأطفال والعائلات ) .
تتراوح أسباب خروج الأطفال للعمل ما بين إقتصادية وإجتماعية ولعدم الإهتمام بالتعليم ولإحساس العائلة بالملكية لأطفالها وحقها في إستثمار هذه المُلكية , كذلك بسبب الهجرة المُكثفة من الريف الى المدينة . يعمل هؤلاء الأطفال ما بين المهن المختلفة في ( الخياطة والحلاقة والصباغة والأفران والمصانع غير المُرخصة بالإضافة الى الأعمال الخطرة مثل أعمال الورش الكهربائية , وورش تصليح السيارات وورش الزجاج وغيرها , كذلك المشاركة في المسابقات الخطرة كسباقات ( الهِجن ) والمشهورة في الخليج العربي حيث يُعاني الطفل فيها من سوء التغذية للمحافظة على الوزن الملائم كذلك خطورة السقوط المباشر من على ظهر الجِمال والموت أثناء المسابقة . وقد يكون الأطفال صناع محترفون لحرف عائلية مع آبائهم ويُفرض عليهم حمل الأرث العائلي مما يشجعهم على ترك مقاعدهم الدراسية وإلتحاقهم بالعمل .
تعتبر المناهج والبرامج التعليمية العربية أحد الأسباب الرئيسية لتسرب الأطفال وإنخراطهم بالعمل اليدوي , فهذه النُظم التعليمية لا تنسجم مع سوق العمل وتقوم على أُسلوب التلقين والحفظ ولا تستند الى التطوير الفكري والإعتماد على التطوير الإبداعي , لذا يترك الأطفال المدرسة للبحث عن مهن رخيصة لحياة أرخص , ومن الواضح أن البطالة المنتشرة للخريجين في الدول العربية تضرب المثل الأفضل للأطفال كي لا يمروا بالطريق الدراسي الطويل ليجدوا أنفسهم على قارعة الطريق , فسوق العمل يتطلب الإهتمام بالدراسات التكنولوجية والعلمية لتطوير القاعدة المادية ولإيجاد السبل لعمل الشباب وفتح منافذ كثيرة لإمتصاص الطاقات الإبداعية والشبابية , وإيقاف البطالة المُقنعة المنتشرة في العالم العربي حيث يتكدس الموظفون في الدوائر الحكومية وحيث لا تحتاج هذه المواقع إلا الى موظف واحد بإدخال أُسلوب المكننة والتحديث الصناعي الذكي في إنجاز المعاملات الرسمية أو الممارسات الإجتماعية المختلفة .
إن الفقر يدفع الأطفال للبحث عن الأعمال الهابطة وبسبب إرتفاع مصاريف التعليم بشكل عام وحتى المجاني منه بسبب غلاء المستلزمات المدرسية وعدم إتباع أُسلوب التغذية المدرسية المجانية , فيضطر الطالب الى شراء طعامه من الإدارة المدرسية والمدرسين وعاملي النظافة .
لقد جاء في تقرير منظمة العمل الدولية بأن الدول العربية لديها أعلى نسبة بطالة في العالم حيث تبلغ 20% وكلما زادت بطالة البالغين زادت عمالة الأطفال , وأوضح مثل على ذلك البطالة المُكثفة للشباب الفلسطينيين والتي تدفع الكثير من الأطفال الفلسطينيين الى أن يصبحوا باعة متجولين أو يعملوا في قطاع الخدمات .
إن الآثار السلبية لعمالة الأطفال على الأطفال أنفسهم , هي في تعرض الطفل للعُنف والإستغلال الجسدي والجنسي وفي تعلمه لعادات سيئة مثل التدخين والتي قد تصل الى المخدرات , وهناك ايضاً آثار صحية مثل إنخفاض مستوى الجهاز المناعي وتخريب الجهاز التنفسي والهضمي والتأثير السلبي على نموه الجسدي والتأثير البالغ على نموه النفسي والأخلاقي والمعرفي وتغير واضح في اللغة والمفردات المستعملة والشعور بالدونية , كما يتولد لديه الإحساس بالتوتر والقلق على نفسه أو على مصدر رزقه .
تنتشر عمالة الأطفال في الدول العربية الفقيرة والغنية على السواء , ويُعتبر التسرب سبب ونتيجة لعمالة الأطفال مع العوامل الإقتصادية والإجتماعية ,وما ويبقى هو أن هؤلاء الأطفال هم أمام عدة خيارات مريرة , أما أن ينخرطوا في سوق العمل الغير ماهر , أو يتسولوا أو يدخلوا في مجال الجريمة المنظمة أو الغير منظمة , أو يُدمنوا على المخدرات ويصبحوا موزعين لها , كما يحدث لأطفال الصومال واليمن بجمعهم بقايا ( القات ) من الشوارع وبيعها ثانية , أو كما يحدث لأطفال العراق ومصر بإنخراطهم في عصابات المخدرات وتوزيعها في المدارس والجامعات والمقاهي والبيوت .
أخيراً إن التوزيع السيء للثروات في البلدان العربية يحرم الفئة الأهم وهم الأطفال من حقهم الشرعي في الإستمتاع بخيرات بلدهم ويحول هذه الثروات الى تنمية الأجهزة القمعية والعسكرية بدل إستخدامها في التنمية الإقتصادية والبشرية , ويجعل هذه الفئة غير قادرة على المساهمة في بناء مجتمعها لأنها لم تجد قطعاً من يهمه البناء الجسدي والعقلي لها .
الحلول لمشاكل الطفولة في البلدان العربية :
1 - يجب وضع الحلول لمشاكل تسرب الأطفال والتي هي على الأكثر إقتصادية بسبب إنتشار البطالة في الدول العربية , كذلك هناك أسباب إجتماعية لهذه المشاكل لوجود القيّم الإرثية القديمة والتي تدعو الى عدم جدوى التعليم .
2 – الإهتمام بصحة الطفل وهو متعلق ايضاً ببناء القاعدة المادية المتينة والعناية بالبيئة لأن كثيراً من أمراض الأطفال تتعلق بالتلوث البيئي .
3 – الإهتمام بالناحية التربوية والنفسية للطفل من خلال وضع برامج تعليمية جديدة والعناية بالصحة النفسية للطفل مع الإهتمام بإعداد المدرسين وتأهيلهم مهنياً وتربوياً .
4 – وضع القوانين التي تمنع العُنف المجتمعي والفردي تجاه الطفل وقوانين تمنع عمالة الأطفال بتنفيذ الحلول العلمية في صرف رواتب مخصصة للطفل العامل تمنحه الكفاية الإجتماعية التامة الى حين إنهاء دراسته .
5 – وضع الحلول العلمية والقوانين التي تحمي الأطفال المشردين والتي تتزايد أعدادهم في الدول العربية بسبب الحروب الأهلية والخارجية وتخصيص مناطق سكنية ورواتب شهرية مع توفير مشرفين تربويين يقومون بتوفير الرعاية والإرشاد لكي تصبح مناطق إقامة هؤلاء الأطفال أقسام داخلية نموذجية تضم المدرسة والمطعم والمركز الصحي ومراكز الرعاية النفسية والتي تقوم بالإشراف على أوضاعهم الخاصة .
لماذا نتحدث عن الطفل في البلدان العربية .
لقد إعتقدت دائماً بأنه يجب أن نكون لسان الطفل الذي لم يتعلم النطق بعد , وقلمه الذي لم يستطع الإمساك به بعد , ويديه التي لا تستطيع رفع اللافتات الرافضة لأوضاع الطفولة , وقدميه التي لا تستطيع حمله على الهرب من أوضاع العُنف المجتمعي والحروب الأهلية , فهو لا يمتلك وسائل الإعلام ولا يمتلك المهارة الكافية للتعبير عن نفسه ولا القدرة على المحاججة والحوار بل يمتلكها البالغون من الكُتاب والمختصين بشؤون الطفولة .
#ناهده_محمد_علي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟